ممثلة الكتلة

القت سميرة، المسؤولة الجديدة للجنة الاعلامية، كلمتها وبدت بخير. انفجر التصفيق كأنه كان محجوزاً خلف سد، وطلب منها مصور أن يأخذ لها صورة. بعد ذلك ذهبت إلى الكواليس.

لم استطع حسم أمرها. كنت، رغم التقييمات الايجابية التي وصلت، مترددة بين أكثر من أمر. الصورة الاجتماعية ليست هي الفعلية. كم من واحدة صيتها ذائع وهي لا تسوى بصلة، أو العكس الكل ينتقدها وقادرة على التصرف بمبدئية لا تستطيعها غيرها.

شعبية سميرة بين الطلاب لم تهمني كثيراً مع أنها عامل مؤثر وحصلت على أصوات موازية. كنت واثقة من أنها آنية. نصفهم ذكور يميل غالبيتهم مع النسيم الأنثوي، والبنات غيورات مجاملات يترادفن في الرأي، لكن كل واحدة منهن تبطن داخلها شيئاً يظهر في اللحظة المناسبة لها.

وأن تصبح فتاة، سميرة حسب الاقتراحات، ممثلة الكتلة قرار لم يسبق اتخاذه. لم اكن متحمسّة له. كانت طالبة بلا خبرة، وفي السنة الثانية بعد. ثم خطرت لي فكرة، أن أرى كيف ستتصرف في شأنها الخاص، لأحكم على العام المتوقّع.

نهضت وبحثت عنها في القاعة التي توصل الكواليس إليها. وجدتها مستغرقة في فرحة عارمة مع صبايا مثلها. لما انتبهت إلي اقتربت بسرعة وقبلتني. كانت فخورة بنفسها.

-         لم أعرف أنك حاضرة يا خالة.

تقدّر وضعي بعمومية لها صلة بالثقل الاجتماعي وترددي على الجامعة، ومن هنا تهتم أمامي وتحرص، لكنها لا تعرف شيئاً عني.

-         وصلت متأخرة.

-         ما رأيك؟

يمكن تفهم فرحتها لأنها صغيرة، وهي كلمتها الأولى لها. لا بد أن التساؤل والقلق تناهشاها.

-         رائعة حبيبتي!

نادت عليها رفيقة من رفيقاتها فاستأذنت. أخبرتها أنني أريدها لدقيقتين بعد أن تفرغ.

أتت بعد عشر دقائق وكانت قلقة.

-         حبيبتي، لا أخفي عليك. أفكر فيك لابني وليد. لم اشاوره بعد، لكن فكري في الموضوع.

وضجّت أساريرها ما بين فرح وتحرج وتظاهر.

-         لا أريد أن أتزوج!

كأنها ستزفّ في الغد!

-         ليس الآن حبيبتي، الأمر فكرة، والوقت القادم طويل.

وانتظرت في الأيام التالية ردّات الفعل. لم تبق زميلة لها صاحبة أو غريبة الا واخبرتها. وروجعت في الأمر من غير واحدة ومعهن زوجي الذي وصله الخبر واستغرب. لم أنف ولم أؤكد. وتغيّرت هي وصارت متعالية حادة ومضطربة، مع الجميع. ولمّا زرت والدتها لم يظهر أن الأخيرة تعلم شيئاً، مع أن المفترض أن تحدّثها هي ولا تخبر غيرها.

حمدت الله على أن ابني في جامعة أخرى -وكنت بالفعل سأقترح عليه الأمر- والا لتسببت له بمشكلة تؤثر في تخرجه.

عرفت أنه إذا كان هذا هو شأنها في أهم أمورها وتغيّرت للأسوأ، فكيف ستتصرف في الغد كممثلة عن الكتلة؟

غالبا لن تستمر طويلا في اللجنة الاعلامية، وسيظل الممثل شاباً كالعادة.

وسوم: العدد 689