عن غزة... اقتراحات لوسائل الإعلام

عبد العزيز كحيل

[email protected]

كان لوسائل الإعلام العربية _إلا تلك القلّة المعروفة بمقاولتها لصالح العدو الصهيوني_ دور كبير في تصوير هولوكوست غزّة وفضح الدولة العبريّة المحسوبة على الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتضافرت في ذلك جهود الفضائيات والصحف والمواقع الالكترونية في وقفة قومية رائعة أثلجت صدور العرب والمسلمين وأزعجت الكيان الصهيوني والأوساط المتواطئة معه، وأرى أن على هذه الوسائل الإعلامية أن تستكمل أداء الرسالة حتى تكون محرقة غزّة نقطة تحوّل تاريخية في مسار القضية الفلسطينية وعلى ثلاثة مستويامتزامنة:

1.تثبيت الجماهير والتجمّعات السياسية والثقافية والتربوية العربية والإسلامية وترسيخ قناعة الانتصار لديها.

2.تجلية دور المتواطئين مع العدو والمتخاذلين والمثبطين من السياسيين والإعلاميين ورجال الدين العرب حتى لا ينخدع بمراوغاتهم أحد بعد اليوم، بل وتعليق أوسمة الخيانة عليهم ونقش أسمائهم وصورهم في أذهان الرأي العام.

3.خوض معركة كسب الرأي العام العالمي لصفّنا وقضايانا بعد أن كان منحازاً بشكل شبه كامل لليهود

   من أجل بلوغ هذه الأهداف أسوق هذه الاقتراحات (على سبيل الدعابة والتنذر؟)

أقترح على قناة الأقصى الفضائية أن تبث على الشاشة صورة محمود عباس وهو يعانق إيهود أولمرت حتى لا ينسى أحد مواقف أيٍّ كان.

وأقترح على القنوات المصرية الرسمية الّتي تقول إنّها تعبر عن ضمير الأمّة أن تثبّت على الشاشة صورة الرئيس المصري من جهة وصورة وزير خارجيته من جهة ثانية وكلّ منهما يصافح تزيبي ليفني بحرارة في القاهرة وهي تعلن الحرب على غزّة... ولمَ لا يؤخذ بهذا الاقتراح؟ أليست هذه القنوات تدافع بشدّة عن سياسات النظام "الرشيدة" وترى أنها  الأحسن والأصلح ؟

وأقترح على قناة الجزيرة أن تقيم ندوة تدعو لها السفراء العرب الثلاثة المقيمين في تل أبيب (أو في القدس؟) ليحكوا لنا بالتفصيل كيف قضوا أوقاتهم أيّام العدوان على غزّة ومن التقوا من أصدقائهم الصهاينة وهل تابعوا الأحداث على الشاشة أم من غرفة العمليات وهل قدموا التهاني لليهود منذ اليوم الأول للحرب أم بعد انتهائها (فالدول التي يمثلونها ترى أن الصهاينة محقون في تأديب حماس)، لا شك أن المشاهدين العرب سيستمتعون بمتابعة مثل هذه الندوة ويخرجون منها برصيد معرفي ونفسي ثمين للغاية.

وأقترح على الفضائيات السعودية إعادة بثّ محاضرتين هامّتين جدّاً: الأولى ألقاها الشيخ صالح اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى وضمنها فتوىً تحرّم المظاهرات والاعتصامات المؤيّدة لغزّة باعتبارها إفساداً في الأرض والمشاركون فيها مجرّد غوغاء، والثانية للمفتي العام ينتقد فيها دعوات العلماء لمقاطعة البضائع الصهيونية والأمريكية لأنّه لا حرج في التبادل التجاريّ مع هؤلاء ويطلق على دعاة المقاطعة أوصافاً قبيحةً أقلّها أنهم متشدّدون ومتنطّعون وأصحاب غلو (مع العلم أن أول المنادين بالمقاطعة هو الشيخ القرضاوي... وهاهو قد أصبح متشدّداً متنطّعاً !). وبالمناسبة أرجو أن تحسن إليها هذه الفضائيات فتعيد بث فتوى "سماحة المفتي" الّتي يعتبر فيها العمليات الاستشهادية الفلسطينية عمليات انتحارية وأنّه يغلب على ظنّه أن هؤلاء منتحرون... أي ممن يقتلون النفس... وكلنا نعرف مصير قاتل النفس في الآخرة

وأقترح على القنوات الإسلامية المختلفة أن تثبت على الشاشة صورة شيخ الأزهر في مصافحته الحميمية المشهورة  لشيمون بيريس الحائز على جائزة نوبل للسلام والذي أكد أثناء العدوان على غزة – والذي تبناه بدون تحفظ – أنه من " الحمائم " وأن جيشه لا يستهدف الأطفال !!!   أريد من خلال هذا الاقتراح أن يصبح المسلمون ويمسوا على صورة قادة اليهود المحبين للسلام وهم ينالون بركات  " رجال الدين " المنتسبين للإسلام الذين يؤمنون بالتعايش والأخوة بين أتباع الأديان السماوية ويكرهون دعاة العنف والإرهاب من أمثال حماس ، ولعل تلك المصافحة الحارة الحديثة عهد بالعدوان على غزة كانت بمثابة فتوى تجيز لرئيس المجرمين الصهاينة تأديب هذا الفصيل المارق المشاكس الذي عميت عيناه عن إبصار فضائل " الشرق الأوسط الجديد " الذي يبشر بأشياء جيدة جدا مثل أداء صلوات مشتركة يقيمها حاخامات من الأديان الثلاثة

وأرجو من المواقع الإلكترونية التي تتبنى بشجاعة وثبات قضايا الأمة وهزتها الحرب الجهنمية على غزة أن تتبنى الإقتراحات السابقة فتعيد نشر الصور  والفتاوى المذكورة في صفحاتها الأولى حتى تبقى مستقرة في الذاكرة وحتى تبقى لعنات ضحايا المحرقة الصهيونية تلاحق دعاة التطبيع  من جهة وتشحذ همم العاملين لمصلحة فلسكين والعرب والمسلمين من جهة أخرى...المهم ألا تطوى صفحة غزة كما عودتنا الأنظمة العربية منذ عقود بل تتأجج نارها ويستعر أوارها وينتشر شررها في القلوب والعقول ويحرك ميادين السياسة والتربية والثقافة والإعلام والسينما والمسرح والنشيد حتى تنطلق معركة التحرير الكبرى لاسترداد الحقوق ومعاقبة المجرمين وأعوانهم.