من كلِّ حَدَبٍ ينسلون

مئاتٌ من كلِّ حَدَبٍ ينسلون.....

بعضهم قد رهقته قَتَرَةُ غبار الرَّدم بُعيد أن خرج بمعجزة من تحت الأنقاض

وبعضهم قد توشَّح بالأحمر القاني يروي به تُرْب الوطن العزيز

صواريخ كاشحة أطلقتها مسيرات غاصبة صهيونية ... وقصف مدفعي، والميركافات قَرمة للحوم أطفال وعذارى فلسطين

ونساء؛ كلهنَّ يخرجن من تحت الردم والهدم بلباس الصلاة الذي كاد أن يلتصق بأجسادهن الشريفة؛ فهن لا ينزعنه إلا لاستحمام؛ وقليل ما هوْ؛ فالماء شحيحة جداً، وهنَّ يخفن أن تتكشف عوراتهنَّ إن سقط على أرؤسهنَّ صاروخ من عند "بايدن"، أو "ميركل" المستقيلة!

لقد مسحت هذه الصواريخ الأمريكأوربية مربعاتٍ سكنيَّةً كاملة من حي الشَّجاعيَّة بشمالي غزَّة المتصبِّرة

وترى الناس كأنَّهم سُكارى ... وما هم بسُكارى؛ ولكن الموقف عصيب

ولد في مقتبل العمر؛ شعره كيرلي ... وأبيضاني وحلو؛ يحمله مسعف بين يديه، والدم يشخب من فمه ومنخريه، وما أن وصل مشفى المعمداني حتى أرجع الأمانة لبارئها ولفظ الروح الشفيف؛ ليحلق عصفورا في الجنة الربانيَّة مع واحد وعشرين ألف طفل غزيٍّ قضوا نحبهم في هذه الحرب المدلهمة الجَوان .... وأطفال غزِّيُّون على الدور لمَّا يقضوا نحبهم بعدُ، ولكنَّ القناص الإسرائيلي الجبان قد وضعهم على قائمة الإعدام مذ كانوا نطفاً في أصلاب الآباء!!

وبنت رضيعةٌ بعمر أقلَّ من سنتين؛ تركض في الطرقات المتهدمة وهي تلتقم رضاعة فارغة؛ تتغذَّى من الهواء المنبعث من حَلَمَتها؛ فالأم يبدو أنها إمَّا جريحة أو شهيدة ... ولكنْ لا بد لها من أهل بيت يكفلونها كما كُفِّل موسى – عليه الصلاة ونبينا السَّلام- ....

وتماماً كما تفعل بعض الحيوانات مع مولود ماتت أمه وهي تتمخَّض

وإن من الحجارة لَمَا يتفجَّر منه الأنهار

وإن منها لَمَا يشَّقَّق فيخرج منها الماء

وإنَّ منها لَمَا يهبط من خشية الله

؛ثم تطمعون أيها العرب العاربة غير المنعربة أن يؤمن لكم بنو إسرائيل؟!

وقد كان فريق منهم أيام الحبيب المصطفى – صلوات الله وسلامه عليه- يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه؛ وهم يعلمون علم اليقين أنه الحق من ربهم ... يا لإجرامهم ... وسذاجة أحلامكم!!

،وطفلة في عمر ثلاث وردات تجري ليس لمستقرٍ لها، ولا يرافقها أحد؛ فالأمُّ يمكن أنها استشهدت، وباقي الإخوة والأخوات قد عضَّت عليهم صخرات الهدم ، ولا يبدو منفرج لتزحزح الصخرة فيخرجَ منها البررَة المطحونون بلأواء الحرب المرَّة؛ كما خرج ثلاثتُهُم في قديم الزمان؛ ولكنْ .... يبدو أن التاريخ لا يعيد نفسه

ومراسل الجزيرة الفضائية الذي يغطي الحدث يركض معهم، ثم يختبئ؛ فيا روح ما بعدك روح

و"زكرياءُ" يراقب الحدث على شاشة (تي آر تي) التركية من إستنبول؛ فهو يعمل هنالكم بتركيا منذ سنوات، والبيوت التي هُدِّمت فوق رؤوس في حي الشجاعية المرابط الأشهاد يعرفها ويعرف أصحابها حقَّ المعرفة؛ فهم إما جارٌ أو صديق.... أما أهلوه فشطرٌ منهم قد هُجَّر قسراً إلى حي "الزوايدة" ، وشطرٌ إلى دير البلح، وشطرٌ ثالث هائمٌ في كل صوب وحين!

وخلال تغطية الجزيرة تعرض الكاميرا صورة عجلى لبيتهم في الشَّجاعية وإذ به كالغربال من شدة القصف التتري الصهيوني؛ فتترقرق من عينيه النجلاوين عبَرات .... ولكنه يمسحهما إجلالا لموقف "أبي العبدِ" الذي عندما جاءه خبر أولاده وأحفاده الشهداء في العيد الصغير فإنه لم يبكِ؛ بل جعل الدموع تجري للداخل؛ فالوقت ليس وقت ندب، ولا يريد أن يُبكي أجناده معه فتتهلهلَ صفوفهم حَزَناً وفَرَقَاً!

لقد حمد أبو العبد واسترجع عندما بلغه نبأ استشهادهم؛ يوم أن أخذ الله فلذات كبده؛ فهو قمينٌ على ربه أن يبني له بيتاً في الجنَّة، وأن يأمر ملائكه بأن يسموه بيتَ الحمدِ؟

وعندما زُفَّ إليه خبر "زهر هنيةّ"؛ شقيقته مع عشر من ذويها أول أمس تصبَّر وتجمل، وقال كما قال في الموقف الأول: " اللهْ يسهِّلْ عليهم "! أحد عشر كوكباً من الهنييِّن قد صعدوا لرفادة السماء، ومن قبلهم ستون؛ يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم؛ ألاَّ خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون.

وقبل أيام نهشت كلاب الصهيونية عجوزاً شَجاعية أبت أن تغادر منزلها منذ السابع من أكتوبر المجيد؛ فاتصلت كلاب سجن "أبو غريب" بكلاب النازية الصهيونيَّة مهنئة إياهم بنجاح العملية ضد المسنة الفلسطينية المرابطة في أرضها!

وعلى الطريق المتكسرة وقد عزَّ عنها الإسفلت؛ يجرُّ حصان أسودُ فاحمٌ عربة عليها بعض الشهداء وآخرون مصابون، والغزيُّون يُسمُّون هذه العربة (أباتشي المقاومة الفلسطينية)؛ لأن جرحى قرود يهود يُنقلون عادة بطائرات الأباتشي العموديَّة؛ ولا تزال ذكاءُ في خِلسة من أعين اليهود المناكيد تناظر الشهداء والجرحى وتبكي حسرةً على فراقهم!!

وينبلج من تحت الأنقاض صوت رضيعة تستغيث فقد حلَّ موعد رضعتها، ولا ظِئْرَ لها إلا التراب والحديد؛ فتستصرخ المعتصم؛ فيُقال لها: لقد قرأنا عليه الفاتحة قبل مئة عامٍ.

وينطلق الفرس المتفحم إلى أقرب مشفى لينقل القتلى والمجروحين، ولكن شظية صاروخ لئيم تعاجل رأسه الواهنة فتشطرها إلى نصفين، وتظلُّ أرجله الأَربعة تتابع غَذَّ المسير إلى المستشفى؛ فقد بُرمج مخه على الغُدوِّ والرَّواح إليه، ويسير أكثر من تسعين خطوة، ثم تنقطع الإشارات الكهربية العصبية من الرأس المقطوعة إلى الجسم الحزين؛ حتى تصدم العربة بجدار صفيقٍ؛ فتصَّعد أرواح الجرحى مع الشهداء جميعا إلى سهيلٍ والثُّريَّا.

ويسمع "نجيب محفوظ" عن قصة لصوص الصهيونية الشرسة وكلابهم المسعورة المتكشِّحة فيقهقه ضاحكاً أنه هو أول من كتب عن اللِّصِّ والكلاب؛ ولكنْ هنا لصوصٌ وكلابٌ كثيرة؛ منها بشريَّة... وكثير منهم من بني البشر.

ويقوم زكريا فيقفل التلفاز، فقلبه الواني لم يعد احتمال إراءة الشاشة لحي الشجاعة وهو يتكسر فوق رؤوس وجسوم صاحبيه.

آلافٌ

ومئاتٌ

تترى

قُتلتْ مذْ دُقَّتْ أعناقُ

وثمَّة رجل قد أصيب في المعمعة فجرى إلى المشفى المعمداني وأقتاب بطنه يحملها بيده اليسرى؛ إذ عزت اليمنى لأنها مصابه، وقد اندلقت مصارينه من فتحة في البطن اخترقتها قذيفة يهودي مشاحن!

وطفل في العاشرة والنصف من العمر الوردي يجري بلا هوادةٍ وهو يحمل قفصاً في عصفورته الشحرورة الصفراء وهي تنوح نواحاً بدل الزقزقة!!

وأطفال بعمر الزهور مهطعين غير مقنعي رؤوسهم؛ وهو يرسمون بكلتا اليدين شارة النصر؛ فقد أزف الوعد الحق!!!

ولقد بُهر الصهاينة من شجاعة شجعان الشَّجاعيَّة؛ فبُعيد أن صرحوا أنهم قد قضوا على ميامينها، نسل لهم المغاوير من كل حدبٍ ومُدَّخل!!!!

يرمونهم بالسَّام الأَسود المكفهر من المسافات الصفرية التي تسقيهم أكؤس حِمام مرِّ كاشح؛ بعدما أذاقوا الشعب الفلسطيني كؤوس حَيْن زؤام لمدة قرن أدهم

و"أبو عبيدةَ" يصدح على الشاشات العالمية ويعلن تقدم المجاهدين الشجعان، ويبشر المؤمنين بغد مشمس أزهر، وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا.

بأردية الصلاة التي يلبسنها ليل نهار خرجت البنات والنسوة إلى حيث المجهول للمرة التاسعة عشرة؛ وهنَّ لا يلوين على شيء ... إلا رحمة الله....

وملقمو الصواريخ يسمون باسم رب ذاك الغلام ويرددون الآية: " فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا إن الله سميع عليم"

وكثير ممن اضطروا للهجرة القسريَّة يتركون بيوتهم مفتوحة بلا أقفال؛ فقد يحتاج مؤنها وسكناها المجاهدون في سبيل الله ... وتتلقط أم محمود الزُّق أخبار أهليها وجيرانها في الشجاعية وقد هجرتها قبل ما يقارب تسعة شهور، وقد تركت عمارتها ذات الست طوابق مفتوحة للمجاهدين المقاومين!!

وطفلة في الخامسة والربع من عمر العصافير تحمل قطتها المدللة "روزا" معها؛ فهي تنقلها حيث هاجرت معها؛ ولا تتركها للعدو الغشَّام الصهيوني فيغتصب شرفها!!!

والقوم يفرون من الموت إلى الموت؛ وهم يرددون قالة الربيع العربي يوم أن انتفض قبل ثلاث عشرة سنة: " يا الله ... ما لنا غيرك يا الله......
ويدير زكريا زر التلفاز ثانية؛ فيثلج صدره خبر انضمام بلاد الأندلس إلى شكاة دولة جنوب لإفريقيا العظيمة وزعيمها الراحل الكبير نيلسون مانديلا إلى الترافع في محكمة الجنايات الكبرى في لاهاي ضد هولوكوست الصهيونية بغزة ... والسلطان إردوغان لمَّا ينضمَّ بعد، وهو يغني طَرِبَاً: كان جدٌّ لي اسمه السلطان محمد الفاتح وسليمان القانوني ... أماان أمااان ... ياليل، والشاعر قِدْماً قال:


كن ابنَ من شئْتَ واكتسبْ أدبا

يغنيك محمـــــــودُهُ عن النسبِ

 

إن الفتى من يقـــــــولُ ها أنذا

ليس الفتى من يقولُ كان أبي!!

 

.....وينظر الطفل ذو العصفور الأصفر النائح، والطفلة ذات القطة الباكية فيريان وراهما الشَّجاعية وقد باتت مدينة أشباح بعد أن هُجَّر أهلوها أحد عشر مرة ... وذلكم منظر ألفه العُرب في حلب والموصل والزنتان وصنعاء... من ذي قبل!!!

ويتابع زكريا سماع الأخبار فيطرب لصوت "غادي آيزنكوت" عضو الحرب المستقيل السابق؛ وهو يصمُّ آذان النتن ياهو وحلفاءه اليمينيين المتطرفين صارخا بوجوههم الكريهة: "ارجعوا لبيوتكم؛ فقد أخزيتمونا لأن بقاءكم خطر على بقاء لإسرائيل"؟!...ومايزال الفتية المجاهدون من كل حدب وثقب ينسلون.

 

*******

وعلى الشطر الآخر من الوطن العربي آلاف مؤلفة ينظرون اتقاد شعلة مهرجانات اللهو الصيفية؛ برقصاتها وعريها ومثليتها

وشعلة حرب البسوس الفلسطينية صارت تتضرم اليوم بالدم الأسود بدل النيران

وفي جنينَ عرين الأُسود من الليوث البواسل يفجرون بعبوة ناسفة عظيمة عربة نقل الجنود "النمر" الصهيونية بمن فيها من أجناد مجندة؛ ويسارعون بهم إلى سقر

وتتلقاهم ملائك غلاظ شدادٌ؛ لا يعصون الله ما أمرهم به من تعذيب خنازير اليهود بهولوكستٍ أخروي من غسلين

كانت "النمر" قادمة لإنقاذ بعض الجرحى اليهود، ولكنها تضامنت مع الجرحى السابقين

وإن شئت سمِّ هذا النمر كلباً أو حماراُ، أو أمَّ عامر

فقد أعلنت النمِرَة استسلامها بُعيد استسلام الميركافا 6 + الطائرة المسيَّرة العملاقة المعجزة "ماكس إيفو"، وكثير من العتاد العملاق من معجزات تصنيع بني إسرائيل؛ بل وألغت كثير من الدول المستوردة للسلاح الصهيوني عقود الشراء بعدما أخفقت كثير منها أمام مد طوفان الأقصى المبارك!

ويقف صاروخ السهم الأحمر الفلسطيني الصنع شامخاً ليُؤذن له بدخول أدبار اليهود ومن والاهم من الطابور الخامس عشر من المستعربين، والعصافير اللُّدِّ.... ويصرخ السهم الأَحمر بأعلى صوته مسمعاً كل بيت مدر أو حجر أو طين: قل تربصوا فإنا معكم من المتربصين!!

وتعلن الشَّجاعية بُعيد ساعات عن عشرات الشهداء والجرحى بهذا القصف المجنون للطائرات الصهيونية الجبانة؛ وهي تردد بثبات الشمِّ الرواسي: قل اعملوا على مكانتكم إنا عاملون ... وانتظروا إنا منتظرون؛ فالله وعدنا النصر في سورة بني إسرائيل.

بينما تدك المقاومة المسلمة في رفح معاقل الغزو النيروني اليهودي، وقد صار النتن – ياهو على قاب قوسين أو أدنى من إعلان فشل العملية البرية في رفح المصطبرة... فالمجاهدون من كل حدب ينسلون!

وفي أوربا تحاول إسبانيا أن تقنع من صلح من جاراتها بالاعتراف بالدولة الفلسطينية ... وفي ردهات النقاش نساء ثرثارات يتكلمن عن منحوتات مايكل أنجلو في الفاتيكان، ويسمعهم تي. إس. إليوت؛ فيطرب لذلكم ... ولكن زكرياء يطرب أكثر لنبأ انضمام كوريا الجنوبية لجوقة مناصرة الشعب الفلسطيني المسحوق؛ وقد كانت كوريا تلكم حليفة لبني صهيون، وتشارك دوما في صناعة فطير بني إسرائيل من دماء أطفال فلسطين المحتلة الأبيَّة!!

أما كولومبيا فتخصص ربع ريع الاتجار بالمخدرات لغزة، ولكن السِّنوار يعتذر؛ لأن هذه الأموال ملوثة، والحرة تجوع ولا تأكل بثدييها؛ قائلا لهم: لقد فقدتم الصدارة في إنتاج المخدرات في العالم، وصار جيران لنا (مقاومون) هم أرباب الكبتاجون والحشيش!!!

ويتسبب المقاطعون للشركات الداعمة للصهيونية بخسارات ترليونية فادحة، ولكن الشيخ "كمال الخطيب" في خطبة الجمعة ينبه أولئكم إلى أن الواجب هو مقاطعة البيبسي كولا والماكدونالدز وأولاد عمومتهما، وليس الأرحام والأقربين!!

وتنام الشجاعية على ألوان قوس قزح؛ وكلها تتدرج بين الأسود الجَوَانيِّ ومشتقاته، وبين الأحمر القاني بلون الدماء الزكية الطاهرة، وتغيب ألوان الأزرق، والأصفر الفاقع والأخضر المُدهامِّ ... وبينا يدبُّ النعاس في عيني الشجاعية المنهكة بعد مجزرة قد شهدت عشرات المثيلات لها؛ إذ بتفجير جديد في مدينة غزية أخرى؛ وإذ بالناس من كل حدب وصوب ينسلون فلعل الوعد الحق قد اقترب .... وينتقل مايكرفون الجزيرة ليغطي مذبحة هولاكيَّة جديدة، فاليهود يذبِّحون أبناء غزة، ولا يستحيون نساءهم؛ فيا لعدل رمسيس الثاني وحُنُوِّه على أهل مصر؟!

لقد كفرت الشجاعيَّة بما يُسمَّى (سلام الشجعان) ؛ وتلكم كانت فرية ابتدعها جبناء أفينون يتعاطون أفيون السلام الكِذابِ، ولقد ظلوا يمتضغونها سنواتٍ طويلة؛ لذا آمنت الشجاعية بجهاد الشجعان ومقاومة الشجعان، فكان نصيبها من القصف "الحريديميِّ" حصة الأسد من الموت الزؤام الأسود الصهيوأمريكيِّ!

....ولقد أعلنت كتاب عز الدين القسام أنها استهدفت دبابة إسرائيلية من نوع ميركافاه 4 بعبوة شواظ في حي الشجاعية، كما أعلنت أنها استهدفت أيضا ناقلة جند إسرائيلية بقذيفة الياسين ما أدى لتفحمها وقتل من فيها بحي الشجاعية شرق مدينة غزة.

وقالت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، إنها فجرت عبوة أرضية من نوع "زلزال" بآلية عسكرية متوغلة في شارع بغداد بحي الشجاعية. كما قالت قبل ذلك إنها فجرت عبوة أرضية شديدة الانفجار في حفار عسكري إسرائيلي شرق حي الشجاعية بمدينة غزة.

وقبل ذلك أفاد مراسل الجزيرة باستشهاد 5 أشخاص في قصف إسرائيلي على منزل عائلة حسنين في شارع النَّزَّاز بحي الشَّجاعية شرق مدينة غزة، كما أصيب عدد آخر جراء قصف الطائرات الحربية الإسرائيلية عددا من المنازل في توقيت متزامن.

وكذلك أدى القصف الهمجي البربريُّ الذي استهدف 3 منازل في حي الصبرة إلى استشهاد كثيرين، وما زال هناك آخرون تحت الأنقاض. كما قصفت الطائرات الإسرائيلية منزلين في حي الشجاعية، ما أسفر عن عدد من الشهداء والجرحى، وتمكنت طواقم الإسعاف من نقل جثامين عدد من الشهداء والمصابين إلى مستشفى المعمداني وسط مدينة غزة. ... وكانت الغزالة في كبد السماء تنظر إليهم باكية، وهي ترجِّع بإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.

وستظل الشجاعية شجاعة أبيَّة تأبى سلام الخائنين وذلَّ المرجفين، وستبقى رافعة علم المقاومة إلى أن تتحرر البلاد والعباد من نير الاستحمار الصهيوأوربي؛ رضي من رضي وسخط من سخط؛ مهما تلبدت سماؤها بأدخنة الحروب الطاحنة.... ونظر زكريا إلى سماء إستنبول فإذا الشمس تغمض عينيها مؤذنة بتوديع يوم راحل وميلاد ليلة جديدة وادعة ... واعدة بنصرٍ قريب، فأغمض عينيه معها وبات يحلم بيوم الفرقان؛ يوم سيلتقي الجمعان.

لقد ... تعب المشوار ... ولكنّ الشَّجاعيَّة لن تكلَّ، ولن تملَّ، وستبقى في صدارة المقاومة الغزي، وستمسي شوكة تغزُّ عيون المتدين من السفارديم والأرغون والهاجاناه وأشباههم ... وأشياعهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .. الشجاعية اسم على مسمى، والله غالب على أمره؛ وسيعلم الذين هادوا أيَّ منقلَبٍ ينقلبون؛ ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله، ينصر من يشاء وهو العزيز الحميد.... تشجعي أيتها الشجاعية الكميَّة إذ ليس لها من دون الله كاشفة.... ولن تتعب الشجاعية؛ وكذلكم لن يتعب مشوارهُا!!

إن أجناد المقاومة ينسلون من كلِّ حَدب؛ وقد اقترب الوعد الحق بنصر المؤمنين، وأنى لجراثيم الصهيونية أن يطفئوا نور الله بأفواههم، فإن صعدوا للسماء فالمقاومة أمامهم، وإنْ نزلوا إلى الرضين السابعة ألفوهم هنالكم؛ وكما قائل قائل مرةً: "تطلعْ للسما أطلعلك ... تنزلْ للأرض أنزلِّك".

أفاق زكرياء على صوت المؤذن في إستنبول وهو يردد: الله أكبرَ ... الله أكبرَ"، فردد معه وانطلق على جماعة الفجر كي يدلف إلى ذمة الله.

ومن موافقات القدر الجميل أن الإمام التركي بلكنته الأعجمية قرأ في الركعة الأولى سورة الفتح، وأكملها في الثانية، وأردف بها سورة النصر؛ فشفى بذلكم قلوب قوم مؤمنين. وجلس زكريا بعيد الصلاة يقرأ سورة بني إِسرائيل مع تفسيرها... حتى غشيته سِنة من نوم خفيف لطيف؛ فرأى فيما يرى النائم أن أجناد حماس قد أعادوا تموضعهم في جباليا والشجاعية وغيرهما من حواري غزة المباركة المجاهدة؛ فقام وسجد لله شكراً لأنه نام على هيئة المتمكن، ثم ركع للضحى ركعتين.

خرج من المسجد ونظر إلى أشعة النشاط المنطلقة من جهة المشرق المبارك فإذا الشمس بوداعتها تبعث فيه مزيدا من اليقين بأن وعد الله آت؛ ولكنَّ أكثر النَّاس لا يعلمون ... وشعر زكريا أن الشمس توحي للمؤمنين بأن الغد لن يكون يوماً عبوساً قمطريرا؛ فاستذكر سورة الإنسان وراح يردد آياً منها: "فَوَقَىٰهُمُ ٱللَّهُ شَرَّ ذَٰلِكَ ٱلۡيَوۡمِ وَلَقَّىٰهُمۡ نَضۡرَةٗ وَسُرُورٗا (11) وَجَزَىٰهُم بِمَا صَبَرُواْ جَنَّةٗ وَحَرِيرٗا (12) مُّتَّكِـِٔينَ فِيهَا عَلَى ٱلۡأَرَآئِكِۖ لَا يَرَوۡنَ فِيهَا شَمۡسٗا وَلَا زَمۡهَرِيرٗا (13) وَدَانِيَةً عَلَيۡهِمۡ ظِلَٰلُهَا وَذُلِّلَتۡ قُطُوفُهَا تَذۡلِيلٗا (14) وَيُطَافُ عَلَيۡهِم بِـَٔانِيَةٖ مِّن فِضَّةٖ وَأَكۡوَابٖ كَانَتۡ قَوَارِيرَا۠ (15) قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٖ قَدَّرُوهَا تَقۡدِيرٗا (16) وَيُسۡقَوۡنَ فِيهَا كَأۡسٗا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا (17) عَيۡنٗا فِيهَا تُسَمَّىٰ سَلۡسَبِيلٗا (18) ۞وَيَطُوفُ عَلَيۡهِمۡ وِلۡدَٰنٞ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيۡتَهُمۡ حَسِبۡتَهُمۡ لُؤۡلُؤٗا مَّنثُورٗا (19) وَإِذَا رَأَيۡتَ ثَمَّ رَأَيۡتَ نَعِيمٗا وَمُلۡكٗا كَبِيرًا (20) عَٰلِيَهُمۡ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضۡرٞ وَإِسۡتَبۡرَقٞۖ وَحُلُّوٓاْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٖ وَسَقَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡ شَرَابٗا طَهُورًا (21) إِنَّ هَٰذَا كَانَ لَكُمۡ جَزَآءٗ وَكَانَ سَعۡيُكُم مَّشۡكُورًا (22) إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ تَنزِيلٗا (23) فَٱصۡبِرۡ لِحُكۡمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعۡ مِنۡهُمۡ ءَاثِمًا أَوۡ كَفُورٗا (24) وَٱذۡكُرِ ٱسۡمَ رَبِّكَ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلٗا (25) وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَٱسۡجُدۡ لَهُۥ وَسَبِّحۡهُ لَيۡلٗا طَوِيلًا (26) إِنَّ هَٰٓؤُلَآءِ يُحِبُّونَ ٱلۡعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَآءَهُمۡ يَوۡمٗا ثَقِيلٗا (27) نَّحۡنُ خَلَقۡنَٰهُمۡ وَشَدَدۡنَآ أَسۡرَهُمۡۖ وَإِذَا شِئۡنَا بَدَّلۡنَآ أَمۡثَٰلَهُمۡ تَبۡدِيلًا (28) إِنَّ هَٰذِهِۦ تَذۡكِرَةٞۖ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِيلٗا (29) وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا (30) يُدۡخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحۡمَتِهِۦۚ وَٱلظَّٰلِمِينَ أَعَدَّ لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمَۢا (31)" ... ولما انتهى منها وجد نفسه قد ولج إلى المجمع السكني الذي يقطن فيه في الطابق التاسع عشر.

