زيادة الرِقّة المفتعلة ، حتى الانفلاق .. وزيادة التهذيب ، حتى الإعجاز!
قال الشاعر: زادَ في الرِقّة ، حتى انفلقا ! والرِقّة أصناف ، والانفلاق أنواع !
من أصناف الرقّة : الطبيعي والمفتعل .. الإنساني الصادق ، والتجاري الزائف !
وسنتتحدّث ، هنا ، عن كلمة النبل ، ولنسمّه (التهذيب) ، بدلاً ، من كلمة ( الرِقّة) ، لأن (التهذيب) يشمل صفات ، عدّة ، منها الرِقّة ! ونورد بعض النماذج الحقيقية ، التي تعبّر، عن معادن الرجال! ولن نُسمّي أحداً ! فمَن عرفَ أحدَ هذه النماذج ، وعايشه ، عن قُرب ، فيمكنه معرفة اتجاهات الكلام .. ومَن لم يعرف ، فيمكنه : الحدس والظنّ ، والتخيّل والافتراض ..!
نموذج ، يُعَدّ نمطاً ، لقليل من الرجال : طعناتُ الخناجر، لا تُخرجه عن طوره !
هذا النموذج قليل ، في حياة الناس ؛ بل قليل جدّاً ، وربّما كان نادراً ، أو مُعجزاً للكثيرين ، أن يكونوا مثله ؛ يتلقّى الطعنات ، من ألسنة الناس ، على شكل : شتائم ، أواتّهامات باطلة ، أومشاكسات .. ثمّ لايقول ، إلاّ خيراً ، مثل : سامحك الله .. عفا الله عنك .. غفر الله لك .. لقد ظلمتني ، ياأخي .. لقد أوجعتني ، ياأخي.. ! إنه يُذكّر بموقف المسيح ، عليه السلام ، حين كان يسير ، وسفهاءُ يهود يُسمعونه كلاماً سيّئاً، فيردّ عليهم ، بكلام حسن ! وحين سئل ، عن ذلك ، قال : كلٌّ يُنفق ممّا عندَه ! كما يُذكّر ، بقول الشافعي :
يخاطبني السفيهُ بكلّ قُبحٍ فأكرَه أن أكونَ له مُجيبا
يزيدُ سَفاهةً ، وأزيدُ حِلماً كَعُودٍ زادَه الإحراقُ طِيبا !
نموذج ، دهان خفيف من (التهذيب) ، تخدشه حَكّة مسمار، وتكشف ماتحته مِن صدأ!
وهذا النموذج ، يحاول أن يكون مثل الأوّل، لكنّ الطبعَ غلاّب ؛ فحين يستثار، قليلاً، تزول طبيعته المصطنعة ، التي يُسرف فيها ، أحياناً ، حتى الانفلاق، وتظهر لديه ، طبيعته الحقيقية ، ويَظهر الصدأ ، تحت دهان التهذيب الخفيف ! وقد تعبّر الرقّة المفتعلة ، المؤدّية إلى الانفلاق ، في هذا النموذج ، والذي يليه .. عن بعض الطبيعة الحقيقية الهشّة ، الكامنة في الأعماق .. كما قد يكون الصدأ ، الذي يَظهر ، جزءاً من الطبيعة ، ذاتها ، أحياناً !
نموذج ، دهان خفيف ، جدّا ، من( التهذيب) : تخدشه حَكّة ظُفر، وتُظهر الصدأ ، الذي تحته ! وهذا النموذج ، مثل الثاني ؛ بَيدَ أن دهان التهذيب ، لديه ، أخفّ ممّا هو عند الثاني !
ودرجاتُ التهذيب ، عند النماذج المذكورة ، وغيرها ، ناجمة ، عن جملة من المؤثّرات ، منها ، بل من أهمّها : حُسنُ الخُلق ، الناجم عن منشأ ديني ..ومنها : التربية المنزلية ، والعقل ، وما يحتويه من حكمة وخبرة .. والثقافة ! وقد يكون لعامل السنّ ، بعض التأثير، أحياناً ! كما قد يكون ، لعامل المصلحة ، تأثير، من نوع ما! وفي الحديث الشريف : ليس الشديد بالصرعة ، بل الشديد مَن يَملك نفسه عند الغضب! وقد لاينطبق شطر بيت الشعر، المذكور، أعلاه : زاد في الرقّة حتى انفلقا، على بعض الحالات المذكورة ، وقد ينطبق على بعضٍ ممّا ذُكر، وعلى نماذج غيرها، ممّا لم يُذكَر، هنا !
وسوم: العدد 872