المصالحة التركية الإسرائيلية عبر أنابيب النفط
فايننشال تايمز:
المصالحة التركية الإسرائيلية عبر أنابيب النفط
عبر خط الأنابيب: مصالحة تركية إسرائيلية
دانييل دومبي
مسار للتقارير والدراسات - 15 نيسان 2013
قد تسير صفقة دبلوماسية وحيوية من شأنها أن تعيد تشكيل خريطة شرق البحر الأبيض المتوسط بشكل أسرع مما يعتقد الكثيرون.
في محاولة لإحياء العلاقات الدبلوماسية المجمدة، اعتذرت إسرائيل لتركيا على الغارة المُمِيتة التي راح ضحيتها 9 مواطنين أتراك. ولا تزال عملية إحياء العلاقات الإسرائيلية التركية تبدو هشة بما فيه الكفاية لوزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري ليذهب إلى اسطنبول نهاية الأسبوع الماضي ليطالب كلا الطرفين بإنهاء الأمر بالكامل وتبادل السفراء.
لا يزال هناك الكثير من العقبات المحتملة في طريق المضي قدما في هذه العملية؛ فمثلا لا بد من الاتفاق على التعويض، ولا بد أيضا أن يتم تقرير مصير القضايا التركية في المحاكم ضد القادة الإسرائيليين المتقاعدين (عملية إنهاء ذلك جارية في الوقت الحاضر)، وعلى أنقرة أن تعلن رضاها عن رفع القيود التي المفروضة عن البضائع المدنية التي كانت ستُرسل إلى غزة (وذلك لأن الأسطول الذي قامت قوات الدفاع الإسرائيلية بمداهمته عام 2010 كان يسعى لكسر الحصار عن غزة ).
ومما يزداد وضوحا مع مرور الوقت اهتمام كلا الحكومتين بإيقاف الإغلاق المؤقت بينهما بعد اتفاقية الغاز التي تقضي بتزويد إسرائيل – الغنية بالغاز - تركيا المتعطشة له. وعلاوة على ذلك، فإن اعتبارات كهذه ربما تكون قد أدت دورا في المصالحة في المقام الأول. ومما يدل على ذلك، ظهور مايكل لوتم – مبعوث وزارة الخارجية الإسرائيلية للطاقة الخاصة – في مؤتمر حول الغاز والنفط في أنقرة هذا الأسبوع، حيث أبدى رسالة واضحة من خلال خطابه القصير وبعض التعليقات التي أفادت أن: باب إسرائيل مفتوح أمام اتفاقية كهذه.
كما سلط الضوء في حديثه على "الروابط التاريخية الطويلة والاهتمامات المشتركة القوية" بين إسرائيل وتركيا، رافضا أي فكرة عن أن التوترات السياسية قد تقود أنقرة لإغلاق خط الأنابيب بين الدولتين، وأشار إلى أن خط الأنابيب إلى تركيا بدا "منخفض التكلفة لدى مقارنته بخيارات أخرى" لتصدير الغاز إلى وجهات بعيدة أخرى؛ حيث قال "ولذلك تجري مناقشة ذلك".
وأضاف السيد لوتم أن المنطقة قد تتعلم من قطاع الشركات أنه "عندما يكون لديك عمل جيد (فرصة) فإنك تذهب إليها"، وقال إن إسرائيل لديها ما يكفي من الغاز لتزويد أكثر من سوق خارجية واحدة. وهذا يشير إلى أن إسرائيل تفضل أن تقسم الاختلاف - مثلا من خلال وجود خط أنابيب إلى تركيا وحقل غاز مسال مشترك مع قبرص (من الصعب على القبارصة أن يسعو للحصول على التمويل بمبلغ 10 مليارات دولار من تلقاء أنفسهم) لتزويد الأسواق في شرق آسيا وغيرها. القرار النهائي سيكون بيد الشركات العاملة في حقول الغاز الإسرائيلية – "نوبل إنرجي Noble Energy" الأمريكية ومجموعة "ديليك إنرجي Delek Energy" الإسرائيلية للطاقة.
لكن الوقت يمر، ومن المتوقع أن تقرر الحكومة الإسرائيلية في منتصف مايو كم من الغاز ينبغي تخصيصه للتصدير. وكلا الشركتين تنتظران أيضا أن يبدو تعاونهما واضحا من خلال السلطة الإسرائيلية المنافسة. وبعد ذلك سيكون الوقت قد حان للتعامل مع المشترين المحتملين للغاز.
قد يكون التأقلم مع الجدول الزمني الدبلوماسي صعبا. لا يخفي المسؤولون الأتراك حماسهم للغاز الإسرائيلي، الذي سيقلل من اعتماد أنقرة على عدد من الموردين كروسيا وإيران وأذربيجان، وحتى على نطاق أوسع، فإن التعاون مع إسرائيل سيعمل على تسوية العلاقات مع الولايات المتحدة، ويسهل التعاون الاستخباراتي في سوريا، كما سيوجه رسالة إلى قبرص عن الفوائد المحتملة للتعاون مع تركيا. ولكن مع هذا، أصر وزير الطاقة التركي تانر يلدز مرارا على أن اتفاقية الطاقة مع إسرائيل لا يمكن أن تتم إلا بعد تبادل السفراء بين البلدين؛ وهذا يتطلب اتفاقا على التعويض (الذي قد يؤدي بتركيا إلى إسقاط القضايا الجنائية). ومن المنتظر كذلك زيارة مقررة لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى غزة، يمكنه فيها أن يعلن نجاح مساعي أنقرة في رفع القيود.
ترتيب الرحلات إلى غزة ليس بالأمر السهل، فهي في الغالب تتطلب دعما وتأييدا من قبل الفصيلتين الفلسطينيتين الرئيسيتين. وبالإضافة إلى ذلك فإنه من المقرر للسيد أردوغان أن يزور أولا الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذي توسط التقارب الإسرائيلي التركي. هناك مطبات كثيرة، لكن الأمل يبدو قويا. فقد علق المبعوث الإسرائيلي قبل الإشارة صراحة إلى تركيا بقوله: "هل يمكننا استخدام الطاقة أو الغاز بغض النظر عن قيمته التجارية في خدمة السياسة والدبلوماسية؟ البعض يقول إنه ينبغي علينا عدم محاولة ذلك. أنا أعتقد أننا يجب أن نحاول".