مُـحَــطِّـمُ الـطــواغـيـت
لقد عاش محمد بن عبد الله عليه صلوات الله و سلامه يحطم الطواغيت ، الطواغيت كلها ، سواء كانت في عالم الضمير أم في عالم الواقع ، و لم تعرف البشرية في تاريخها الطويل رجلاً آخر غير محمد بن عبد الله صلى الله عليه و سلم حطم من الطواغيت قدر ما حطم هذا الرجل ، و في فترة من الزمان قصيرة شديدة القصر .. مما يقطع بأن هناك قوة أكبر من طاقة البشر كانت تؤيد هذا الرجل ، و أنه كان يستمد من هذه القوة ، و كان على اتصال بها وثيق .
و حين نستعرض الثورة التحررية الكبرى التي قادها محمد بن عبد الله ، خلال ثلاثة و عشرين عاماً ، و نستعرض الإنقلابات الروحية و الإجتماعية و العسكرية و الأدبية ، التي تمت في هذه الفترة القصيرة ... ندرك أنه ما لم تتصل قوة البشر الفانية المحدودة ، بقوة الأزل و الأبد المطلقة الخالدة ، فإن هذه الخوارق كلها لم تكن لتتم ، و هي خوارق أعظم من نقل الجبال و تجفيف البحار ، و تحويل العناصر من حال إلى حال .
لقد كانت رسالة محمد صلى الله عليه و سلم ثورة تحريرية كاملة للإنسانية ، ثورة شملت كل جوانب الحياة الإنسانية ،و حطمت الطواغيت على اختلاف أسمائها في هذه الجوانب جميعاً .
كانت ثورة على طاغوت الشرك بالله في عالم العقيدة ، نزّهت الذات الإلهية تنزيهاً مطلقاً في عالم التصور ، نزهته عن أن يكون له شركاء . و طاغوت الشرك بالله – على نحو من الأنحاء – طاغوت ضخم عميق الجذور في مسارب الشعور الإنساني . و ما تزال البشرية تعاني منه بعد كل رسالات التوحيد السماوية ، و بعد كل كفاح الرسل ، و بعد كل شروح الفاهمين لتلك الديانات . و كلما انحرفت الجماهير عن الإدراك الصحيح لدين الله الواحد الخالد الذي تعددت صوره في الرسالات الإلهية ، و توحد جوهره – كلما انحرفت الجماهير عن الإدراك الصحيح التقت بطاغوت الشرك ، في صورة من صوره الكثيرة . و ما التمسح بأعتاب الأولياء و القديسين في صورته التي يزاولها العوام إلا صورة من صور ذلك الطاغوت ، تتزيّا بزي الدين ، و دين الله ، دين الله كله منها براء !
***
و كانت ثورة على طاغوت التعصب : التعصب في كل صوره و ألوانه و في مقدمتها التعصب الديني .
كانت ثورة على طاغوت التعصب ضد الجنس و الألوان ، فأعلنت وحدة الأصل الإنساني ، و وحدة النوع الإنساني ، و حطمت طاغوت العنصرية البغيضة ، و قررت أن هناك مقياساً واحداً للأفضلية ، لا يرجع إلى لون البشرة ، و لا إلى أصل المولد ، و لا إلى نوع اللغة ، إنما يرجع إلى تقوى الله و طاعته ، و العمل الصالح في عباده ، و هي أمور شخصية بحتة ، لا علاقة لها بالأجناس و الألوان : " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوباً و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ".. " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالاً كثيراً و نساء " .. " ليس منا من دعا إلى عصبية و ليس منا من قاتل على عصبية ، و ليس منا من مات على عصبية " أخرجه أبو داوود .
و هذا الطاغوت – طاغوت التعصب العنصري – ما تزال المجتمعات الإنسانية التي لم تسترشد برسالة محمد صلى الله عليه و سلم تعاني منه . فما تزال مشكلة الزنوج و الهنود الحمر قائمة في الولايات المتحدة ، و ما تزال مشكلة الملونين قائمة في جنوب أفريقية . و منذ سنوات كانت فلسفة النازي القائمة على امتياز الجنس الآري تذيق البشرية الويلات . و اليوم تقوم إسرائيل كالشوكة في جنب الأمة العربية ، معتمدة على أسطورة الشعب المختار !
***
و كانت ثورة على التعصب الديني ، و ذلك منذ إعلان حرية الإعتقاد في صورتها الكبرى : " لا إكراه في الدين ، قد تبين الرشد من الغي . فمن يكفر بالطاغوت و يؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها " " و لو شاء ربك لامن من في الأرض كلهم جميعا . أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين " .
