حول دعوة أيمن الظواهري إلى التفجير في دول الغرب
التغطية على جرائم الأسد ولفت الأنظار عنها
مقولة كثيرا ما كررها الحكماء : عدو عاقل خير من صديق جاهل . هذه هي معادلة أمة الإسلام مع زمرة من أهل الفدامة من أبنائها . نقول : أبناؤها معتذرين عن هذه الإضافة المزيفة ، فالمعتوهون هؤلاء لا يضيفهم إلى كيان الأمة إلا شهادة ميلاد ورثوها عن آباء وأمهات ، ولم يرثوا معها من حقوق الانتماء ومقتضياته أي شيء آخر .
وهؤلاء حين يتداول عقلاء الأمة بشأنهم ، على تباين توجهات هؤلاء العقلاء ورؤاهم ، يحصرونهم بين قوسي ( الجهل .. والخيانة ) فمن يحسن الظن فيهم ، يعتذر لهم بالجهل والضلال ، ومن يسيئه يتهمهم بالخيانة والغدر . وسواء صح هذا أو ذاك من أمرهم فقد شكل هؤلاء في العقدين الأخيرين من تاريخ الأمة ، أحد العوامل الأكثر نكاية وسلبية في جنب أمة الإسلام ، وتشتيت أمرها ، والتنفير منها ، والإجلاب عليها ، وتأليب الناس على أمرها ليرميها الجميع عن قوس واحدة ، وإعطاء الذرائع لكل من غدا وشدا للعدوان عليها واستئصال شأفتها ، وطمس هويتها ، ووطأ المستضعفين من نسائها ورجالها ؛ وكل هذا وأهل الضلالة والفدامة أو الخيانة والغدر لا يشعرون ...
وكان من أكبر إنجازات أهل الضلالة هؤلاء ، فيما يزعمون ويتباهون ،الجريمة التي يخزى لفعلها أصحاب العقول والقلوب من البشر الأسوياء بله المسلمين الأتقياء ، والتي أطلقوا عليها علوا واستكبارا وزورا وبهتانا ( غزوة ما نهاتن ) وما أرادوا بها إلا فسادا وعلوا في الأرض فكانت بالنسبة إليهم كما قال الأول :
ألهى بني تغلب عن كل مكرمة ...قصيدة قالها عمرو ابن كلثوم
نقرر هذا لا لنستثيرهم على المزيد من الجرائم ، وإنما لندمغهم بالعجز على مقتضى المنطق الذي به يتباهون ، والغرور الذي به يتبجحون . وهم كانوا سببا بهذا الفعل الشنيع في ذاته وفي آثاره وتداعياته سببا لنكبة المسلمين في أفغانستان وفي العراق ثم في سورية ولبنان واليمن ..
جريمة مانهاتن وليست غزوة مانهاتن كما يزعمون تسببت ، في شتات أهل الإسلام في أفغانستان ، وفي سقوط دولة عربية كانت حمى حقيقيا اسمها العراق . وجريمة مانهاتن تسببت في انفلات الغول الصفوي الذي ينفثون السم اليوم من حماه على جميع بلاد العرب والمسلمين . وأمة الإسلام في أضعف ما مر على تاريخها من حال فلا حدود الله التزموا في فقه مسدد مقرر ، ولا قواعد السياسة أعملوا بمناسبة الفتوى لواقع الحال واعتبار معطيات الزمان والمكان..
يدّعي هؤلاء ( الجهاد ) في إسقاطات عدمية لفقهه وقواعده ، وفي انتهاك لمبادئه ووسائله ، وفي تفويت واضح لأولوياته في التصدي للعدو الصائل ، ومباشرة من يليك ، ورد عدوان من يعتدي عليك بمثل عدوانه . إنّ ادعاء هؤلاء للجهاد خارج ليس عن نطاق الشرع والشريعة والدين والعقيدة والسياسة والكياسة ؛ بل خارج أصلا عن بدائه العقول ، ومقررت الأفهام ، وتصرفات أولي النهى والأحلام .
