تربية النشء وتعليمه ..
مسؤولية النساء تجاه الأمة الإسلامية
رضوان سلمان حمدان
إن موضوعات المرأة من الموضوعات التي نالت حظاً وفيراً من البحث والاستقصاء في المجتمعات الحديثة والتي تناقش حقوقها وأخلاقها وعلاقتها بمن سواها ودورها الفعال في المجتمع وكيفية تحقيقه .
إن الإسلام أعطى المرأة دوراً كبيراً وبلغ بها ذروة تعلو كثيراً عما تتحدث به المدنية المعاصرة ، فلم يكن أبداً دور المرأة مهمشاً في الإسلام بل هو دور أساسي في المجتمع ولكن يجب علينا أن نعمل على توجيهه للبناء وليس الهدم حتى يعلو قدرنا بين الناس ويكون لنا مكان بين الحضارات .
فلم يزل خصوم الإسلام والمقلدون لهم ومن يجهلون الفكر والأحكام والمفاهيم الإسلامية يواصلون هجومهم الظالم على الفكر والتشريع الإسلاميين، مدّعين ظلم الإسلام للمرأة.
وبالدراسة يتضح لنا أن محور المعركة بين الإسلام والعلمانية يدور حول مسألة أساسية هي أنّ الفكر العلماني ينادي بالإباحية والانحلال الجنسي، تلك النظرية التي تتحول فيها المرأة إلى أداة متعة وإشباع غريزي يقود إلى تدمير الاُسرة والمجتمع والمرأة . في حين ينادي الإسلام بتكريم المرأة والترفع بها عن هذا المستوى المتدني ومنحها الحقوق والمكانة التي تؤهلها لمشاركة الرجل في بناء الحياة والتعبير عن إنسانيتها على أسس إنسانية رفيعة.
يقول تعالى {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ... }آل عمران195 ، ومن هنا يثبت لنا المولى جل وعلا أن للمرأة المسلمة دوراً مهماً جداً في نشر الدعوة الإسلامية والدفاع عنها، فهناك ثغرات لا تسدها إلا المرأة؛ فالعمل الإسلامي، جهاد أمة قبل أن يكون جهاد حزب أو جماعة أو تنظيم والمسؤولية تقع على عاتق الجميع، وليس على فرد أو اثنين أو ثلاثة.
وتربية الأفراد على الولاء للإسلام هو الأصل، فلا تكون التربية على الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين.
وعلينا أن نتساءل عن أهم ما يمكن للأم أن تقدمه لأبنائها حتى تكون مشاركة في بناء الأمة من خلال الجيل الذي ينشأ على يديها ؟
إن عليها قبل كل شيء الإخلاص لله وحده فقد قال تعالى {وَمَا أُمِرُوا إلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُـقِـيـمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ} [البينة: 5]
فاحتسبي أختي المؤمنة كل جهد تكدحينه لتربية الأولاد من سهر أو معاناة في التوجيه المستمر أو متابعة الدراسة أو قيام بأعمال منزلية، احتسبي ذلك كله عند الله وحده؛ فهو لا يضيع مثقال ذرة، قال ـ جل شأنه ـ: {وَإن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبيـنَ} [ الأنبياء: 47].
فهذه رسالة لك الأجر عليها إن أحسنت أداءها وقد مدح الرسول صلى الله عليه وسلم الـمـرأة بخـصلتين بقوله: (خير نساء ركبن الإبل نساء قريش: أحناه على ولد في صغره وأرعاه على زوج في ذات يده)
ويأتي بعد ذلك دور العلم فالأم المسلمة بعد أن تتعلم فروض الأعيان التي تخصها في عبادتها ومعاملتها وتحيط بالحلال والحرام تتعرف على أصول التربية، وتنمي معلوماتها باستمرار.
قال تعالى: {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً} [طه: 114] فهذا ديننا دين يدعو إلى العلم، فلماذا نحمّل الإسلام قصور تفكيرنا وتخلفنا عن التعلم ليقال: إن الإسلام لا يريد تعليم المرأة وإن الإسلام يكرس جهل المرأة؟
كيف ذلك وتاريخنا الإسلامي يزخر بالعالمات من مفسرات ومحدثات وفقيهات وشاعرات وأديبات، كل ذلك حسب هدي الإسلام فلا اختلاط ولا تبجح باسم العلم والتحصيل بل العلم النافع الذي يقود المسلمة إلى رضا ربها والجنة .