التربية السياسية للطفل الجزء الرابع من سلسلة: مالا نعلمه لأولادنا

التربية السياسية للطفل

الجزء الرابع من سلسلة: مالا نعلمه لأولادنا

 

تأليف: د. منير الغضبان

عرض: عبد الله زنجير

عدد الصفحات: 180 قطع متوسط

التربية السياسية للطفل، واحدة من أهم هموم الفكر والتثقيف في ديار العرب والمسلمين، وهي تحد نازف في حياتنا وأمام أجيالنا، اليوم وغداً أكثر من أي وقت مضى.

فالعولمة الزاحفة وحتى العلم والعالم، لا يعجبهم من أمة مترامية الأطراف ومتشعبة المصالح والتطلعات، كانت وستكون خير أمة أخرجت للناس أمراً بمعروف ونهياً عن منكر، أقول: لا يعجبهم منها هذا التردد والتردّي في التربية والمعرفة، والاحتماء وراء الأساليب الآسنة، وعدم القدرة على استهلاك التقنية المتقدمة، رغم توفر شرائط النهضة وتقارب تجارب البشر، وتقاطع درجات أحلامهم وطموحاتهم!

لقد كانت السياسة بشرعيتها وميكيافيليتها، فرعاً بدهياً في التربية والحضارة وصارت الآن جزءاً لا يتجزأ من حياتنا المعاصرة، فالإعلام –مثلاً- لا يترك شاردة ولا واردة من خبايا السياسة، وتدفق المعلومات المباحة والمشفرة لا يشابهه شيء، ومجابهة ذلك لن تكون بغير الوعي والدربة والمدافعة، ليس بأن يكون كل فرد سياسياً فحلاً، يتعدى حدود التخصص بل بأن يعرف ما له من حقوق ليمارسها ولا يتسولها، وما عليه من واجبات ووظائف ومسؤوليات ليقوم بها، وأن يعرف كيف يفكر ويشارك ويحاسب وينتخب، وأن يعرف بآلية الذهنية المستقرة، خير الخيرين وشر الشرين، وأن يعرف متى يحمي حريته ودينه وأوطانه، وأن يكون إنساناً شورياً وديمقراطياً ومتسامحاً، كيّساً فطناً يكره الفساد والاستبداد، ويتقن فن التعامل مع الغير، يقدم صوته وصورته بأفعاله لا بأقواله فقط ليربح ويربح الآخرين.

إن مقاربة هذا الموضوع، تأسيس نوعي ضمن مشروع: ما لا نعلّمه لأولادنا، وأن يكتب فيه د. منير الغضبان، وهو مرجعية علمية في قضايا السيرة الزاكية وتطبيقاتها العملية، منذ قائدنا المعلم –عليه وآله الصلاة والسلام- وخلفائه الراشدين الأربعة، فذلك إظهار لحجة الإسلام وأجوبته الشافية، وأيضاً هي دعوة للمبادرة في التغيير بأيدينا، بعد إخفاق جل نماذجنا التي بقينا دهراً ندعو لها ونبشّر بها، فإن الله (لا يغيّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) الرعد 11.

نعم لقد كنا ذات يوم، سبّاقين لتأصيل مفاهيم العدل والإحسان، والحضارة والطهارة، ثم أضعنا تلك المفاهيم ومللناها، وكنا فيها فصرنا غرباء عنها حتى حملها الغرب واحتكرها بلا منافس، فنحن لم ننهزم في هذا الميدان ولا غيره، بل انهزمت فينا عناصر التخلف والنكوص، وجراثيم الجاهلية الأولى، وحين نعود للتراث فلكي لا ننسى تاريخنا، مع أهمية تنقية ذلك التراث، والاكتفاء بروافده المرتبطة مع العقل والنقل.

إننا نريد أن نصنع الطفل القوي الأمين، من أجل أن نجنده للمستقبل والشمس، وأن نستشرف عرى الإسلام في السياسة والحكم، تصحيحاً لدورنا وأخلاقنا ومراد الوحي منا، تلك العرى الصالحة والمصلحة لكل زمان ومكان، والتي تحتاج لقراءة عصرية مقاصدية، تتجاوز وتقتحم وتحاور بعيداً عن الإفراط والتفريط.

وأخيراً.. لقد آن أوان الإسلام، بعدما تجلّت آياته في الأنفس والآفاق، ولن يتمكن أحد من عرقلة تقدمه، سواء أكان إسلاماً سياسياً يختزل الإسلام في السياسة، والسياسة في المؤامرة، أو تربية علمانية بحتة، تجهل رحابة الإسلام وعالميته وأحقيته، وتضع كل الأديان في سلة واحدة، بفاشية إقصائية انتحارية.

والله تعالى أعلم.