لقد تحطم طاغوت التعصب الديني ، لتحل محله السماحة المطلقة ، بل لصبح حماية حرية العقيدة و حرية العبادة واجباً مفروضاً على المسلم لأصحاب الديانات الأخرى في الوطن الإسلامي . و حينما شرع القتال في الإسلام و عرض القرآن حكمة القتال ، قال : " أذن للذين يقاتلون بأنهم ظُلموا و إن الله على نصرهم لقدير ، الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق ، إلا أن يقولوا ربنا الله ، و لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدّمت صوامع و بيع و صلوات و مساجد يُذكر فيها اسم الله كثيراً ."
و الصوامع معابد الرهبان . و البيع كنائس النصارى ، و الصلوات معابد اليهود ، و المساجد مصليات المسلمين . وقد قدّم الصوامع و البيع و الصلوات في النص على المساجد ، توكيداً لدفع العدوان عنها ، و توفير الحماية لها .
لا بل بلغت السماحة حد توفير الحمية و الأمن للمشرك ، الذي لا يدين بدين سماوي ، ما دام ضعيفاً لا يقدر على إيذاء المسلمين و فتنتهم عن دينهم . ذلك تقديراً لعذره ، و عذره بجهله : " و إن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ، ذلك بأنهم قوم لا يعلمون " و هي قمة في السماحة ما تزال البشرية تتطلع إليها في كثير من الأوطان .
و يكفي أن نعرف أنه لا مكان في الرقعة الشيوعية كلها لمن لا يدين بالشيوعية – و هي مجرد فكرة اجتماعية و ليست عقيدة دينية و أن منافي سيبيريا و أعماق السجون و مذابح التطهير في انتظار من لا يؤمنون بكارل ماركس و لينين و ستالين و هم بشر ممن خلق الله !
***
و كانت ثورة على طاغوت التفرقة الإجتماعية و النظام الطبقي . و كل شيء كان يهون على سادة قريش إلا تحطيم الفخر بالأنساب ، و الإعتزاز بالآباء و الأجداد ، و ما كان يخفى على ذكاء هؤلاء السادة ما في عقائدهم من سخف ، و ما في أصنامهم من سذاجة ، و ما كان يخفى عليهم أن ما يدعوهم إليه محمد خير بما لا يقاس مما هم عليه من عقيدة . و لكنهم كانوا يدفعونها بكل ما يملكون من قوة ... لماذا ؟ لأن ما يدعوهم إليه هو تحطيم سيادتهم و فوارقهم و اعتزازهم بأنسابهم ، و مقاومتهم الموروثة التي تمثل الطبقية بأعنف معانيها .
كانت جمهرة الحجيج تقف بعرفات و تفيض منها . أما قريش فكانت تقف بالمزدلفة و منها تفيض . فجاء محمد و هو من ذروة قريش يقف بعرفات . و القرآن يأمر قريشاً فيقول : " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس " تحقيقاً للمساواة المطلقة بين جميع الناس
و كان الرجال من أشراف قريش يأنف أن يزوج ابنته أو اخته من الرجل العربي من عامة الناس . فجاء محمد و هو من ذروة قريش ليزوج ابنة عمه زينب بنت جحش من مولاه زيد .
و عن عائشة رضي الله عنها أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت . فقالوا : من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالوا : فقالوا : و من يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ فكلمه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أتشفع في حد من حدود الله ؟ " ثم قام فاختطب . ثم قال : " إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه . و إذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد . و أيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها " .
و بعد محمد بألف و أربعمائة عام ، ما تزال البشرية تتطلع و هي تحاول في هذا المرتقى الصعب أن تبلغ إلى الآفاق ، التي بلغ إليها في عالم الحقيقة و الواقع ، لا في المثال و الخيال .
***
و كانت ثورة على طاغوت الظلم و البغي و الطغيان . ثورة لأنها جردّت الحكام و السلاطين من امتياز ، و من كل سلطان ، لأنها ردّت الأمر كله لله في التشريع ، و ردّت الأمر كله إلى الأمة في اختيار من يقوم على تنفيذ التشريع
و هنا لا بد من وقفة دقيقة تكشف عن عمق ما في هذا النظام من ضمانات لا يحققها أي نظام ... إنّ انتزاع حق التشريع من البشر و ردّه إلى الله وحده سبحانه ، لم يُبق لواحد من البشر أو لجماعة أو لطبقة ، أي مجال للتحكم في الآخرين ، و لا أي منفذ يعلو به فرد على فرد أو فرد على جماعة أو طبقة على طبقة . إنّ الحاكمية كلّها لله سبحانه ، و ليس لغيره أن يُشرع إلا استمداداً من شريعته ، و الله ربّ الجميع . و إذن فلن تكون في تشريعه محاباة لفرد أو جماعة أوطبقة ، و لن يُحس أحد أنه حين ينفذ القانون خاضع لمشيئة أحد . إنما هو خاضع لله رب الجميع . و من ثم تتساوى الرؤوس ، و ترتفع الهامات جميعاً ، لأنها لا تعنو إلا لله وحده .
