اغتنام عصيد فرصة القرار الملكي بإجراء تغيير في برامج ومقررات مادة التربية الإسلامية لتسويق تطرفه العلماني والطائفي
لا يدخر المدعو عصيد جهدا في تسويق فكره العلماني والطائفي عبر مختلف المنابر الإعلامية سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو في القنوات الفضائية. والمعروف عن هذا الشخص تعصبه الأعمى للعلمانية وللطائفية الأمازيغية ،وهما علتان يعاني منهما . ولقد اغتنم فرصة القرار الملكي بإجراء تغيير في برامج ومقررات مادة التربية الإسلامية للتعبيرعن مكبوتاته العلمانية والطائفية . ولقد ركب غروره في إحدى مقالاته المنشورة على موقع هسبريس ذي الهوى العلماني حين زعم أنه كان سباقا لفكرة تغيير مقررات وبرامج مادة التربية الإسلامية قبل القرار الملكي الذي جاء متأخرا حسب قوله . ومعلوم أن التغيير الذي يهدف إليه القرار الملكي ليس هو هدف العلماني الطائفي المتعصب ، ذلك أن القرار الملكي جاء في ظرف تنامي الفكر التكفيري المفضي إلى شيوع ثقافة العنف والإرهاب، و التي لا تتحمل مقررات وبرامج مادة التربية الإسلامية المسؤولية عنها إذ لو أنها كانت كذلك لكان الفكر التكفيري قد انتشر معها منذ عقود ، بينما رغبة عصيد في تغيير برامج ومقررات مادة التربية الإسلامية الغرض منها إقصاء الإسلام من البلاد انتصارا للعلمانية وللطائفية الأمازيغية التي ترى فيه غزوا عربيا لبلاد " تمزغا " كما يسميها البعض . وشتان بين الهدف من وراء القرار الملكي الإصلاحي ، والهدف من الرغبة العصيدية . ويتهم عصيد الدولة المغربية بنشر الفكر الديني المتطرف من خلال السماح للاتجاه السلفي الوهابي بالانتشار من أجل الحد من المد اليساري على حد قوله. ولم ينتبه عصيد بكلامه هذا إلى أنه في الحقيقة يعترف ضمنيا أن الاتجاه اليساري المعروف بإلحاده هو السبب في انتشار الفكر السلفي الوهابي الذي جاء كرد فعل على طغيان الفكر اليساري المعادي للدين والمتجاسر عليه، وهو فكر وجد ضالته والجو المناسب في الجامعات المغربية التي استبد بها اليساريون خلال السبعينيات ، وضيقوا على كل فكر أو اتجاه يرفض فكرهم اليساري المتطرف والمعادي للدين، بل الذي يرى وجوده متوقفا بالضرورة على إقصاء الدين ليخلو له الجو . واستبشار العلماني الطائفي المتعصب بقرار تغيير أو مراجعة مقررات وبرامج مادة التربية الإسلامية يعكس مدى حقده على هذه المادة التي تعتبر جزءا من هوية المغاربة. ولا يملك هذا العلماني الطائفي المتعصب الشجاعة الكاملة للمجاهرة بفكرة إقصاء الإسلام من حياة المغاربة، الشيء الذي يضطره إلى النفاق والظهور بمظهر من يدافع عن الإسلام من خطر التطرف ، والحقيقة أنه يتمنى من أعماق قلبه لو أصبح ذات يوم والمغرب بلا إسلام ولا عربية تسوده العلمانية والأمازيغية . وكما سبق أن أشرنا في مقال سابق في موضوع قرار تغيير مقررات وبرامج مادة التربية الإسلامية لا يمكن تحميل هذه البرامج والمقررات مسؤولية انتشار الفكر الديني المتطرف بل المسؤول عن ذلك هو تطرف الفكر العلماني المتجاسر على القيم الدينية ، وبذلك يقف التطرف الديني مقابل التطرف العلماني . والمتأمل لمقررات وبرامج مادة التربية الإسلامية لا يجد فيها ما يدعو للتطرف والعنف بل بالعكس لو قدر لها أن تؤثر في الناشئة لكانت النتيجة عبارة عن ناشئة متزنة في فكرها وفي سلوكها وتربيتها . وواقع