رؤية خاصة لمعارض سوري لنظام عائلة الأسد
1.يقول الشاعر العربي : إذا ترحلت عن قوم وقد قدروا ألا تفارقهم فالراحلون هم
وعلى غرار مضمون هذا البيت من الشعر نقول :
نعم إن بشار الأسد وقاسم سليماني وحسن نصر الله هم من يضغط على الزناد للقتل والتدمير والتهجير في سوريا ، ولكننا نتساءل هنا : أوليس إن كل من يستطيع منعهم من هذا الضغط على الزناد ولا يفعل ، إنما هو شريك فعليّ لهم في القتل والتدمير والتهجير ، هذا إذا لم يكن هو القاتل والمدمر والمهجر الحقيقي ، ولكن " بيد عمرو وليس بيدي " ؟
2. إن من يصرون على استبعاد الإخوان المسلمين من هيئات ومؤسسات ولقاءات المعارضة السورية لنظام بشار الأسد هم بصورة أو بأخرى ، بدرجة أو بأخرى ، من أتباع هذا النظام ، حتى ولو كان بعضهم مغفلاً لا يدري إلى أين يستجره من يدري . ولعلم من لا يدري فإن العدو رقم واحد سواء لنظام عائلة الأسد ، أو لحماته وأنصاره من السوريين والعرب والعجم والأجانب هم الإخوان المسلمون . وهم بالذات من قال عنهم بشار الأسد ذات يوم ، وهو ما سمعته بأذني : لقد حاربنا هم طيلة خمسين عاما ( أي قبل أن يخلق !!) ، وسنبقى نحاربهم .
3. لقد وقع من يدري ومن لا يدري من فصائل المعارضة السورية في فخ أعداء الربيع العربي ، من جهة حين بدأالمنشقون من جيش النظام بتشكيل الجيش الحر،عام ٢٠١١ وفق خلطة فيزيائية (غير كيماوية) جمعت بين العسكريين والمدنيين ، وانخرط قسم منهم ( المنشقين ) في لعبة شرذمة المعارضة إلى مسميات مسلحة شكلية ( كتائب ، ألوية !! )، وملونة بلون طائفي لاضرورة له ( التسميات) ، كنقيض لطائفية النظام ، وذلك انطلاقاً من مقولة " لكل شيء آفة من جنسه "، ومن جهة أخرى ، حين غلّب العسكريون المنشقون الأسبقية الزمنية للإنشقاق ، على التراتبية العسكرية التي تقع في أساس القيادة والسيطرة في أي جيش حقيقي بغض النظر عن مسألة الأسبقية في الإنشقاق . لانجادل في أن من حق الثوار الحذر من المندسين ، الذين يمكن أن يكون النظام نفسه قد أرسلهم لشق صفوف المعارضة ، والتجسس عليها ، ولكن الإشكالية تبدأ عندما يختلط الحابل بالنابل ويصبح الشخص الرمادي أو الحرباوي أو المصلحجي أو المندس ، هو نفسه من سيشرف على عملية الفرز ، وتحديد من هو العدو ، ومن هو الصديق (!) .
4. تمسك الدول الكبرى ومن يشد على يدها في المنطقة ، فيما يخص علاقتها بثورة آذار ٢٠١١ السورية بالعصا من منتصفها ، بحيث تستخدم المال والسلاح لإبقائها ( أي العصا ) في حالة توازن بين المعارضة والنظام ، أي عمليا لإطالة مدى ومدة القتال وتعظيم بالتالي حجم الخسائر البشرية والمادية والمعنوية في صفوف الثورة ، كيما تظل في حالة استجداء دائم لمال هذه الدول وسلاحها ، من جهة ، وغير قادرة على حسم الحرب الدائرة مع النظام منذ أكثر من أربع سنوات لصالحها من جهة أخرى . هذا ولم يزد دور ممثلي بان كيمون( الأمم المتحدة ) إلى سورية عمليا على تنفيذ سياسة هذه الدول الكبرى ، المعلن منها وغير المعلن ، فيما يتعلق بحفظ التوازن بين النظام والمعارضة (ربما باستثناء كوفي عنان) . إن كل التقاريرالمتعلقة باستخدام النظام للأسلحة الكيماوية المحرمة دولياً وإنسانياً ، غالباً ماكانت تشير إلى مسؤولية " طرفي النزاع " (!!)، أي إلى النظام والمعارضة معاً . إن استخدام أية جهة ، أو أي تقريردولي ، لتعبير " طرفي النزاع " إنما يمثل ـ برأينا ـ تبرئة مقصودة للنظام السوري ( بشار الأسد ) من تهمة استخدامه لمثل هذه الأسلحة المحرمة دولياً ، وهي بالتالي تبرئة لروسيا ، وإعفاء للمجتمع الدولي ولدول الفيتو الخمس من مسؤوليتهم أمام الشعب السوري ، بل وأمام عشرات آلاف الأطفال السوريين الذين استشهدوا في سوريا على يد نظام بشار الأسد وشبيحته ، بالتحديد .
