في يوم 21 آذار تتزاحم المحطات
والمحطة الأولى أنه حسب التقويم الكوني، يقع في هذا اليوم انتهاء فصل الشتاء ودخول فصل الربيع.. وفي ثقافات أكثر الشعوب نظمت القصائد احتفاء بهذه المناسبة.
أجمل قصيدتين في الشعر العربي بهذه المناسبة هما للشاعرين المتعاصرين القرينين أبي تمام ابن قرية جاسم من حوران..وحوران اسم سابق لاسم درعا، وذكرها امرؤ القيس في قصيدته، التي وثقت رحلته من الجزيرة العربية إلى بلاد الروم، وذكر فيها خارطة من البلدان حوران وحماة وشيزر وتاذف ..
والثانية للبحتري ابن مدينة منبج قريبا من الفرات شمال شرق حلب..
وقد اعتمد العديد من الشعوب الشرقية من الكرد والفرس والبلوش والأفغان من يوم الانقلاب الربيعي رأسا لسنتها، واحتفلت بذلك، واعتبرت هذا اليوم عيدا، وأحيطت به عند بعضهم هالة من القداسة الدينية والقومية..ولو جرد هذا اليوم من المقترنات الثقافية الإضافية يبقى مجرد يوم يحتفي فيه العالم بحق بمناسبة إطلالة فصل الربيع بكل ما فيه من نُور ونَور..
ثم ثالثا اعتمد هذا اليوم في كثير من الدول العربية كمحطة للاحتفاء بالأم وتكريمها. صحيح أن بر الأم أو بر الوالدين واجب متماد في الزمان والمكان وفي حياتهما وبعد موتهما كما في شرعة الإسلام؛ إلا أن هذا لايمنع أن تكون محطة إضافية للبر ، مدنية غير دينية، يحتفي فيه الأبناء بأمهاتهم على القرب والبعد..
فيغنون لست الحبايب ويلهجون بذكرها، ويكبون على تقبيل يديها والارتماء ساعة في حضنها. أو النرحم عليها كما نفعل في كل صلاة (رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)
المهم في أخلاقنا أن لا يكون أحدنا ضيقا حرجا، للدين أحكامه وقواعده وشرائعه وشعائره، وكل ذلك من أمر الله، وللدنيا مسالكها وطرائقها، واختيارات أهلها، ومن الضيق والحرج أن يحمل هذا على هذا…
نفرح بقدوم الربيع.. ونجعل من إطلالته موسما للفرح، ونتفكر في محطة للوفاء للتي أعطت ولم تنتظر العوض. ذابت لتجعلنا نضيئ
وإنما هي بسمة وكلمة طيبة أو دعوة صالحة..
(رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)
وسوم: العدد 1121