وكل ما يصدرعن هؤلاء وهم في أحضان أهل(التقيّة) وأتباع الجبت والطاغوت ، يزينون لهم الفتنة ، ويدعونهم إلى قتل أنفسهم وأهليهم ، إنما هو جعجعة بلا طحين ، تضع أمة الإسلام في قوس الاستهداف العالمي ، وتستجلب عليها العدواة والبغضاء ، وهم لا يجترون كلاما بلا معنى حتى تحقق فيما يهرّون قول العرب : أوسعتهم سبا وأودوا بالإبل ، فكان هذا مقتضى سعيهم دمارا ووبارا على مدى عقدين من الزمان ..
ولقد كان المستفيد الأول من خبطهم وضلالهم هم أهل دين التقيّة ، والمشروع الصفوي ، حيث تذرع بهم المهددون زورا برغائهم ليعقدوا قرانهم على المشروع الصفوي كما عقدوه من قبل على المشروع الصهيوني ، ولتقع أمة الإسلام بين حجري الرحى الصهيوني – والصفوي على السواء ، وليحشّ هؤلاء نار الفتنة كلما خبت زادوها تسعيرا ..
في سورية العربية المسلمة المتآخية على عهد أبي عبيدة وخالد ، ثار شعب ، يعرف عقيدته ، ويعرف شريعته ، ويعرف مشروعه ، ويعرف يومه وغده ، استغل هؤلاء الانتصارات التي حققتها الثورة والثوار ، والفراغات التي خلفتها هذه الانتصارات ، ليعيشوا كالطفيليات على ضفاف الثورة أولا ، ثم لينشبوا فيها على طريقة الخلايا البيولوجية الضالة والمنفلتة من نظامها ، وليكونوا ثالثا الوبال على الثورة وعلى مشروعها وعلى السوريين وعلى تضحياتهم..
إن الكثير من معاناة الشعب السوري اليوم هي من تداعيات ما قدمه هؤلاء الضالون المنحرفون من ذرائع ، وما وطّؤوه للظالم المستبد من أسباب البقاء. وهو ما يراه السوريون اليوم رأي عين . ويسمعونه ممن حولهم مع كل صباح ومساء . ولقد كان السبب الرئيس وراء دخول هؤلاء على خط الثورة السورية ، وهم الذين كانوا من أدوات جرائم الأسد في العراق وفي لبنان على مدى عقد من الزمان ، هو التغطية على جرائم الأسد الكبرى ، ولفت الأنظار عنها ، وإشغال العالم بعنعنات باطلة ، وتهديدات جوفاء ، وارتكابات شنيعة، تبث الاستنكار في العقول ، والاشمئزاز في القلوب والنفوس ...
ليخرج علينا صوت من وكر خفي في قم أو في طهران يدعو أتباعه ، والنار الصفوية تشب في العراق وفي الشام وفي اليمن أن يتوجهوا إلى دول الغرب ليقطعوا الطريق على المسلمين الخائفين في مهاجرهم ، وليألبوا عليهم شعوبا تعاطفت ومع مأساتهم التي صنعها شركاء الضلالة غير المتشاكسين ...
يدرك كل ساسة العالم الحصفاء ، ما هي دلالة هذه الدعوة اليوم ، ومن وضعها في فم أيمن الظواهري ، ولصالح من ينطلق هذا التهديد ..
يدرك كل حصفاء العالم أن هذه الشنشنة ليس وراءها طحين وإنما وراءها زيادة طين أمتنا بلة ، والتغطية على جرائم بشار الأسد وجرائم الولي الفقيه وعلى جرائم شريكه ( بوتين ) ، أوليست روسية الاتحادية بجمهورايتها الإسلامية أولى بصرخة الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء ..
أيها المعتوهون ..
بل أيها المكذبون الضالون : أمسكوا ألسنتكم عن شريعتنا ..كفوا أيديكم عن أمتنا ...
وسوم: العدد 633