لقد بدأت العجوز المسنة بالتماثل للشفاء بعدما عضتها كلاب الصهيونية، وافتضح أمر كلاب الصهيونية من بشر وضوارٍ؛ ولن يضرَّ السحاب نباح الكلاب؛ فلينبحوا فالقافلة ماضية مأمورة إلى حيث نقطة النهاية، وسيعلن صلاح الدين حفل النصر بأمر الله تعالى متى هو .. قل عسى أن يكون قريباً ... جداً؟! وتنظر الكلاب البوليسية المدربة وهي خجلى من الأوامر العسكرية المهينة التي يأمرها بها جيش الدفاع الصهيوني الحريديميِّ؛ وتنبح في وجوه الآثمين المجرمين!!

والنتن – ياهو وشلته من اليمين المتطرف ولكي يغطوا على فشلهم الذريع في الشَّجاعية ورفح وغيرهما فقد صادقا على توسيع المستعمرات في الضفة الغربية الحزنى؛ ويقر المعارضون للنتن باستحالة القضاء على المقاومة المستعصية، فيما يلمح اليمينيون المتمسكون بالحرب إلى ذلكم على استحياء!

ومن كانت له أنفاس في هذه الدنيا الدنية فلا بد له من أن يتنفسها؛ فقد خرجت عائلة سليمة بالكامل من تحت أنقاض لؤم يهود، ومشوا هائمين إلى حيث المجهول الذي قد يطمرهم ثانية وثالثة، ولكنهم إلى الله مهاجرون، وبه راغبون، ولغزة محبون، وعن تربها الطهور غير متزحزحين!!

وينقضي اليوم 266 من عمر النصر والفتح المبينين على نزوح 99.1% من سكان الشجاعية، ولكن المقاومة الشرسة توقع أثخن الجراح في العدو الغازي الفاشيِّ.

ويصرح المحلل العسكري الجيو عسكري الاستراتيجي "فايز الدويري" أن المقاومة أبدت عجباً عجابا للغازين بعدما صدقت إسرائيل كذبتها بأن شمال شرق غزة قد تطهر من المقاومة، ولكنهم في كل وجبة ساخنة تراهم من كلِّ حدب ينسلون.

وتروي دماء زهاء أربعمئة شهيد وجريح شَجاعيِّ رمال غزة العطشى للمزيد من التضحيات؛ فالحرب الطاحنة تقول للأرض المباركة هل رويت؛ فتقول هل من مزيد؟!

ولا يرعوي الاحتلال المزري عن أن يدهس مسنة شَجاعيَّة فيسويها بالتراب؛ فالبشر في دينهم خدم لهم متى شاؤوا أنهوا حيواتهم؛ بالطريقة الجرمية التي تحقق ثمالة إجرامهم المهين ... وكم مرة فعلت قوات البغي الصهيونية هذه الجريمة على مرأى ومسمع منظمات حقوق الإنسان الصماء البكماء؛ لذا قامت منظمات حقوق الحيوان بالادعاء على هؤلاء المجرمين في محكمة الجنايات الدهسية في كوكب بلوتو!!

المسنة الشَّجاعية "صفية علي حسن الجمَّال" قد دهستها مجنزرة لئيمة وهي أصلا كانت مصابة بقذيفة كاشحة صهيونية مصابة؛ وأمام أعين ذويها؛ والعالم بملياراته الثمانية يشوف المشهد المروع الدامي، وهم سامدون!!!

وفي حين كانت رفح الجريحة تندب المسنة الشجاعية جمَّال؛ كانت جرافات يهودية من لُدّش يهود تدهس طُراً خمسة من الرفحيِّين العزَّل المدنيين البرآء.

وتتابع المقاومة الشجاعية الكميَّة تسجيل تصويرات مسلسل الرد السريع المبهت المباغت لكل صهيوني تسول له أن يطأ أرض الشجاعية الطاهر؛ فيتصيدون الجنود المارقين كما صياد يتففن في قنص العصافير.

وفي تل أبيب المجللة بالقَتَار المشين تمشي عشرات المسيرات المناهضة للحرب؛ ليس لحبهم لحيوات الآخرين، بل من أجل الضغط على فاشية نتنياهو من أجل إبرام صفقة إفراج عن الرهائن المحتجزين لدى حماس منذ تسعة أشهر ... والفضل ما تظاهرت به الأعداء... ولا بدَّ لليل أن ينجلي// ولا بدَّ للقيدِ أن ينكسرْ....

                                                       *******


وبينما تحترق "الشَّجاعيَّة" بلظى الأسلحة الألمانية والفرنسية إذ بهاتفها النقال يرن:

  • ألو
  • صباح الحريق
  • من أنتِ؟
  • أنا مجزرة دير ياسين!
  • أهلا، وما ذا تريدين يا أخيَّة؟
  • كنا نقوم الليلة من أجلك وندعو الله أن يكشف عنكِ الغُمَّة، وها نحن صائمون قد أظمئنا نهارنا ندعو العلي القدير أن يكف أذى المغرضين عنك وعن بنات عمك؛ في النصيرات ورفح وغيرهما.
  • فمن معك من المجازر حاضرون الآن!؟
  • مجزرة رابعة، والبيضا البانياسية، والمشارقة، وداريَّا، وحماة، والغِريان، ومِصراته، وعدن، والحديدة، والقُصَير، وحِجَّة، وكفْر عويد، ووووو...
  • أسرعي فقد ينقطع البث الآن وأنتِ تسردين عن مجازر الفراعنة بأممهم
  • ....ويحس "سموترتش" -وهو يتنصت على المكالمات المجازرية بحديثهما- فيقطع البث عنهما، ويقسم أنه لو اسطاع لقطع عنهمُ الهواء طُراً، ولَقتل النطف الفلسطينية المكنونة في أصلاب الآباء قبل أن تصير رجالا مقاومين، ونساءً مرابطاتٍ في حمى الأقصى الشريف، ولَجعل المجاري تجري في غزة والضفة أنهارا؛ أوليس لك ملك خزائن إسرائيل، فلجعل أنهار المجاري تجري من تحتهم، ومن فوقُ، وعن الميامين والشمائل!!!
  • بيب ... بيب .... بيب؟؟!!
  • ورجعت مجموعة المجازر تستدعي أخواتها لتنضم إلى مؤازرة مجزرة الشجاعية؛ فانضمت مجزرة النهر البارد وصبرا وشاتيلا وحلب وطرابلس الغرب، وأبيَن ... وكفرنبل... ومجازر تدمر.... والحبل على الجرَّار....

 

                                            *******
جلس زكريا وحيدا في غرفته يطالع أخبار غزة، ولمَّا تفطر قلبه من رائحة الدماء التي تنبعث من نشرات الأخبار؛ عمد إلى مواقع التواصل، فألفى صديقاً له قط سَطَر على صفحته هذين البيتين الخالدين:
ذَرِيني أَنَلْ ما لا يُنَالُ من العُلا

فَصَعَبُ العُلا في الصعبِ

والسَّهْل في السَّهلِ
تريدين إدراك المعالي رخيصة
ولابُدَّ دون الشهْد من

إبَرِ النحْلِ

فقال لروحه المهيضة: هذه حال إخوتنا المقاتلين في فلسطين؛ إذ لا بد في طريق التحرير الشائكة أن يبذل الإنسان الغالي والرخيص، ولو تهدم بيتنا في الشجاعية.

ثم نظر من شباك الغرفة وهو معلق بين السماء والأرض في الطابق التاسعَ عشر؛ فإذا السماء مكفهرة جَوان ,,, وسرعان ما انهلَّ وابل من ودق الخير؛ فإستنبول مشهورة بأمطارها الرعدية الغزيرة، وسمع هزيم الرعود فتذاكر أزيز الصواريخ يوم كان في الشَّجاعية عام 2021، وكان المجاهدون يومها يمطرون العدو الصهيوني الغاشم بالعياش وإخوته في حرب سيف القدس المظفرة.

وبينا هو غارق مسترسلٌ في اللوحات الجمالية التي ترسمها السماء على حبيبتها الأَرض؛ إذ به يرى الصورة معكوسة من الشباك، والمذيع يقول: إن فدائيي القسَّام قد اسطاعوا الوصول إلى أحد مجرمي الحرب المتعطشين لدماء الفلسطينيين، وقد قنصوه كغراب أجرب مهين. فهلل زكريا وكبَّر فقد وصل المقاومون اليوم إلى تقنية تقصي الحقائق عن مجرمي الحرب ممن هم قَرِمون للحوم الفلسطينية الحرَّة، ثم محاكمتهم بالرصاص العادل، وعدم انتظار عدالة لاهاي.... أو ... ماهاي؟!!

وفجأة قُرع الباب؛ فهرع إليه فإذا صديقه منعم؛ فولجا إلى الغرفة، وجلسا يتسامران حول قضايا الشجاعية ورفح وغيرهما.

كان منعم قد أحضر معه باقة من الأخبار الساخنة التي وردته من لبِّ المعركة؛ فقد استطاع التواصل مع أهليه لمدة أربعة دقائق ونصف، ثم انقطع الخط.

-قال منعم: لقد غدت الشجاعية جحيما لا يُطاق، واليوم أعلن المتحدث العسكري الصهيوني أن العملية ستستمر هنالكم عدة أسابيع بحثاً عن الرهائن... ولكنَّ المجاهدين ما يزالون من كل حدب ينسلون....

-فقاطعه زكريا وهو يتنهد: بل هي مكيدة وتعمية للشعب اليهودي الثائر ضد الحرب؛ فعمليتهم في رفح قد فشلت فشلاً ذريعاً؛ لذا هم يتقحمون مناطق أخرى بذرائع مختلفة، وتلكم أساليب خسيسة قد شربناها منذ أمد طويل!

-فقال منعم وهو يحك أرنبة أنفه: والجدير بالذكر أن اليهود الحريديم المتدينين في إسرائيل اللقيطة قد صدر لأول مرة في تاريخ هذه الدولة المشردة حق يجبرهم على الالتحاق بالجندية؛ لذا هم يتظاهرون اليوم في القدس الشريف!

-فرد زكريا باسماً: الحمد لله الذي أحيانا لنرى بأمِّ أعيننا بأس اليهود بينهم شديداً

فقاطعه الصديق مبسملاً: " فاصبر إن وعد الله حق فإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا يرجعون "

-فقال منعم: تعال لنرى تفسير هذه الآية وملابساتها؛ وفتح زر البحث في هاتفه الخليوي فإذا هو يقع على تفسير المنار، فتلا الآيات: " وإمَّا نرينَّك بعض الذي نعدهم أو نتوفينَّك فإلينا مرجعهم ثمَّ الله شهيد على ما يفعلون، ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قُضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون؛ ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين... قل لا أملك لنفسي ضراً ولا نفعا إلا ما شاء الله لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون أثم إذا ما وقع آمنتم به آلآن وقد كنتم به تستعجلون ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون ويستنبئونك أحق هو قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون ألا إن لله ما في السماوات والأرض ألا إن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون هو يحيي ويميت وإليه ترجعون". ثم بدأ يقرأ تفسير هذه الآيات للإمام محمد رشيد رضا: " هذه الآيات تتمة الرد على المشركين في تكذيب ما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله من العقاب الذي سبق في الآية 39 وما بعدها .
وإما نرينك بعض الذي نعدهم ) هذه جملة شرطية زيدت ( ما ) في حرف الشرط ( إن ) ونون التوكيد في فعله فكان توكيده مزدوجا ، والمراد بالآية تأكيد وقوع ما وعد الله هؤلاء المشركين من العقاب في الدنيا والآخرة بشرطه فيهما ، لا يتخلف منهما شيء في جملتهما ، سواء أرى الله النبي - صلى الله عليه وسلم - بعض القسم الأول منه وشاهده ، أم توفاه قبل إرادته إياه فإبهام الله تعالى إياه للحكمة المقتضية له في أوائل البعثة من جهة قربه أو بعده ورؤيته - صلى الله عليه وسلم - له وعدم رؤيته لا يفيدهم شيئا ، وسنبين هذه الحكمة في إبهامه . فالمعنى : وإن نرينك أيها الرسول بعض الذي نعدهم من العقاب في الدنيا فذاك - وفيه إشارة إلى أنه سيريه بعضه لا كله ، ) أو نتوفينك) : بقبضك إلينا قبل إراءتك إياه فإلينا مرجعهم وعلينا حسابهم حيث يكون القسم الثاني منه وهو عقاب الآخرة ، ويجوز أن يجعل هذا جواب الشرط بقسميه ، والمعنى : فإلينا وحدنا يرجع أمرهم في الحالين) ثم الله شهيد على ما يفعلون):  بعدك أو مطلقا فيجزيهم به على علم وشهادة حق ، والمراد أنه لا فائدة لهم مما حكاه تعالى عنهم في تربصهم موت النبي - صلى الله عليه وسلم - واستراحتهم من دعوته ونذره بموته كما تراه في سورة الطور وآخر سورة طه ، فالعذاب واقع ما له من دافع .

وقد ورد بمعنى هذه الآية قوله تعالى) : فاصبر إن وعد الله حق فإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا يرجعون) ... ) ويليها آية بمعنى الآية التي تلي هذه ذكر فيها الرسل وكون آياتهم بإذن الله لا من كسبهم ، والقضاء على أقوامهم بالهلاك بعدها ، ومنها قوله بعد آية في إرسال الرسل وكون آياتهم إنما هي بإذن الله ولكل أجل كتاب : وإمَّا نرينَّك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب  وما بعدها في معنى السياق الذي هنا ، وقوله) : فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون أو نرينك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون، أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي ومن كان في ضلال مبين) ، وهو بمعنى ما قبل هذه أيضا >>>وقد أبهم أمر عذاب الدنيا في كل هذه الآيات وآيات أخرى ، فلم يصرح بأنه سيقع بهم ما وقع بالأمم التي كذبت الرسل من قبلهم وهو عذاب الاستئصال ، ولكنه أشار إليه في قوله : قل رب إما تريني ما يوعدون رب فلا تجعلني في القوم الظالمين) أي كما هي سنتك في رسلك الأولين ، وقد أجاب الله دعاءه فقال : وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم 

 وحكمة هذا الإبهام التخويف من جميع أنواع الوعيد ، مع علمه تعالى أن عذاب الاستئصال لن يقع على قومه - صلى الله عليه وسلم - ; لأن شرطه أن يجيئهم ما اقترحوا من آية كونية ويصروا بعده التكذيب ، ولن يقع ، ولكن في آية يونس هذه إشارة إلى أن الله تعالى سيري رسوله بعد نزولها بعض الذي يعدهم لا كله ، وقد أنجز له ذلك فأراه ما نزل بهم من القحط والمجاعة بدعائه عليهم ، ونصره عليهم أعظم النصر في أول معركة هاجمه بها رؤساؤهم وصناديدهم وهي غزوة بدر ، وفي غيرها إلى فتح عاصمتهم الكبرى أم القرى ، وإكمال الدين ودخول الناس فيه أفواجا ، وقد تقدم بيان ذلك كله في مواضعه

ولكل أمة رسول)  أي أنه تعالى جعل لكل أمة من الأمم الخالية رسولا بعثه فيها في وقت الحاجة إليه ، يبين لهم أصول دينه الثلاثة : الإيمان بالله ، واليوم الآخر ، والعمل الصالح المناسب لحال زمنهم ) فإذا جاء رسولهم  :( وقامت الحجة عليهم ، قُضي بينهم بالقسط أي قضى الله بينه وبينهم بالعدل)  وهم لا يظلمون  : ( في قضائه تعالى كما تقدم وسيأتي تأكيده قريبا ويقولون متى هذا الوعد  أي ويقول كفار قريش للنبي ومن اتبعهم من المؤمنين : متى يقع هذا الوعد الذي تعدوننا به إن كنتم صادقين  : في قولكم إن الله تعالى سينتقم لكم منا وينصركم علينا ؟ أي في مثل قوله) : حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا)"؟! 

-تنفس الصيقان الصعداء، وقال زكريا ما أحرانا أن نتذاكر هذه الآيات دوما لأنها تطابق واقعنا المعاش.

-فقال منعم: كنا في الشتاء ندعو لأهلينا المشردين من قسوة القر، واليوم ندعو لهم من ظلم الحر؛ فهم دوماً بين المطرقة والسندان!

-فقاطعه زكريا وهو يربت على كتفه: يا أُخيَّ يوجد في العالم اليوم أكثر من مئة مليون نازح مشرد مهجَّر قسريَّاً؛ وهذا يعني أن أهل غزة يشكلون منهم فقط2%!!

-والآن سأقص عليك القَصَص عن عملية في تل الهوى جنوبي غرب مدينة غزة، أعلنت سرايا القدس تفجير عبوات في آليات جيش الاحتلال قرب موقع عيسى، كما دمرت آلية عسكرية إسرائيلية أخرى بتفجير عبوة قرب مسجد الهداية. وفي رفح: جنوبي القطاع، قالت كتائب القسام إنها استهدفت مع سرايا القدس ناقلتي جند وجرافة "دي9" بقذائف "الياسين 105″ و"آر بي جي" جنوب حي تل السلطان.

-فرد منعم بلهفة، وهو يعدل جِلسته بعد أن خدرت رجله التي كان يجلس عليها: هذه الياسينيات مباركة وأيْم الله. وتلكم باقة عطرة من أخبار مياميننا في الشجاعية قطفتها من (الجزيرة نت) : " خاضت فصائل المقاومة الفلسطينية معارك محتدمة -اليوم السبت- ضد قوات الاحتلال المتوغلة في حي الشجاعية شمالي قطاع غزة، وذلك لليوم الثالث على التوالي، وأعلنت تدمير آليات عسكرية وقتل وجرح عدد من الجنود الإسرائيليين .واعترفت إسرائيل بمقتل ضابط وجندي وإصابة اثنين آخرين بالمعارك، مشيرة إلى أن استمرار عمليتها العسكرية بالشجاعية يستهدف "البنية التحتية" لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس بالمنطقة، وأن قواتها تخوض قتالا مع المسلحين من مسافة قريبة .كما أدعى جيش الاحتلال أنه حاصر مجمعا في الحي وعثر على مواقع استطلاع ووسائل قتالية ومسيرات .وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن الجندي "ياكير شموئيل تاتلبوم" قُتل في اشتباك مع مسلحين من مسافة قريبة داخل منزل بالشجاعية، بينما قتل الجندي "يائير أفيتان" بسلاح قنص .وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن أكثر من 40 مواجهة جرت بين الجيش وكتائب القسام في الشجاعية منذ بدء التوغل يوم الخميس .وتتزامن هذه التطورات مع استمرار القصف الإسرائيلي على مناطق متفرقة من القطاع منذ فجر اليوم مما خلف 38 شهيدا فلسطينيا، وفق مصادر طبية تحدثت للجزيرة .وأفاد مراسل الجزيرة بحالات استشهاد وإصابة فلسطينيين في قصف إسرائيلي استهدف منزلا بمخيم جباليا شمالي القطاع، بينما مازال عدد من المواطنين عالقين تحت الأنقاض، وفق طواقم الدفاع المدني. وقالت كتائب القسام إن مقاتليها يواصلون التصدي للقوات الإسرائيلية المتوغلة في حي الشجاعية ضمن "كمائن مركبة" معلنة قتل وجرح أفراد قوة إسرائيلية بكمين أعدته مسبقا وفجرت خلاله عبوة مضادة للأفراد .وذكرت الكتائب أيضا أنها حققت إصابات مباشرة بقصفها عدة مرات قوات الجيش الإسرائيلي أثناء محاولتها التوغل في الحي بقذائف هاون من العيار الثقيل، مشيرة إلى رصد هبوط طيران مروحي لإجلاء القتلى والجرحى .من جهتها، أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، قتل وجرح عدد من جنود الاحتلال باستهداف آلية عسكرية من نوع "نمر" بقذيفة "التَّاندوم" بأرض قنديل في حي الشجاعية.

- فضحك زكريا ضحكة كبيرة حتى كاد أن ينقلب على ظهره؛ وهو يردد: أما عبوات الزلزال الناسفة فقد زلزلت أركان الجيش الذي لا يُقهر؛ فقد صبَّ علهم ربك بها سوطَ عذاب، إن ربك لبالمرصاد!

-فوكزه منعم؛ دون أن يقضيَ عليه مسَّائلاً عن سبب تلكمُ الضحكة الجنونية؟

-فقال وهو يذرع ضحكته التي لا تكاد تتوقف: هذه العربة النمر تتراءى لي أنها أمست اليوم جحشاً؛ أمُّه أتان!!

-فضحكا سوياً، ثم توجه الصديق إلى الباب؛ وهو يوصي صاحبه بالدعم الروحي للأهلين المشردين في فلسطين، بسهام السحر في موهن من الليل؛ قيامِ الليل والدعاء، وتواعدا على تحضير تفسير سورة البروج لوجبة ساخنة من أخبار الغد.... فالمجاهدون ما زالوا "لبنغفير" وشركاء الجريمة من كل حدب وصوب ينسلون!!

*******


وما أن وصل منعم إلى شقته في الطابق الرابع عشر حتى رن على هاتف صديقه زكريا؛ فرد عليه قائلاً: ألم نتواعد على قيام الليل فقط؟ فقال: خبر قصير جداً لكنه مهم؛ فقال: هاتِ، فقال: لقد أذاعت الوحدة الإعلامية للمجاهدين اليوم خبراً مصوراً عن مصانع إنتاج الأسلحة الحمساويَّةِ في الأنفاق، وأنها في صحة جيدة؛ فقال زكريا: الحمد لله، والآن لنشرع في أسلحتنا الشخصية التي لا نملك سواها... وإلى اللقاء مساء الغد.

