أيها السوريون احذروا.. ثم احذروا.. ثم احذروا

هذا بيان للناس عما يدور في الفضاء السوري..

في الفضاء السياسي الوطني، والاقليمي والدولي.. وفي الحراك اليومي والأسبوعي في الجنوب والشمال..

هذا بيان حول الهرج والمرج والصمت والتماري والتواكل والتواري..

 وكل أمرنا في مشهدنا أصبح صعبا ملتبسا عسيرا يحتاج إلى حكمة الحكماء،ومبادرة المبادرين، وإسعاف المسعفين، وتدارك المتداركين..

وأصبحنا بحاجة إلى رد كل عجز إلى صدره، ونسبة كل حراك، إلى المستفيدين منه، وليس فقط إلى العاملين عليه ومحركيه..

المشهد أقصد مشهدنا الوطني السوري في أبعاده ودوائره الحلزونية المتراكبة طبقا عن طبق؛ يحتاج إلى تفكيك الحكماء العلماء الفهماء، تفكيك المخلصين والمترفعين..

أدعوهم واستنهضهم وأذكرهم ولا أدعي، وإنما أذكرهم بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: "إنما جعل الإمام ليؤتم به" ويؤتم بإمام الصلاة في تكبير وقيام وقعود، ويؤتم في إمام المصاف، بما يصلح عليه أمر الناس..وأكثر ما يفتقد الناس في الهرج إمامهم..واحذروا من إمامة بكري مصطفى في الحكاية المصرية..

وأهيب بالناس، وأناشدهم، وأرجوهم، ولا أملك من أمرهم إلا حسن ظن، وحسن رجاء..

أيها السوريون .. السوريون.. السوريون..

ما يجري في فضاءات ما يسمى سورية المحررة، وسياقات القيل والقال، والتنابذ والتنابز.. لا يستفيد منه إلا الذي ثرنا جميعا عليه، واجتمعنا على نبذه ورفضه، وهذه هي الحقيقة الأخيرة مهما اصطنعنا لأنفسنا جميعا من معاذير..

ومعاذيرنا كلنا وكلها لا تسند في صيرورتها لغير المتكي المشتمل..وما هكذا تورد يا قوم الابل…

ونحن أجمعون أبتعون أبصعون في فضاء هذه الثورة، وعلى أرضها، وتحت سمائها، نحن كل هؤلاء في أمثال كليلة ودمنة: لاعقو المبرد..

هل علمنا بمثل لاعق المبرد!! الذي يعجبه أن يتغذى على دمه!!

نتغذى على دمائنا، ويعجبنا منه لون وريح.. فهل وعينا، ويقولون لي أجملت فبين، ودون البيان قرع الظنابيب..!!

في واقعنا أحداث كثيرة غاب عنها التدبير، ونتقدم خين نتقدم للإدبار ليس غير، والمطيبون لها لا يدرون ما كنهها، ولا على أي حال تستقر صخرة دفعوها من علُ حتى انحطت فاستقرت فوق مهج وظهور…!!

و غاب عن فقيهنا، إن كان لنا فقيه، قول شيخ الإسلام ابن تيمية "لا يكون الرجل فقيها حقا حتى يدرك أعظم المصلحتين، وأكبر المفسدتين…"؛ ولا يتجلى غياب هذا الفقه في عصر كما يتجلى في اللحظات التي نحن فيها..

وتجد كثيرا من الناس يهرجون…

وكلما تقارب الزمان أكثر تقدم فقه التدافع، والدرء، والموازنات المبصرة أكثر، لعلهم يعقلون، أو يبصرون، أو حتى يسمعون!!

وبياني في هذا المقام والله أشد صعوبة، وأبعد غورا..

ليس خوفا من بشار الأسد ولا من الذي ولاه، ولا من الذي والاه..

وإنما خوفي أن يكون كلامي زيادة في الضعضعة والاضطراب… كالذي أراد أن يعرب فأعجم، أو الذي أراد أن يكحّل فأعمى..

وأنا أخاف.. وأول خوفي من الله رب العالمين..

لا أنا قادر على صمت أخالف إليه لواذا، ولا على قول أجهر به كفاحا فأنادي على الناس: فأين تذهبون..؟؟!؟

أيها السوريون السوريون السوريون..

ما هكذا تساس الأمور..

وفي عرض النهر لا تبدل الخيول..

احذروا دبيب أعدائكم بينكم، فوالله لقد دبوا..

وشر الفتنة نار يسعى بها جهول، لا يملك خطامها

وقُدار ورهطه السبعة عقروا ناقة الله بخلا بسقياها..

فدمر عليهم ربهم بذنبهم فسواها.

أيها السوريون احذروا ثم احذروا ثم احذروا..

ولا تنزعوا حجرا من بنيان، مهما كان أعوج حتى تعلموا من يسد ثغرته، ولا تطيحوا بحجر من عل حتى تعلموا أين يستقر!!

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1080