نبلاء من الغرب
دقيقة بعد دقيقة أزداد قناعة بأن أشكال الاستعمار حرباوية، شديدة التلون، سريعة التغير، خداعة، متقنة، تنجح كثيراً في جر الضحايا لحتفهم؛ بمنتهى الحرفية، والبرود، وقسوة القلب، وموت الضمير!
كان الاستعمار يقدم جنود المستعمرات، ليفتحوا له بأشلائهم حقول الألغام، دون أن يخسر من بني جنسه شخصاً واحداً، ويعتبر نفسه – مع ذلك - متحضراً، ورحيماً، ومنصفاً، وحامياً لحقوق الإنسان!
وقد قرأت في بعض كتب التاريخ، أنهم اضطروا ذات يوم للمرور في حقل ألغام في منطقة العلمين، غربي مصر، أيام الحرب العالمية الأولى..
ونجحوا فعلاً في ذلك.. وبعد اجتياز المنطقة كتب القائد الميداني المتحضر أخضر العينين لرئيسه: عبرنا حقل الألغام بنجاح.. دون أن نفقد جندياً واحداً.. وأبيد الفيلق الهندي عن آخره!
هكذا بمنتهى الصفاقة، والتجرد من النبل والآدمية!
ولا يزال هذا النهج سارياً؛ بل تقدم واستعظم، وصار أكثر حرفية، وأكثر إقناعاً، وأبعد أثراً.. حتى بات الناس - بمنتهى البلاهة وغياب الوعي - يأخذون كل معلوماتهم، من القنوات الإعلامية التي يملكها خصومهم، والكائدون لأمنهم وحريتهم، وحياتهم، ولا يثقون بقنواتهم المحلية، كما يثقون بفوكس، وسكاي نيوز، وسي إن إن، وسي بي سي، وغيرها من قنوات الضرار، ومزيفات الحقائق!
ومع هذا الليل الغربي الطويل، والشفق الدامي المقيت، فإننا لا نعدم في الغرب أناساً يقفون في وجه إعلامهم بثبات وأمانة ونبل، يقولون: لا للتزييف والتحريف، لا لتشويه الحقائق، لا لإحقاق الباطل، وإبطال الحق؛ فأخلاقنا ترفض، والحقيقة ترفض، والقيم ترفض، وحقوق الإنسان ترفض.. لا.. وألف لا..
وطوبى للنبلاء وأصحاب المبادئ، في كل مكان وزمان..
ومن هؤلاء البرلماني الإنجليزي جورج جالاوي، والسناتور الأمريكي بول فندلي، والبروفسور الأمريكي اليهودي نعوم شومسكي، والدكتور السفير الألماني مراد هوفمان، والدكتور المنظّر الفرنسي روجيه جارودي، والبرنس تشارلز أبو ويليام، وغيرهم من الفرسان الذي أسلط الضوء على بعض مواقف بعضهم، بعد أن أدهشني لقاء على قناة سكاي نيوز التي يملكها إمبراطور الإعلام اليهودي جورج ميردوخ، وكان بين صحفية متهودة، والفارس النبيل جورج جالاوي، الذي أخذ بمنتهى القوة، والجرأة، والوضوح، والفهم للقضية يهاجم المذيعة، ومردوخ، والنظام اليهودي الصهيوني، ويتحدث عن حقوق الفلسطينيين والعراقيين وحزب الله في المقاومة، في مقابل الوحشية التي تمارس على الناس في المنطقة من عقود كثيرة..
وسوم: العدد 699