*******

وبعد أن رجع زكريا من عمل يوم مضنٍ، أعد طعاماً بسيطاً، ويجلس يقلب في اجتذاب الأخبار عن الأرض المحتلة؛ وإذ بهاتفه يرن:

  • ألو: كيف حالك يا حبيبي
  • الحمد لله يَمَّهْ، كيفكم أنتو؟
  • نحن بخير، لكن الشجاعية بلدتنا قد خُربت عن بِكرة أبيها؛ حتى باتت قاعاً صفصفاً، وبدأت تنشج ببكاءٍ مرٍ
  • -هوِّني عليك يا أماه، المهم أن المقاومة لا زالت بخير وتكيل لهم الصاع صاعين، وكيف إخوتي وأبناءهم؟
  • -الحمد لله كلهم بخير.
  • -احمدي الله على ما أنتم فيه من خير؛ فتلكم المرأة التي عُرضت على الشاشات قبل أيام قد أطلقوا عليها كلابهم البوليسية فنهشتها...
  • -فقاطعته الأم وهي تختنق بعبراتها: لقد حصل معي موقف مشابه يوم كنت في سجون الصهاينة الظالمين؛ فقد كانوا كثيرا ما يخوفوننا بكلابهم الشرسة، غير أن عُقُلها كانت بأيديهم، ولكن المفارقة أن أخاك الصغير الرضيع الذي كان معي في السجن كان يفْرَق كثيراً، وفي بعض الأحيان كان يُغمى عليه؛ فيقهقهون في ثُمالة فجورهم، وينصرفون مسرورين!
  • -فقاطعها لتوه: يا أمي لو كنت بجانبك لحضنتُك وكفكفتُ دموعك؛ ولكني أريد أن أذكرك بآيات من الذكر الحكيم تشابهُ هذا الموقف: " إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون وما أرسلوا عليهم حافظين فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون"
  • -فهدأ رُوع الأم وطفقت تردد: صدق الله العظيم .. ثم انقطع الخط؛ وقد كان البث بالأصل ضعيفاً جداً، وبينما كان زكريا يجلي صحون العشاء؛ إذ بطارق على الباب؛ فقال له من توه: لحظة يا منعم، كي أنشف يدي وآتيك.
  • -وجلس منعم بجانب جاره الشَّجاعي، وهو يقول أنبدأ بسورة البروج كما طلبتَ؟
  • فقال: نعم.
  • -سأتلو أولا ثم نتداول تفسيرها.
  • فقال زكريا فلأبدأ أنا: "وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلۡبُرُوجِ (1) وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡمَوۡعُودِ (2) وَشَاهِدٖ وَمَشۡهُودٖ (3) قُتِلَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡأُخۡدُودِ (4) ٱلنَّارِ ذَاتِ ٱلۡوَقُودِ (5) إِذۡ هُمۡ عَلَيۡهَا قُعُودٞ (6) وَهُمۡ عَلَىٰ مَا يَفۡعَلُونَ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ شُهُودٞ (7) وَمَا نَقَمُواْ مِنۡهُمۡ إِلَّآ أَن يُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ (8) ٱلَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ (9)". والآن إلى تفسير هذه الآيات العظيمات:
  • " والسماء ذات البروج ":
  • أقسم الله تعالى بالسماء ذات المنازل التي تمر بها الشمس والقمر
  • " واليوم الموعود ":
  • وبيوم القيامة الذي وعد الله الخلق أن يجمعهم فيه
  • " وشاهد ومشهود ":
  • وشاهد يشهد, ومشهود يشهد عليه.
    ويقسم الله- سبحانه- بما يشاء من مخلوقاته, أما المخلوق فلا يجوز له أن يقسم بغير الله, فإن القسم بغير الله شرك.
  • " قُتل أصحاب الأخدود ":
  • هلك وعذب ولعن الذين شقوا في الأرض شقا عظيما, لتعذيب المؤمنين
  • " النار ذات الوقود ":
  • وأوقدوا النار الشديدة ذات الوقود
  • " إذ هم عليها قعود ":
  • إذ هم قعود على الأخدود ملازمون له
  • " وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود ":
  • وهم على ما يفعلون بالمؤمنين من تنكيل وتعذيب حضور
  • " وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد ":
  • وما أخذوهم بمثل هذا العقاب الشديد إلا أن كانوا مؤمنين بالله العزيز الذي لا يغالب, الحميد في أقواله وأفعاله وأوصافه,
  • " الذي له ملك السماوات والأرض والله على كل شيء شهيد "
  • الذي له ملك السموات والأرض, وهو- سبحانه- على كل شيء شهيد, لا يخفى عليه شيء
  • " هذا من تفسير الإمام السعدي. والآن ثمة خبران ظهرا على الشاشة أمامي؛ فقد أفاد الناطق الرسمي للمقاومة أن القصف المدفعي على حي المنصورة بالشجاعية اشتد منذ الصباح الباكر، أما الخبر المفرح فقد تم الإفراج عن مدير مجمع الشفاء (د. محمد أبو سلمية)؛ وقد قال: إن أوضاع الأسرى صعبة جدا، ولكن معنوياته عالية، وقال إنهم سيبنون الشفاء ثانية بُعيد النصر!
  • انظر يا اُخيَّ إلى كُنْه قوله : " وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد "؛ واليوم لا ينقم يهود من أهلينا الفلسطينيين إلا أنهم قالوا ربنا الله!!
  • - ومما يفرحنا يا أخي الحبيب أن أسماء المتفجرات التي يدك بها المقاومون معاقل اليهود قد نحلت من معانٍ قرآنية سامية؛ ( شُواظ – سعير- زلزال...)، وهذا يزيد من شوب تفحهم في النمر وغيرها مما أطلقت عليها اسم "الجحش"، فضحك الاثنان ضحكة ملأت الرحب بالسعادة. ثم تابع: ولقد أورد إعلام العدو أن المجاهدين نفذوا أكثر من أربعين هجوما على مواقع الأعداء في الأيام الثلاثة الأولى .... وهم من حَدَبٍ ونفقٍ ينسلون!!
  • فقاطعه الأول: والآن لقد فتحت على موقع جوجل في صفحات الويكيبيديا لنعرف ما كُتب عن الشَّجاعيَّة فيه: " حي الشجاعية من أكبر أحياء مدينة غزةفي فلسطين، ويقع إلى الشرق مباشرة من مدينة غزة وينقسم إلى قسمين الشجاعية الجنوبية (التركمان) والشجاعية الشمالية (إجْدَيْدَة)، بُنى خلال عهد الأيوبيين، وينسب في تسميته إلى «شجاع الدين عثمان الكردي» الذي استشهد في إحدى المعارك بين الأيوبيين والصليبيين سنة 637 هجري/1239 ميلادي قد انتصر المسلمون في هذه المعركة وكانت بعد معركة حطين. يسكنها حوالي 100,000 نسمة. الشجاعية تحتوي على العديد من الهياكل القديمة والمساجد والمقابر. تبعد مقبرة الحرب العالمية الأولى 2 كيلومتر (1.2 ميل) إلى الشمال من المركز التجاري في الحي.
  • تل المنطار.
  • وفي حي الشجاعية تقع تلة المنطار الي الشرق من مدينة غـزة، وترتفع بنحو (85) متراً فوق مستوى سطح البحر، من هنا جاءت أهميتها كموقع استراتيجيعسكري، وكمفتاح لمدينة غـزة عسكرت عليه جنود نابليون بونابرت حيث قتل فيها آلاف من جنود الحلفاء في الحرب العالمية الأولى أمام تصدي القوات الثمانية، دفنوا جميعاً في ‘مقبرة الحرب العالمية الأولى’ في غـزة. واللافت للنظر هنا أن «تل المنطار» حظي بهذه المكانة في المدينة، وأصبح موضعاً ومركزاً «لموسم»؛ فقد أصبحت له ذاتيته المستقلة عن مدينة غزة الفوقية التي هدم الصليبيون سورها إبان الحروب الصليبية. وأصبح «تل المنطار» علماً تلتف حوله جميع القبائل العربية، التي عززها القائد صلاح الدين بجنده من قبائل التركمان والأكراد والخوارزميين، وأقطعها الأراضي الواقعة إلى الشرق من غزة، وبخاصة تلك الواقعة بينها وبين «تل المنطار» لتصبح النواة لتأسيس «حي الشجاعية» بقسيمه «التركمان» و«جْدَيدة الأكراد» (الجديدة)؛ التي سميت بهذه الأسماء نسبة لتلك القبائل الداعمة لصلاح الدين، ولما أصبح لها من مكانة ديمغرافية وهيبة لا يستهان بها. وكانت هذه القبائل تحتشد جميعاً بفرسانها يوم «موسم المنطار» في يوم الخميس السابق ليوم عيد الفصح من كل عام.
  • الإحصائيات الحديثة تشير إلى أن حي «اجديدة» والذي بلغ تعداد سكانه عام 2011 م 36750 نسمة وبمساحة تقدر 2753 دونم، والقسم الجنوبي منه هو حي «التركمان» وعدد سكانه عام 2011 م بلغ 52800 نسمة وبمساحة تقدر 2899 دونم. كما أن البلدية قد قسمته الي حي اجديدة الشرقي بمساحة 4958 دونم، وحي التركمان الشرقي بمساحة 4016 دوم، وهي المناطق خلف الخط الشرقي والخالية تقريبا من السكان.
  • التاريخ
  • يعود تاريخ حي الشجاعية إلى الفترة الأيوبية في غزة، وتم تسميته نسبة إلى شجاع الدين عثمان الكردي، وهو القائد الأيوبي في غزة الذي استشهد في القتال ضد الصليبيين. خلال القرون الوسطى، كانت المنازل في الحي بناؤها سيئ جدا، وكانت طرقها ضيقة وغير معبدة. ومع ذلك فأن في الحي العديد من المساجد التي تم بناؤها بشكل رائع [3]مثل مسجد عثمان بن عفان الذي بني في القرن 14
  • ينمو حي الشجاعية بشكل متقدم عن الأحياء الأخرى مثل: حي الدرجوالتفاح والزيتون، مما جعله في نهاية المطاف أكبر أحياء مدينة غزة، وتم تقسيم الحي قديما إلى قسمين شمالي وجنوبي على أساس عرقي. ويسمى الجزء الجنوبي من الشجاعية حي تركمان بسبب تركيز العشائر التركمانية الذين استقروا هناك في عهد السلطان الأيوبي الصالح أيوب في الأعوام 1240-1249. ويسمى الجزء الشمالي الجديدة أو حي الأكراد وتم استقرار الأكراد في هذا الجزء وخاصة من منطقة الموصل،[3] التعداد العثماني عام 1525 يظهر تساوي نسب السكان من الأتراك والأكراد، مع 89 و 90 أسرة، على التوالي. وأن اليهود كانوا هم أكبر مجموعة عرقية مع 95 أسرة، في حين أن المسيحيين 82. لكن في عام 1538، نما السكان الأكراد والتركمان بصورة ملحوظة، كان الأكراد 278 أسرة في حين كان الأتراك 181. في 1549، نمى عدد السكان الأكراد بشكل حاد إلى 406 منزلا، بينما حافظت على نمو بطيء التركمان إلى 195 منزلا. وكان هناك بقايا للمماليك ووحدات عسكرية يقيمون في مجتمع صغير منفصل خاص بهم في الشجاعية يتألف سكانه من 44 أسرة سنة 1557 والتي تضاءلت إلى 66 شخصا في عام 1597
  • العصر الحديث
  • تأسست المدرسة الابتدائية للبنات في حي الشجاعية في عام 1967. في عام 2011 كان مسجل بها 1,326 طالبة.[1]في 6 أكتوبر 1987، قبيل اندلاع الانتفاضة الأولى، كان حي الشجاعية ساحة مواجهة مسلحة بين المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي. أسفر الاشتباك عن مقتل ضابط في الجيش وأربعة من نشطاء حركة الجهاد الإسلامي، ولقد تم تسمية هذا اليوم باسم «معركة الشجاعية.» في الذكرى السنوية الأولى للعملية، في عام 1988 دعت حركة الجهاد الإسلامي إلى إضراب عام ضد إسرائيل
  • الشجاعية كانت هدفا لهجمات متكررة في الغارات الجوية الإسرائيلية في حرب 2008-2009 على قطاع غزة وقتل في الحي عدة أفراد من قوات الأمن التابعة لحماسودمرت مركز الشرطة المحلي. مسلحي حركة حماس مع مسلحي حركة الجهاد الإسلامي اشتبكوا بشكل مكثف في أيام الحرب مع جيش الاحتلال الإسرائيلي بعد الضربات الجوية والاجتياح البري.[8] وقد أعلنت حركة حماس استشهاد ثلاثة من مقاتليها، بينهم قائد محلي بعد غارة جوية إسرائيلية وخسرت كتائب شهداء الأقصى التابعة لفتح مقاتل بعدما نصبوا كمينا لقوات إسرائيلية من المستعربين في الحي. وأفاد شهود عيان وعن تدمير عيادة الأطفال في غارة جوية إسرائيلية أثناء أعمال القتال مع وقوع إصابات
  • منذ فجر الأحد 20 يوليو 2014 قصفت مدفعية الإسرائيلية بدون سابق إنذار بشكل عشوائي وعنيف حي الشجاعية شرق غزة ومنعت دخول سيارات الإسعاف وسقط أكثر من 70 شهيد ومئات الجرحى من المدنيين، في حين توغلت القوات البرية الإسرائيلية للمناطق الشرقية للحي مخلفة ورائها دمارا كبيرا لحي الشجاعية، وبحدود الساعة السابعة مساء قصفت الطائرات الإسرائيلية إحدى الشقق السكنية بمنطقة الرمال وأدى إلى استشهاد 6 مدنيين.
  • المقاومة الفلسطينيةكانت قد دمرت ناقلتي جند ودبابة من نوع ميركافا Iفي اشتباكات فجر الأحد وهو ما سمحت الرقابة العسكرية الإسرائيلية بنشره عصر الأحد.
  • وفي 21 ديسمبر 2023، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، أنه سيطر على حي الشجاعية، في المقابل أعلنت كتائب القسام قتل 19 جنديا إسرائيليا في المعارك.
  • الاقتصاد
  • أكبر سوق في غزة متخصص في الغالب في الملابس والسلع المنزلية، وهو في الشجاعية «ساحة الشجاعية» ويقع عند مدخل الحي من المدينة القديمة. يبدأ من شارع عمر المختارفي منطقة الشجاعية وينتهي في منطقة الرمال. تقوم بلدية غزة بمشاريع لتعزيز مكانة الشجاعية. وتهدف هذه المشاريع إلى تحسين البيئة والظروف المعيشية لمواطنيها، من خلال توسيع وإعادة، وإصلاح الطرق في المنطقة. وهناك أيضا تطوير الأراضي الواقعة على طول شارع صلاح الدين. ومن أهم أسواقه أيضا سوق الجمعة الذي يقام فقط يوم الجمعة وهو غالبًا ما يرتاده تجار الأغنام والأبقار (الحلال) وهو سوق مشهور بغزة لمربي الأغنام.
  • معالم الحي
  • ومن أهم معالم هذا الحي الكبير جامع «أحمد بن عثمان»أو ما يسميه أهل المدينة بالجامع الكبير محتلا قلب الحي السكني والتجاري، وبهذا الجامع قبر سيف الدين يلخجا من مماليك السلطان «الظاهر برقوق» وأصبح نائباً لمدينة غـزة عام 849 هجري، وتوفي سنة 850 هجري ودفن بالجامع. وللجامع الكبير عدة حجارة تأسيسية تكشف عما حدث له من هدم وترميم ابتداءً من القرن التاسع الهجري وحتى منتصفه، وهو غني بنقوشه وحجارته المزخرفة خاصة تلك التي تزين مئذنته. ومن آثار هذا الحي الجميلة «جامع المحكمة» وقد كان به مدرسة لها أهميتها -كما جاء على نقش أعلى عتبة بابه الشمالي المغلق.
  • ومن مساجده مسجد «الهواشي»، مسجد «السيدة رقية»«مسجد علي بن مروان» علي خط صلاح الدين و«الشيخ مسافر»، و«مسجد الإصلاح»، و«طارق ابن زياد»، وجامع «القزمري»، و«مسجد الدارقطني»، و«مسجد ذو النورين», و«مسجد السيد علي» وكان بهذا الجامع حمام الشجاعية، وقد اندثر، وتقع إلى الشرق من هذا الحي مقبرة «التونسي»، أو مقبرة «التفليسي»، كما يوجد في أحد مقابر الحي قبر يقال إنه لشمشون الجبار الشهير... وما أن أنهى الحديث عن الشجاعية حتى رأى صديقه وقد ارفضَّ الدمع الغزير من عينيه النجلاوين السَّوداوين؛ فمسحهما له بتحنانٍ، ثم تساءل: لم نعتبر اليوم موقع الويكيبيديا عظيماً؟!
  • فأجاب صديقه: لأنه الموقع الإعلامي الأمريكي الوحيد الذي تتصدر صفحاته فضحاً لجرائم الصهيونية منذ شهور طويلة!
  • فقال له وهو يشرب جرعة من الشاي المحلَّى في أستكانةٍ تركية شفافة: لقد باتت فاتورة الجيش الإسرائيلي اللعين يومياً من القتلى والجرحى والمعدات باهظة الثمن.
  • وهل تعرف يا صُويحبي أنها المرة الأولى في تاريخ الدولة العبرية الملعونة يُقتل ناس تحت التعذيب من الأَسرى الفلسطينيين؟؟!
  • يبدو أنهم قد أُصيبوا بعدوى جيرانهم من العرب؛ فالفلسطينيون الذين قُتلوا في مختبرات التعذيب العربية أضعاف أضعاف من قُتلوا بيد جلاوزة النازية اليهودية الحريديميَّة .... والأرغونيَّة.
  • ولكن الملفت للنظر أمس تصريح وزير الدفاع المقيت الذ وصف الفلسطينيين مرة بأنهم حيوانات بشريَّة، وكذلك النتن رئيس وزرائهم؛ فقد صرحا غاضبين بأنهما قد علما بالإفراج عن "محمد أبو سلميَّة" ورفاقه من الإعلام.
  • أجل يا صاحبي- ثم شفط سُلافة ما بقي في كأس الشاي- لقد عشنا لنرى بأس اليهود بينهم شديداً: " لَا يُقَٰاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِى قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ "/ الحشر.
  • ولنعد إلى أساليب تعذيب الشعب الفلسطيني اليوم؛ فقد تفنن أبالسة الصهيونية في إماتة الشعب الحر في فلسطين؛ فإما صبراً أو جوعاً أو تعذيباً، أو بنقص الأدوية، أو نسف المشافي، أو منع طواقم الإِسعاف وسياراتهم من الوصول إلى الجرحى والمصابين... وألف طريقة شيطانية وطريقة!
  • لقد فُضحوا على رؤوس الأشهاد، وما عادوا يختبئون وراء الشعارات الرنَّانة الزائفة؛ فها هي وزيرة المساواة الاجتماعية الصهيونية " جيلا غامليل " تفاخر بإنجازات القتل والتدمير الشامل لغزة للجيش الصهيوني المارق البربرية، وتطالب بخنق حمامة السلام وكسر غصن الزيتون، وتقول: " سنقطع رأس السنوار "!
  • ومن قبل تفوه بكل جرأة وحقارة؛ وزير التراث الصهيوني المتشدد "إلياهو" بطلب التخلص من الفلسطينيين جميعا بقنبلة نووية!!
  • أما تخريب غزة فقد حصل كما حصل لكثير من المدن العربية في ربيعها الأسود، ولكن رأس السنوار – حفظه الله للأمة ذخراً- فعصيٌّ عن تلكمُ الأفينة المتجبِّرة المتفرعنة!!!
  • وأمَّا حمامة السلام أيتها المجنونة: فقد ذبحناها قبل عقود عندما أعلنت حماس الكفاح المسلح، وغصن الزيتون بات حبيساً في الكتب المدرسية فحسب.
  • المهم أن العالم أجمع قد عاين أن "الشَّجاعية" لها من اسمها أوفى نصيب، وأنها عصيَّة عن الإفناء الصهيوني المغوليِّ!!!

*******

 

*******

في اليوم الخامس من ذبح الشَّجاعيَّة اجتمع الصديقان في مطعم قريب من بيت منعم، وانضم إليهما صديقهما الشَّجاعي منير.

-قال منير بكل ثقة نفس وهو يفتل شاربه الأيمن الأَسود الغليظ: اليوم ضيافتكم عليَّ؛ فطلب منعم شاياً، والآخر قهوة سادة، والثالث كوكتيل. كما طلبوا جميعاً "بوريك جبنة وبوريك بالسبانخ"، ثم قال الرجل: أمس ضرب صاروخ صهيوني غادر تجمعاً لواردي الماء؛ ممن عضَّ عليهم الصَّيف بأنياب شوبه القائظ، فقتل وجرَّح العشرات؛ فيوما يضربون تجمع الخبز وآخر جمهرة الطحين، وتارة الماء؛ وتلكم حاجات إنسانية يجب ألا تُمسَّ بشعرة!

-فعلق منعم وهو يأكل لذائذ "البوريك" التركي الساخن: اليوم يوسِّع العدو المغتصب رقعة مستعمرة "نتساريم" من 2 كيلومتر إلى أربع؛ كما يقولون إنهم سيهدمون معبر رفح، ويبتنون آخر جديداً!

-فقال زكريا وهو يتنهد من أعماق أعماق نفسه فرِحاً: لقد رأيت اليوم على الشاشات بأم عيني شبانا مقاومين يزرعون العبوات الناسفة اللاصقة على "الميركافاتِ" اللعينة؛ ثم هم يركضون يمنة ويسرة، ولا يأبهون لموت يراقبهم، وأما الجندي الصهيوني الرعديد، فيمسك بالبارودة ويطلق في كل الاتجاهات كل الذخيرة التي بداخلها وهو ترتعد فرائصه فَرَقَاً؛ فيما برصاصة واحدة يقنص مجاهد خنزيراً صهيونياً، ويدخر الباقي لباقي القردة والخنازير.

-فقال منير وهو يشعل سيجارة تقزز منها صاحباه: لقد أظهر المجاهدون قُبيل انقضاء الشهر التاسع أسلحة جديدة كصاروخ "السهم الأحمر"، وقد تبيَّن أن مصانعهم الذاتية تنتج المزيد من متطلبات المعركة، وقد يكونون على أتم استعداد مهما طالت الحرب؛ فيما تعب مشوار الصهاينة فهاهم زهاء تسعمئة ضابط صهيوني يقدِّمون طلب عدم تجديد خدمتهم مع الجيش الصهيوني المنتحر بأهداف طوباوية صدئة. أما قذائف "رجوم" فتذكرني بالآية الكريمة: " ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوماً للشياطين "؛ فإذا كانت النجوم رجوما لشياطين الجنِّ، فإن رجوم حماس تُحرِّق شياطين يهود ومن والاهم، وسامحوني إن تعديت على اختصاصكما في الشريعة فأنا مهندس ولكنني هكذا ارتأيت، ثم نفث نفثة دخانية سوداء عقيمة!

-فجعل زكريا يبدد الدخان من حواليه؛ وهو يقول له: سامحك الله على هذا الحرام الذي تشرب، ثم تابع لقد تبين أن أسلحة المقاومة نوعية وهادفة، وأن مهندسي الأسلحة لديهم متخصصون، ولعلكم تذكرون الأستاذ الدكتور الشهيد جمال الزبدة الذي اغتيل في معركة "سيف القدس" سنة 2021 مع ابنه المهندس؛ وكانا مصمميْن للصواريخ الحماسية بعيدة المدى!

-فقال منير؛ وهو يبتسم بسمة الرضا لله تعالى: لقد ألقت إسرائيل اللقيطة على غزة أكثر من 79 ألف طن من المتفجرات، وها هو اليوم 270 من عمر المعركة يتثاءب؛ مؤْذناً بدخول المعركة شهرها العاشر المجيد الجميل، ولم تلن عزائمهم، ولم يحنوا الجباه إلا لله ... وما فتئوا من كل نفق وخندق في الأرضين السابعة: ينسلون!!

-فقال منعمٌ؛ وقد فتح على موقع ويكيبيديا الشجاع ليقرأ عليهما شيئاً من تاريخ غزة:

غَزَّة:

 مدينة ساحلية فلسطينية، وأكبر مدن قطاع غزة وتقع في شماله، في الطرف الجنوبي للساحل الشرقي من البحر المتوسط. تبعد عن مدينة القدس مسافة 78 كم إلى الجنوب الغربي، وهي مركز محافظة غزة إداريًا وأكبر مدن السلطة الفلسطينية من حيث تعداد السكان، حيث بلغ عدد سكان مدينة غزة 2،141،000 نسمة في عام 2023م، ما يجعلها أكبر تجمع للفلسطينيين في فلسطين. تبلغ مساحتها 56 كم2، مما يجعلها من أكثر المدن كثافة بالسكان في العالم .تعتبر مدينة غزة من أهم المدن الفلسطينية؛ لأهمية موقعها الإستراتيجي والأهمية الاقتصادية والعمرانية للمدينة، بالإضافة إلى كونها المقر المؤقت للسلطة الوطنية الفلسطينية، ووجود الكثير من مقراتها ووزارتها فيها. أسس المدينة الكنعانيون في القرن الخامس عشر قبل الميلاد، احتلها الكثير من الغزاة كالفراعنة والإغريق والرومان والبيزنطيون والعثمانيون والإنجليز وغيرهم. في عام 635م دخل المسلمون العرب المدينة وأصبحت مركزاً إسلامياً مهماً. يوجد بها قبر هاشم بن عبد مناف الجد الثاني للنبي محمد بن عبد الله، لذلك تُسمى أيضاً غزة هاشم، كما أنها مسقط رأس الإمام الشافعي الذي ولد عام 767م وهو أحد أئمة المذاهب الأربعة عند المسلمين السنة. في التاريخ المعاصر، سقطت غزة في أيدي القوات البريطانية أثناء الحرب العالمية الأولى، وأصبحت جزءاً من الانتداب البريطاني على فلسطين. ونتيجة للحرب العربية الإسرائيلية عام 1948م، تولت مصر إدارة أراضي قطاع غزة وأجرت عدة تحسينات على المدينة. احتلت إسرائيل قطاع غزة عام 1967م عام النكسة، وبعد اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل عام 1993م، بموجب اتفاق غزة أريحا الموقَّع في 4 مايو عام 1994م انتقلت السلطة المدنية إلى سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني. بعد انتخابات عام 2006م اندلع قتال بين حركة فتح وحركة المقاومة الإسلامية حماس، حيث رفضت حركة فتح نقل السلطة في غزة إلى حركة حماس، ومنذ ذلك الحين وقعت غزة تحت الحصار من قبل إسرائيل ومصر. بعد الثورة المصرية في 25 يناير 2011م، فتحت مصر معبر رفح من أجل التسهيل على مواطني غزة، مع أن هذا القرار لم يُشكِّل فارقاً كبيراً.الأنشطة الاقتصادية الأولية في قطاع غزة هي الصناعات الصغيرة والزراعة والعمل، ومع ذلك، فقد دُمر الاقتصاد من خلال الحصار الإسرائيلي والصراعات المتكررة.

