وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم
محمد فاروق الإمام
[email protected]
ونحن نعيش الذكرى العطرة لمولد سيد
البشرية وخاتم رسل الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وقد تحدث الكثيرون عن
مولده، إلا أنني أهتبل هذه المناسبة لأسرد رواية قصة وفاته صلى الله عليه وسلم.
من المعروف بحسب الروايات التاريخية
والسيرة النبوية أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته
كانت
حجة الوداع، وبعدها نزل
قول الله عز وجل (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت
عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا). فبكى أبو بكر الصديق عند سماعه هذه الآية..
فقالوا له:
ما يبكيك يا أبو بكر إنها آية مثل كل آية نزلت على الرسول!! فقال: هذا نعي رسول
الله .
وعاد
الرسول: وقبل الوفاة بتسعة أيام نزلت آخر آية من
القرآن (واتقوا يوماً ترجعون فيه إلي الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون).
وبدأ الوجع يظهر على الرسول.
فقال
:
أريد أن أزور شهداء أحد.
فذهب إلى شهداء أحد ووقف على قبور
الشهداء وقال: (السلام
عليكم يا شهداء أحد، أنتم السابقون وإنا إنشاء الله بكم لاحقون، وإني
إنشاء الله بكم لاحق).
وأثناء رجوعه من الزيارة بكى رسول الله
(صلى الله عليه وسلم(.
قالوا: ما يبكيك يا رسول الله ؟
قال: (اشتقت إلى إخواني).
قالوا: أولسنا إخوانك
يا رسول الله ؟
قال: (لا أنتم أصحابي، أما إخواني فقوم
يأتون من بعدي
يؤمنون بي ولم يروني).
(نرجو من الله أن نكون منهم)...
وعاد الرسول وقبل الوفاة بثلاثة أيام
بدأ الوجع يشتد عليه وكان في بيت السيدة ميمونة.
فقال:
(اجمعوا زوجاتي ) فجمعت
الزوجات.
فقال النبي:
(أتأذنون لي أن أمرض في بيت
عائشة ؟).
فقلن: نأذن لك يا رسول الله.
فأراد أن يقوم فما استطاع فجاء علي بن
أبي
طالب والفضل بن العباس فحملا النبي، وخرجوا به من حجرة السيدة ميمونة إلي
حجرة السيدة عائشة فرآه الصحابة على هذا الحال لأول
مرة..
فيبدأ الصحابة في السؤال
بهلع
:ماذا أحل برسول الله.. ماذا أحل برسول الله؟!.
فتجمع الناس في المسجد وامتلأ وتزاحم
الناس عليه.
فبدأ العرق يتصبب من النبي بغزارة.
فقالت السيدة عائشة: لم أر في حياتي
أحد
يتصبب عرقاً بهذا الشكل.
فتقول: كنت آخذ بيد النبي وأمسح بها
وجهه، لأن يد
النبي أكرم وأطيب من يدي.
وتقول: فأسمعه يقول: (لا اله إلا الله،
إن للموت
لسكرات).. فتقول السيدة عائشة: فكثر اللغط (أي الحديث) في
المسجد إشفاقا
على الرسول.
فقال النبي: (ما هذا ؟)..
فقالوا: يا رسول الله ، يخافون عليك.
فقال: (احملوني إليهم).. فأراد أن يقوم
فما استطاع، فصبوا عليه 7 قرب من الماء حتى يفيق.
فحمل النبي وصعد إلي المنبر.. آخر
خطبه لرسول الله و آخر كلمات له..
فقال النبي:)
أيها الناس، كأنكم تخافون علي!).. فقالوا: نعم
يا رسول الله.
فقال: (أيها الناس، موعدكم معي ليس
الدنيا، موعدكم معي عند الحوض..
بمعني أستحلفكم بالله العظيم أن
تحافظوا على الصلاة، وظل يرددها...
ثم قال: (أيها الناس، اتقوا الله في
النساء، اتقوا الله في النساء، أوصيكم
بالنساء خيرا).
ثم قال : ( أيها الناس إن عبداً خيره
الله بين الدنيا وبين ما عند الله، فاختار ما عند الله). فلم يفهم أحد قصده من هذه
الجملة، وكان يقصد نفسه..
سيدنا أبو بكر هو
الوحيد الذي فهم هذه الجملة، فانفجر بالبكاء وعلى
نحيبه، ووقف وقاطع النبي وقال: فديناك بآبائنا،
فديناك بأمهاتنا، فديناك بأولادنا، فديناك
بأزواجنا،
فديناك بأموالنا.. وظل يرددها
..فنظر
الناس إلى أبو بكر، كيف يقاطع النبي.. فأخذ النبي يدافع عن أبو بكر قائلا: (أيها
الناس، دعوا أبو بكر، فما منكم من أحد كان له عندنا
من فضل إلا كافأناه به، إلا أبو بكر لم أستطع
مكافأته، فتركت مكافأته إلى
الله عز وجل، كل الأبواب إلي المسجد تسد إلا باب
أبو بكر لا يسد أبدا).
