ذاكرة عجيبة للشيخ علي الطنطاوي

د.عثمان قدري مكانسي

[email protected]

كان الشيخ الطنطاوي ذا ذاكرة رائعة تجعله لا ينسى زائره ولو رآه بعد سنوات طويلة .

فقد حدثني أحد تلامذته ومحبيه ( الشيخ الدكتور منير الغضبان )أنه انطلق بصحبة أخيه الكبير  الدكتور ياسين الغضبان في دمشق عام خمسة وستين وتسع مئة وألف ، إلى دار الشيخ علي الطنطاوي  ، وكانت هذه الزيارة هي اليتيمة  ، ثم لم يلتقيا بعدها

وتمر الأيام  إلى أن يقع نظر الشيخ علي الطنطاوي على الدكتور ياسين بعد خمسة وعشرين عاماً في مكة فقال له حين رآه : أنت ياسين الغضبان ، ألست كذلك ، زرتني وأخوك في دمشق  في الستينات قبل خمسة وعشرين عاماً .

وهناك قصص كثيرة تروى بهذا الصدد  .

وإليك واحدة أخرى

فقد درس الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله  في صباه  العلوم الشرعية في المدرسة الشرعية ( الخسروية ) في حلب  في آوائل ثلاثينات القرن الماضي ( القرن العشرين الميلادي ) ، وكان في تلك الأيام زميلاً للشيخ المرحوم محمد السلقيني وكان الشيخ السلقيني يلقب ( أبا حنيفة الصغير ) تشبيهاً له بالإمام أبي حنيفة النعمان ،......

ويخبرني الشيخ الدكتور عبد الله السلقيني نجل الشيخ محمد أنه كان يسعى بين الصفا والمروة – بداية التسعينات من القرن نفسه – أي بعد ستين سنة - ،ولم يكن الدكتور عبد الله الذي عمل مدرساً في إحدى الجامعات السعودية في الرياض قد التقى الشيخ الطنطاوي من قبل - وكان الشيخ علي الطنطاوي يجلس بين الميلين الأخضرين ، فنظر إلى الشيخ الدكتورعبد الله وقال له : أسرع يا ابن السلقيني وتنشط وكأنه يريد أن يقول له : أنا أعرفك ، فأنهِ طوافك وعدْ إليّ  ..

عرف الدكتور عبد الله الشيخَ الطنطاويَّ فوراً حين نظر إليه فالملايين تحضر دروسه الممتعة في تلفزيون المملكة في الستينات والسبعينات من القرن الماضي ، فلما أنهى سعيه عاد إلى الشيخ الطنطاوي وقال له : يا سيدي أنا فعلاً ابن الشيخ محمد السلقيني ، فكيف عرفتني ؟

رد الشيخ على الطنطاوي رحمه الله : إنك تشبه أباك يا ولدي . في سمته ومشيته

ويذكر الدكتور عبد الله السلقيني أن الشيخ الطنطاوي حتى تلك الحادثة كان قد مر عليه أكثر من ثلاثة عقود لم يلتق فيها زميله الشيخ السلقيني  رحمهما الله تعالى .