الحكم الإسلامي

في عام 635م حاصر المسلمون غزة وسيطر عليها جيش الخلفاء الراشدين تحت قيادة عمرو بن العاص بعد معركة أجنادين بين الإمبراطورية البيزنطية والخلافة الراشدة في وسط فلسطين. وكان وصول العرب المسلمين قد جلب تغييرات جذرية على غزة، في البداية تم تحويل بعض الكنائس إلى مساجد، بما في ذلك المسجد الكبير الحالي في قطاع غزة (الأقدم في المدينة)، كما أن شريحة كبيرة من السكان اعتنقت الإسلام، وأصبحت اللغة العربية هي اللغة الرسمية.

وتعتبر المدينة مسقط رأس الشافعي (767) الذي هو أحد الأئمة الأربعة عند المسلمين السنة. والذي عاش طفولته المبكرة هناك. وكان الشافعي قد أسس فلسفة إسلامية سنية في الفقه، وسُمي المذهب الشافعي تكريما له. وعلى الرغم من حظر الكحول في الإسلام، سمح للجاليات اليهودية والمسيحية للحفاظ على إنتاج النبيذ والعنب، وهو محصول نقدي رئيسي في المدينة، وكانت أساسا للتصدير إلى مصر. لأنه تحدها الصحراء، وكانت غزة عرضة لقتال جماعات البدو.

في 796م دمرت غزة خلال حرب أهلية بين القبائل العربية في المنطقة. ومع ذلك، تم إعادة بناء المدينة من قبل الخلافة العربية الثالثة التي يحكمها العباسيون. وقد وصف الجغرافي العربي المقدسي غزة في 977م حين كان يحكمها الفاطميون «بأنها بلدة كبيرة تقع على الطريق الرئيسي لمصر على الحدود مع الصحراء.» وقد كان في تلك الفترة اتفاق مع السلاجقة، تم بموجبه سيطرة الفاطميين على غزة والأراضي الواقعة جنوبها، بما في ذلك مصر.

الصليبيون والمماليك

احتل الصليبيون الأوروبيون المدينة من الفاطميين في عام 1100م، وقام الملك بلدوين الثالث ببناء القلعة التي استخدمها فرسان الهيكل في غزة في عام 1149. كما تحول الجامع الكبير إلى كاتدرائية القديس يوحنا. في 1154، كتب الرحالة العربي الإدريسي عن غزة المدينة اليوم من حيث عدد السكان كبيرة للغاية، وهي في أيدي الصليبيين.

في 1187م قامت القوات الأيوبية، بقيادة صلاح الدين الأيوبي، بالسيطرة على غزة ودمرت تحصينات في وقت لاحق في المدينة في 1191. وقد أمر ريتشارد قلب الأسد بتدعيم المدينة مرة أخري في 1192، لكن تم تفكيك الجدران مرة أخرى نتيجة لمعاهدة الرملة المتفق عليها في 1193. ولقد استمرت الفترة الأيوبية حتى 1260، بعد تدمير المدينة تماما على يد المغول تحت قيادة هولاكو، حيث أصبحت غزة أبعد نقطة إلى جنوب يتقدم إليها الجيش المغولي.

بعد تدمير غزة على يد المغول، بدأ الجنود المماليك بإدارة المنطقة في عام 1277م. وقد جعل المماليك غزة عاصمة المحافظة التي تحمل اسمها «حاكمية قطاع غزة». هذه منطقة تمتد على طول السهل الساحلي من مدينة رفح في الجنوب إلى الشمال مباشرة من قيسارية، وإلى الشرق. بقدر ما المرتفعات الغربية وتلال الخليل المدن الرئيسية الأخرى في المحافظة وشملت اللد والرملة. وقد استخدم غزة التي دخلت فترة من الهدوء خلال الفترة المملوكية بها كموقع في هجماتهم ضد الصليبيين التي انتهت في 1290. في عام 1294م وقوع زلزال دمر غزة، وبعد مرور خمس سنوات دمر المغول مرة أخرى كل ما استعيد من قبل المماليك. وقد وصف الجغرافي الدمشقي (الذي توفي عام 1327) غزة باعتبارها «مدينة كثيرة الشجر، كسماط ممدود لجيش الإسلام في أبواب الرمل ولكل صادر ووارد إلى الديار المصرية والشامية.» وفي 1348 انتشر وباء الطاعون في المدينة، مما أسفر عن مقتل غالبية سكانها. كما عانى قطاع غزة من الفيضانات المدمرة في عام 1352، والتي كانت نادرة في ذلك الجزء القاحل من بلاد الشام الجنوبية.

إلا أن الرحالة العربي والكاتب ابن بطوطة عندما زار المدينة في 1355، كتب عنها أنها كبيرة ومزدحمة بالسكان، وفيها العديد من المساجد». وقد ساهم المماليك في الهندسة المعمارية في غزة عن طريق بناء المساجد والمدارس الإسلامية، والمستشفيات، والحمامات العامة. كما سمحوا لليهود بالعودة إلى المدينة، وقد شهد العصر المملوكي ازدهار المجتمع اليهودي في المدينة. في 1481 كتب الرحالة "موشلام" إنها أرض جيدة، ذات أشجار فاكهة وثمار والتي هي من نوعية ممتازة، وهناك الخبز والخمر، والذي هو من صنع اليهود فقط، وفيها عدد كبير من السكان، هناك 70 عائلة يهودية 4 عائلات سامرية». في نهاية العصر المملوكي كانت الطائفة اليهودية في غزة ثالث أكبر جالية يهودية في فلسطين، بعد صفد والقدس.وقد بنى المماليك واحدا من أهم المعالم في غزة، وهو قصر الباشا، الذي كان يُستخدم لحكم المدينة وإدارتها. ويقع القصر في البلدة القديمة وهو اليوم مدرسة للبنات، بالقرب من مقبرة حرب الكومنولث، غالبًا ما يشار إليها بمقبرة الحرب البريطانية، والتي تحتوي على قبور جنود الحلفاء الذين سقطوا في الحرب العالمية الأولى وهي في حي التفاح.

العهد العثماني

دخلت المدينة تحت حكم الخلافة العثمانية الإسلامية في القرن السادس عشر وبقيت تحت حكمهم حتى سنة 1917 عندما استولت عليها القوات البريطانية خلال الحرب العالمية الأولى بعد ثلاثة معارك ضارية راح ضحيتها الآلاف من كلا الجانبين. وكانت غزة تتبع متصرفية القدس العثمانية، والتي كانت تتبع مباشرة للباب العالي دون أن تتبع أيا من الولايات. وكانت المتصرفية تضم بالإضافة إلى قضاء غزة، كل من أقضية يافا وبئر السبع والخليل. وقد حافظت متصرفية القدس حتى أواخر العهد العثماني- باستثناء الفترة من 1906 حتى 1909 عندما ضم إليها قضاء الناصرة- على حدودها.

يذكر أنه في الحرب العالمية الأولى عندما صمد لواء واحد من الجيش العثماني مؤلف من أقل من ثلاثة آلف جندي فلسطيني في وجه فرقتين بريطانيتين أمام غزة وكبدهم خسائر فادحة وأرغمهما على التقهقر حتى العريش عام 1917 م، أصدر أحمد جمال باشا القائد التركي الذي اشتهر بخصومته للعرب، بيانا رسميا أشاد فيه بالشجاعة الفذة التي أبداها أولئك الجنود الفلسطينيون في غزة أمام أضعاف أضعافهم من جنود الأعداء، وأنها بسالة خارقة تذكر بالشجاعة التي أبداها آباؤهم من قبل عندما حموا هذه البقاع المقدسة بقيادة صلاح الدين الأيوبي.

العصر الحديث/ الانتداب البريطاني

في عام 1917، سقطت غزة بيد الجيش الإنجليزي، ودخلت المدينة مع باقي مدن فلسطين مظلة الانتداب البريطاني على فلسطين عام 1920، وأصبحت غزة مركزا لقضاء غزة في تلك الفترة حتى وقوع النكبة، أصبحت جزءا من فلسطين في فترة الانتداب البريطاني وتم إضافتها إلى الدولة الفلسطينية المقترحة عندما أصدرت الأمم المتحدة قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية عام 1947، ولكن قامت مصر بدخول المدينة عام 1948 وفي فبراير عام 1949 وقعت كل من مصر وإسرائيل هدنة تقضي باحتفاظ مصر بالمدينة ولذلك كانت مأوى لكثير من اللاجئين الفلسطينيين عند خروجهم من ديارهم. وبقيت تحت الحكم المصري حتى حرب 1967.

قرار التقسيم

قامت هيئة الأمم المتحدة عام 1947 بمحاولة لإيجاد حل الصراع العربي الإسرائيلي القائم على فلسطين، وقامت هيئة الأمم بتشكيل لجنة UNSCOP المتألّفة من دول متعدّدة باستثناء الدّول دائمة العضوية لضمان الحياد في عملية إيجاد حلّ للنزاع.

قامت اللجنة بطرح مشروعين لحل النزاع، تمثّل المشروع الأول بإقامة دولتين مستقلّتين، وتُدار مدينة القدس من قِبل إدارة دولية. وتمثّل المشروع الثاني في تأسيس فيدرالية تضم كلا من الدولتين اليهودية والعربية. ومال معظم أفراد لجنة UNSCOP تجاه المشروع الأول والرامي لتأسيس دولتين مستقلّتين بإطار اقتصدي موحد. وقامت هيئة الأمم بقبول مشروع لجنة UNSCOP الدّاعي للتقسيم مع إجراء بعض التعديلات على الحدود المشتركة بين الدولتين، العربية واليهودية، على أن يسري قرار التقسيم في نفس اليوم الذي تنسحب فيه قوات الانتداب البريطاني من فلسطين.

أعطى قرار التقسيم 55% من أرض فلسطين للدولة اليهودية، وشملت حصّة اليهود من أرض فلسطين على وسط الشريط البحري من إسدود إلى حيفا تقريبا، ما عدا مدينة يافا وأغلبية مساحة صحراء النقب ما عدا مدينة بئر السبع وشريط على الحدود المصرية. ولم تكن صحراء النّقب في ذاك الوقت صالحة للزراعة ولا للتطوير المدني، واستند مشروع تقسيم الأرض الفلسطينية على أماكن تواجد التّكتّلات اليهودية بحيث تبقى تلك التكتّلات داخل حدود الدولة اليهودية .وكانت غزة في ذلك الوقت مركزا لقضاء غزة، التي تم إلحاقها بالدولة العربية المُقترحة.

حكومة عموم فلسطين

هي حكومة تشكلت في غزة في 23 سبتمبر 1948 [47] وذلك خلال حرب 1948 برئاسة أحمد حلمي عبد الباقي. نشأت فكرت تكوينها عندما أعلنت بريطانيا عن نيتها التخلي عن انتدابها على فلسطين وأحالت قضيتها إلى الأمم المتحدة. أدركت القيادة الفلسطينية عندئذ، ممثلة آنذاك بالهيئة العربية العليا لفلسطين بزعامة الحاج أمين الحسيني، أهمية التهيؤ لهذا الحدث واستباقه بإيجاد إطار دستوري يملأ الفراغ الذي سوف ينجم عن انتهاء الانتداب البريطاني وكان هذا الإطار هو إقامة حكومة عربية فلسطينية.

كان قبل ذلك فولك برنادوت قد أعلن في تقرير له في 16 سبتمبر 1948 أن العرب لم يبدوا أي رغبة في تشكيل حكومة في القسم العربي من فلسطين مما قد يؤدي إلى ضمه إلى شرق الأردن. وقد قوبل إعلان هذه الحكومة بالرفض من عدة أنظمة عربية هي الأردن والعراق ومصر. وظل تمثيلها شكليا لفلسطين في الجامعة العربية لعدة سنوات قبل انهيارها.

الحكم المصري

بعد حرب 1948، أُلحقت المدينة مع كامل قطاع غزة بمصر، حيث بقت تحت الحكم المصري حتى حرب 1967.

في فترة العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956 قامت إسرائيل باحتلال المدينة والسيطرة على شبه جزيرة سيناء المصرية، لكن الضغط العالمي على إسرائيل اضطرها للانسحاب منها.

حيث حدث في ربيع 1956 عدّة اصطدامات عسكرية بين مصر وإسرائيل حدثت في قطاع غزة. إسرائيل اتّهمت مصر باستعمال المنطقة كقاعدة للغارات الفدائية على إسرائيل. في أكتوبر/تشرين الأول 1956، هاجمت إسرائيل منطقة قناة السويس في مصر بالتعاون مع فرنسا وبريطانيا، استولت القوّات الإسرائيلية على قطاع غزة وتقدّمت إلى سيناء.

في مارس/آذار التالي حلّت قوة طوارئ الأمم المتّحدة محل القوات الإسرائيلية، ومصر استعادت السيطرة على الإدارة المدنية للشريط. وأعيد احتلال المدينة في حرب الستة أيام 5 يونيو 1967 - 10 يونيو 1967.

النكسة

سقطت المدينة في يد إسرائيل بعد عام 1967، لتظل تحت الاحتلال لمدة 27 سنة وتعاني من الإهمال الإسرائيلي لها كباقي المدن العربية الفلسطينية المحتلة. وقد صادرت سلطات الاحتلال مساحات شائعة من أراضي غزة وأقامت عليها العديد من المستوطنات.

كانت مساحة المستوطنات الإسرائيلية في قطاع غزة تبلغ 155 كيلومترا مربعاً تقريباً، وبالنسبة للكتلة المحيطة بمدينة غزة، وهي الكتلة الشمالية، فتتوزع المستوطنات التي تتصل بإسرائيل عبر طرق عرضية تضمن لها سهولة الاتصال، تضم:

  • مستوطنة إيرز: أنشئت عام 1968 م على الحدود الشمالية لقطاع غزة مباشرة.
  • مستوطنة إيلي سيناي: تقع على بعد 1 كم إلى الشرق من شاطئ البحر ملاصقة تماما لحدود قطاع غزة الشمالية، وهي مستوطنة زارعية أنشئت عام 1983 لاستيعاب عددا من المستوطنين الذين تم إجلاؤهم من سيناء في أعقاب اتفاقية السلام المصرية ـ الإسرائيلية.
  • مستوطنة نيسانيت: تقع على بعد 5 كم إلى الشرق من شاطئ البحر، فهي من المستوطنات الزراعية أيضاً أنشئت عام 1982 لتستوعب أعدادا من المستوطنين الذين تم إجلاؤهم من سيناء.
  • مستوطنة نتساريم: أنشئت عام 1972 م لتقسم قطاع غزة إلى قسمين شمالي وجنوبي، فهي تقع على بعد 1 كم إلى الشرق من شاطئ البحر، وعلى بعد 1 كم إلى الغرب من الطريق الرئيس، وعلى بعد 4 كم جنوب غزة، ونظرا لاتساع مساحة هذه المستوطنة، وموقعها المتميز جنوبي مدينة غزة، والمشاكل الناجمة عن هذه المستوطنة، جعلت منها كتلة استيطانية قائمة بذاتها.

في عام 1987، انخرط سكان مدينة غزة بوقت مبكر في الانتفاضة الفلسطينية الأولى. وكانت القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة، تقوم بتوزيع النشرات الأسبوعية في شوارع غزة مع جدول زمني للإضراب المتصاحب مع الاحتجاجات اليومية ضد الدوريات الإسرائيلية في المدينة. وفي المظاهرات، تم أحراق الإطارات في الشوارع، كما ألقى الحشود الحجارة والزجاجات الحارقة على جنود الاحتلال. ورد الجيش الإسرائيلي بالغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي. وأغلقت المدارس في مدينة غزة قسرا، وفتحت تدريجيا لبضع ساعات. ونفذت الاعتقالات خارج البيوت، وفرض حظر التجول ومنع السفر، ما اعتبره الفلسطينيون بأنه عقاب جماعي. ردا على إغلاق المدارس، وتنظيم دورات تعليم سكان المنزل لمساعدة الطلاب على استدراك المادة الفائتة، وهذا أصبح واحدا من الرموز القليلة من العصيان المدني.

يشار بالذكر إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلية قد انسحبت من قطاع غزة في 15 آب / أغسطس 2005 وذلك بقرار من رئيس الوزراء الإسرائيلي أريئيل شارون بعد إنشاءها منذ 38 عاما، تم بعدها تفكيك 21 مستوطنة بقطاع غزة و4 مستوطنات بالضفة الغربية.

السلطة الفلسطينية

بقيت المدينة تحت الاحتلال الإسرائيلي حتى عام 1994، حيث أنه في سبتمبر 1993، بعد مُفاوضات سرية، وقّع كل من رئيس وزراء إسرائيل إسحاق رابين ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات اتفاقية إعلان مبادئ التي تقر انسحاب إسرائيل من قطاع غزة ومناطق أخرى، وتحويل إدارة الحكومة المحلية للفلسطينيين، وفي مايو 1994، انسحبت القوات الإسرائيلية من المدينة ومن القطاع بشكل جزئي تاركة عدة مستوطنات لها تحت إمرة الجيش الإسرائيلي في عمق القطاع، وتولت بموجب اتفاقية أوسلو السلطة الوطنية الفلسطينية إدارة المدينة بعد أن كانت تتخذها قوات الجيش الإسرائيلي مقرًا لها أثناء احتلال قطاع غزة ما بين 1967 و1994، وأصبحت منطقة قطاع غزة جُزئيًا تحت حكم السلطة الفلسطينية، إلا أن قطاع غزة ظل فعليًا تحت الاحتلال الإسرائيلي إلى أن انسحبت إسرائيل بالكامل من أراضي قطاع غزة في 15 أغسطس 2005 بأوامر من رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتها أريئيل شارون وأبقت على حصارها برًا وبحرًا وجوًا.

بعد فوز حركة حماس بعدد كبير من مقاعد البرلمان الفلسطيني في الانتخابات اندلعت العديد من المناوشات المتفرقة بين عناصر من حركتي فتح وحماس ووصل الأمر ذروته في منتصف يونيو من عام 2007 حيث قامت حركة حماس بالسيطرة على كامل قطاع غزة والمؤسسات الأمنية والحكومية فيه.

وفي نهاية عام 2008 وبداية عام 2009 وتحديدا بدءا من 27 ديسمبر 2008، بدأت إسرائيل حرب عدوانية شرسة على قطاع غزة بدأت بالقصف الجوي العنيف لجميع مقرات الشرطة الفلسطينية ثم تتالى القصف لمدة أسبوع للمنازل والمساجد وحتى المستشفيات وبعد أسبوع بدأت بالزحف البري إلى الأماكن المفتوحة في حملة عسكرية عدوانية غاشمة كان هدفها حسب ما أعلن قادة الاحتلال الصهيوني هو إنهاء حكم حركة المقاومة الإسلامية حماس، والقضاء على المقاومة الفلسطينية لا سيما إطلاق الصواريخ محلية الصنع مثل صاروخ القسام أو صواريخ روسية أو صينية مثل صاروخ غراد التي وصل مداها خلال الحرب إلى 50 كم، واستُخدمت القوات الصهيونية الأسلحة والقذائف المحرمة دوليًا مثل القنابل الفسفورية المسرطنة والقنابل آجلة التفجير وغيرها.

حاصرت القوات الإسرائيلية قطاع غزة، وقطعت عنها الكهرباء والوقود، وحرمت المرضى من الأدوية، ومنعت الدول العربية المُجاورة من إدخال الوقود إلى القطاع، وما زال الحصار مفروضًا على القطاع حتى الآن، وقد قتل كثير من الفلسطينيين من جراء الاشتباكات والتوغلات الإسرائيلية في القطاع، لا سيما حين قصفت مخيم جباليا شمالي قطاع غزة بالصواريخ وتوغلت فيه.

نزح كثير من الفلسطينيين إلى معبر رفح آملين أن يدخلوا إلى الأراضي المصرية ليبحثوا عن السلام، لكن الإدارة المصرية منعت النازحين من الدخول إلى الأراضي المصرية، وقد كسر النازحون معبر رفح في شهر مارس ودخلوا إلى الأراضي المصرية وما زالوا يعانون من آثار الحصار إلى الآن.

وتحاول منظمات إنسانية دولية كسر الحصار المفروض على غزة من خلال إرسال سفن بها عدد من النشطاء، محملة بالمساعدات الإنسانية، إلا أن إسرائيل تمنع وصول تلك السفن، ومن تلك المحاولات أسطول الحرية عام 2010،  وما تعرض له من هجوم عسكري إسرائيلي.

في نوفمبر 2012، أقدمت إسرائيل على الهجوم على غزة بقصف عشوائي استهدف في بادئ الأمر أحد قيادي حماس، إلاّ إنه طال المدنيين بشكل رئيسي، ونتج عنه العشرات من الضحايا. وقد ردت المقاومة الفلسطينية بشكل غير مسبوق عبر قصفها لمدن في العمق الإسرائيلي كتل أبيب، وهرتسيليا وبئر السبع بعشرات الصواريخ.

في صيف 2014، شنت إسرائيل حربا أخرى على غزة، فبدءا من يوم 8 يوليو 2014 بدأ الجيش الإسرائيلي عملية الجرف الصامد وردت كتائب عز الدين القسام بمعركة العصف المأكول  وردت حركة الجهاد الإسلامي بعملية البنيان المرصوص وذلك بعد موجة عنف تفجرت مع خطف وتعذيب وحرق الطفل محمد أبو خضير من شعفاط على أيدي مجموعة مستوطنين في 2 يوليو 2014، وإعادة اعتقال العشرات من محرري صفقة "شاليط"، وأعقبها احتجاجات واسعة في القدس وداخل عرب 48 وكذلك مناطق الضفة الغربية، واشتدت وتيرتها بعد أن دهس إسرائيلي اثنين من العمال العرب قرب حيفا، وتخلل التصعيد قصف متبادل بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة. تخلل هذه الحرب عدة عمليات عسكرية مثل عملية ناحل عوز وعملية العاشر من رمضان.

الجغرافيا

يقع وسط غزة على تلة بارتفاع 45 قدما (14 متر) فوق مستوى البحر.[66] بُنيت جزء كبير من المدينة الحديثة على طول السهل أسفل التل، وخصوصا في الشمال والشرق، وتشكّل ضواحي غزة. يقع كل من شاطئ وميناء غزة على بعد 3 كم (1,9 ميل) عن مركز مدينة غزة. تبعد مدينة غزة 78 كيلومترًا (48 ميل) إلى الجنوب الغربي من القدس، و 71 كيلومترًا (44 ميل) جنوب تل أبيب، [67] وعلى بعد 30 كيلومترًا (19 ميل) شمال مدينة رفح. مواقع محيطة تشمل بيت لاهيا وبيت حانون، وجباليا إلى الشمال، وقرية أبو مدين، ومخيم البريج ومخيم النصيرات ومدينة دير البلح إلى الجنوب.

تبلغ مساحة الأراضي التابعة للبلدية ما يُقارب 45 كم مربع (17 ميل مربع).[70] في الانتداب البريطاني، شكلت المناطق الحضرية (المبنية) ما يقارب 7,960 كيلو متر مربع (3070 ميل مربع) أما المناطق الريفية شكلت 143,063 كيلو متر مربع (55,237 ميل مربع). بلغت مساحة الأراضي المروية 24,040 كم مربع (9,280 ميل مربع) والأراضي المزروعة بالحبوب حيث بلغت مساحتها 117,899 كم مربع (45,521 ميل مربع). يعتمد سكان غزة على المياه الجوفية كمصدر وحيد للشرب والاستخدام الزراعي والمنزلي. يعد وادي غزة أقرب جدول مائي جنوبا. والذي يحتوي على كمية قليلة من الماء في الشتاء أما صيفا فيكاد لا يحتوي على ماء. يتم تحويل معظم إمدادات المياه فيها إلى إسرائيل. المياه الجوفية على طول ساحل قطاع غزة هو الخزان الرئيسي للماء في قطاع غزة وتتكون معظمها من الحجر الرملي العصر الجليدي. مثل معظم قطاع غزة، مغطى غزة بتراب رباعي. المعادن الطينية في التربة تمتص الكثير من المواد الكيميائية العضوية وغير العضوية والتي قد خففت جزئيًا مدى تلوث المياه الجوفية. تلة معروفة في جنوب شرق غزة تسمى (المنطار) وهو ذات ارتفاع 270 قدم (82 م) فوق مستوى سطح البحر.

مناطق المدينة

تشكل البلدة القديمة جزء رئيسي من نواة غزة. وتتكون من حي الدرج في الشمال (المعروف أيضًا باسم الحي مسلم) وحي الزيتون في الجنوب. تعود مُعظم المباني إلى العصر المملوكي أو العصر العثماني وبُنيت على بعض المباني القديمة. وتبلغ مساحة البلدة القديمة حوالي 1,6 كيلومتر مربع (0.62 ميل مربع). تتكون غزة من 11 حي يقع حي الدرج وحي الصبرة ما بين حي الرمال والبلدة القديمة.

