بين بيان "القرف اللبناني"، وهاشتاغ "السوريون ليسوا وحدهم" التركي

مسئولية قوى المعارضة عن ملف اللجوء

سيظل العالم بألف خير ..

وستظل إنسانية الإنسان بألف خير . هذا الإنسان الذي كرمه الله سبحانه وتعالى ، وأسجد له ملائكته ، وعندما حاول الملائكة أن يعترضوا بقولهم ( مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء ) رد عليهم الحكيم العليم ( إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ )..

وكان جميلا ويستحق التحية والاحترام والتقدير بيان ما سمي بيان " القرف من الهستيريا العنصرية ضد اللاجئين السوريين " السياسة التي يمارسها وزير الخارجية اللبناني ضد اللاجئين السوريين . وبالمناسبة فإن وزير الخارجية اللبناني " جبران باسيل " هو صهر الرئيس اللبناني ميشيل عون ، الذي هرب في لحظة خوف من قوات حافظ الأسد إلى السفارة الفرنسية في بيروت ، ومن ثم إلى فرنسة حيث ظل لاجئا لأكثر من عقدين . ولا نرى أن من حقنا أن نقول فيه وفي صهره ما يقولان في اللاجئين ..وأعدل ما قاله لاجئ للاجئ ، قول شوقي : كلنا في الهم شرق .

صدر بيان " القرف " من السياسات العنصرية لوزير الخارجية اللبناني الثلاثاء الماضي 25 / 6 ، ووقع عليه عشرات المثقفين اللبنانيين من كل الطيف اللبناني . فنّدوا كل الادعاءات التشويهية المقرفة التي يطلقها جبران باسيل وجوقته من أتباع حزب الله وغيرهم ؛ ليعبروا بذلك عن إنسانية الإنسان اللبناني الأصيل على الشاطئ الشرقي للمتوسط ، من أعلاه إلى أدناه ، الشاطئ الذي كان أصلا لحضارة الإنسان ...

وعلى الحدود الشمالية لسورية المنكوبة المنكوب شعبها ، بادر الآلاف من الأتراك اليوم ، وعلى أثر أحداث مؤسفة ، باشرتها بعض المجموعات المشاغبة في بعض أحياء استنبول ضد اللاجئين السوريين هناك ، إلى إطلاق هاشتاغ " السوريون ليسوا وحدهم " في إعلان التناصر الحميد بين أخوة العقيدة والحضارة والتاريخ ليستحق هؤلاء أيضا الشكر والحمد والاحترام والعرفان والتقدير ..

وإن الدرس الأول الذي أريد أن أنقله إلى كل السوريين وهم الأحرار الكرام الأماجد كابرا عن كابر ، والأيام دول ، أن يتبصروا إذا جاءهم يوما خائف فزع مستجير في أي صف يكونون ؟! في صف أصحاب خطاب القرف ضد أمثال جبران باسيل أو في صف هؤلاء الكرام الموقعين على شجبه وسياسته وطرائقه ، في صف هؤلاء النزقين في بعض أحياء استنبول الذين خرجوا يعبرون عن العداوة والكراهية والبغضاء أو في صف هؤلاء الجميلين الذين تصدوا لهم بعبارة : السوريون ليسوا وحدهم ؟!!! وأضيف ولو تأملنا في صفوف هؤلاء وأولئك سنجد أن الفرز ليس على الايديولوجيا الدينية ولا المذهبية ولا السياسية بشكل عام ، فقد وقع على بيان القرف ضد جبران باسيل ولفيفه : مسلمون ومسيحيون ، شيعة وموارنة ودروز لتبقى الحقيقة الجوهرية الكامنة في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : الناس معادن , اللهم اجعلنا من خيار من خلقت .

والدرس الثاني الذي نتوجه به إلى كل قوى المعارضة السورية هو أن ملف " اللجوء " ، وقد طال العهد على الناس يحتاج إلى مبادرات عملية لاحتوائه ، ولتوظيفه في مشروع ثورة الشعب الحر الكريم ، وللنأي به عن طريق الإعادة القسرية في الحال أو الاستقبال ، الهادف إلى إعادة إلقاء اللاجئين في مطحنة الموت ، أو في مزرعة الذل الأسدية ..

يحتاج ملف اللجوء ، ولأن تصل متأخرا خيرا من أن لا تصل أبدا .. إلى برامج توجيه وتثقيف اللاجئين والارتقاء بهم ثم تدريبهم ليكونوا خلايا حية نافعة في المجتمعات التي انضموا إليها ، وليتوقفوا عن كونهم عبئا أو ما يشبه العبء ..

يحتاج ملف اللجوء إلى حلول تقصّر أجله ، أو تخفف كلفته ، أو تعين من تحمل عبئه عليه ، بحيث لا تشعر الدول والشعوب أن كارثة حلت عليها لم يكن لها يد فيها . وكل هذا يجب أن يكون جزء من حراك سياسي هادف على الصعد الإنسانية والاجتماعية والسياسية .

يجب أن تتحمل الدول الممسكة بالقرار الدولي مسئولية أكبر في ملف اللجوء السوري . فالدول التي تمادت في الصمت على تنفيذ سياسات التهجير ، وأطلقت يد الروس والإيرانيين والأسديين في تقتيل الشعب السوري وتهجيره يجب أن تتحمل مسئولية أكبر ، وبحيث تكون دول مثل تركية ولبنان بشكل خاص دول ممر لا دول مقر ..

وكل هذا يجب أن يتم بقرارات آمنة مدروسة يشترك فيها كل المتضررين ..

الكلام في ملف اللجوء كثير ، ولكننا اليوم في مواجهة محطاته الأخيرة يجب أن لا نفقد الحكمة والمبادرة وحسن التقدير ...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 831