الخطر الإيراني يريد منا وقفة مضرية
يؤسفني أن أبدأ مقالي بما أدلى به وزير الدفاع في الدولة العبرية سابقاً الجنرال موشي ديان لجريدة فرنسية قبل اجتياح الجيش الصهيوني لسيناء والجولان والضفة الشرقية من فلسطين في السادس من حزيران 1967.
فقد كشف الوزير ديان خطة إسرائيل في اجتياح الجولان وسيناء والضفة الشرقية قبل تنفيذها ب 18 يوماً ولما سألته الصحفية التي أجرت معه اللقاء مستغربة: كيف تكشف هذا الأمر الخطير، فرد بسخرية وتهكم قائلاً: وهل العرب يقرأون؟ فقالت الصحفية: ولنفترض أنهم قرأوا، فقال الوزير: إذا قرأوا فإنهم لا يفهمون!!
هذا ما وصفنا به عدونا.. ولو عدنا إلى ذاتنا فقد حذر الدكتور عبد الله النفيسي من الخطر الإيراني حتى بح صوته وجف قلمه ونفد مداده، كذلك العشرات من الكتاب والمحللين والبحاثين وصفوة شخصيات الوطن العربي، ومنهم المحامي ناصر الدويلة عضو البرلمان الكويتي وعقيد طيار ركن في الجيش الكويتي سابقا حذر عام 2000 من الخطر الإيراني وأجندة وأطماع إيران الشيعية في المنطقة، وأن المشروع الأمريكي في العراق هو مشروع شيعي فلم يلق من العرب إلا التهكم والسخرية.
لقد ترك لنا أجدادنا أمثلة تكتب بماء الذهب ومنها "البعرة تدل على البعير" وبعر إيران يفرخ يومياً الآلاف من الشيعة يزرعها هنا وهناك، وحسينيات وحوز يبنيها هنا وهناك، وتصريحات علنية في وضح النهار يطلقها قادة سياسيون ورجال دين وقادة عسكريون صباح مساء: "لقد استولينا على أربعة عواصم عربية _ يقصدون بغداد وبيروت ودمشق وصنعاء" وهذا ما هو واقع فالدولة في بغداد غدت شيعية وجيشها شيعي والميليشيات التي تعيث فساداً في العراق شيعية، ولبنان يتحكم به حزب الله الشيعي، ولعل آخر ما فعل الإفراج عن الوزير ميشيل سماحة المتهم بنقل المتفجرات من دمشق إلى بيروت لاغتيال الشخصيات الوطنية اللبنانية المعارضة للنظام السوري رغم احتجاج وزير العدل ووزير الداخلية، وكذلك الحال في سورية الجريحة حيث يتواجد فيها نحو مئتي ألف عنصر من الحرس الثوري الإيراني حسب تصريحات أحد قادة الحرس الثوري الإيراني قبل أيام، إضافة إلى ميليشيات حزب الله والمرتزقة الذين جندتهم إيران من جميع أنحاء العالم للقتال إلى جانب المجرم النصيري بشار الأسد، الذي يذبح شعبه منذ خمس سنوات، وكذلك الحال باليمن فقد تمكن الحوثيون وعميل طهران الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح من اجتياح صنعاء والاستيلاء على كافة المدن اليمنية في طرفة عين.
وأعلنوا ويعلنون صباح مساء أن البحرين والكويت محافظتان إيرانيتان، ويزرعون فيهما شبكات الإجرام والقتل والتخريب ويُكتشف بعضها والبعض الآخر يستعد ويدبر ويكيد، ونحن – كما يقول المثل المصري: "نايمين على ودانا"، تحت ذريعة السلم الأهلي وحقوق الإنسان والتعايش المجتمعي وحرية العبادة والاعتقاد.
لقد حدثت محاولة اغتيال أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد رحمه الله التي قام بها عملاء إيرانيون في وضح النهار في ثمانينيات القرن الماضي، وكان على الكويت أن تأخذ موقفاً شجاعاً وتقطع علاقاتها بهذه الدولة المارقة.
لقد أوجدت إيران وعملاءها في المنطقة فزاعة ما يسمى (بداعش) الإرهابية لتكون الغطاء الذي تتحرك في ظله بعد أن انكشف أمرها للجميع بالنسبة إلى شعاراتها الكاذبة (الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل.. اللعنة على اليهود)، لتعلن عن قيام تحالف معادٍ للعرب مع إسرائيل وروسيا والعراق والنظام السوري بحجة محاربة الإرهاب المتمثل بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، الذي تمدد ويتمدد بعد قيام هذا الحلف المعادي للعرب والإسلام، حيث مهمته فقط ضرب الفصائل المسلحة السورية التي تواجه النظام المجرم الذي يسوم الشعب السوري ألوان القتل والعذاب في محاولة للقضاء عليها، وقد دمر قصف الطيران الروسي مئات القرى والأبنية في المدن وقتل الآلاف من النساء والأطفال والشيوخ والمدنيين دون أن تتمكن ميليشيات إيران وحرسها الثوري من تحقيق أي مكاسب تذكر على الأرض.
وللأسف الشديد بدلاً من أن يعمل جميع العرب وفي مقدمتهم دول الخليج على العمل على توحيد الجهود والإمكانيات لوقف إيران عند حدها وقطع جذورها من بلادنا العربية؛ عملت قوى في الخليج على إسقاط أول زعيم عربي يأتي عبر انتخابات حرة نزيهة في مصر كنانة العرب هو الدكتور محمد مرسي الذي كان أول عمل له إدخال الأسلحة الثقيلة إلى سيناء وتحذير إسرائيل من القيام بأي عدوان على غزة، وفتح معبر رفح لرفع الحصار عن شعب غزة، وتقديمه شكوى للمحاكم الدولية بحق بعض قادة الكيان الصهيوني الذين ارتكبوا جرائم حرب ضد الفلسطينيين، وتأييد الثورة السورية، وموقفه في مؤتمر منظمة الدول الإسلامية في طهران وترضيه عن الصحابة في بلد يُسب الصحابة ويشهّر بعرض رسول الله وينصب مزاراً لأبي لؤلؤة المجوسي قاتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وإذا ما بقيت مصر على حالها من إدارة ظهرها للعرب وما يتعرضون له وكأن الأمر لا يعنيها، وإذا ما أخفقت الثورة السورية لا سمح الله وتمكنت إيران من دمشق فلينتظر العرب الأسوأ والأصعب والأمر.
الخطر الإيراني ما عاد خافياً على أحد بعد كل الذي فعله الإيرانيون ويفعلونه، وآن للعرب والمسلمين أن يزيحوا هذا السرطان الذي غزا الجسد العربي، وبات أخطر بآلاف المرات من الخطر الصهيوني، وهذا يحتاج منا إلى وقفة مضرية شجاعة كتلك التي وقفها أجدادنا في ذي قار، اللهم اشهد أني قد بلغت.. اللهم فاشهد.
وسوم: العدد 652