  • حي الشجاعية: من أكبر أحياء مدينة غزة، وينقسم إلى قسمين الشجاعية الجنوبية (التركمان) والشجاعية الشمالية (الجديدة)، بُنى خلال عهد الأيوبيين، يسكنه أكثر من 300 ألف نسمة، ويعمل معظم سكانه بصناعات خفيفة مثل الخياطة والزراعة وغيرها كما أنه يمتاز بأنه منطقة تجارية فيها كل الأشكال التجارية والورش، به مقبرتان القديمة، ومقبرة الشهداء، وبه أكبر منطقة صناعية في غزة، وبه معبر المنطار التجاري. وقد شهد هذا الحي العديد من الاجتياحات الإسرائيلية.
  • حي التفاح : تعود هذه التسمية لكثرة أشجار التفاح التي كانت تنتشر في هذا الحي وهو من الأحياء القديمة بمدينة غزة.
  • حي الرمال : ويعتبر من أرقى أحياء مدينة غزة وأكبرها مساحة بُني في ثلاثينيات وأربعينيات القرن 20، وينقسم إلي الرمال الشمالي والجنوبي. ويمتد الشمالي منه من بداية حي الشيخ رضوان (الشارع الأول) إلى شارع المختار والرمال الجنوبي من شارع عمر المختار إلى بداية حي تل الهوى.
  • حي النصر : سُمي الحي بالنصر احترامًا للجمال عبد الناصر الذي بُني في خمسينيات القرن 20.
  • حي الزيتون: سمي بذلك لكثرة أشجار الزيتون المزروعة فيه، ولكن تم اقتلاع وتجريف الكثير منها خلال انتفاضة الأقصى وبخاصة في الحرب الأخيرة من قبل الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة بتاريخ 27/12/2008 م، ويعتبر حي الزيتون أحد أكبر أحياء مدينة غزة، حيث يقطنه أكثر من 100 ألف نسمة.
  • حي الدرج: وكان يسمى سابقاً «حي بني عامر» نسبة لقبيلة بني عامر العربية التي سكنته مع بداية الفتح الإسلامي ثم حي «البرجلية» نسبة للمحاربين المدافعين عن أبراج المدينة في العصر المملوكي.
  • حي الصبرة: من أحياء غزة القديمة نسبيًا ويقع بعد شارع الثلاثيني.
  • حي الشيخ رضوان: يمتد من الشارع الأول إلى الشارع الثالث شمالاً ومن شارع النصر غرباً ومن قرية جباليا النزلة شرقاً ويقع الحي على بعد 3 كيلومتر (1.9 ميل) شمال البلدة القديمة.
  • حي تل الهوى: وهو أحد الأحياء الجديدة وبرزت فيه العمارة بعد قدوم السلطة الفلسطينية إلى غزة حيث أقيمت أغلب المؤسسات الحكومية في هذا الحي، وعند قدوم حكومة حركة المقاومة الإسلامية حماس عن طريق الانتخابات قامت بتسميته بتل الإسلام، لكن لم تنجح في ذلك، وبقي الناس ينادوه بتل الهوى.
  • حي الشيخ عجلين: هو حي يقع في جنوب مدينة غزة بالقرب من الطريق الساحلي. في 18 نوفمبر 2002، هاجمت قوات الدفاع الإسرائيلية الحي، ودمّرت مكاتب جهاز الأمن الوقائي التابع للسلطة الوطنية الفلسطينية.

المخيمات

  • مخيم جباليا: يقع شمال مدينة غزة ويعتبر أكبر المخيمات ولكنه يتبع لمحافظة شمال غزة وليس لمحافظة غزة.
  • مخيم الشاطئ : يقع غرب المدينة مقابلاً للساحل.
  • مخيم النصيرات : يقع على بعد 8 كم جنوب مدينة غزة وعلى بعد 6 كم شمال بلدة دير البلح ويقع المخيم في وسط قطاع غزة

المناخ

تمتاز غزة بمناخ متوسطي وشتاء معتدل جاف، والصيف حار ساخن. يبدأ فصل الربيع في شهر مارس أبريل وأكثر الشهور حرارة يوليو وأغسطس. أما متوسط ارتفاع درجات الحرارة يبلغ 33 سلسيوس (91 درجة فهرنهايت). ويعد شهر يناير أبرد شهور السنة متوسط الدرجات الحرارة المنخفضة يبلغ 7 سلسيوس (45 درجة فهرنهايت). الأمطار شحيحة وتهطل بين شهري نوفمبر ومارس، ويبلغ معدل الأمطار السنوية قرابة (116 ملم).[83] وتهب الرياح على المدينة من الناحية الجنوبية الغربية. يصل أعلى معدل لسرعة الرياح في الشتاء إلى 60 كم في الساعة (نحو 7.3 عقدة/ساعة)، وأعلى سرعة للرياح في كامل السنة هي في شهر يناير بنحو 7.6 عقدة/ساعة، وقد ترجع هذه السرعة إلى مرور المنخفضات الجوية التي عادة ما تصاحبها رياح شديدة. تبلغ سرعة الرياح أدنى معدلاتها في فصل الصيف، فيبلغ المتوسط الفصلي حوالي 5 عقدة/ساعة، وينخفض متوسط سرعة الرياح في فصل الربيع عما هو في فصل الشتاء ليبلغ 6.7 عقدة/ساعة، وتقل سرعة الرياح في الخريف عن فصل الشتاء والربيع بينما تزيد عن فصل الصيف إذ تبلغ 5.6 عقدة/ساعة.

السكان

وفقا للإحصاءات العثمانية في عام 1557، كان عدد الذكور 2477.[96] حسب الإحصائيات عام 1596 أظهرت أن عدد المسلمين كان كالتالي (456 أسرة، 115 عزاب، 59 شخص ديني و19 شخص من ذو الاحتياجات الخاصة). أضف إلى أعداد المسلمين، كان عدد الجنود العثمانيون 119 جندي. أما المسيحين كان عدد الأسر 294 أسرة و7 أشخاص عزاب، بينما كان عدد الأسر اليهودية ما يقارب 73 أسرة و8 أسر من السامريون. في المجموع، بلغ عدد سكان غزة 6,000 نسمة وكانت في المركز الثالث كبراً من حيث عدد السكان في فلسطين العثمانية بعد القدس وصفد.

في عام 1838، كان عدد المسلمين 4,000 نسمة و 100 من المسيحيين (دافعين للضرائب مقابل حمايتهم) وبالتالي بلغ عدد السكان النهائي 15,000 أو 16,000 نسمة وأصبحت أكبر من القدس من حيث عدد السكان في ذلك الوقت. العدد الكامل للأسر المسيحية بلغ 57 أسرة. قبل الحرب العالمية الأولى بلغ عدد سكان غزة حوالي 42,000 نسمة، وأدى القتال ما بين القوات العثمانية والألمانية وقوات التحالف إلى انخفاض أعداد سكان غزة.

حسب الإحصائيات عام 1997، من قبل الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني بلغ عدد سكان غزة مع مخيم الشاطئ 353,115 منهم 50,9% ذكور و49,1% إناث. تمتاز غزة بكثرة الشباب بنسبة 60,8% وتتراوح أعمارهم ما بين (0-19 سنة). 28,8% من السكان تتراوح أعمارهم (20-44 سنة)، 7,7% ما بين (45-64 سنة)، وبلغت نسبة الذين تجاوزت أعمارهم 64 عام 3,9%. ...بلغ عدد سكان غزة 590,400 نسمة. سكان مدينة غزة وفلسطين عامة ينحدرون من أصول سامية، وكجميع سكان البحر الأبيض المتوسط لهم ملامح عربية سمراء ومتنوعة لا تخلو من تأثيرات متوسطية.

الدين

ينتمي معظم سكان غزة إلى الدين الإسلامي السني. عندما كانت غزة تتبع الدولة الفاطمية، كان الشيعة مسيطرين على غزة، ولكن بعدما استرجعها القائد صلاح الدين الأيوبي رقي بالنهج السني بصرامة دينية وتعليمية، مما كان له دور في توحيد جنوده العربي والترك.

توجد أقلية صغيرة من المسيحيين الفلسطينيين حوالي 3,500 نسمة تعيش في المدينة. وغالبية من المسيحيين تعيش في غزة في حي الزيتون في المدينة القديمة، وينتمون إلى الأرثوذكسية الشرقية من القدس، والروم الكاثوليك، والطوائف المعمدانية.[100] في عام 1906، لم يكن هناك سوى 750 مسيحي، منهم 700 شخص يتبعون الأرثوذكسية و50 يتبعون الكنيسة الرومانية الكاثوليكية. استوطن اليهود غزة منذ زمن، في أسرة يهودية تعيش في غزة  غادر معظمهم من قطاع غزة بعد الثورة الفلسطينية 1929، حينما تكون مجتمعهم من خمسين أسرة. في إحصائيات سامي هداوي للأراضي والسكان، كان عدد سكان غزة 34,250 نسمة، في عام 1945. غادر معظمهم من المدينة بعد حرب عام 1948، وذلك بسبب انعدام الثقة المتبادلة بينهم وبين الأغلبية العربية.

تحتوي غزة على العديد من مباني العبادة القديمة من أبرزها الجامع العمري، كنيسة القديس برفيريوس ومسجد السيد هاشم حيث يرقد قبر جد الرسول محمد.

الاقتصاد

سوق في غزة

كانت المدينة ولا زالت مركزًا مُهمًا من حيث موقعها الإستراتيجي بين القارتين الآسيوية والإفريقية ووقوعها على شاطئ البحر الأبيض المتوسط الذي يجعل منها ميناء مهما للتجارة وأعمال الصيد، ولكن صعوبة نقل البضائع عبر المعابر مع إسرائيل وعدم سلاسة النقل مع مصر يجعل حجم التبادل التجاري ضئيلًا مع الحجم المفترض بسبب الموقع الجغرافي. نما الاقتصاد في غزة بنسبة 8% في الأشهر ال 11 الأولى من عام 2010، وبنسبة 5.4% في عام 2009، والنشاط الاقتصادي مدعوم إلى حد كبير من خلال التبرعات والمساعدات الخارجية، والذي يعتبر السبب الرئيسي وراء النمو الذي حدث مؤخرا.[103] غزة مثلها كمثل أي مدينة فلسطينية لا تملك عملة وطنية، ويُستخدم الدينار الأردني والدولار الأمريكي والشيكل الإسرائيلي. ويبلغ معدل الناتج المحلي للفرد 1,763 دولار أمريكي (طبـقًا لإحصائية 1997).

بعد اتفاق أوسلو، تم توظيف الآلاف من السكان في مختلف الوزارات والأجهزة الأمنية، في حين قامت وكالة الغوث والمنظمات الدولية المختلفة التي تدعم تطوير المدينة بتوظيف آخرين. يوجد في غزة نقص خطير في مجال الإسكان والمرافق التعليمية والمرافق الصحية والبنية التحتية وعدم كفاية نظام الصرف الصحي، وقد ساهمت كل منها بتهديد النظافة وإنشاء مشاكل في الصحة العامة. هُناك عدد من الفنادق في غزة، مثل فندق فلسطين والقصر الكبير وآدم والأمل والقدس وكليف والديرة وبيت مارنا. تقع الفنادق على طول حي الرمال باستثناء فندق فلسطين. لدى الأمم المتحدة نادي الشاطئ في الشارع نفسه. غزة ليست مقصد للسُياح، مُعظم الأجانب يقيمون في الفنادق وهم صحفيين وعمال الإغاثة والأمم المتحدة والعاملين في الصليب الأحمر. الفنادق الراقية تشمل فندق القدس والديرة.

ووفقًا لتقرير صدر مؤخرًا عن منظمة أوكسفام، تبلغ نسبة البطالة في غزة ما يقارب 40% ومن المُتوقع أن تصل إلى 50%. وقد دُمر القطاع الخاص الذي يؤمن بدوره 53% من جميع الوظائف في غزة، وقد أفلست الشركات، بالإضافة إلى أن 75,000 عامل من أصل 110,000 هم الآن من دون وظيفة. في عام 2008، تم تعليق 95% من العمليات الصناعية في غزة بسبب عدم وجود المواد الخام للإنتاج وعدم القُدرة على تصدير ما يُنتج. في يونيو 2005، بلغ عدد المصانع في غزة 3,900 مصنع التي تُوظف 35,000 شخص، ولكن بحلول ديسمبر 2007، لم يبقَ سوى 195 مصنعًا التي تُوظف 1,700 شخص. أُصيبت صناعة البناء والتشييد بالشلل مع عشرات الآلاف من العاطلين عن العمل. كما أُصيب القطاع الزراعي بأضرار جسيمة وقرابة 40,000 عاملًا لا يحصلون على أي دخل وكانوا يعتمدون على الزراعة كمحصول نقدي.

المعالم

الحصار

تعتبر أنفاق التهريب الواصلة للجانب المصري من الطرق الرئيسية لدخول السلع التجارية للتجار في غزة بالإضافة للأسلحة بعد الحصار.مبنى مدمر بعد القصف

تقوم السلطات الإسرائيلية بحصار قطاع غزة وبالتالي المدينة حصاراً كاملاً حيث تمنع السفر من وإلى غزة وتمنع عنها مواد البناء والمواد التموينية والأدوية والمحروقات بأنواعها، وقد دمر هذا الحصار الاقتصاد الغزاوي بشكل شبه كامل. وفي أوائل سنة 2009 بدأت إسرائيل في ضرب قطاع غزة كاملاً. وقد زعمت إسرائيل بأن حماس تهدد أمنها وسكانها.

ولكن الشعب الفلسطيني ولم يستسلم وإنما بادر بشق الأنفاق عند حدود الأراضي المصرية، وساعدت هذه الأنفاق بدخول جميع مستلزمات الحياة من مواد غذائية ومواد بناء وأسلحة وأجهزة كهربائية والسيارات. وبعد عام من شن إسرائيل الحرب على غزة قاموا بعقد عدة اتفاقيات وتهدئات ساهمت بتهدئة الوضع في قطاع غزة وفتح معبر رفح والسماح للمُسافرين بالدخول والخروج من المدينة ولكن بتنسيق من حُكومة حماس المُقالة والسلطة المصرية.

ما زال المواطن الفلسطيني يعاني من أزمة الغلاء المعيشي بالإضافة للمعونات التي تقدم للمواطنين فهي تقدم فقط لعائلات معينة وليس للجميع. ومع ذلك فإن سكان قطاع غزة يعيشون في نعيم أكثر من الضفة الغربية باستثناء تواصل انقطاع التيار الكهربائي بحجة عدم وجود الوقود.

مجزرة غزة

مجزرة غزة أو محرقة غزة هي عملية إسرائيلية جرت في قطاع غزة على مدار خمسة أيام في شهر فبراير 2008 بدعوى القضاء على عناصر حركة حماس المطلقة للصواريخ على الأراضي الإسرائيلية. وقد جاءت هذه التسمية بعد أن وصف وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك ما تفعله القوات الإسرائيلية في غزة بهولوكوست أو إبادة عرقية أو محرقة للفلسطينيين في قطاع غزة إثر مقتل جنديين إسرائيليين على يد عناصر من حركة حماس أثناء مقاوماتها للقوات الإسرائيلية؛ فتبنى التسمية عدد كبير من الكتاب والمفكرين والشخصيات السياسية والدينية العرب والمسلمين، حيث يرونها اسم مناسب للعملية، حيث راح ضحيتها 116 شخص من ضمنهم 26 طفلاً فضلاً عن غيرهم من المدنيين ما بين قتيل وجريح. وفي نفس اليوم الذي أعلنت فيه انتهاء العمليات العسكرية في غزة؛ أعلنت مصادر إسرائيلية أنها كانت مرحلة أولى، وأنه قد تكون هناك عمليات أخرى في القريب. العدوان شنته قوات الاحتلال منذ يوم 27 ديسمبر 2008 على قطاع غزة. وقد ذهب ضحية لهذا العدوان حتى اليوم العشرون ما يزيد على 5,000 مدني شهيد أكثرهم من النساء والأطفال وما يقارب الـ 8,000 جريح من المدنيين، ومعظم الجرحى أصبحوا عاجزين أما أهل غزة فقد ظلوا صابرين يواجهون أكبر ترسانة عسكرية بصُدور عارية وقُلوب ثابتة في مواجهة 10,000 طن من القنابل ألقُيت عليهم ومنها قنابل محرمة دوليًا.وقد شهدت فترة العدوان أكبر انتفاضة عالمية ضد المجزرة التي ترتكبها إسرائيل ضد أطفال ونساء وعجائز غزة، حيث عرضت وسائل الإعلام صوراً بشعه من غزة هزت العالم فنزلت الشعوب بمئات الألوف تبكي في الشوارع وتطالب بالتحرك لوقف العدوان والجرائم والمحارق والقنابل الإسرائيلية، وأصبحت غزة مدينة عالمية ورمزاً فلسطينياً كبيراً. وقام بعض الفنانين العربيين والعالميين بإبداء دعمهم وتأييدهم لنضال الغزاويين ومواساتهم في كارثتهم. ومنهم أول مغني أمريكي يغني لغزة وهو مايكل هارت.

وقد أعلن المسؤولون الإسرائيليون امتداد العمليات العسكرية «حسب الحاجة»، في الوقت الذي ما زالت فيه الدول العربية تتجادل فيما بينها على ضرورة عقد قمة عربية طارئة. علمًا بأن قطر نادت بعقد قمه عربية مُنذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزه لمُناصرة الشعب فيها. وجاء هذا مصاحبا مجهودات دولية تندد بالهجمات بوصفها هجمات همجية ووحشية وغير إنسانية البتة وقد قامت مظاهرات غاضبة في بلدان العالم تندد بالمجزرة. وبعد مرور 22 يوماً توقفت الحرب وانسحبت قوات الصهاينة مهزومة لأنها لم تحقق أهدافها. وخلفت وراءها أكثر من 5000 شهيد وأكثر من 8000 جريح وأكثر من 20000 منزل مدمر.

الجدار الفولاذي

القسم الذي بني تحت الأرض للجدار المصري الفولاذي بين مصر وقطاع غزة والذي يبلغ عمقه من 20 إلى 30 متراً ... في ديسمبر 2009، أعلنت مصر عزمها بناء الجدار الفولاذي تحت الأرض بين رفح المصرية وقطاع غزة يصل إلى عمق 30 مترًا وطول 10 كم، من أجل وقف تسلل الفلسطينيين وتهريب السلاح إلى الأراضي المصرية، ووقف تهريب البضائع المصرية بمُختلف أنواعها للأراضي المحتلة.حيث أن الهدف من إنشاء هذا الجدار العازل هو القضاء على الأنفاق التي تصل بين مصر وقطاع غزة، وحيث أن هذه الإنفاق هي المدخل الوحيد الآن لكل احتياجات الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بعد أن فرضت مصر الحصار على معبر رفح وهو المنفذ الوحيد لغزة على العالم، وضيقت الخناق على أهل غزة، وهناك قضية مرفوعة الآن في مصر ضد قانونية هذا الجدار

-وما كاد زكريا يفغر فاه ليشارك بمداخلة جديدة؛ حتى رنَّ هاتفه؛ والأم تنتحب من مهاجَرها في "الزوايدة"، وتقول: أيْ بُنيَّ لقد سمعنا أن ابني جيراننا محمد ومحمود قد استشهدا مؤخراً في القصف البربري الصهيوني على الشَّجاعيَّة؛ فانخرط الابن معها في بكاء مرٍّ مرير، حتى صارا وجهين يبكيان!!

-ولكنَّ منيراَّ ربَّت على كتف صاحبه وهو يهدهده بعد أن اقفل السماعة؛ وهو يطمئنه: اسمع يا أخاه فهذه الأَرض الطهور لسوف تشرب الكثير من الدماء حتى نستدرج النصر المختبئ، ووالله ليتمَّنَّ الله هذا الأَمر بعز عزيزٍ أو ذلِّ ذليل، وقد صرنا اليوم ممن ينطبق عليه قوله سبحانه: " حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنُجي من نشاء ولا يُرد بأسنا عن القوم المجرمين "... وسيجيء نصره لا محالة، ولكننا قوم نستعجل.... ولتتذكروا أن فدائيينا اليوم في شارع المنصورة بالشجاعية قد أبلوا بلاءً حسنا، ثم ألا تستبشرون بالاسم "المنصورة"؟!

- فمسح زكرياء دموعه الشاردة وبسَم وهو يربت على كتف أخيه، فوالله إنك لتستكنه الآيات أكثر مني وصديقي أيها المدخن المهندس، فضحكوا جميعاً، ثم انصرفوا، والسماء تتلبد بغيوم داكنة واعدة بخيرات الله المنعم المفضال ... المتعال... لأن المجاهدين يباغتون العدو وهم من كل حَدَبٍ ينسلون!!

*******


في اليوم التالي لم يذهب زكريا للبيت كما يفعل كل يوم، بل ظل يتمشى في أزقة إسطنبول القديمة، ولما بلغ به التعب مبلغه استراح على كرسي في الشارع، وجعل يتفرس في الجائين والذاهبين.... حتى إذا رن هاتفه الجوال نظر إلى الشاشة فإذا رقم أخيه عثمان من غزة الجريحة:

  • كيف حالك يا أخي المرابط؟ والله إني لأشعر بالخجل إني خارج غزة وأنتم تجاهدون بدمائكم وأنفسكم!
  • لا يا أخي؛ فلولا أنت تعمل خارج غزة وتحول لنا شيئا من راتبك لأكلتنا الفاقة.
  • آه يا عثمان لكَم تمنيت أن أكون بين صفوف المجاهدين؛ فأفوز فوزاً عظيماً، والآن هاتِ شريط أخبار غزة العزَّة؟
  • اليوم الرابع والسبعون بعد المئتين من عمر هذه الثورة المجيدة المظفرة؛ فقد قصف جلاوزة اليهود المجانين مدرسة تابعة "للأنوروا" فيها أكثر من ألفي نازح أعزل؛ فقتَّلوا وجرَّحوا العشرات من المدنيين البرآء!
  • ما اسم هذه المدرسة؟
  • مدرسة "الجاعوني"؛ وممثل الأنوروا يصرح للإعلام الدولي أنهم يزودون الجيش الماجن بإحداثيات النازحين مرتين كل يوم!
  • هذا يعني أنه سبق إصرار وترصد؟
  • أجل، ولكنهم يدعون كاذبين في كل مرة أنهم أُخبروا عن مجاهدين هنالكم، ولقد ادعوا ذلكم غير مرة في عمليات قصف وتدمير المشافي!!
  • حدثني عن أخبارٍ سارَّة؟
  • نسبة انتحار الجنود الصهاينة تتزايد، ونسبة المهلوسين من فوبيا الحرب المرة أيضا حبلى بأرقام فلكية، والجرحى من المعوقين الذين لا يسطعون الرجوع لساحة الوغى أعدادهم تنوف عن ألفي خنزير.
  • الحمد لله؛ إذ لم يسجل على مَرِّ تسعة شهور حالة انتحار غزية واحدة.
  • فقاطعه أخوه ضاحكاً: ولا نصف حالة!
  • وكيف هي النصف أيها المهرج؟
  • يعني مجرد محاولة انتحار فاشلة .... ههعع
  • زدني سروراً؟
  • التظاهرات اليهودية تسمن يوما بعد يوما وستسقط الحكومة النتنيَّة في ساعة جَوْن حالكة .... لابد!
  • وماذا بعدُ؟
  • المتحدث في القناة الإسرائيلية 13 يقول إنه على قادة الحرب والسياسة في إسرائيل أن يرجعوا إلى بيوتهم؛ ويناموا!
  • ههه .. ولكنْ عليهم أن يتحفَّظوا قبل النوم خوفا من التبول اللاإرادي الليلي بسبب صواريخ القسام المرعبة!
  • وأمريكا تدافع عن ابنتها المدللة إسرائيل في السراء والضراء، والمنشط والمكره دفاعا أبله باهتاً.... مرذولاً!
  • وماذا عن "السهم الأحمر"؟
  • سلاح أقضَّ مضاجعهم وحيَّرهم؟ فهل هو مخزن ولم تستعمله المقاومة من شهور؟ أم تسلل عبر الحدود المكهربة الإلكترونية؟؟ هكذا علق "فايز الدويري"؛ مسَّائلاً؟!
  • وكأن اليهود تراجعوا عن القضاء على حماس قضاءً مبرماً؟
  • أجل؛ فقد صاروا ينغمون لإمكانية وجودها على مضض!
  • الصوت يقطع كثيراً
  • سأغير مكاني لأن النت أصلا ضعيف جداً، ولو اسطاعوا قطع الهواء عنا لما قصروا!
  • يعني أن أحداث الشجاعية والنصيرات منذ أسبوع هي مجرد لإبقاء ماء وجه للنتن ويمينه المتطرف وتغطية على الانسحاب الذليل من رفح المصابرة؟
  • أجل يا أُخيَّ، وخبر سار جدا أن زهاء تسعمئة ضابط أنهوا عقودهم كيفيا مع الجيش ورفضوا التجديد بسبب ضبايبة الأهداف الحربية الماجنة الصهيونية في حرب تدور عجلاتها للوراء!!
  • اليوم هم يحاولون ترقيع الأهداف التي أعلنوها بعد السابع من أكتوبر المظفر؛ ولكن الخروق لقد اتسعت على الراتق؛ فالمجاهدون من كل ثقب إبرة وسَمٍّ للخياط لليهود ينسلون!!!
  • وماذا عن مباراة تركيا ضد هولندا؟!
  • لقد حشد الأتراك المهووسون بتلكم الجلدة المنفوخة بالملايين في الساحات العامة لمشاهدة المباراة، أما سلطانهم فقد طار على جناح الشوق لدعم فريق "الذئاب الرمادية العنصري"!
  • لا تعتب عليه يا زكريا؛ فقد كان في شبابه لاعب كرة قدم مغمور جداً!
  • ولكن الموقف اليوم جَلَل، وإذا لم تستحِ فاصنع ما شئت!!! دعنا من هذا المهرج وحدثني عن البطولات الغزاوية؟
  • لقد تم إسقاط مروحية أمس، وتفجير ناقلة نَمر بجنودها بعبوة برميلية عملاقة في جِنين؛ أما عملية "كرمئيل" شمال إسرائيل فقد أسكرت عقولهم ودوختهم! فالشاب الذي نفذ عملية الطعن عشريني اسمه جواد ربيع، والمصابون ثلاثة إضافة إلى جندي صهيوني نافق ... ولاحظ مدى تطابق اسم هذا الفدائي الشاب مع فعله وتضحياته!! ومع السلامة؛ فقد حان موعد انضمامي إلى فريق الغوث في توزيع خبز الحياة على من يتضورون جوعاً وقد طواهم طوى العبث والمجون العربي/ التركي ... ولا يزال المجاهدون القسَّاميُّون من كل حدب ومُدَّخلٍ يفجؤون جبناء يهود من فئران الجيش الذي "لا يُقهر" بالنار والدم!!!!
  • مع السلامة والنصر ..... وبدأ الودْق ينهلُّ بخيره على رأس زكريا فانتعش به انتعاشا مثمِلاً، ولكن خيره ما فتئ يكبر حتى تكور بحجم حبة الحمص؛ ما اضطر الفتى لكي يفتح شمسيته ويركض نحو أقرب مظلة إسمنتية يلجأ إليها لِواذاً مع كثير من الذين استحموا بمطر إستنبول الدافئ ... وما يزال زكريا يتلمظ بخبر عملية كرمئيل البطولية المعجزة!!