الحال أن هذه المادة لا تحظى بالحصص الكافية ولا بالعناية الكافية لتحقق الأهداف المرجوة منها حيث تعتبر مادة ثانوية، الشيء الذي يجعل المتعلمين يعزفون عنها لأنه ليس لنقطها تأثير كبير في نتائجهم . وفي كثير من الأحيان يتخذ المتعلمون من حصص هذه المادة حصصا للتسلية و لتزجية الوقت . ولا يوجد أدنى تناغم بينها وبين باقي المواد الدراسية . ولقد كان من المفروض أن يوجد حضور لها أو على الأقل تقاطع بينها وبين باقي المواد لتترسخ التربية الإسلامية الفعلية والإجرائية في نفوس الناشئة . وإذا كان العالم قد صار قرية صغيرة بسبب الثورة التكنولوجية في مجال التواصل ، وصار بإمكان الناشئة الاطلاع على مختلف الثقافات بما فيها المخالفة لقيمها الدينية، فإن مهمة مادة التربية الإسلامية تصير صعبة خصوصا وأنها لا تملك من وسائل الإغراء والاستدراج ما تملكه تلك الثقافات التي تراهن على الإباحية والاستهتار ... فماذا تملك مادة التربية الإسلامية أن تفعل في ناشئة تتعاطى المواقع الإباحية المنتشرة في وسائل التواصل الاجتماعي عبر هواتفها الخلوية التي تشغل حتى أثناء تلقيها دروس مادة التربية الإسلامية . فهل سيستجيب المتعلمون وهم في أوج نضجهم الجنسي الذي يقدح زناده الاختلاط ، ويسكب الزيت علي توهجه السفور بل العري لدرس العفة وغض البصر ... وبين أيديهم هواتف خلوية فيها من اللقطات المخزية والفيديوهات الإباحية والمستهترة ما يزيدهم هيجانا جنسيا وإقبالا على التفسخ الأخلاقي ؟ إن مادة التربية الإسلامية تخوض حربا غير متكافئة مع الثقافات الإباحية التي تهدم القيم الأخلاقية باعتماد تكنولوجيا التواصل الحديثة . وبالرغم من عدم تكافؤ هذه الحرب، فإن تلك الثقافات العلمانية تتوجس من مقررات وبرامج مادة التربية الإسلامية التي لا تزيد عن ساعتين أسبوعيا ، كما تتوجس من خطب الجمعة التي لا تزيد مدتها عن نصف ساعة أسبوعيا . ولا يجب أن ننسى أن العلمانية الداخلية إنما هي طابور خامس تدفعه العلمانية الخارجية من أجل محاصرة الإسلام في ركن ضيق ليستتب لها الأمر وتحول مسار مجتمع مسلم ظل كذلك لقرون ، ويعتبر الإسلام هويته التي يعتز ويفخر بها إلى مجتمع مستهلك للثقافة العلمانية . ولقد حاول الكيان الصهيوني وهو كيان علماني في جبة تدين متطرف أيضا في إطار ما يسمى مسلسل السلام فرض تغيير المقررات والبرامج الدراسية على الدول العربية المنخرطة في هذا المسلسل لأنها تتضمن في نظره مضامين معادية لهذا الكيان ، ومن المواد المستهدفة لديه مادة التربية الإسلامية التي تتضمن نصوصا دينية تفضح الانحراف العقدي لبني إسرائيل والتي يعتبرها الكيان الصهيوني محرضة عليه ومعادية للسامية . ويؤيد الطابور الخامس للعلمانيين الكيان الصهيوني العلماني في رغبته بإلغاء نصوص دينية من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريف مع أن هذه النصوص جزء من دين الإسلام لا يمكن أن تعطل أو تلغى استجابة لرغبة أحد . ومن المؤكد أن كل تضييق على مادة التربية الإسلامية أو كل تغيير لا يناسبها سيؤدي لا محالة إلى نتائج عكسية وخيمة العواقب ، لهذا لا يجب أن يكون التغيير المزمع اعتماده في برامج ومقررات هذه المادة استجابة لأهواء العلمانيين أو الطائفيين أو غيرهم ممن يستهدفون الإسلام بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر .
وسوم: العدد 655