من إياس هيثم المالح إلى مؤتمر القمّة العربية

هيثم المالح

الأخ رئيس المؤتمر للقادة العرب الموقر القائد مُعمّر القذافي

الجمعة الموافق 26 أذار 2010

اسمحلي أيّها القائد أن أبلغ سلاماتي وتحياتي من خلالكم إلى القادة العرب رؤساء وملوك ، وأن أهنئكم على قيادتكم للدورة الثانية والعشرين لمؤتمر القمّة العربية ، والذي آمل أن يُكتب له النجاح ، والطفرات النوعية في اتخاذ القرارات المُفيدة لصالح دولنا ومنطقتنا وشعوبنا ، ولصالح الإنسان العربي بشكل خاص ، لُيرفع عن مواطننا كل مايُقيد حريته وانطلاقته لنواجه أطماع العالم بإنسان قوي صاحب إرادة وصاحب برنامج يفدي وطنه بالمهج والأرواح فداءاً له ، ولن يتأتى ذلك أيها القائد إلا إذا اتبعت الدول نهجكم ، عندما أطلقتم سراح من في السجون ، وفتحتم البلاد على مصراعيها لعودة جميع أبنائها ،وتقدمتم بخطوات كبيرة في الاتجاه الصحيح  فنلتم بذلك شرف السبق لإطلاق الحريات ، وتغير المنهج بما يُلائم روح العصر تعزيزاً لدور المواطن العربي الليبي في مواجهة التحديات

ولا أُخفيكم بأن والدي القاضي المحامي الحقوقي وشيخ المناضلين الشهير بمنديلا سورية شيخ المناضلين هيثم المالح حفظه الله ورعاه وأبعد عنه إن شاء الله كل سوء ، والذي أفنى عمره في السجون حتّى بلغ الثمانين من عمره ، ولم تهن عزيمته ، ولم يفتر ، ولم تضعف إرادته إلى أن يتحقق مراده في حرية شعبه السوري المُثقّل بالقوانين الاستثنائية المُسماة بالطوارئ منذ نصف قرن من الزمان ، وهي لاتزال جاثمة على صدور شعبنا الأبي ، وكل يوم يُضاف إليها المزيد ، ناهيك عن محاكم التفتيش العسكرية التي لم يشهد التاريخ لها مثيلاً في تعسفاتها وظلمها ، والتي أودت بحياة الآلاف المؤلفة منذ نشأتها ، عدا عن القوانين التي تحكم بالإعدام لكل مُعتنق لفكر أو رأي ، فكان أبي ومن معه من المُدافعين عن حقوق الإنسان وحريته وكرامته لايملّو أبداً من توجيه النصح للقيادة السورية والنقد لها على بقائها على هذا النهج الذي أكل الدهر منه وشرب ، وكان لايتوانو عن قول الحق بكل مايدور في سورية سلباً كان أو إيجاباً ، وكانوا يسعى لتغير هذا المنهج الجامد بكل جرأة وثبات بالطرق السلمية ، وبما آتاهم الله من حُسن الخطاب والحكمة ،مما أدّى إلى اعتقالهم ومُحاكمتهم والحكم عليهم بالسنين الطوال ، ومنهم والدي الثمانيني ، والذي كان يتكلم إلى محطة بردى ردّاً على سؤال لما يجري في سورية من الكوارث والانتهاكات الصارخة ، حتّى فوجئ بمداهمة الاستخبارات العسكرية السيئة الصيت والسمعة لمنذه ، واقتياده مكبلاً بالقيود لمحاكمته أمام القضاء العسكري ، وهو إبن الثمانين وعلم من أعلام سورية ، ليضعوه في السجن دون أي وجه حق و دون غطاء أو سرير مُمدداً على فراش رقيق ملتصق بالأرض في ظل الأجواء الشديدة البرودة التي تعرفها سورية ، محشوراً مع المجرمين والعتاة ، المُؤمَن لهم الأسرّة والبطانيات المناسبة بما يقيهم من زمهرير البرد ، بينما أبي الشيخ الثمانيني الذي يعاني من الأمراض المزمنة وأهمّها : السكّري وقصور الغدّة الدرقية وغيرها ... يُحرم من أبسط الحقوق ، مما يجعل حياته معرّضة للخطر نتيجة الأمراض العضال الّتي يعاني منها في سنّ الشيخوخة ، وهو لايحتمل جسده النحيل كل هذا الظلم ، حتّى أصبحت حياته مُعرضة للخطر الشديد ، في نفس الوقت الذي لاينفع مع مثله أي ضغط لتغيير وجهة نظره التي يؤمن بها ب إلا بقتله وهذا ماقد يُقدم علية جلاوزة النظام السوري ، كما فعلوا مع الشهيد المهندس القطّان ، الذي منعوا عنه حتّى الدواء ، ولم يُخرجوه إلا وهو يلتقط أنفاسه الأخيرة التي فارق بعدها الحياة ببضعة شهور ، حيث لم يعد ينفعه دواء ولا استشفاء

وإنني بوصفي ابنه وباسم إخواني وأخواتي وأحفاده وأقربائه ومحبّيه و... أضع جميع المُلابسات بين أيديكم أيها القائد لكونكم رئيس القمّة العربية لعرضها على إخوانك القادة رؤساء وملوك لإطلاق الصيحة لإطلاق سراح والدي الشيخ الثمانيني ، وأضع هذا الأمر أمانة في أعناقكم جميعاً يوم القيامة حتى يُطلق سراح والدي ، والذي إن أصابه أي مكروه لاسمح الله سيتحمل العالم اجمع وزر ذلك ، وأملنا فيكم كبير أيها القائد لاتخاذ موقف طيب ومُشرف ينم عن شخصيتكم وطيب معدنكم ، وإنّي على يقين بمدى قدرتكم على فعل شيء ، داعياً الله أن يُعينكم للإفراج عنه وعن جميع زملاءه الذين لم يكن ذنبهم إلا إدانة الأحكام التعسفية وبالله التوفيق

اياس هيثم المالح.