                                                    

                                             **************




قفل زكريا الغزي الشجاعي عائداً لمنزله التركي؛ مبللا بالخير الإستنبولي الغمر، وهو يترنم ببسالة المقاومة، وعري العرب التي تجري وراء كرة قدم أو يد، أو مهرجان صيفي شائن. جلس إلى الشاشة يتلقط الأخبار من "الجزيرة" أولاً: أفاد مراسل الجزيرة باستشهاد الصحفي أمجد جحجوح وزوجته الصحفية وفاء أبو ضبعان وطفلهما في قصف على مخيم النصيرات.....وباستشهاد جحجوح وزوجته، يرتفع عدد الصحفيين الفلسطينيين الذين استشهدوا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى 158

ويوم أمس استشهد الصحفيان الفلسطينيان سعدي مدوخ وأحمد سكر، إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا لعائلة مدوخ في حي الدرج بمدينة غزة".

.... امتعض الفتى ونقل إلى شاشة أخرى تقول: نقلت القناة 12 عن عضو مجلس الحرب السابق غادي آيزنكوت، قوله "إن المنحى المطروح لإعادة المحتجزين صعب جدا لكن لا مفر منه ."وكان مسؤول كبير في الإدارة الأميركية قال إن المفاوضات بين جميع الأطراف بشأن غزة ستُستأنف اعتبارا من أمس بالدوحة، في حين نقل موقع "أكسيوس" عن مسؤولين أميركيين أن وفد الولايات المتحدة وصل إلى الدوحة الجمعة للمشاركة في المحادثات بشأن غزة، وأن البيت الأبيض و"السي آي إيه" يحاولان سد الفجوة بين إسرائيل وحماس بشأن المرحلة الثانية"؛ ففرح زكريا لتلكم الأخبار فرحا شديداً، وطَفِق يصفق طرِباً! ولم تدم سعادته طويلاً؛ فقد قطَّب باسراً عند سماع هذا الخبر المحزن: " قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن تقديراته تفيد بوجود أكثر من 10 آلاف فلسطيني في عداد المفقودين تحت الأنقاض في قطاع غزة ولا سبيل للعثور عليهم بفعل تعذر انتشالهم وإبقائهم في قبور لا تحمل أي علامات مميزة، في وقت يغيب فيه أي تحرك إنساني دولي للمساعدة في انتشالهم .وأبرز المرصد الأورومتوسطي، في بيان له، أن عائلات ضحايا الهجمات العسكرية المميتة والمدمرة، التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي وتقترب من شهرها العاشر، يواجهون تحديات هائلة في انتشال الجثث، وعدم توفر المعدات والآلات الثقيلة لطواقم الدفاع المدني، والمنع الإسرائيلي لإدخال أي معدات من خارج قطاع غزة". ثم طفق يردد: اللهم بردا وسلاما على الشجاعية وكل غزة ... بل وكل فلسطين.....

وظل الفتى يقلِّب بالأزرار حتى عثر على أخبار الضفة الغربية المحتلة: ( اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الأحد، مدنا وبلدات عدة في شمال الضفة الغربية المحتلة وجنوبها واعتقلت ما لا يقل عن 20 فلسطينيا، ليبلغ إجمالي عدد المعتقلين أكثر من 9550 منذ تصعيد الاقتحامات الإسرائيلية بالتزامن مع بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023. وأفادت مصادر محلية لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) بأن قوات الاحتلال اقتحمت سلواد ونفذت عمليات دهم وتفتيش واسعة طالت عددا كبيرا من منازل المواطنين، تخلّلها تحطيم محتويات المنازل المستهدفة وتخريبها، واحتجاز أصحابها في العراء وإجراء تحقيقات ميدانية معهم، والاعتداء على بعضهم بالضرب، وتحطيم زجاج عدد من السيارات.

وفي جنوب شرقي بيت لحم، اقتحمت قوات الاحتلال بلدة تقوع، وذكرت "وفا" أن قوات الاحتلال دهمت وفتشت منزل مواطن، وسلمت بلاغا لمقابلة المخابرات الإسرائيلية، ونفذت عمليات تفتيش في محيط دار البلدية، دون أن يبلغ عن اعتقالات. وفي شمال الضفة، اقتحمت قوات الاحتلال فجر اليوم وادي الفارعة جنوبي طوباس، بعد خروجها من حاجز الحمرا العسكري، في حين انتشرت قوات مشاة في المنطقة ونفذت عمليات دهم وتفتيش للمنازل انتهت باعتقال 3 مواطنين. كذلك اندلعت مواجهات مع قوات الاحتلال مساء السبت، في بلدة قصرة جنوبي نابلس، أطلق خلالها الجنود الرصاص الحي وقنابل الصوت والغاز السام، دون أن يبلغ عن إصابات.

9555 معتقلا في الضفة منذ 7 أكتوبر

من جهتها، قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين (حكومية) ونادي الأسير الفلسطيني (أهلي) -في بيان مشترك- إن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت 15 فلسطينيا على الأقل من الضفة أمس السبت، بينهم أسرى سابقون، وبذلك يرتفع عدد المعتقلين الفلسطينيين إلى أكثر من 9550 فلسطينيا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يشملهم معتقلو فجر اليوم الأحد. وتوزعت اعتقالات السبت على محافظات قلقيلية (شمال) ورام الله والقدس (وسط) والخليل (جنوب) وأريحا (شرق) ورافقها اعتداءات وتهديدات بحقّ المعتقلين وعائلاتهم، إلى جانب عمليات التخريب والتدمير الواسعة في منازل المواطنين .وبالتزامن مع حربه المدمرة على غزة، صعَّد جيش الاحتلال والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة، بما فيها القدس الشرقية؛ ليخلّف إضافة إلى المعتقلين 570 شهيدا ونحو 5 آلاف و350 جريحا، وفق وزارة الصحة.(

وعلى أنغام الموت الأَسود المتخبئ تحت أنقاض كاشحة مميتة نام زكريا وبيده ريموت التلفاز، ولما سقط من يده؛ مدد جسمه على الأريكة لا يريد نوما مطلقاً .. فرأى فيما يرى الفلسطيني المنكوب منذ مئة سنة كبيسةٍ:" أن جناحين قد رُكِّبا على كاهليه فطار بهما إلى بيت المقدس؛ فصلَّى ركعتين، وجنود الاحتلال تنظر إليه شزراً، ولكنهم لم يستطيعوا الاقتراب منه، وما أن أنهى الدعاء بعد الركعتين حتى رفرف جناحاه تلقاء غزة. مر أولاً بالداخل الفلسطيني فسمع صوتا يجلجل؛ فغمز طائره أن يحط قليلاً للسماع: " يوم 18 أيار 2024 صدرت مذكرة من قسم الطوائف غير اليهـودية في وزارة الداخلية الإسـرائيلية، يعلن فيها عن إقامة مراكز لعلوم القرآن في القرى والمدن العربية في الداخل الفلـسطيني. لإضفاء الشرعية والقبول على هذا المشروع الخبيث والمشبوه، فإن المذكّرة تشير إلى أن الفكرة هي من الدائرة الإسلامية في قسم الطوائف في وزارة الداخلية الإسرائيلية.

الهدف واضح لهذا المشروع وليس بحاجة إلى تحليل عميق ولا استنتاجات، فهو كما ورد يسعى لإعداد أئمة المستقبل ولتنشئة جيل "معتدل"

إقامة أي مركز لا يكون إلا بتوقيع مباشر من مسؤول قسم الطوائف وهو ليس مسـلمًا، ويجدد الإذن سنويًا وفق موازنات القسم "والتي ستكون وفق حسن السلوك وتنفيذ الأجندة.

المدرّسون هم فقط من موظفي الدائرة الإسلامية في قسم الطـوائف وليس أي شخص آخر.

المدرسون سيتلقون راتبًا شهريًا، ومراكز التدريس ستكون بظروف رفاهية للأطفال من جيل 6-14 سنة، وهي ليست في المساجد ولا جزءًا من المرافق التابعة لها.

هذه بعض من تفاصيل المذكّرة التي تعلن عن إقامة مدارس لتعليم القرآن بإشراف قسم الطوائف في وزارة الداخلية الإسـرائيلية، وهي محاولة لسحب البساط ولإيجاد بدائل عن مراكز ومدارس العلوم الشـرعية ومراكز تحفيظ القرآن التي تنشط في الداخل الفلـسطيني منذ ثمانينيات القرن الماضي، والتي تقوم عليها جمعيات ومؤسسات ومبادرات أهلية، وهي جزء من نشاطات المساجد ومشاريعها في الداخل الفلسـطيني حيث تم والحمد لله تخريج آلاف حفظة القرآن الكريم والحافظات ومن يحملون الإجازات في التجويد وعلوم القرآن الأخرى . وإذا كان الهدف الظاهر هو تدريس علوم القرآن والتجويد، فإن الهدف الرئيسي هو إعداد جيل "معتدل" في إشارة واضحة إلى أن من يدرّسون في المساجد ومراكز التحفيظ التابعة لها هم ليسوا معتدلين "متطـرفين" . الغريب واللافت أن هذه المذكّرة وهذا المشروع يتزامن مع مشروع متماثل تقوم به السلطة الفلسطـينية في الضفة الغربية والتي وبعد أن قامت بإغلاق مدارس تحفيظ وتجويد القرآن وملاحقة المدرّسين والأئمة واعـتقلت كثيرين منهم. فها هم ضـباط الأجهزة الأمنـية يدخلون الـمسـاجد ويقومون بدورات تحفيظ القرآن حيث الهدف واضح وهو "خلق جيل يتماشى مع مشروع السـلطة الفلـسطينية بالتنسيق الأمني ومزيد من التفريط بحقوق الشعب الفلسـطيني".

هذا المشروع لا أتردد بالإشارة إليه بأصبع الاتهام والشك والريبة، لأن من يزعمون الحرص على تعليم أبنائنا القرآن، كان عليهم أن يعلّموا أبناءهم ألّا يهدموا المسـاجد، ولا يقصـفون المآذن، ولا يبوّل جنودهم في المحاريب وعلى المنابر، ولا يمـزقون المصاحف في المسـاجد المدمرة، ولا يهينون ويمنعون المسـلمين من الدخول إلى المسجد الأقـصى المبارك. هو مشروع مـاكر وخـبيث ظاهره ديني وبريء، وصدق قول الشاعر:

مخطئ من ظنَّ يومًا أن للثعلبِ دينا!! نحن نكفر بالإسلام الإسـرائيلي الإسـلام الأمريكاني والإسلام الإبراهيمي "إسلام بن زايد وبن سلمان"، ولا ندين لله إلا الإسـلام الذي نزل على محمد ﷺ." اكتنه الفتى أنه صوت الشيخ المجاهد كمال الخطيب؛ فوقر كلامه في صدره!

، ثم غمز الطير فحلقت إلى أعالي عليين... فحطت به في رفح الجريحة، وجعل يجول ببصره على أطلالها الباكية؛ فرأى فتية متحلقين فسلم عليهم وجاليهم وهو يتقصون بعض أخبار المجاهدين: " في اليوم الـ275 من العدوان على غزة أكد أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام أن قدرتهم على القتال والمواجهة باتت أقوى أمام جرائم الاحتلال، قائلا "كل كتائبنا الـ24 مع كل فصائل المقاومة قاتلت العدو وكسرته بمختلف أرجاء القطاع>>>وأضاف أبو عبيدة في كلمة مصورة حصلت عليها الجزيرة "أقول لعائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة إن مصير أبنائكم أصبح ألعوبة بيد نتنياهو الذي يسعى لتحقيق نصر شخصي"... وتعجا الفتى من فصاحة وحذاقة هذا الشيخ الفلسطيني اللَّقِن الفَهِم!!

....وتناهى لسمعه صوت مذيع الأخبار: ميدانيا، استمر القصف الإسرائيلي بعد مجزرة في مخيم النصيرات وسط القطاع، وأفادت مصادر طبية للجزيرة بارتفاع عدد الشهداء منذ فجر اليوم إلى 27 شهيدا، في أعقاب انتشال جثث 3 شهداء مكبلي الأيدي أطلق جيش الاحتلال النار عليهم بعد الإفراج عنهم شرقي رفح. أما في مخيم نور شمس فقد فجر المقاومون دبابة عنصرية بلغم زنته نصف طن! فضك الفتى في سره وهو يقول: "مخيم نور شمس اسم على مسمييْن"!! ثم عرج المذيع على مهاترات "بايدن وطرمب" للوصول إلى البيت "الأسود" فضحك حتى الثُّمالة؟! ثم عرض الشريط الإخباري طوش نتنياهو مرة مع "دانيال هيجاري" الناطق باسم الجيش البربري؛ وهو يوبخه على تصريحه بأن حماساً ستبقى فترة لا تقل عن خمس سنوات بُعيد الحرب؛ فرد عليهما زكرياء: بل هي باقية ما بقيت السماوات والأرض. ومرة النتن – ياهو يوبخ رئيس الأركان "هاليفي" ويتوعده بالفصل؛ فيردد الفتى جهراً: اللهم اجعل بأسهم بينهم أشدَّ بأساً، وأشد تنكيلاً! ثم قلب إلى إذاعة أخرى فإذا هي تعرض تدمير عربة النمر (الجحش) بسلاح القسام "شُواظٍ"؛ فاستذكر الرجل الآية من سورة الرحمن: " يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران ( 35 ) فبأي آلاء ربكما تكذبان  36 )). وفتح الفتى على تفسير هاتين الآييتن العظيمتين من موقع على نت الخليوي: " عن علي ، عن ابن عباس قوله" : شواظ من نار" : لهب النار.... وقوله : فبأي آلاء ربكما تكذبان : فبأي قدرة ربكما معشر الجن والإنس - على ما أخبركم بأنه فاعل بكم – تكذبان"؟! فقال: آمنت بالله ربا وبمحمد نبيا وبالإسلام ديناً، وبالمقاومة الإِسلامية طريقاً لتحرير الرض والعرض معاً.

...ثم يعود إلى القنوات الإخبارية، ويشعر أنه شبه نائم، فيحاول أن يستيقظ فلا يقوى على ذلكم، ويشد اللحاف عنه، ولكن اللحاف يأبى؛ ويتابع المذيع: يأتي ذلك في وقت احتشد فيه آلاف الإسرائيليين في مظاهرات تطالب بإبرام صفقة تبادل أسرى مع حركة حماس وإقالة حكومة بنيامين نتنياهو، وشملت تلك المظاهرات مفارق عشرات الطرق في مناطق عدة بإسرائيل في ما سمي "يوم الشلل الكبير".

......وقال مصدر بمستشفى ناصر بخان يونس: إن أطفالا بقسم الحضانة قد يتوفون نتيجة توقف المولدات الكهربائية بسبب أزمة الوقود... فسألهم زكريا بشغف من أنتم يا طلة الوجوه الصبوحة؟ فردوا عليه بصوت رجل واحد: نحن من خريجي معهد حفظ القرآن الكريم.

ثم يعرج المذيع على الأطفال الذين ماتوا جوعل ومن نقص التغذية أو الأكسجين لأطفال الخِداج، وقد ناهز عددهم الأربعون طفلا معدوما!!

ثم يتكلم المذيع عن أثر الطائرات المسيرة "الزنَّانات" في الحرب المجرمة على غزة الجريحة؛ فيضحك الفتى في سره مسَّائلاً: " هل ثمة ترابط بين جرم الزنانا الطائرات وبين الزنَّانات من النساء في الجرم"؟!

ولكنه بكى كثيرا حتى بلل دمعه المالح خديه وذقنه، وباتت عيناه الزرقاوان سوداوين: " لقد خرَّج العدو المتصهين الغشَّام مستشفيي "المعمداني وأصدقاء المريض" عن الخدمة بسبب نقص الكهرباء والأكسجين؛ فقال للثاني أنت صرت بفعل حفدة القردة والخنازير عدوا للمريض، ولم يعد لك من اسمك أيُّ نصيب!!

ثم رجع إلى قناة الجزيرة الإخبارية فإذا هي تعمل مقابلة مع الدكتور منير البرش المدير العام في وزارة الصحة الغزية المدير العام لوزارة الصحة في غزة:

"ما يحدث في مستشفيات غزة الآن يُعَدّ جريمة حرب وإسرائيل تستخدم أسلحة لم نرها من قبل، وهي محرَّمة دولياً، وتحتاج إلى تحقيق دولي".

....واستذكر الفتى يوم استشهدت فلذة كبد "البرش" فكتب عنهما صحفي فلسطيني: " الدكتور منير البرش ليس طبيبًا ولا قائدًا ولا متحدثًا استثنائيًا فقط، هو أب استثنائي أيضًا، عرفه العالم يوم أن طوَّق الغزاة مستشفى الشفاء فظل صابرًا مرابطًا حتى آخر ثانية ولم يترك مهمته السامية التي أقسم لأجلها، وقال لمشاهدي الجزيرة لعلها آخر مكالمة، ادعوا لنا بالرحمة، وها هو اليوم إذ يرثي فلذة كبده، لا يذكر لها شيء أعز على قلبه من أمنيتها أن تلتحق بصفوة الحفاظ، هي تحفظ كتاب الله، ولكنها لا تكتفي بذلك، تريد أن تتحدى نفسها لتقوم بتسميعه في جلسة واحدة، وهو التحدي السنوي الأكبر في قطاع غزة، ولا زلت أذكر دموع إحدى أقاربي يوم أن كانت نتيجتها لا تؤهلها لهذا السباق، لا يكتفي الدكتور الكبير بتقديم قرة عينه شهيدة، بل يقول يا رب خذ من دمائنا حتى ترضى، مع العلم أنه أصيب ودماؤه قد تخضبت بدمائها"!

وتذكر زكريا الحالم الدكتور عدنان البرش الشهيد الذي قضى تحت سياط النازية الهولوكستية الصهيونية قبل شهر:

عدنان البرش الشهيد الأسير.. رحلة أبرز أطباء غزة بين مستشفياتها وسجون الاحتلال

كتب أمين حبلا

3/5/2024|

انتهت رحلة الدكتور عدنان البرش مع المعطف الأبيض الناصع، بعد أن حولته أشلاء المرضى ويوميات العلاج إلى خارطة حمراء للألم الممتد في شغاف غزة منذ السابع أكتوبر/تشرين الأول 2023، ثم انتهت رحلته في الحياة سجينا معذبا في واحد من أعتى وأقسى سجون العالم في إسرائيل.

كانت الأشهر السبعة المنصرمة، من حياة غزة، ترجمان حياة البرش، فقد ظل دائما في قلب العاصفة، وفي عمق التحديات، كما ظل روح "الشفاء" التي تنتقل من مستشفى إلى آخر، ومبضع الطبيب الذي يرمم ما أبقت نيران العدوان الإسرائيلي من أنفاس بالية، وأجساد ممزقة.

وقد مر حوالي 14 يوما منذ استشهاد البرش، قبل أن تعلن أمس هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطينيان عن رحيل الرجل الذي ارتبط اسمه "بالشفاء" و"العودة" وصنع في خمسينيته المفعمة بالنضال والتميز العلمي، واحدة من أبرز قصص الامتياز الفلسطيني في الحياة والموت.

أدينا الرسالة والأجر على الله

أخذ عدنان كتاب الأمانة بقوة، منذ أن افترَّ ثغر الأيام في بيت والديه عن يوم بهيج، اختارت فيه الأقدار أن تزف إلى أسرة البرش طفلها الوديع عدنان أحمد عطية البرش، فقد كان يوم 17 سبتمبر/أيلول 1974، مختلفا في إشراقته عن يوم 19 أبريل/نيسان 2024، وبينهما ما بين فرحة الميلاد، وفجيعة الموت.

وبين الميلاد والرحيل، صنع عدنان قصة كفاحه العلمي والمهني وجهاده المستمر من أجل الحياة في مواجهة عدوان ماحق يقتلع بالدم واللهب كل ما يمت للحياة بصلة.

في مسيرة بين الزهور والأشواك، حصل الشهيد على الإعدادية من مدرسة الفالوجا، والثانوية من مدرسة حليمة السعدية، ثم طارت به أشواق المعرفة، وحصاد التميز، إلى رومانيا حيث نال شهادة البكالوريوس في كلية الطب بجامعة "يانش".

عاد البرش بعد ذلك من رومانيا، لكن مسيرته التعليمية لم تتوقف، فقد تواصل في تخصص جراحة العظام والمفاصل، وحصل على البورد الأردني والبورد الفلسطيني، ثم نال الزمالة البريطانية في جراحة الكسور المعقدة في لندن.

وقد صنعت للبرش مهارته ودقته في الجراحة سمعة كبيرة في عموم فلسطين، فتولى رئاسة قسم العظام بمستشفى الشفاء، وظل أحد أعمدته الطبية المرموقة، ومن هناك من مستشفى الشفاء بدأت شهرته تملأ الآفاق.

رباط في "الشفاء" ومقاومة في "العودة"

كان السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 أحد أيام المداومة التلقائية للشهيد البرش في مستشفى الشفاء، لكنها مداومة طالت أكثر من شهر، حيث رابط في المستشفى الذي استهدفه العدوان الإسرائيلي بأقسى فظائع الانتقام والدمار.

وخلال مداومته المفتوحة في الشفاء، واجه البرش الموت العاري والألم الحارق، ليكون الملاك الأبيض الذي يخفف طوفان الألم الذي لا حد له، لكن قسوة الاحتلال كانت أشد. ففي 16 نوفمبر/تشرين الثاني وبعد أسبوع من الحصار المطبق، اقتحمت القوات الإسرائيلية مجمع الشفاء الطبي، ودمرت ساحاته وأجزاء من مبانيه ومعداته الطبية، وأجبرت من كان فيه من طواقم ونازحين على الرحيل، بعد أن عاثت فيه قتلا وفتكا واعتقالا.

واتجه الجميع جنوبا، ولكن البرش ولى وجهه شطر الشمال، رافضا أن يغادر مناطق الشمال التي عرفها وعرفته سلما وحربا، والحال أنها اليوم أحوج ما تكون لأياد حانية ماهرة كيديه، كما أن عائلته ما زالت هي الأخرى مرابطة صامدة في الشمال ترفض أن تغادر.

بكى البرش لمغادرته للشفاء، والحيلولة بينه وبين رسالته الإنسانية الرائعة، وطبع على ذاكرة الأيام عبارته الشهيرة "أدينا الرسالة وأجرنا على الله" وذلك في مقابلة له مع قناة الجزيرة.

كانت أهوال الصدمة -وهو يغادر مستشفى الشمال- تأخذ بتلابيب البرش، الجثث الملقاة في الطرقات، والبنايات المدمرة، والمناطق التي نسفت بالكامل، ولكنه كان يكابد تلك الأهوال بصبر وصمود وعزم على المواصلة.

نهاية الرحلة بسجون الاحتلال

ومن الشفاء انطلق الرجل إلى مستشفى كمال عدوان، لينضم بعد فترة وجيزة إلى المصابين الذين كان يعالجهم، بعد إصابته بجراح جراء قصف إسرائيل أهوج.

