الفروق بين الحاكم اللصّ ، واللصّ الحاكم ، في الأنظمة المستبدّة !
الحاكم اللصّ : لديه ، حسبما هو مفترَض ، بعض مؤهّلات الحاكم ، وبعض صفاته !
من أهمّها :
الإحساس بالمسؤولية ، عن المنصب الذي تولاّه ، والشعب الذي استلم قيادته !
الوعي العامّ ، وبعض أخلاق الرجال ، ولو في الحدود الدنيا !
الحذر ، من عواقب الظلم الصارخ ، الذي يودي بصاحبه ، أو يثيرعليه الناس ! والشاعر يقول :
والعِلَلُ المانعةُ من الظلم ، كثيرة ، من أبرزها :
الخوف من المحاسبة ، بين يدي الله ، يوم القيامة !
خوفُ الحاكم ، من الفضائح ، التي قد تؤثّر، في سمعته ، وتؤدّي إلى سقوطه : خلقياً ، أو سياسياً ، في نظر الناس ، داخل بلاده ، وخارجها !
وعيُ الحاكم ، بأهمّية المنصب ، وأهمّية الأعمال ، التي يجب على الحاكم ، أن يقوم بها!
حرصُ الحاكم ، على تقديم منجزات لشعبه ، كي يرضى الناس ، عن حكمه ! ومن ذلك: الاهتمام بالصحّة والتعليم ، والبنى التحتية لبلاده ، وغير ذلك !
أمّا اللصوصية ، التي يمارسها الحاكم ، فهي تكاد تكون طبيعية ، مألوفة ، لدى أكثر الحكّام المستبدّين، عبر الزمان والمكان ! والمقصود ، هنا ، هو: سرقة المال العامّ ، أو استباحته ، أو النظرإليه، على أنه ملك شخصي للحاكم ، يأخذ منه مايشاء ، متى يشاء .. بلا حسيب ، ولا رقيب !
وقد كان الحكّام المستبدّون ، عبر التاريخ ، ينظرون ، إلى المال العامّ ، بهذا المنظار، أيْ أنه: مال شخصي للحاكم ، ينفق منه كما يشاء، وفقاً لتقديره: يهب منه العطايا والإكراميات للناس، كما يُقطع من أراضي الدولة إقطاعات ، لبعض رجاله ، أو لمن يرضى عنه ، من الناس !
وكانت خزينة الدولة ، في العصورالإسلامية المختلفة ، تسمّى : بيتَ المال ! ثمّ سمّيت : بيتَ مال المسلمين ! وكان الكثيرون من الحكّام ، يتصرّفون بالمال ، بصفتهم أوصياء عليه ! وعبرَ هذه الوصاية، يتصرّف كلّ منهم، حسب تقديره الخاص، ولا ضابط له ، إلاّ أخلاقه الشخصية!
وبعض الحكّام ، كانوا يتورّعون ، عن صرف الدرهم ، من بيت المال ، إلاّ وفق ضوابط الشرع الإسلامي ، خوفاً من محاسبة الله لهم ؛ لأن المال مجرّد أمانة ، بين أيديهم ، هم مؤتمنون عليها ، ومحاسبون عليها ، يوم القيامة !
وقد كَشفت ثوراتُ الربيع العربي ، سرقات بعض الحكّام ، الذين أسقطتهم هذه الثورات ؛ فكانت الأموال المكدّسة ، في القصور ، والبنوك ، والمؤسّسات المالية الدولية.. مثارالدهشة، عند الناس ، بما فيها ، من : عملات دولية مختلفة ، وأكداس من الذهب والجواهر، وغيرها.. عدا القصورالفخمة ، في دول الغرب ، وغيرها !
اللصّ الحاكم :
أمّا اللصّ الحاكم ، فلا يملك شيئاً ، من صفات الحاكم المفترَضة ، أومؤهّلاته ! وإنّما هو: مجرّد لصّ عادي ، ساعدته ظروف معيّنة ، في الاستيلاء على السلطة ، في بلاده .. فاستباح كلّ شيء فيها ، ولا سيّما الأموال ؛ دون رقيب أو حسيب ، ودون خوف ، من أيّ حساب ، في الدنيا ، أو الآخرة .. ودون خوف ، من أيّة فضيحة ، تلحق بسمعته ، أو سمعة أهله ! فيَداه مطلقتان ، في كلّ شيء ، في بلاده ، ويَعدّ كلّ مايسرقه من المال العامّ ، أو يسطو عليه، وينهبه ، من المال الخاصّ ، غنيمة له ، ولا شيء لديه ، يخسره ؛ فهو مجرّد لصّ !
وسوم: العدد 808