و أما من يقوم على تنفيذ التشريع ، فإنه لا يشرّع ، بل ينفّذ ، و وهو يستمد حقه في القيام على التنفيذ من اختيار الأمة له . و الطاعة المفروضة له ليست طاعة لشخصه ، إنما هي طاعة لشريعة الله التي يقوم على تنفيذها ، و لا حق له في الطاعة حين يتعداها . فإن وقع خلاف على أمر من أمور التنفيذ ، فالحكم فيه هو الشريعة ذاتها : " فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله و الرسول ".
و بذلك يقف النظام الذي جاء به محمد صلى الله عليه و سلم فريداً بين جميع أنواع النظم التي عرفتها البشرية قديما و حديثاً . يقف فريداً في تحقيق المساواة المطلقة في نظام الحكم ، و في تحطيم كل ظل لطاغوت السلطان الفردي ، أو السلطان الطبقي ، في عالم التشريع .
أما العدل في التنفيذ ، فقد بلغ إلى قمة لا تكاد البشرية حتى اللحظة تتطلع إليها ، فضلاً عن أن تحاولها و ترقاها : " و إذا قلتم فاعدلوا و لو كان ذا قربى " ... " و لا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا . إعدلوا هو أقرب للتقوى و اتقوا الله " .
فهو العدل المطلق الذي لا يميل ميزانه الحب أو البغض و لا تغير قواعده المودة و الشنآن . العدل الذي لا يتأثر بالقرابة بين الأفراد و لا بالتباغض بين الأقوام ، فيتمتع به أفراد الأمة الإسلامية جميعاً ، لا فرق بينهم في حسب و لا نسب ، و لا مال و لا جاه ، كما تتمتع به الأقوام الأخرى و لو كان بينها و بين المسلمين شنآن . و تلك قمة افي العدل لا يبلغها أي قانون دولي إلى هذه اللحظة ، و لا أي قانون داخلي .
و الذين يمارون في هذا ، عليهم أن يراجعوا عدالة الأقوياء للضعفاء بين الأمم ، و عدالة المتحاربين بعضهم بالقياس إلى بعض . ثم عليهم أن يراجعوا عدالة البيض للحمر و السود في الولايات المتحدة ، و عدالة البيض للملونين في جنوب إفريقية . و في الإشارة ما يُغني فهي أحوال معاصرة يعلمها كل إنسان .
و المهم في عدالة الإسلام لم تكن مجرد نظريات ، بل أخذت طريقها إلى واقع الحياة ، فحفظ الواقع التاريخي منها أمثلة متواترة .
و كانت ثورة على طاغوت الرق. ثورة رفعت الرقيق من مرتبة الشيء أو مرتبة الحيوان ، إلى مرتبة الإنسان . و هذا هو البيان :
" و كان الرق نظاماً عالمياً . و كان العبيد في الدولة الرومانية يعاملون معاملة طابعها القسوة ، فهم يعملون نهاراً في الإقطاعيات . فإذا ما جنّ الليل كُبّلوا بالسلاسل ، و أُلقي بهم في الكهوف التي يقضون فيها الليل ، و يقوم عليهم حرّاس أشدّاء غلاظ القلوب ، و كانت العقوبات التي توقع عليهم تتراوح بين الجلد و الصلب ، و هذا خلاف استخدامهم كوسيلة لتسلية الأحرار ، و ذلك بإقامة المبارزات الوحشية ، أو بحملهم على مقاتلة الأسود ، و كان ذلك كله يجري في حفلات يقبل عليها الأحرار بشغف " . [ عن كتاب ( النظام الاشتراكي ) للدكتور راشد البدوي ص 18 ]
و جاء محمد صلى الله عليه و سلّم ليقول : " من قتل عبده قتلناه، و من جدع عبده جدعناه ، و من أخصى عبده أخصيناه " رواه الشيخان ، و ليقول : " إخوانكم خولكم ، جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن جعل الله أخاه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ، ولا يكلفه من العمل ما يغلبه ، فإن كلفه ما يغلبه فليعنه عليه " [رواه صاحب مصابيح السنة من الصحاح .] ... و عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال : كنت أضرب غلاما لي فسمعت من خلفي صوتاً «أعلم أبا مسعود لله أقدر عليك منك عليه» فالتفت فإذا القائل هو الرسول صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله هو حر لوجه الله، فقال: أما لو لم تفعل لمستك النار». المصدر السابق من الصحاح .