ولم تطل الإقامة في مستشفى كمال عدوان، حتى اضطر للمغادرة إلى مستشفى العودة في منطقة تل الزعتر شرق مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، ولتكون تلك آخر رحلاته مع المعطف والمراهم، فقد اعتقلته هناك الاحتلال الإسرائيلي في ديسمبر/كانون الأول الماضي ونقلته إلى سجن عوفر حيث قضى الأسابيع الشهور الأخيرة من حياته تحت آلة تعذيب لا سقف لحنقها على صناع الحياة في غزة وفق ما يقول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.

وبين أطوار الرباط في المستشفيات، والنزوح إلى الشمال، عكس الجنوب الذي اضطر مئات الآلاف من عبور الألم فرارا إليه من شمال ملتهب، وأخيرا في ظلمة السجن وآلام التعذيب، صنع البرش في 7 أشهر قصة كفاح ونضال وتميز مهني، لعلاج أعقد حالات الإصابة، بوسائل أقرب إلى العدم إن لم تكن هي العدم ذاته.

وكما كان اعتقال البرش صادما، فقد كان إعلان وفاته فاجعا للغزيين وللفلسطينيين وللإنسانية بشكل عام، حيث قضى هذا العقل الطبي نحبه تحت سياط عذاب مستمر -كما يقول مقربوه- وأخفيت وفاته أكثر من أسبوعين، وما زالت جثته بيد قتلته.

وفي بريد الراحلين وسجلات الذكرى، طفق الغزيون -الذين خبروه عن قرب معالجاً ومداوياً ومواسيا- يدونون مشاهد ومواقف وقيما ونضالات طرزت رحلة البرش في الإبداع الطبي والامتياز المهني وشرف الحياة والشهادة".... واستذكر الفتى كيف كان البرش يعتني بأخيه يوسف قبل سنتين يوم أن كُسرت ذراعه؛ ويحاول زكريا في معركة بينه وبين اللحاف أن ينتصر عليه، ولكن اللحاف ينتصر في الجولة المنامية العاشرة!

وبينا كان الفتى في نَصَف من ليل، ونصَف من منام وصحو إذ بإصبع سبابته اليمنى يكبس على موقع اليوتيوب فإذا فلم قصير لمسنة غزية شمالية تغني العتابا بقصيدة الصمود وعدم التزحزح قيد أنملة نحو الجنوب؛ فالجيش الصهيوني النيروني يلقي مناشير على الشعب الشمالي لكي ينزح للجنوب، وثمة كمائن لاصطيادهم هنالكم!! فيقول للشماليين أنتم عدة نصرنا وسيفنا البتار وفي العدو الجزَّار.

وفي المحطة قبيل الأخيرة تطير به جناحاه نحو تل الهوى فيرقب عن كثب بطولات الجيش القسامي المجيدة:

ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن 4 أحداث أمنية صعبة تعرّض لها الجيش الإسرائيلي، اليوم الاثنين، في منطقة تل الهوى جنوب مدينة غزة .وأفاد مراسل الجزيرة بهبوط مروحيات عسكرية إسرائيلية لفترات وجيزة على محور "نِتساريم"، يعتقد أنها لإجلاء مصابين، في حين قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن 3 جنود أصيبوا بمعارك غزة تم نقلهم قبل قليل .وذكرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، أنها فجرت عبوة مضادة للأفراد في قوة من 6 جنود إسرائيليين في "تل الهوى"، وأوقعتهم بين قتيل وجريح.

كما أعلنت في وقت سابق استهداف قوة إسرائيلية راجلة بمنطقة الشاليهات غرب حي تل الهوى في غزة، وأوقعت أفرادها بين قتيل وجريح. كما دمرت في المنطقة ذاتها مركبة جيب عسكرية بقذيفة الياسين 105 في شارع الصناعة .وذكرت القسام أنها استهدفت أيضا ناقلة جند إسرائيلية بعبوة شواظ 3 على دوار 17 بالحي نفسه، وجرافة من نوع "دي 9" بعبوة شواظ 3 في شارع الرشيد. كما أفادت باستهداف قوات الاحتلال المتمركزة في محور نتساريم وسط القطاع بعدد من صواريخ "رجوم" عيار 114 مليمترا.أعلى النموذج

وتعليقا على عمليات تل الهوى، قالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن "الجيش الإسرائيلي هاجم شمال قطاع غزة بقوة، كي يجبر حركة حماس على الرضوخ وتقديم المزيد من التنازلات خلال المفاوضات".

وأضافت أن الحركة ردت بعمليات قاتلة في حي تل الهوى....وكتيبة تل الهوى أول كتيبة في قطاع غزة، ادعى جيش الاحتلال الإسرائيلي تفكيكها والقضاء عليها، لكنها استطاعت رغم اجتياح الحي أكثر من 5 مرات تنفيذ عمليات نوعية ضد قوات الاحتلال... وينشرح صدر الفتى وهو مغمض بعين واحدة عندما ينصت إلى أبي عبيدة: "قدراتنا البشرية بخير وجنّدنا آلاف المقاتلين خلال الحرب"

7/7/2024

قال أبو عبيدة -الناطق باسم كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس إن: "القدرات البشرية لكتائب القسام بخير كبير، مؤكدا تجنيد آلاف من المقاتلين الجدد خلال الحرب التي أكملت شهرها التاسع .وأضاف أبو عبيدة -خلال كلمة مصورة بثتها الجزيرة أن قدرة مقاتلي القسام على القتال والمواجهة باتت أقوى أمام جرائم الاحتلال وإبادته، متعهدا بأن يكون محور نتساريم وسط قطاع غزة محورا للرعب والقتل وسيخرج منه العدو مندحرا مهزوما .وأضاف عززنا القدرات الدفاعية لمواجهة الاحتلال في كل مكان من أرضنا"، وأنه "هناك آلاف من المقاتلين مستعدون لمواجهة العدو متى لزم الأمر" .وأشار أبو عبيدة إلى أن "كل كتائبنا الـ24 مع كل فصائل المقاومة قاتلت العدو وكسرته بمختلف أرجاء القطاع"، مؤكدا أن "العدو تلقى -ولا يزال يتلقى- الضربات الموجعة في كل مكان يتوغل فيه داخل قطاع غزة". وأوضح أن "معركة رفح وما يسطره مجاهدونا في الشجاعية وغيرها دليل على قوة مقاومتنا وفشل العدو وهزيمته".

وشدد على أنه "لا مكان في غزة لقوات تتحصن في البيوت كاللصوص ولا لضباط يختبئون وراء المدرعات"، مؤكدا أن مقاتلي القسام يقاتلون منذ 9 أشهر ويكسرون جيش الاحتلال المدعوم من الولايات المتحدة وبريطانيا.

وبشأن الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة، وجه المتحدث باسم القسام كلامه لعائلات المحتجزين قائلا إن "مصير أبنائكم أصبح ألعوبة بيد (رئيس الوزراء الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو الذي يسعى لتحقيق نصر شخصي".ورأى أن النصر المطلق الذي يتحدث عنه نتنياهو يعني "انتصاره الشخصي وإرضاء صعاليك حكومته"، معتبرا أن ما تم الكشف عنه من وثائق استخبارية من فشل الاحتلال في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي " نزر يسير مما سنكشف عنه لاحقا".

دعم المقاومة

وحول ظروف المعركة ميدانيا، قال أبو عبيدة "ما زلنا نقاتل في غزة دون دعم خارجي، وما زال شعبنا صامدا بلا غذاء ولا دواء"، منبها إلى أن "شعبنا لا يزال يتعرض للعدوان والإبادة الجماعية، عقابا له على تمسكه بأرضه".

وأشار أبو عبيدة إلى أن استطلاعات الرأي المستقلة تظهر بعد أشهر من العدوان كيف يلتف شعبنا وراء مقاومته، مع تأكيده أن المقاومة "لا تزال الأحرص على وقف العدوان، ولن نقبل إلا برفع الظلم عن أهلنا".

وأكد أيضا أن جرائم الاحتلال بلغت ذروتها بالتطهير والإبادة الممنهجة في الضفة المحتلة والقدس وقطاع غزة، مشيرا إلى أن العالم رأى من خلال جرائم الاحتلال في غزة أكذوبة المنظمات الدولية وعجز قوانين حقوق الإنسان المزعومة.أسفل النموذج

وقال إن "جيش الاحتلال يستخدم المدنيين دروعا بشرية ويقصف البيوت ويستبيح المستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس" .وشدد على أن طوفان الأقصى "لم يكن بداية مقاومتنا لعدوان الاحتلال، بل كان انفجارا في وجه جرائم العدو"، وأضاف قائلا "نطمئن مجاهدينا وشعبنا وأمتنا أن طوفان الأقصى من تلك المعارك التي لا تؤول إلا لتحولات كبيرة".

تطورات الضفة

وحول الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة، قال أبو عبيدة إن "كابوس تحرك الضفة والقدس وأراضي 48 المحتلة قادم لا محالة"، وأضاف أن "ما يجري من تصاعد مستمر للمقاومة في الضفة الغربية هو رد وخيار شعبنا في مواجهة الإبادة الممنهجة".ولفت إلى أن "رد شعبنا في أراضي عام 1948 على ما يتعرضون له قادم لا محالة وبأيدي أبناء شعبنا الأبطال"، معتبرا أن نتيجة المقاومة الحتمية "ستكون النصر وهزيمة العدو والاحتلال".

وحول الإسناد الخارجي لغزة، قال أبو عبيدة إن "جبهات المقاومة في لبنان والعراق واليمن توحدت لنصرة القدس وضمير أمتنا الجمعي ينحاز لهذه المقاومة" .ورأى أن "مقاتلي أمتنا حققوا بتوحيد الجبهات أمام الاحتلال الوحدة العربية بشكل غير مسبوق"، لكنه استدرك بالقول "أضحى طرد سفير أو قطع علاقات مع عدو يبيد شعبا عربيا مسلما حلما لأمة كبيرة سادت أمم الأرض لقرون".

وتعد هذه المرة الأولى التي يظهر فيها أبو عبيدة منذ أواخر مايو/أيار الماضي عندما أعلن إيقاع قوة إسرائيلية بين قتيل وجريح وأسير في كمين محكم شمالي القطاع. كما تزامنت كلمته مع مرور 9 أشهر كاملة على الحرب الإسرائيلية على غزة.

ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشن الاحتلال الإسرائيلي حربا غير مسبوقة على القطاع، مما أدى إلى استشهاد 38 ألفا و153 شهيدا و87 ألفا و828 إصابة، فضلا عن آلاف المفقودين تحت الأنقاض والمعتقلين في السجون الإسرائيلية، ودمار هائل بالبنية التحتية...ز وفتح الفتى نصف عينه النائمة المغلقة ليطلع على تحليل بارع للدويري:

6/7/2024

"قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري، إن عملية الإغارة التي قامت بها كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، على مقر قيادة عمليات الاحتلال، بمدينة رفح جنوبي قطاع غزة، هي من نوع العمليات التي تنفذها القوات الخاصة بجيش التحرير الشعبي الصيني، وكذلك قوات "دلتا"  الأميركية .وكانت كتائب القسام قالت، في بيان، إن عددا كبيرا من مقاتليها أغاروا على مقر قيادة عمليات الاحتلال قرب حي تل السلطان، وأوقعوا قتلى وجرحى في صفوف الاحتلال.

وأضاف الدويري، في مداخلة من عمّان لتحليل المشهد العسكري بقطاع غزة، أن هذه العملية هي بمثابة رد بليغ على تصريحات قيادات الاحتلال التي تتحدث عن نجاحهم في إضعاف قدرات القسام، وتثبت بشكل عملي أن هذه التصريحات ليست دقيقة على أقل تقدير .وأوضح الخبير العسكري أن عملية الإغارة هي أحد أنواع العمليات التعرضية للقوات المدافعة، وتسمى بـ"سمكة الصحراء" في دلالة على الظهور في المكان والزمان غير المتوقعين، ومقاربتها القتالية الترويع والصدمة باستخدام القوة والعنف والوقت القصير في التنفيذ.

وتابع الدويري في توضيحه لهذه المقاربة، بأن منفذيها ينسحبون قبل أن تتمكن قوات العدو التي تمت مهاجمتها من القيام بأي رد فعل، لافتا إلى أن هذه العلميات عادة ما ينفذها في الجيوش النظامية ما يطلق عليه بقوات النخبة أو القوات الخاصة .وأشار إلى أن هذه العمليات تعتمد على عمليات استطلاع دقيق للهدف، وهو في هذه الحالة موجود ضمن المناطق الدفاعية لقوات القسام، مضيفا أن الأرض معروفة للمقاومة لكن طبيعة الهدف وحجم القوات وتوزيعها بحاجة إلى استطلاع يجب أن يبقى مستمرا حتى لحظة التنفيذ.

وأوضح أنه عند القيام بالتنفيذ، تنقسم القوة إلى 3 أقسام، أولها قوة الحماية وهي المكلفة بمنع الإمدادات وتأمين طريق الانسحاب، والثانية قوة الاقتحام والثالثة قوة التنفيذ، وبعد تنفيذ العملية تنسحب قوة التنفيذ أولا ثم الاقتحام ثم قوات الحماية وهذا يكون في وقت قياسي جدا.... كان ينصت وكأن على رأسه الطير؛ ثم طفِقَ الفتى يردد مغتبطاً: "وحلل يا دويري حلِّلِ"، ثم قرأ الفاتحة على الشهيد "مهند" الذي أطلق هذه المقولة الترندية، ونظر إلى اللحاف فإذا هو قد سحل إلى منطقة بطنه، وفزَّ ليقوم لكن الفراش جبذه إليه لمزيد من الاستحلام الواقعي المرِّ المرير.

أما المحطة قبيل الأخيرة للفتى زكريا فكانت في منزله شبه المهدم في الشَّجاعيَّة .... جلس على أطلاله وبكى ضعف ما بكى الملك الضِّلِّيل على أطلال عنيزة، وبدل أن يستدعي صاحبين "بقِفا"؛ استدعى جُلَّ أُصيحابه ب: " قفوا نبكِ". ثم قال للطير الجميلة أن تحطَّ به على شاطئ غزَّة الحالم الوديع، وعلى نُغيمات المدِّ والجزر استذكر بيتين للمتنبي عن ثَبَج البحر:

هُوَ البَحْرُ غُصْ فيهِ إذا كانَ ساكناً         على الدُّرّ وَاحذَرْهُ إذا كان مُزْبِدَا

فإنّي رَأيتُ البحرَ يَعثُرُ بالفتــــــى         وَهذا الذي يأتي الفتــــى مُتَعَمِّدَا

أجل .... فلَكَم غدر بحر غزة بالصيادين؛ جاؤوه ليتكسبوا بصيد السمك؛ فاصطادهم صاروخ يهودي كاشح؛ فجعلهم طُعما للأسماك القَرِمة؟! ولَكَم ابتلع اليمُّ صغاراً أتوه مستحمين بمائه فحممهم بدمائهم... على حداثة أسنانهم؟!!

......وإذ بالفتى يرفس لحاف أحلامه فيتغلب عليه بالضربة القاضية، وينتزع المخدة من تحت رأس أطيافه المجنَّحة، ويهبُّ سعيداً فيركع ركعتين بالزهراوين.... والمجاهدون على ثرى فلسطين الطهور للصهاينة الأجراء: من كل نفق ومضرب "هاون" ينسلون!!!

********            

في اليوم الثاني عشر من اقتحام الشجاعية – مهدِ الصبا ومحطِّ الذكريات ولعب الفتوة- أفاق زكريا على صداع شديد مع خيبة أمل، وهو بعيد صلاة ركعتي الضحى، وقُيبل أن ينطلق إلى العمل لا بد له من اقتطاف باقة من الأخبار:

  • الاحتلال يدمر كنيسة جباليا البيزنطيَّة التاريخية!!

.... يا الله أعداء الإنسانية والدين؛ فهي الكنيسة التي بُنيت عام 444 ميلادية، ولمَ يهدمونها هؤلاء الأوباش؛ حفدة الخنازير والكلاب؟!

  • وبعد أن غضَّ العالم طَرْفه قبل يومين عن استهداف مدرسة "الجاعوني" وصمَّ أذنيه، وغلَّف قلبه بران التطنيش؛ فقد تلمَّظ العدو الصهيوني الباسل لامتضاغ مدرسة أخرى في "عَبَسان"؛ فكانت القرعة تلكم المرة قد وقعت على مدرسة مكتظة بالنازحين الأَبرياء المدنيين العُزَّل، ودون سابقة إنذار؛ ما استدعى تسعة وعشرين شهيداً إلى السماوات العلا، وعشرات المجرَّحين إلى ما تبقى من أكسجين وخيطان وإبر ..... مما بقي من مشافٍ مهترئة؛ وهي خاوية على عروشها، وقد أتى اليهود بنيانها من القواعد؛ فخرَّت عليهم السُّقُف!!
  • أمَّا عائلة "أبو فريح" فقد جافاهم الفرح وطلقتهم السعادة؛ إذ قبَّلهم صاروخ لدود من بني يهود؛

لُفُّوا في بضعة أكفان؛ فقد عزَّ اللون الأبيض، وكثر الأحمر القاني، ثم صُلِّي عليهم في قارعة الطريق؛ إذ لا مساجد... فجُلُّها مدمرة، ثم وُوروا الثَّرى في حفرة جماعية؛ ليلاقوا الله تعالى معاً!!

  • ولكنْ ... ثمَّة ما يستعيد السعادة المذبوحة؛ فهناك عملية بطوليَّة 4 × 4= فقد دمرت عناصر من المجاهدين أربع دبابات حزينة صهيونية بقذائف الياسين السعيدة.
  • وما هو مفرح أكثر أن "محور فيلادلفيا" الذي غزت من أجله الصهيونية رفح قد تخلت عنه اليوم وهي تجر أذيال الخيبة الموجعة؛ مقابل الإفراج عن رهائنها الذين تعفنوا في الأنفاق!!

.... نزل الفتى بالمصعد، ثم مشى نحو الشارع وهو يلوك هذين الخبرين السارَّيْن، ثم دلف إلى عربة "المترو"، وجعل يجيل النظر في جنات إستنبول الخلابة.... بينما القساميون وإخوانهم المقاتلون؛ فهم للكفرة الفجرة من كل حدب وثقب ينسلون أقدارا محمومة على الأعداء!!

*******

وبينا هو ساهمٌ في خضراء الطريق إذ بسِنة حلوة تسترقه، وما نبهه إلا صوت والدته من شاطئ غزة تُصبِّح عليه:

  • صباح الخير زكوري
  • صباح الورد يمَّا يا حبيبتي
  • سأفتح لك الشَّاشة لترى هذا الأمير
  • وإذ بصورة "أمير"؛ ابن أخيه ذي الثمانية أشهر تتراءى له عبر الأثير؛ وهو يلعب على رمال غزة الطهور؛ فقبَّله من زجاج الخلوي، ثم بكى، فهذا الغلام وُلد بعد المذبحة، ولم يره.
  • هل تعلمين يا أماه أنني حلمت الليلة أنني كنت على شاطئ غزة الحبيب؟
  • الأرواح جنودٌ مجندةٌ
  • وما جاء بكم إلى هنا؟!
  • شدة الحرِّ في الخيام
  • كان الله في عونكم؛ فأنا الآن في طريقي للعمل أرتحل المترو، وهو مكيف صيفا شتاءً، وأنتم في قرٍ وحرٍ دائميْن! وكيف جئتم إلى البحر؟
  • بالحنتور يا أبو المترو المكيف!! دير بالك على حالك يا أمي
  • ادعي لي يمَّهْ
  • الله يرضى عليك... وانقطعت الصورة...
  • هل تسمعينني؟
  • الصوت بيروح وبيجي
  • أنا كما زيِّك
  • طيب الآن رحْ نرجع عالخيام ... وأنت توصل إن شاء الله لشغلك سالم
  • وأنتم بخير وسلامة ... حماكم الله من رجس يهود وصوارخهم الحاقدة
  • صوتك مش واصل .. توت ... توت .... توت .....
  • يبدو أن الخط قد انقطع، لا لرداءته بل لأن يهوداً يمنعون الهواء عن الفلسطينيِّ!!

*******



في المساء اجتمع الفتية الشَّجاعيون مرة ثانية في بيت منعم هذه المرة؛ فجاءهم بأطايب العصير المثلج ثم جلسوا يتداورون الأخبار المفرحة والمحزنة؛ فقال المضيف:

  • لقد بثت الأخبار اليوم أن وائل الدحدوح قد نال من نقابة الصحفيين الأُردنيين وساما وجائزة مالية، ولكنه تبرع بها للمصابين الغزيين.
  • فقال زكريا: كفو... وشهم، واليوم كتب على صفحاته رثاءً لابنه الشهيد الصحفي حمزة في ذكرى ميلاده ال 28 :" أهٍ يا حمزة الروح ، ويا مهجة القلب ، ويا كلَّ شئ … في مثل هذا اليوم قبل ثمانية وعشرون عاما أكرمني الله بمجيئك إلى الدنيا ، فكنت فرحتي ، ولهفتي ولوعتي … وقبل سبعة أشهر من عمر أبشع الحروب، قتلوا الفرحة وابقوا اللوعة … فماذا أقول لك يا بني في يوم ميلادك، فلقد انفطر القلب شوقا لك ولهم جميعا ، فنم قرير العين بجوار ربك ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".... فطفق الثلاثة يبكون حتى بلَّ الدمع كشوحهم!
  • ثم تماثلوا للشفاء من إهراق الدمع الذي لا يسمن ولا يغني من حَزن؛ فقال منعم: لقد صرح مسؤول سابق بالشاباك أن الإفراج عن الأسير عبد الله البرغوثي يمثل ولادة سنوار جديدٍ!
  • فضحك زكريا وصاحبه ضحكة مسحت كل ما أجروا من سيول عَبَرات آنفاً، وقال لقد بات السنوار كابوساً يؤرق مضاجعهم!!
  • فقال منير: ولقد كاتب صحفي صهيوني منصف: السِّنوار انتصر علينا منذ زمن بعيد، وهو الآن في لعبة شطرنج معنا ويقول للنتن: " كِشْ ملك "!!!
  • فضحكوا ثانية بعصبية هستيرية مع دمع مهراق، ثم صار الكلام لزكريا: أما الدويري المحلل العظيم فيقول: إن المصابين الجسميين والنفسيين من جنود العدو باتوا عبئا ثقيلا على دولة إسرائيل المهزومة، كما أن تكتيكات القسام الأخيرة في تل الهوى والشَّجاعية تعجز عنها الجيوش الجرارة!!!!
  • فصفق زكريا وهو يرتشف سلافة كأس عصيره البارد الذي يرطب حرارة الجو الإستنبولي الرطب الحار: أما النتن – ياهو يا هوْ فيحلم بجيش من الشرطة كبديل عن حماس في غزة؟! ولكن البواسل من حدب وصوب له ينسلون كما الجراد؛ فسيلتهم كل أسلحتهم ومحاصيله!!
  • فقال منير مقهقها، وهو يصب أكواب العصير ثانية: حلم إبليس في الجنة... ههعع!
  • أما ألمانيا الذئب العجوز المخاتل- قال زكريا-: فقد دعت للتحقيق في مجزرة خانيونس الأخيرة؛ فماذا عن آلاف المجازر قبلها؟!
  • قال منير وهو ينزل رجله اليمنى عن اليسرى: أما لندن الشمطاء فتحاول الآن منع استجواب نتنياهو في جرائمه، ويُقال إن رئيس الوزراء البريطاني الجديد مثل دمية من خرق في يد الصهيونية العالمية!
  • وفجأة رن جرس تلفون المضيف؛ فرفع السماعة فإذا أبوه يخاطبه من غزة بعد انقطاع شهور؛ فانتحب لسبع دقائق؛ وحشرج وغُصَّ الكلام في فمه، وعيَّ اللسان عن النطق، ثم سمع الأب يقول: لا تاسوا ولا تحزنوا؛ فنحن بخير.. صامدون، منزرعون في رمال حي الرمال والشجاعية، ولن نتزحزح قيد أنملة، ماضون إلى هدفنا لو شطَّ الزمان، وفي جيوبنا مفاتح بيوتنا التي سنرجع إليها قريبا جد؛ بعز عزيز أو ذلِّ ذليلٍ.... وسيعلم الذين هادوا أي منقَلب ينقلبون؟!
  • فبكى الشبان الشجاعيون الثلاث، وغضوا أبصارهم رهبة لهذا الب الصامد، ثم كفكف الابن دموعه وامتخط فقال: هذا يرفع من معنوياتنا نحن الجالسين تحت المكيفات المبردة؛ رغم تصريحات كلبهم الكبير "جالانت" اليوم بوصفه للمرة التاسعة عشرة بواسل المقاومة والشعب الفلسطيني بشكل عام بأنهم حيوانات بشريَّة!
  • فرد الأب بعد غُصَّة سُمعت من أنين صوته المتحشرج: بل إن حيوانات اليهود؛ حفدة الخنازير والقرود يفكرون بوضع السجناء الذين غصت بهم السجون وشَرِقت في أَقفاص؛ كما توضع الحيوانات في حديقة الحيوانات!!
  • فقال زكريا: لقد عجبت أمس لمترجم في قناة الجزيرة الفضائية يبكي وهو يترجم مقطعا مؤثرا عن مأساة غزة الجريحة!
  • فرد الأَب الحاني وهو يحاول بلع بكائه المر المرير رفعا لمعنويات الأبناء المغتربن: لقد تبين أن كلبهم المسعور "بن غفير" يشارك في تعذيب السجناء بيديه الآثمتين!!!
  • وبسرعة البرق الخلاب كان منير قد فتح على صفحة تواصل وبدأ يتلو قصة المفرج عنه "معزز عبيات": " «سجن. قتل.. تعذيب»، هي الكلمات الثلاث التي يرددها الأسير الفلسطيني المحرر معزز خليل عبيات (37 عاما) من منطقة «خلايل اللوز» في مدينة بيت لحم، الذي أفرجت عنه سلطات الاحتلال الإسرائيلي من سجن النقب، مساء أمس الأول، بعد أن أمضى 9 أشهر رهن الاعتقال الإداريّ، وهو بحالة صحية صعبة وصادمة.

