أنا أهبل ..!!

clip_image002_2dcf1.jpg

ضوضاء، ضجيج، عنفوان، غضب، صخب، تمرّد، حالتي الكتابية التي أعشق، فأنا لا ابحث عن حالة هدوء تمنحني طمأنينة الحرب، أقصد الحرف، أنا واقعي، أبحث عن تفاصيل واقعي، وواقعي له علاقة بكل شيء إلا الهدوء، أنا ابن الحرب، الانتفاضة، الخلافات البغيضة على أقل تقدير.

أنا يا أمي لما أتيتِ بي على هذه الدنيا كنتِ في أشد حالاتك صراخاً وكذلك أنا، ولما دخلت المدرسة وجدت مدرس الرياضة يصرخ بنا أكثر من أي شيء وحتى الألعاب والروح التي تسمى رياضية، ولما التحقت بالدراسة الجامعية وجدت الأحزاب في أعلى درجات عنصريتها وصخبها... عام 2006، تذكرينه جيداً وقذارته اللاحقة...! ثم لما خرجت لسوق العمل، ما وجدت غير التطبيل والتزمير والتشحيط والتفحيط بألسن كثير قبل عجلات السيارات، والكل يدعُ للسلام ...!!

توقفي أمي... هنا وعند سوق العمل، نعم إنه يحمل كل مفاهيم السوق، هناك عرض وطلب، بائع ومشترٍ، بضاعة "موجّهة" ، ماذا يعني موجهة، بلغة التجار يا أمي الصالحة والجميلة والفاتنة على السطح والباطن يحمل كلّ القذارة التي تتورطين بها أحياناً إن صدقت دجل تاجر واشتريتِ صندوق بندورة.

في سوق عملنا، الخائن أكثرنا وطنية، العاهر أكثرنا عفة، الفاسد أكثرنا حرصاً على مقدرات البلد، المتدين أكثرنا انحلالاً، هكذا هي المعادلة أمي، شئت أم أبيت هذه نتيجة الواقع الحسابي الذي نعيش، مع وجود أعشار للنتيجة بمثابة استثناءات لواقعنا الرجيم.

أنا يا أمي أبداً لست ُ متشائماً، وإلا لما وجدتني حياً، أنا فقط أعيش وسط القذارة الحقيقية، ولن أخرج منها.... لأنني لو فكرت الخروج سأقتل، كالعميل الخائن لو فكّر العدول سيقتل؛ إما ممن خرج من ثوبهم وإما ممن يريد الخروج من ردائهم.

لا تعاكسيني كثيراً يا أمي، نحن جميعاً نقع في قبضة القذارة، ونمارسها أحياناً واعين على ذلك أو لا، لكن البضاعة بات أكثرها فاسداً في سوقنا، والباقيات الصالحات يخرجن خارج اطارنا.

أمي؛ في جعبتي كثير الفساد، لكني أسأل كثيراً من أنا حتى أخرجه، وبأي طريقة سأخرجه، ولأي هدف سأفعل، ومن المستفيد، وماذا سيكون بعد ذلك، رصاصة أم أن الأمر لا يكلّف أكثر من ورقة موقعة من سطرٍ أعلى من أن أصله يوماً، فأعود وأستر ما لديّ، وبذلك أنا خير الفاسدين...!!

أمي، أنا لا أخشى العارية، ولا شيء بي يتحرك لو تراءت لي عمري كلّه، لكني أخشى تلك التي ترتدي لتستر أشياء وأشياء حتى يحين موعد الكشف فتكشف، والموعد محدد برغبتها ومزاجها ومصلحتها ووجهتها، وأصدقك القول أن واقعي يضجّ بالمتسترات، أقصد المتسترين، لكني مضطر للحديث بلغة الجنس لأنها اللغة التي باتت تفهم.

أقسم لك أمي، أنا الآن أعي جيداً كيف تخرج الألحان إلينا، وأعلم أيضا ما مصنعها، وأعلم كيف تتم صياغتها، وعلى أي نحو تكون، ولأي اتجاه ستؤدي، ومن سيستخدمها للغناء، وبأي طريقة سيرقص الآخرين عليها، وأي الآذان ستطرب لها، وأيها ستضجر منها، إني ورب السماء أعلم، لهذا أنا أهبل ...!!

وسوم: 634