كتاب خفقات قلم
صدور كتاب خفقات قلم للدكتور كمال غنيم
د. كمال أحمد غنيم
في باكورة أعمال مؤسسة أكاديمية الإبداع بفلسطين صدر كتاب (خفقات قلم) للناقد الأديب الدكتور كمال أحمد غنيم، ورسم لوحة الغلاف الفنان الفلسطيني وسام عابد، ويحتوي الكتاب على مقالات أدبية ودراسات نقدية، في ما يزيد عن مائتي صفحة من القطع المتوسط.
وتوقف الكتاب عند محاور أدبية ونقدية ذات علاقة بفنون الأدب والثقافة، من ذلك ماهية العملية الإبداعية، وطبيعة لحظة الإبداع، والعوامل المؤثرة في انتشار الشعر وجماله. كما تناول رؤية شاملة لطبيعة تطور المسرح الفلسطيني، وتناول قضايا التراث التي طرحها المسرح، في إضافة جديدة على كتاب سابق له عن المسرح الفلسطيني.
وتناول الكتاب بالدراسة والتحليل أعمالا أدبية لمجموعة من الأدباء، منهم: عبد الودود يوسف، ونجيب الكيلاني، ومحمود مفلح، وإبراهيم المقادمة، وسليم الزعنون، ورامي سعد... وتوقف عند بعض القضايا النقدية، مثل: الموسيقى الشعرية الجديدة، والنقد الأدبي ومفهوم الجودة.
كما قدم الكتاب فصولاً من سيرة، تتعلق بمحطات حياتية تفاوتت بين ملامح الينابيع الأولى، ومرحلة الدراسة العليا، ومعاناة طلبة العلم الفلسطينيين، ومعترك التجربة الاعتقالية، والدفع بالحركة الأدبية وسط ظروف شائكة وصعبة.
وقد توقف الكتاب عند قضية جماهيرية الأدب، ورأى أن جنوح الشعراء إلى الغموض والتحليق في غياهب السريالية سببٌ رئيسٌ من أسباب تفاقم مشكلة غياب المتلقين عن التواصل مع النصوص الأدبية، وأرجع ذلك إلى أن الكثير من الشعراء لا يخاطبون الجماهير بقدر ما يخاطبون فلاسفة النقد في العالم الغربي، لاعتقادهم أن العالمية تكمن في الانفصام عن الواقع. وأكد على الظروف الموضوعية التي ساهمت في تكريس هذا الواقع المرير للشعر العربي، مبيناً أن المسئولية تتوزع على أكثر من طرف، فقد كان للرقابة أثر خطير في إحجام الشعراء عن الوضوح الفني الجميل، أوفي إحجامهم عن التواصل مع الجماهير بشكل مباشر، كما أن الصحف والمجلات ووسائل الإعلام ساهمت في توسيع الفجوة بين الجماهير وتذوق الشعر الأصيل؛ بما راحت تعمل على نشره من محاولات المبتدئين، مما خلق جواً من النفور بين الناس والشعر. وأكد على أن النقاد كان لهم الدور السلبي الأكبر في معالجة هذه القضية، فهم لا يرحبون بالأصالة، ولا يحاربون القبح والجريمة. لا يسمعون، ولا يبصرون، ولا يتكلمون!
وقد أفرد الكتاب لدور المرأة الفلسطينية الثقافي محوراً مستقلاً، مبيناً أنها أوجدت لنفسها مكانا لا يستهان به؛ بشاعرات وكاتبات من صنف فدوى طوقان... أما عن واقع هذا الدور الثقافي الآن وفق تطورات القضية الفلسطينية الأخيرة واحتدام الصراع، فقد تساءل عن مدى حضور دور المرأة الثقافي اليوم مع دورها الفاعل في الحياة الفلسطينية، مؤكداً على صعوبة واقع الأدب والمشهد الثقافي بشكل عام، وليس على صعيد العمل النسائي وحسب، مع الاعتراف بغياب التخطيط سابقاً وحالياً في هذا الموضوع، مما أدى إلى حجم التواجد النسائي الأدبي الضعيف...
وسلط الكتاب الضوء على خطوات عملية للنهوض بدور المرأة الثقافي من خلال: طباعة الكتب ونشرها في أكثر من بلد، والاستفادة من الوسائل الإعلامية الموجودة أصلاً، ولا تحتاج إلى تكلفة جديدة، مثل: الصحيفة، والمجلة الدورية، والإذاعة، ومواقع الإنترنت، والتلفزيون. وعقد الدراسات والنقاشات واللقاءات، التي تتمحور حول المبدعات، وعقد صلة وطيدة بينهن وبين الناس في كل مكان وزمان، لا بعرض إبداعهن فقط دون نقد مجدٍ، وتحليل قيّم، وإعلام مقرّب. والاهتمام بالدراسة البحثية الأكاديمية لتلك الطاقات من خلال: أبحاث الطلاب الصفية، وأبحاث التخرج، وأبحاث الماجستير والدكتوراه، والبحوث المحكّمة، والتأليف الحر. وعدم خلط الجيد بالرديء في تلك الطاقات ولا الناضج بالذي لمّا ينضج بعد حتى لا ينعكس ذلك على المستوى العام. وأكد على ضرورة وجود محاضن تربوية إبداعية، تتبناها رابطة أدبية على امتداد مساحات الوطن.
وقد بين كمال غنيم في مقدمته حكاية صدور الكتاب بقوله: "حكاية هذا الكتاب تتعلق بومضات أدبية ونقدية، اتخذت لها مع الكاتب سبيلاً، وسط كتابات أخرى. وهي أكثر ميلاً إلى المقالة والدراسة. ولما كانت تلك الومضات فيها ما لا يوجد بين سطور الكتب والمجموعات الشعرية والقصصية؛ كان لزاماً على صاحبها أن يرسل لها العنان في الحضور والتفاعل. فهي فارس آن له أن يترجل، ليأخذ مكانه بين المتلقين، ويكمل رسالة ثقافية ورؤية أدبية آمن بها صاحبها، ونسأل الله لها القبول عند الله وبين الناس. ولعل المنطلق الذي ينطلق منه هذا الكتاب هو الإيمان بدور الكلمة في التأثير، والتفاعل الحضاري من جهة، والإيمان بأهمية انتشار الكلمة، وتحريرها من أسر الأدراج، لتفعيل دورها من جهة أخرى. ولذلك لم يكتف صاحبها بالنشر الذي حظيت به في بعض الصحف والمجلات والمواقع؛ بل آثر أن تجد لها عنواناً متآلفاً، تجتمع تحت رايته، وتواصل الحضور، والتفاعل من خلاله".
ومن الجدير بالذكر أن هذا الكتاب هو الكتاب الثاني عشر من كتب الدكتور كمال غنيم المنشورة. وهو الكتاب الرابع من الكتب التي أصدرها غنيم هذا العام، حيث صدر له كتاب كيف تكتب الشعر في سبعة أيام في الجامعة الإسلامية بغزة، وديوان جرح لا تغسله الدموع عن مؤسسة فلسطين للثقافة بدمشق، وكتاب الأدب والبلاغة عن كلية الدعوة التابعة لوزارة الأوقاف.