أما لماذا لم يُبطل محمد الرق كلية ، و لأول وهلة ، فقد كان الأمر أمر وضع اجتماعي و عرف دولي ، في استرقاق الأسرى ، و في استخدام الرقيق . و الأوضاع الاجتماعية تحتاج إلى تعديل شامل لمقوماتها و ارتباطاتها ، و العرف الدولي يحتاج إلى اتفاقات دولية و معاهدات جماعية . و لم يأمر الإسلام بالرق قط ، و لم يرد في القرآن نص على استرقاق الأسرى عرفاً دولياً . فلم يكن بد أن يتريث في علاج هذا الوضع الاجتماعي القائم ، و النظام الدولي الشامل ...
وقد اختار أن يُجفف منابع الرق و موارده ، حتى ينتهي بهذا النظام كله مع الزمن إلى الإلغاء ، دون إحداث هزة اجتماعية لا يُمكن ضبطها و لا قيادتها .. بدأ بتجفيف موارد الرق و منابعها كلّها ، فيما عدا أسرى الحرب الشرعية ، ذلك أن المجتمعات المعادية للإسلام كانت تسترق أسرى المسلمين حسب العرف الدولي العام في ذلك الزمان ، و ما كان الإسلام قادراً يومئذ على أن يجبر هذه المجتمعات على مخالفة ذلك العرف الدولي . و لو أنه قرر إبطال استرقاق الأسرى لكان هذا إجراء مقصوراً على الأسرى الذين يقعون في أيدي المسلمين . بينما الأسارى المسلمون يلاقون مصيرهم السيئ في عالم الرق هناك . و في ذلك إطماع للمعادين في أهل الإسلام . لهذا الوضع الاجتماعي القائم لم ينص القرآن على استرقاق الأسرى بل قال : " فأما منّاً بعدُ و إما فداءً حتى تضع الحرب أوزارها " . و لكنه كذلك لم ينص على عدم استرقاقهم . و ترك الدولة المسلمة تعامل أسراها حسب ما تتفق عليه مع محاربيها . فتفدي من تفدي من الأسارى من الجانبين ، و تتبادل الأسرى بين الفريقين ، و تسترق من يسترقون المسلمين . كي لا يصبح الأسارى من المسلمين أرقاء . و الأسارى من الكفار طلقاء . و ذلك إلى أن يتسنى تنظيم هذا العرف باتفاق . و بتجفيف موارد الرق كلها فيما عدا هذا المورد الذي لا اختيار للإسلام فيه ، يقل العدد .. و هذا العدد القليل أخذ يعمل على تحريره بمجرد أن ينضم إلى الأمة الإسلامية و يقطع صلته بالكفار المحاربين . فجعل للرقيق حقه كاملاً في طلب الجزية يدفع فدية عنه يكاتب عليها سيده . و منذ هذه اللحظة يملك حرية العمل و حرية الكسب و التملك ، فيصبح أجر عمله له ، و له أن يعمل في غير خدمة سيده ليحصل على فديته ، ثم له نصيبه من بيت المال في الزكاة . و المسلمون مكلفون فوق هذا أن يساعدوه بالمال على استرداد حريته .. و ذلك غير الكفارات التي لا تقضي إلا بعتق رقبة كالقتل الخطأ و الظهار و ما إليه .. و بذلك ينتهي وضع الرق نهاية طبيعية مع الزمن ، لأنه عميق الجذور في التنظيم الاجتماعي و العرف الدولي " .
***
و كانت ثورة على طاغوت " الرجل " . أجل ، طاغوت الرجل و طغيانه على المرأة ! ثورة قررت للمرأة حقوقها الإنسانية في صورة شريعة لا رجعة فيها و لا نكسة . و في الوقت الذي كانت بعض الحلقات في رومة تبحث فيما إذا كانت المرأة ذات روح ، كان القرآن الكريم يقول : " فاستجاب لهم ربهم أنّي لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض " .. " للرجال نصيب مما ترك الوالدان و الأقربون ، و للنساء نصيب مما ترك الوالدان و الأقربون " .. " للرجال نصيب مما اكتسبوا و للنساء نصيب مما اكتسبن " ... و بذلك يقرر حق المرأة في الحياة الروحية و الحياة المادية ، على قدم المساواة مع الرجل ، دون تلعثم و لا تردد و لا جدال .
و كان رسول الله صلى الله عليه و سلّم يقول : " لا تنكح الثيب حتى تستأمر ، و لا تنكح البكر حتى تستأذن . و أذنها صمتها " رواه الشيخان ....
و بذلك يقرر حريتها الشخصية ، و حرية اختيارها في شركة الحياة .
لقد عاش محمد بن عبد الله صلى الله عليه و سلّم يُحطم الطواغيت : الطواغيت كلّها ، سواء في عالم الضمير أم في عالم الواقع ، و لم تعرف البشرية في تاريخها الطويل رجلا آخر غير محمد بن عبد الله صلى الله عليه و سلّم حطم من الطواغيت قدر ما حطم هذا الرجل ، و في فترة من الزمان قصيرة
وسوم: العدد 661