  • وعوضا عن أن تفرح عائلته بخبر الإفراج عنه، دخلت في موجة مضاعفة من الألم والوجع والصدمة نتيجة عدم معرفتها بابنها لحظه خروجه من السجن، من حجم وشدة التعذيب، ولعدم معرفة ابنها للعائلة، فيما يشبه نوعا من فقدان الذاكرة، بفعل التعذيب الشديد أيضا، والصدمات بالكهرباء.
    وفي تصريحات مسجلة للأسير المحرر، قال عبيات إن وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير شارك في تعذيبه شخصيا، حينما كان محتجزا في سجن عوفر في الضفة الغربية.
    كما وصف الوضع في سجن النقب بأنه يشبه «سجن غوانتانامو ولا يتصوره العقل، قتل، ضرب، جوع، مرض، 2000 أسير يعانون من أمراض مزمنة، ووضعهم سيىء جداً».

وتقول العائلة لـ «القدس العربي» إن ابنها بحاجة لعشرين طبيبا مجتمعين كي يعملوا معا من أجل الكشف عن حالة ابنها الرياضي، الذي دخل السجن وهو يجيد رياضة الملاكمة وبناء الأجسام ورفع الأثقال، وخرج بحالة مزرية ولا يمكن وصفها.


وتحدثت "آية عبيات" ابنة عم الأسير المفرج عنه لـ «القدس العربي» فذكرت أن معزز نقل من مستشفى الحسين إلى مستشفى «الجمعية العربية» في بيت جالا على أمل أن ينال رعاية طبية خاصة، وأن هناك خططاً لنقله إلى المستشفى الاستشاري في مدينة رام الله.
وتضيف: «معزز خرج وفيه الكثير من الأمراض من كسور وجلدية وفقدان الذاكرة إلى جانب حالته النفسية الصعبة وما يعانيه من سوء التغذية.. الخ».

  • وتقول آية إنها تابعت حالة ابن عمها، الذي كان يعمل لحاما، وأشارت إلى أنه لا يمكن أن نقول إنه يعاني من فقدان كلي للذاكرة، رغم عدم معرفته لزوجته وجدته وبناته «إنما هي حالة من الصدمة التي يعيشها بفعل قوة التعذيب الذي تعرض له».

  • «إنه لا يتذكر أحدا» تقول عبيات، وتتابع: «لم يتعرف على جدته، ولا زوجته التي انهارت لحظة عدم تذكره إياها، و» تكرر الأمر مع طفلته الغالية ميرال (5 سنوات) لكنه مع ذلك ما زال يتذكر الكثير من الصور مما تعرض له في السجن، والكثير عن ماضيه».
    وتضيف: «حتى عندما دخل غرفة التصوير الإشعاعي قال للأطباء: «أنا ميت.. تريدون إدخالي الى القبور».
  • وتؤكد آية أن ابن عمها يتذكر أبرز ما حدث معه، وفي إحدى المرات «ولشدة التعذيب دخل في حالة من فقدان الوعي، وتوقف عن التنفس، حتى ظن السجانون أنه توفي، فوضعوه في كيس ووضع في الثلاجة، وفي وقت لاحق جاء المتطرف إيتمار بن غفير (وزير الأمن القومي الإسرائيلي)، برفقة السجانين، وفتحوا باب ثلاجة الموتى وداس على جسده فتحرك ليكتشف الجنود أنه حي». وتقول: «ربنا نجاه من الموت».

  • تقول آية أيضاً إن ابن عمها الرياضي، قوي الجسم، وحسب شهادات الأسرى الذين كانوا معه في السجن، كان يرفض الرضوخ للسجانين»، وكان يرد عليهم، فرفض أن ينحني أو يقدم مظاهر الذلة أو أن يصمت على مظاهر امتهان الكرامة، ليكون التعذيب المضاعف من نصيبه».
  • «أنتم قتلة الأطفال»
  • وأضافت أنه «لم يكن يرضى أن يُعتدى عليه ويصمت. كان يرد عليهم ويصرخ في وجوههم أنهم قتلة الأطفال».

  • ولم يذكر الاحتلال في سجل معزز عبيات أي تهمة، لكنه خرج من السجن وعلى جسده كل التهم التي توجه للاحتلال.

  • «معزز يبدو مثل الشخص الذي تخرج روحه لباريها، عيناه شاخصة لفوق وفمه مفتوح على وسعه.. إنها صورة صادمة جدا تجعل كل من يراه من عائلته يغمى عليه»، تقول آية.
    وذكر نادي الأسير، في بيان صحافي، أنه تمّ الإفراج عن عبيات من سجن «النقب» الذي شكل ولا يزال عنوانا بارزا لجرائم التعذيب والتنكيل بحق المعتقلين منذ بدء حرب الإبادة.
    وأضاف أنّ المعتقل عبيات «تعرض للضرب المبرح أثناء عملية اعتقاله في أواخر شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وتحديدا على قدميه، ولاحقا واجه سلسلة من الاعتداءات بالضرب المبرح، إلى جانب جريمة التعذيب، وتعكس هيئته التي خرج عليها اليوم شهادة كافية لما تعرض له على مدار فترة اعتقاله، إلى جانب جريمة التجويع، والجرائم الطبيَّة التي شكَّلت أسباباً مركزيةً لاستشهاد معتقلين بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر»، وقد بلغ عددهم العشرات. ولفت نادي الأسير الانتباه إلى أنّ الكلمات الأولى للمعتقل عبيات بعد الإفراج عنه كانت أنه «تعرض لمحاولة قتل» أكثر من مرة.
    وأشار إلى أن عبيات تعرض للاعتقال مرّتين قبل اعتقاله الحالي، وهو متزوج وأب لخمسة من الأبناء، ولم يكن يعاني من أي مشاكل صحيّة قبل اعتقاله، علما أن آلاف المعتقلين يواجهون الموت في سجون الاحتلال، ويتصاعد ذلك مع مرور الوقت وباستمرار عمليات التعذيب الراهنة وغير المسبوقة بمستواها وكثافتها. وحمّل «سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن الوضع الذي خرج به المعتقل معزز»، مجدداً مطالبته للمؤسسات الحقوقية الدولية بأن تتحمل مسؤولياتها أمام حرب الإبادة المستمرة والجرائم بحق المعتقلين كأحد أوجه هذه الإبادة... ولكن المجاهدين كانوا للعدو بالمرصاد؛ فهم له من كل حدب وصوب بالموت الزؤام له ينسلون!
  • وفجأة انقطع التواصل مع الوالد الرَّحوم، وعاد الشُّبَّان الشَّجاعيُّون للتحادث معاً؛ فقال زكريا: سأنبئكم بباقة من أخبار الضفة الصامدة وبطولاتهم: " ذكر شهود عيان أن قوة عسكرية إسرائيلية اقتحمت مدينة طولكرم بعدد كبير من الآليات العسكرية .وأشاروا إلى أن صفارات الإنذار انطلقت في مخيمي نور شمس وطولكرم، وأن مواجهات واشتباكات مسلحة اندلعت بين فلسطينيين والجيش الإسرائيلي.
  • إصابة بالرصاص
  • وفي نابلس، ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أن طفلا أصيب برصاص الاحتلال في بلدة بيت فوريك الواقعة شرقي المدينة. أما في سلفيت، فاقتحمت قوات مماثلة المدينة وفتشت عددا من المنازل والمحال التجارية.
  • وفي مخيم عين السلطان قرب مدينة أريحا، اقتحمت آليات عسكرية منازل فلسطينيين وسط اندلاع مواجهات في المنطقة.
  • وفي رام الله، اقتحمت قوات إسرائيلية "سردا" واستولت على الأسمدة من مشتل زراعي، وأغلقت مدخل البلدة، كما اعتقلت عددا من أصحاب المحال التجارية في المنطقة.
  • عمليات دهم
  • وأشارت "وفا" إلى أن قوات الاحتلال تشن حملة مداهمات تستهدف محلات ومشاتل بيع الأسمدة والمواد الزراعية في عدة مناطق بالضفة.
  • وبوتيرة يومية، يقتحم جيش الاحتلال مدنا وبلدات في الضفة، ويعتدي على الفلسطينيين ويدمر ممتلكات عامة وخاصة، ضمن تصعيد يشرف عليه الجيش والمستوطنون.
  • وارتفع عدد المعتقلين في الضفة الغربية المحتلة، إلى 9600 منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة......!!

فقدَّم لهم المضيف مزيداً من المشروبات وقد تعاهدوا على ألا يكون بينهم مدخن؛ ثم قال: أما أنا فسأقدم باقة شرٍّ شوكيةً من أنباء العدو المرتجف من أخبار التحقيقات في هزيمتهم في السابع من أكتوبر المجيد العتيد؛ وفتح على صفحة إخبارية ثم بدأ يتلو بلغة عربية مكسَّرة: يشير تحقيق للجيش الإسرائيليّ من المقرَّر أن تُعرَض نتائجه، اليوم الخميس، إلى “إخفاقات خطيرة” في طريقة وصول قوّات الجيش إلى كيبوتس “بئيري” في “غلاف غزة”، وفي تواصلها وعملها هناك في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بحسب ما أوردت صحيفة “هآرتس”.

وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن، الإثنين، أنه سينهي قريبا التحقيق في أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر، فيما أشارت تقارير إسرائيلية إلى أن النتائج ستُعرض أولا على سكان مستوطنات “غلاف غزة”، وعائلات القتلى والأسرى المحتجزين في غزة .وكانت وسائل إعلام إسرائيلية، قد أفادت بأن الجيش الإسرائيلي يعتزم الكشف عن نتائج التحقيقات الداخلية في الإخفاقات التي ترافقت مع أحداث السابع من أكتوبر، الخميس، لسكّان كيبوتس “بئيري”، قبل إتاحتها للجمهور.

ونقلت “هآرتس” عن مسؤولين ذكرت أنهم اطّلعوا على نتائج التحقيق في الإخفاقات التي ترافقت مع المعارك التي اندلعت في”بئيري”، قولهم إن التقرير يشير إلى إخفاقات خطيرة في الطريقة التي وصلت بها قوات الجيش الإسرائيلي إلى الكيبوتس .ووفق نتائج التحقيق، فقد ترك عناصر من وحدة “شيلداغ” القتال في الكيبوتس، من أجل القتال في مناطق مختلفة، “دون أن يتم ذلك بتوجيه من القيادة العليا ”. ووفق “هآرتس”، فإنّ المصادر التي قالت إنها مطّلعة على نتائج التحقيق، تؤكّد أنه “تحقيق معمّق، شمل شهادة العشرات من السكّان والمدنيين وعناصر القوات الأمنية، وجهات أخرى شاركت في المعارك التي اندلعت في بئيري.

ويظهر التحقيق أنه لم يكن هناك أي اتصال بين قوّات الجيش الإسرائيليّ التي كانت تتواجد داخل الكيبوتس، “ممّا جعل من المستحيل إدارة جميع القوات في الكيبوتس”. ويشير التحقيق كذلك إلى أنه “لم تكن هناك أولويات للأهداف التي من المقرّر تحقيقها داخل الكيبوتس، وتأثّرت وتيرة التقدّم في الميدان بهذا الأمر”.

وكان الجيش الإسرائيلي قد قال في بيان أصدره الإثنين، إنه “من المقرر أن يستكمل في الفترة القريبة، التحقيقات العملياتيّة في أحداث 7 أكتوبر، لافتا إلى أنه “بعد انتهاء التحقيقات، سيتم تقديمها أولاً إلى الـ’يشوفيم’ والـ’كيبوتسات’ في الجنوب، وإلى عائلات المختطفين والعائلات الثكلى، ثم سيتم نشرها بشفافيّة للجمهور.

وأشارت التقارير إلى أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، قد حصل الإثنين، على نتائج التحقيق الداخلي بشأن المعارك التي اندلعت في “بئيري” في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، بما في ذلك واقعة قصف دبابة إسرائيلية لمنزل في الكيبوتس، ما أسفر عن مقتل 13 إسرائيليًّا.

وبدوره، وجه مفوض شكاوى الجنود السابق اللواء الاحتياط في جيش العدو "يتسحاق بريك" انتقادات حادة، لمساهمة هرتسي هاليفي في انهيار الجيش وفشله في الاستعداد للحرب المستقبلية.

وقال بريك إن هاليفي لم يطالب بإعداد سلاح الجو، القواعد، ومدارج طائرات الجيش ضد الصواريخ الدقيقة والطائرات بدون طيار التي ستطلق على القواعد مما قد يضر بقدرة الطائرات على الإقلاع لمهامها أو الهبوط.

كما أن هاليفي لم يهتم بترتيب القوات البرية ولم يخطط لزيادتها بعد تقليص 6 فرق في السنوات العشرين الماضية، وهذا النقص لا يسمح بالانتصار في غزة، وتسائل “هل من الممكن القتال في ست ساحات في نفس الوقت؟ وأشار بريك إلى أن رئيس الأركان أهمل تماماً تحضير الجبهة الداخلية لحرب إقليمية، ولسيناريو تدمير مستوطناتنا على الحدود الشمالية وحرائق عشرات آلاف الدونمات من حزب الله الذي أطلق عشرات الصواريخ والقذائف والطائرات بدون طيار وليس لدى الجيش الإسرائيلي حلول لهذا الأمر. وتسائل ماذا سيحدث في حرب إقليمية عندما يطلق الإيرانيون وحلفاؤهم آلاف الذخائر على إسرائيل كل يوم؟!

وأكد بريك أن هاليفي لم يفهم خصائص الحرب التي تغيرت تماما عن الحروب السابقة، ولذلك لم يشترِ آلاف الطائرات بدون طيار الهجومية التي تُصنع في إسرائيل؛ وتُباع في الخارج .وقال إن الغطرسة وعدم قبول المسؤولية اتسمت بها القيادة العليا للجيش الإسرائيلي تحت قيادة هرتسي هاليفي قبل الحرب، ما أدى إلى أسوأ فشل في تاريخ الدولة، خلال عملية 7 أكتوبر!؟!

*******

خرج العدوُّ مدحورا من الشجاعية الشجاعة، وخلَّف وراءه عشرات جثث الشهداء مزروعة في الطرقات والحواري، وبعض آليات ثقيلة لم يسعفه الوقت في سحبها؛ فجثت شاهدة على خذلان العدو المندحر وخيبة أهداف حربه الخاسرة! ولكنهم وكي يبقوا بعض ماء وجه لجيشهم المثلي فقد نقلوا العتاد والأجناد إلى جهة أخرى من غزة ليدمروا شجرها وحجرها وأناسيَّها!!

وهكذا تهاوت الأَساطير الصهيونية على مذبح حماس الياسيني، واندثرت إلى غير رجعة أقاويل الجيش الذي لا يُقهر، وتراجعت مبيعات إسرائيل من الأسلحة تراجعا مريعاً، وأثبت الفتية الفلسطينيون الذين آمنوا بربهم وزادهم هدى أن النصر مع الصبر، وأن الله مع المحسنين.

أصاب زكريا زكام شديد، فلزم البيت أسبوعا، وانعزل عن الصحب الشَّجاعيِّين؛ فصار يعمد إلى مطالعة ما يكتبه الصحفيون عن الملاحم الغزِّيَّة:

                                                   (وقتل داود جالوت)

(يقرر القرآن الكريم أن الغلبة ليست منوطة بالقوة والعدد والعدة، فهذا داود الفتى يقتل فرعون عصره، جالوت... ولم يكُ بعدُ نبيا؛ ولَعَمري تلكم نواميس كونية ثابتة.

وفي سورة الكهف يحدثنا سياق مشابه عن فتية آمنوا بالله فزادهم هدى، وواجهوا أيضا جبار عهدهم وصدعوا بكلمة الحق؛ " نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ ۚ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى " (13).

     وإبراهيم -عليه السلام- من قبل قد تصدى للنمرود (زاهام)، وقد وصف القرآن إبراهيم عليه السلام بجملة: (سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم). أما يحيى عليه السلام فقد آتاه الله الحكمة؛ وهو صبي.

   وبمجمل هذه الحكايات القرآنية عن تصدي الفتية لجبابر أعصارهم يقرر النص القرآني أن جند الله هم المنصورون، فقد كتب لأغلبن أنا ورسلي ... إن الله قوي عزيز.

   وهذا كان واضحا منذ الفرقان، يوم التقى الجمعان في بدر، وعبر فتوحات المسلمين في كل الأزمنة، وقد قررت آيات الأنفال تلكم الحقائق؛ "  يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَرِّضِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ عَلَى ٱلۡقِتَالِۚ إِن يَكُن مِّنكُمۡ عِشۡرُونَ صَٰبِرُونَ يَغۡلِبُواْ مِاْئَتَيۡنِۚ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّاْئَةٞ يَغۡلِبُوٓاْ أَلۡفٗا مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَفۡقَهُونَ (65) ٱلۡـَٰٔنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمۡ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمۡ ضَعۡفٗاۚ فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّاْئَةٞ صَابِرَةٞ يَغۡلِبُواْ مِاْئَتَيۡنِۚ وَإِن يَكُن مِّنكُمۡ أَلۡفٞ يَغۡلِبُوٓاْ أَلۡفَيۡنِ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ (66) ".

   ونحن المسلمين على موعد اليوم لتمخُّض (داود) مسلم مؤمن جديد، وهو الذي سيقتل جالوت عصرنا، فيا لفخر البطن التي تحوي بين حشاها ذلكم الفتى المنتظر!!

فعضوا على طوفان أقصاكم بالنواجذ، ولا تصغوا للطابور الخامس عشر من المخذِّلين؛ فإن منا لَمن ليُبطِّئنَّ، ونصر الغد معقود على جهاد فتية غزة؛ فهم قد آمنوا بربهم وزادهم هدىً؛ والله غالب على أمره ولكنَّ أكثر الناس لا يعلمون.

   نبيُّ الله داود -عليه الصلاة والسلام- بعدما قتل طاغية عصره جالوت صار بعد طالوت ملكاً، ثم ورث سليمان داود؛ في سلسلة ذهبية ممن ممن أخلصهم الله بخالصة ذكرى الدار؛ " فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ۚ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۚ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ۚ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251) تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۚ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (252)") .... وينام الفتى مستكفيا بوعود الله للفتية المؤمنين؛ فهو لن يضيعهم، ولن يخذلهم.

وفي اليوم التالي يستطلع زكريا الأَخبار؛ فإذا "دونالد ترمب" الرئيس الأمريكي السابق يتعرض لحادثة اغتيال فاشلة؛ وإذ بالصهاينة الملاعين ينفذون جريمة في "مواصي خانيونس" يروح ضحيتها مئات الشهداء والجرحى؛ وإذ بقناة "عربية" ما تهتم بعشر غرامات من الدم سِلن على وجه المقبوح تشرمب أكثر من آلاف الليترات من الدم الزكي الطهور التي أُهرقت في مخيم خان يونس!!

*******

وبينما كان زكريا يعد نفسه للانطلاق للعمل بعيد انتهاء العطلة المرضية؛ إذ برسالة ترن على الجوال، فارتد من الباب واتكأ على الأريكة وشرع يقرأ الخبر المحزن المفرح: " استشهاد الأستاذة الدكتورة ختام الوصيفي أستاذة الفيزياء في الجامعة الإسلامية بغزة وزوجها د. محمود أبو دف أستاذ أصول التربية في الجامعة، زوجان سعيدان، وشخصيتان فریدتان، ومربیان قديران وعالمان من علماء غزة الذين استهدفهم الاحتلال في هذه الحرب ليرتقيا معاً بعد حياة حافلة بالعطاء معا"؟! أليس هذا طراً خبراً مفرحاً؟ سألت نفس زكريا؟! فأجابت نفسها: بلى؛ فهما في السماء وقد رحلا عن دنيا العناء.

     واستذكر قطار الذاكرة للفتى شريط من استهدفتهم الصهيونية الملعونة خلال عشرة أشهر كبيسات بالدم والمرارات؛ فنط إلى خلده ذكرى استشهاد رئيس جامعة غزة العام المنصرم الأستاذ الدكتور سفيان تايه الذي صُنف عام 2021 ضمن أفضل 2% من الباحثين حول العالم يحمل درجة الأستاذية في تخصص الفيزياء النظرية والرياضيات التطبيقية، عُين حاملاً لكرسي اليونسكو لعلوم الفيزياء وعلوم الفضاء في فلسطين؛ فتيقن زكريا لحظتئذٍ أن استهداف علماء غزة أمر ممنهج، ومكر كُبَّارٌ مبرمج

وبينما هو يغذ السير على أنغام سمفونية الحَزَن المعنَّى؛ إذ برسالة تطرق باب الخليوي؛ ففتحها فغذ بأخبار المجاهدين وهم من كل حدب للعدو ينسلون... ولنسله قاطعون:

" كشف مصدر أمني في قطاع غزة، عن تمكن المقاومة خلال الأشهر الماضية، من الإمساك بعملاء، حاول الاحتلال توظيفهم للحصول على معلومات، تساعده على استهداف قيادات واختراق الجبهة الداخلية، وأنه (الاحتلال) اضطر إلى قتل عدد من هؤلاء العملاء بعد أن أوقفتهم المقاومة. وقال المصدر، الذي شدد على عدم كشف هويته، إن الاحتلال كان يفترض أنه باستهداف عناصر الأجهزة الأمنية وأفراد المقاومة، فإنه بات مسيطرا على ساحة غزة، وبإمكانه زرع عملائه بين الفلسطينيين لبث رسائل أو الحصول على معلومات تمكنه من قلب المعركة لصالحه. واستدرك لكن ما يحاول أن يخفيه الاحتلال أن المقاومة على دراية بهذه الخطط والتوجيهات، وهي تتابع عن كثب كل مخططات الاحتلال وتحركاته المشبوهة .وأشار المصدر إلى أن المقاومة تمكنت بجهود استخبارية خاصة بها، من الإمساك بشبكة من هؤلاء العملاء والتحقيق معهم، ومعرفة الأوامر التي طُلب منهم تنفيذها، ليتبين لنا أن الاحتلال سعى عبر هؤلاء العملاء لنشر إشاعات بهدف تثبيط معنويات الفلسطينيين وبث روح الهزيمة في نفوسهم؛ وفق قوله. وأوضح أن التحقيقات مع العملاء كشفت أن الاحتلال طلب منهم نشر إشاعات بتحميل المقاومة مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية، وأن ما تشهده الأسواق من ارتفاع في الأسعار سببه المقاومة.  كما كشفت التحقيقات وفقا للمصدر عن "تحركات مشبوهة لهؤلاء في المستشفيات ومراكز الإيواء مهمتهم جمع المعلومات عن الأشخاص المتواجدين في المكان ومهام كل واحد منهم وتتبع مسار تحركاتهم لتزويد الاحتلال بهذه المعلومات .ووفقا للمصدر "فقد تُتُبِّع مسار هذه الشبكة من العملاء الذين تنكروا وكأنهم نازحون، وتم معرفة مهام كل واحد منهم والمسؤولية الملقاة على عاتقهم، وما إن علم الاحتلال بأن العملاء قد أُوقِعُوا في الكمين الذي نصبته المقاومة لهم قصف المكان الذي يوجَدون فيه في محاولة منه لعدم منح المقاومة فرصة لمعرفة المزيد من المعلومات.وأكد المصدر أنه وفقا للتحقيقات التي أجريناها، فهؤلاء العملاء يمتلكون شرائح اتصال إسرائيلية، تمكنهم من إجراء مكالمات مع مشغليهم دون تتبع من المقاومة، وأن هذه الشرائح تتيح لأجهزة المخابرات تتبعهم ومعرفة إذا ما كانوا في خطر، أو أنه اُكْتُشِف أمرهم" !!

ضحك الفتى الشَّجاعيُّ لخبر اصطياد عصافير الصهيونية القذرة؛ فالمقاومون من كل ثقب ينسلون؛ فيقطعون حبل التناسل السُّريِّ بين الأعداء والأعداء ..... والشجاعية ما فتئت ترفد البطال الشجعان كل يوم بمزيد من دم .. حرٍّ زكي .. طهور .. لمَّا يروي غُلَّة النصر المستشرف..........

وسوم: العدد 1087