حول اجتماع أستانا الثامن عشر..
يلتقي - اليوم وغدا- أطراف لقاء أستانا الثامن عشر..
روس وإيرانيون وأتراك، وسوريون "كلهم شركاء"
منذ أيار/ 2015 ما زال مسلسل " أستانا مستمرا، وما زال الذاهبون من السوريين يذهبون منتعلين، ويعودون حفايا..
ليس مهما أن نقول في المؤتمر شيئا، ولا أن ننتظر من المؤتمر شيئا، وهذه اللعبة قد سئمناها. سئمها كل السوريين. ولم تسأمها الأطراف التي تعيد في كل جولة الجمع والطرح والضرب والقسمة، والعملية الأخيرة أهم كل شيء، بالنسبة لبعضهم..
ربما في عالم السياسة لا يحق لأحد أن يلوم طرفا "لنفسه يبغى الخير"، وإنما يفعل ذلك أرامل السياسة وأيتامها. الذين تربوا على كلمة " يابو,,,,,, بدي" في حلب يقولون وقال الولد لأبيه "يا بو بدي طرماية... "
وأعود بكم إلى لقاء أستانا. في العاصمة الكازاخية "نور سلطان" يومي الخامس عشر والسادس عشر من شهر أيار الجاري. وأعود لأذكركم أنني بوصفي واحدا من السوريين، كنت قد رفضت لقاء أستانا منذ اللقاء الأول 2015.. ورفضته بوصفي مواطنا سوريا فردا، لأنه في نظري مؤتمر "عقيم" ولأن تركيبته غير مستوية، ولأن الذين رجوا منه وأملوا فيه كانوا مثل طالب الدبس..
ولأقرر هنا أيضا ومن حق بل من واجب كل الهيئات والتجمعات والقوى و الأحزاب عندما ترفض أمرا أو تؤيده، فعليها أن تذكر بموقفها كلما طلعت شمسه أو غربت، ذلك لأن صوتها أحيانا لا يبلغ، ولأن جمهورا يخصها، أحيانا يغيب ولا يسمع..
ورغم المعارضة الواعية الراشدة للقاءات أستانا "المتراكمة" ما تزال سلسلة المؤتمرات تتوالى، وما تزال الطريق إلى منتدياتها سالكة، وما تزال تنتج شيئا واحد فقط، ذريعة لإضاعة وقت الثورة، وتمديد فرصة البقاء للقاتل المبير، وفي كل مرة تحضر الأمم المتحدة مع قبضة من المراقبين!!
وما يزال يحضر في أستانا "سوريون"، وباختصار شديد بعضهم يذهب ليغطي على الجناية، وبعضهم يذهب ليلعق قصعة ليس له من أمرها شيء. وأمام كل هذا، بل ومن عن يمينه وشماله أيضا بتنا نستشعر أننا
نحتاج إلى عقل "سوري جديد" يفكر بكل جديد. يحدّث كل المدخلات، يعني يجري عملية "أبديت" ويكررها، فبعد أحد عشر عاما من الثورة، وسبعة أعوام من أستانا، أي من الاحتلال الروسي لسورية، وأستانا هي وليدة الاحتلال المشؤوم، يحتاج كل السوريين إلى مراجعات حقيقة، ولاسيما أولئك الذين يهمهم شأن سورية حاضرها ومستقبلها ومستقبل أجيالها....
أحداث كبرى تنتظر الشرق الأوسط قالها: كيسنجر منذ أيام، وإذا قلنا الشرق الأوسط فالشام قلبها ولبها وموئل الخير فيها!!
ثماني عشرة جولة مرت .. ومفردات الذاهبين إلى أستانا والعائدين منها لم تتغير. في كل مرة يحملون "بقجة" الآمال نفسها، ويعودون بها عصابة يعصبون بها رؤوسهم...
شخصي الضعيف لا يتهم أحدا ، وإنما ينبه؛ وليتنا... وعلنا... وكأننا ..ولكننا..كلها أحرف تشبه الفعل، وليست بأفعال أبدا..
ولو سئلت عن الأولوية الأولى على جدول ثورة ماضية- بإذن الله - إلى غايتها، لقلت: إسقاط نظام الاستبداد والفساد، ولو سئلت عن الأولوية الأولى على جدول معارضة مقاربة، أو تزعم أنها مقاربة؛ لقلت إنقاذ ما تبقى من المهج الأسيرة المشبوحة في زنازين المجرمين...!!
وكل ما عدا ذلك فهو "جُشاء"
ووقف رجل مكظوظ بين المسلمين الجياع يتجشأ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: كف عنا جشاءك يا هذا...
نعم كفوا عنا جشاءكم أيها المكظوظون...
لا للسيف .. ولا للضيف .. ولا للصيف.. ولا لغدرات الزمان..
وسوم: العدد 985