نائب دمشقي ينازل النائب العام الفرنسي 00 ؟
نائب دمشقي ينازل النائب العام الفرنسي 00 ؟
شمس الدين العجلاني*
(أني ادعوكم إلى المبارزة بالسلاح الذي ترغبونه00 وإذا رفضت المبارزة ولم تجبني على كتابي بالاعتذار ونشره في الصحف فاني أعدك جبانا 00)
بهذه الكلمات تحدى نائب دمشق , وعضو الكتلة الوطنية محمد فخري بن محمود البارودي النائب العام الفرنسي في دمشق , مما أدى إلى تخبط أركان الانتداب الفرنسي و لم يعرفوا سبيل الخروج من هذا التحدي الذي جاء من نائب دمشق 00 ؟
ففي عام 1937 اشتدت الاضطرابات في سورية عامه , وفي دمشق خاصة 0 وقامت قيامة الانتداب الفرنسي وطاشت عقول الموظفين الفرنسيين 0 وخرجت نساء دمشق بمظاهرات انطلقت من مسجد الاقصاب واتجهت إلى دار البلدية في المرجة , ثم تحولت إلى مبنى الحكومة , وهتفت المتظاهرات ضد الانتداب داعين إلى الثورة والاستقلال 00 فتصدى لهن رجال الشرطة وتمكنوا من إلقاء القبض على 11 سيده , سجنتهن في دائرة الشرطة وقدمتهن في اليوم الثاني إلى المحكمة برئاسة المسيو ليغ وعضوية السيدين قسطنطين منسى والمسيو انورة , وممثل النيابة العامة المسيو موغان , وقد تطوع للدفاع عنهن المحاميان الدكتور منير العجلاني والدكتور سيف الدين المأمون , وبعد استجواب المسجونات المتهمات , وجاء دور الادعاء العام , وقف المسيو موغان النائب العام الفرنسي بدمشق , وهاجم نساء دمشق المتظاهرات هجوما شديدا كما تهكم على رجال دمشق قائلا: من المؤسف أن نرى هؤلاء الناس يرسلون بناتهم ونساءهم للتظاهر في الطرقات والإخلال بالأمن 0 إن هذا ضرب من النذالة والجبن 00 ) واعترض كل من العجلاني والمأمون على كلام المسيو موغان 00 ووصل كلام المسيو موغان الى مسامع نائب دمشق فخري البارودي وكان يلقب بزعيم الشباب , واحتد وانفعل وسطر إلى النائب العام الفرنسي كتابا أرسله مع شاهدين من الشباب هما الدكتور منير العجلاني و أديب الصفدي بصفتهما شهود تبليغ كتاب المبارزة 0 وجاء في الكتاب :
(إلى المسيو موغان مدعي عام المحكمة الاستثنائية في دمشق :
بما أنني نائب سورية , وواجبي الدفاع عنها في داخل المجلس النيابي وخارجة , وبما أنكم أهنتم العرب الذين لا ينامون على الضيم , وهم منذ عرف التاريخ , نساؤهم يساعدن الرجال في جميع مرافق الحياة , خصوصا في الحروب , والمرأة العربية لم تكن تكتفي بتضميد الجراح , والقيام على سقاية المحاربين وإطعامهم وتقديم السلاح والعتاد لهم , بل كن يحاربن معهم جنبا إلى جنب , ودخول العرب بلاد الشام من أسباب صمود نساء العرب في تلك الحرب التي قامت بينهم وبين الرومان في موقعة اليرموك , ولولا نساء العرب في تلك الموقعة لبقي الرومان إلى اليوم في بلاد الشام0
والنساء اللواتي يشاركن رجالهن في الحروب يوجد منهن في جميع الأمم , وهذه فرنسا ما زالت تفخر بجان دارك التي أنهت حرب المائه سنه وخلصت بلادها من الأعداء , وهذي جاة هاشيت التي خلصت بلدها من أعدائها , وهؤلاء نساء باريز عام 1870 اللاتي خلصن باريز من الالمان ببيع حليهن لفكها من الجزية التي ضربت عليها , كل هذا صار ولم يقل احد أن رجال فرنسا أنذال لان نساءهم دافعن عن بلادهن 0
وإنني قد أتيت بهذا الكتاب طالبا منكم سحب كلمتكم التي أهنتم بها السوريين على صفحات الجرائد , والاعتذار لهم عن الإهانة التي وجهتموها إلى شعبي الكريم 00والا فإنني ادعوكم إلى المبارزة بالسلاح الذي ترغبونه , وشهودي على المبارزة هما الأمير خالد الجزائري وحسين بك الابيش, وإنني بانتظار الجواب , وإذا رفضت المبارزة ولم تجبني على كتابي بالاعتذار ونشرة في الصحف فإنني أعدك جبانا,والسلام على من اتبع الهدى)
وانتشر الخبر في دمشق , وقامت قيامة الفرنسيين , واجتمع كبار رجال السلطة والقادة والقضاة , وتشاوروا فيما هم فاعلون 00 ؟ وجميع الاحتمالات المحتمل وقوعها من هذه المبارزة إن تمت أو لم تتم , ويقول فخري البارودي عن هذه المداولات (قرر الجميع أن هذا الطلب(المبارزة) هو عمل جنوني قام به شاب لا يعرف معنى الحياة 0 وقال بعضهم : إذا قتل المدعي العام فويل لفرنسا من العار , وإذا قتل هذا المجنون (يعني أنا) فويل لها أيضا مما يقع في البلاد من الاضطرابات , وبعد تداول الرأي قر القرار على أن يعتذر المدعي العام بكلمة نشرتها الجرائد00) ويتابع فخري البارودي قائلا : وبهذا الاعتذار كفى الله المؤمنين القتال , وكفاني مبارزة هذا الرجل الأحمق , والى اليوم ورجال دمشق يتنذرون بهذه الحادثة التي كتب عنها صاحب جريدة (البيان) في نيويورك كلمة قال فيها , بعد أن ذكر قصة المبارزة , قال : فارس لفارس , اثنان لفارس , عشرة لفارس , ألف لفارس , فرنسا لفخري البارودي )
* صحفي وكاتب