وأخيرا
قبل نزوله من المنبر... بدأ الرسول بالدعاء للمسلمين قبل الوفاة كآخر دعوات لهم
فقال
:
أوآكم الله، حفظكم الله، نصركم الله،
ثبتكم
الله، أيدكم الله)... وآخر كلمه قالها، آخر كلمة موجهة للأمة من على منبره قبل
نزوله قال
:(أيها
الناس، أقرأوا مني السلام كل من تبعني من أمتي إلي
يوم القيامة) وحمل مرة أخري إلي بيته. وهو هناك دخل
عليه عبد الرحمن بن أبي بكر وفي يده سواك، فظل النبي ينظر إلى السواك ولكنه لم
يستطيع أن
يطلبه من شدة مرضه. ففهمت السيدة عائشة من نظرة النبي، فأخذت السواك من عبد الرحمن
ووضعته في فم النبي، فلم يستطع أن يستاك به، فأخذته من النبي وجعلت
تلينه
بفمها وردته للنبي مره أخرى حتى يكون طرياً عليه
فقالت: كان آخر شيء دخل جوف النبي هو ريقي، فكان من فضل الله علي أن جمع بين ريقي
وريق
النبي قبل أن يموت .
تقول السيدة عائشة: ثم دخلت فاطمة بنت
النبي، فلما دخلت بكت، لأن النبي لم يستطع القيام، لأنه كان يقبلها بين عينيها كلما
جاءت إليه..
فقال
النبي: (
أدنو مني يا
فاطمة).. فحدثها النبي في أذنها، فبكت أكثر.. فلما بكت... قال لها النبي: (أدنو مني
يا فاطمة) فحدثها
مرة أخرى في أذنها، فضحكت.
بعد وفاته سئلت ماذا قال لك النبي فقالت: قال لي في المرة الأولي: (يا فاطمة، إني
ميت الليلة) فبكيت، فلما وجدني أبكي
قال: (يا فاطمة، أنت أول أهلي
لحاقاً بي) فضحكت
تقول السيدة عائشة: ثم قال النبي: (أخرجوا من عندي
في
البيت) وقال: (أدنو مني يا عائشة)..
فنام النبي على صدر زوجته، ويرفع يده للسماء ويقول:
(بل الرفيق الأعلى، بل الرفيق الأعلى)... تقول السيدة عائشة: فعرفت أنه يخير. دخل
سيدنا جبريل على النبي وقال يا رسول الله، ملك الموت بالباب، يستأذن أن يدخل عليك،
وما استأذن على أحد من قبلك.. فقال النبي: (ائذن له يا جبريل).. فدخل ملك الموت على
النبي وقال: السلام عليك يا رسول الله، أرسلني الله أخيرك، بين البقاء في الدنيا
وبين أن تلحق بالله. فقال النبي: (بل
الرفيق الأعلى، بل الرفيق الأعلى)..
ووقف ملك الموت عند رأس النبي وقال: أيتها الروح
الطيبة، روح محمد بن عبد الله، أخرجي إلى رضاً من الله ورضوان
ورب راض غير غضبان
...تقول السيدة عائشة: فسقطت يد النبي وثقلت رأسه في
صدري، فعرفت أنه قد مات... فلم أدر
ما أفعل، فما كان مني غير أن خرجت من حجرتي وفتحت
بابي الذي يطل على الرجال
في المسجد وأقول مات رسول الله، مات رسول الله.
تقول: فانفجر المسجد بالبكاء.. فهذا علي بن أبي طالب أقعد، وهذا
عثمان بن عفان كالصبي يؤخذ بيده يمنى ويسرى.. وهذا
عمر بن الخطاب يرفع سيفه ويقول من قال أنه قد مات قطعت رأسه، إنه ذهب
للقاء ربه كما ذهب موسى للقاء ربه وسيعود ويقتل من قال أنه قد مات. أما أثبت الناس
فكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه دخل على النبي واحتضنه وقال: وآآآ
خليلاه، وآآآصفياه، وآآآ حبيباه، وآآآ نبياه. وقبل
النبي وقال: طبت حياً وطبت ميتاً يا رسول الله. ثم خرج يقول: من كان يعبد محمد فإن
محمداً قد
مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ... ويسقط السيف من يد عمر بن الخطاب،
يقول: فعرفت أنه
قد مات... ويقول: فخرجت أجري أبحث عن مكان أجلس فيه
وحدي لأبكي وحدي.... ودفن النبي
والسيدة فاطمة تقول: أطابت أنفسكم أن تحثوا التراب على وجه النبي .... ووقفت تنعي
النبي وتقول: يا أبتاه، أجاب رباً دعاه، يا أبتاه، جنة الفردوس مأواه،
يا أبتاه، إلى جبريل ننعاه .
والله لكأني أنظر إليه من مقامي هذا. أيها الناس، والله ما الفقر أخشى
عليكم، ولكني أخشي عليكم الدنيا أن تنافسوها كما تنافسها الذين من قبلكم، فتهلككم
كما أهلكتهم)..
ثم قال: (أيها الناس، الله الله في الصلاة، الله الله في
الصلاة)..