5. إن انتصار الثورة السورية على نظام عائلة الأسد ، هو ـ بتقديرنا ـ رهن :
أولاً ، باستقلال هذه الثورة ماديا ومعنويا عن تلك الدول الكبرى والصغرى ، المشار إليها أعلاه ، وبالتالي الترفع عن هذا الاستجداء المشروط والمعيب لهذه الدول ،
وثانيا ، في توحيد كافة فصائلها تحت راية علم الثورة ( علم الاستقلال ) كبديل لكافة الرايات الملونة المختلفة التي باتت تفرق أكثر مما توحد ، وتؤجّل أكثر مما تعجل ،
وثالثا ، في جعل القيادة العسكرية والقتالية للكفاءة والتخصص وليس للأسبقية في الانشقاق
ورابعاً ، في ضرورة تجميد كافة الخلافات والاختلافات الحزبية والفئوية إلى مابعد التحرير واستعادة الحياة الديموقراطية في سوريا . حيث يصبح صندوق الاقتراع هو الحكم والفيصل بين الجميع .
6. إن منظمات الأمم المتحدة ، سلاح ذو حديّن ، فهي لنا وعلينا في آن واحد ، ومن المفروض ان تكون لدينا القدرة والخبرة في توظيف الجانب الإيجابي في هذه المنظمات لصالح الثورة ، حتى في حالة شكوكنا بعدم جدوى قراراتها ، بما فيها قرارات مجلس الأمن الدولي التي يمكن ان تصدر تحت الفصل السابع ، وبما فيها مواقف مندوبيها الرمادية بدءا من الداوي وانتهاء بـ دي مستورا .
7. لاينبغي أن تحمل ( بضم التاءوتشديد الميم ) سلبيات كل ماجرى ويجري في سورية منذ 18آذار 2011 حتى اليوم ، إلى العامل الخارجي فقط ، فالعامل الداخلي يتحمل بدوره جزءاً كبيراً وأساسياً من مأساة الشعب السوري ، ومن بقاء بشار الأسد ونظامه طيلة هذه المدة . ونعني بمسؤولية الداخل هنا ، مسؤولية :
أ) كل من ساند وما يزال يساند هذا النظام المجرم في ماقام ويقوم به من القتل والتدمير والتهجير ، أكان من الأقليات أو من الأكثرية ، أكان من المدنيين أم من العسكريين ، أكان من طائفة النظام أو من غيرها ، أكان من العرب أم من غير العرب،
ب) الضباط المسؤولون عن القتل والتدمير والتهجير، ولا سيما الطيارون منهم ، وخبراء الصواريخ المختلفة المدى ، وخبراء الأسلحة المحرمة دولياً وإنسانياً .
ج) القسم من العلويين المستمر في تضامنه مع نظام بشارالأسد رغم انكشاف الوجه الطائفي غيرالوطني وغيرالقومي وغير الإسلامي وغيرالإنساني لهذا النظام ، والذي لم يعد خافياً على أحد .
لانشك من جهتنا ، أن التراكمات الكمية ، يمكن أن تتحول ذات لحظة مفاجئة إلى حية تسعى تلقف كل إفك فراعنة العصر وكل مؤامراتهم على العرب والمسلمين منذ الحرب العالمية الأولى وحتى يومنا هذا.
وسوم: العدد 779