شموع ودموع على مجزرة حماه الجزء الأول

الجزء الأول : في مثل هذه الأيام وقبل مجزرة حماه الكبرى في الثاني من  شباط عام 82 

كان المجاهدون قد حققوا فتل العديد من أعمدة السلطه كما من مخبريها وهزوا الوضع السياسي للنظام بقوه 

وكانت تنظيمات المجاهدين في حلب ودمشق  قد كشفت وكان التنظيم في حمص ضعيف  وكان قد استشهد القائد مروان حديد وخلفه القادة الشهداء  عبد الستار الزعيم وخلفه تميم الشققي وخلفه هشام جنباز  ووصلت قيادة التنظيم لعمر جواد ( الذي استشهد في شباط كذلك ) 

وكانت السجون تعج بالآلاف من المجاهدين  أما الباقي فهم المختفون   تحت الأرض  ( في أغلبهم ) في مخابئ ضمن البيوت والآخرون الغير مكشوفين للسلطة في بيوتهم وكانوا 600 مقاتل ( بعد أن توحد تنظيمي الإخوان والطليعه وتنازل الشيخ غسان حمدون للمهندس أبو بكر )  وكان الآلاف يتوافدون على معسكر التاجي في العراق للتدريب وبعضهم  يعود لعمله ليتبرع براتب شهر لكل سنه للتنظيم  والآخرون توزعوا في بيوت كالعامرية وغيرها ينتظرون التكليف 

وكان من يحمل منهم معلومات خطيرة على التنظيم يحمل كبسولة السيانيد وقد قتل عدد منهم نفسه حفاظاً على رفاقه وخططهم وكان منهم كذلك امرأة كانت تغطي وجود المجاهدين عندها فلما أتى الجيش أنكرت وجود أحد لكنهم عزموا أن يأخذوها فخافت من الإعتراف والإضرار بالمجاهدين فودعت أولادها بسرعه وقلت لهم بصوت منخفض يا أولادي لاتزعلوا أنا رايحه على الجنه ثم  استأذنت الجيش بأنها تريد دخول الحمام وهناك شربت كبسولة السيانيد وسلمت روحها خلال خمس دقائق ( إنها الشهيده أم حسن دبش وفي حي العليليات بحماه ، رفع الله من مقامها في الآخره   

كان صمت الليل في حماه مخيفاً وضغط السلطة في النهار أصبح  عالياً فقد أحضروا مخابرات حمص لتنضم لمخابرات حماه للتفتيش على الهوية  في الشوارع مع أسلحتهم  وقد دخلوا الأحياء القديمه التي كان يتنقل بها المجاهدون  عادة وأصبح تواصل القواعد صعباً سواء باللاسلكي أو بالأشخاص 

وقد كان كل ذلك الضغط  بسبب انكشاف التنظيم العسكري الإخواني والذي كشف عن وجود قوة تعادل لواء من المقاتلين وهي قوة أساسيه كان يعتمد عليها الإنقلاب المزمع قيامه بقيادة العقيد لطفي ( من حماه )    

أما الحاضن الإجتماعي فقد كانت حماة كلها تقريباً مع من سموهم وقتها بالمجاهدين  ولا تسالني عن مبررات الثورة فهي نفس الثورة الحالية ولاتقل لي لماذا الإسلاميون فهم نفس الثورة الحالية فهذا  هو شعبنا ، ولاتسألني أين الأحزاب الآخرى فأقول لك أنها كانت أذناباً أو بقيايا مهلهله لاوجود حقيقي لها لكن الغريب أنه آيد هذا الكفاح المسلح شيوعي مستقل عن السوفييت واسمه رياض الترك فعوقب ب 15 عاماً من السجن بسبب ذلكش

الجزء الثاني : سياسات ودوافع النظام   

منذ تسلم البعث السلطه كان معظمهم عسكريون ومعظم هؤلاء كانوا من الطائفة النصيريه فبدأوا بمحو القيم عبر  اضطهاد مدرسي التربيه الإسلاميه  لوقف توجيههم  وتشجيع الإختلاط بالقوه ثم تسليم الجولان وسرقة الثروات وبداية الرشوات  وسيطرة أجهزة الإستخبارات وتسريح ضباط الجيش السنه وترفيعات بالجمله للنصيريين ( ومنهم حافظ أسد الذي ترفع خمس رتب خلال سنتين    ... وكان هذا غريباً جداً مقارنة بفعل السلطات السياسيه بعد الإستقلال  

وكان رد الشارع على كل هذا بالرفض لكل ماجرى ، لكن المطالب المبرمجه جاءت حين قرر الإخوان الإضراب في نيسان 64 لكل المدارس ونجح تماماً ، وتجمع الناس في مسجد السلطان لإلقاء الكلمات وتحددت مطالب تنادي بحرية الشعب وحقه في اختيار ممثليه 

ردت السلطه بمضمونها النصيري السلطوي وبقناع البعث  بتطويق مسجد السلطان وطلبت منا ( كنت منهم ) مغادرة المسجد فظللنا مصرين على الإعتصام فقصفوا المسجد بالمدفعيه وقطعوا الماء فاستسلم الغالبيه  العظمى بأمر من المهندس مروان حديد (ولم يستسلم هو معنا)  ثم هدم المسجد وقتل 72 حموياً  

حكموا على 12 منهم بالإعدام  وكان نصيبي السجن خمسة أيام من ضمن 55 شخص أعمارهم أقل من 18 عام ، ذهبت للشيخ الحامد ليلاً وأخبرته بالإعدامات  .. فشكل وفد وقابل أمين الحافظ  فعفى عن كل الأحكام ، سمع عزت جديد بهذا فذهب حاملاً البندقية لقتلهم قبل أن يخرجوا من سجن البولوني في حمص .. فتم منعه من قبل قائد المنطقه ( عبد الرحمن خليفاوي وهو من السنه ) 

مما سبق تضح سياسة البعث وحزبه الواحد الرائد الصبيانية ومن خلفها أيدي نصيريه طائفيه طامعة في السيطرة ، وقد نجحت أخيراً بالسيطرة الكامله على مكتب القبول والتسريح في الجيش فتمت التصفيات ( راجع شاهد على العصر مع الرئيس الغبي السني أمين الحافظ) 

ومن هنا ومن معرفة نوايا النصريين السلطويين فهم أهل حماه قبل غيرهم  طبيعة السلطة الحاكمة كيف لا وأفرب قرية منهم على بعد 5 كم من مدينة حماه !  

ظل تحدي المجتمع من السلطة ولم يفلح أحد باقناع السلطة ذات الصوت الثوري الهادر بوقف تهوراتها 

وكان على رأس المستنكرين وخاصة لإنتهاك القيم ( آمنت بالبعث رباً .. حط المشمش على التفاح دين محمد ولا وراح ... ) هو المهندس الشاب مروان حديد والذي ناله العفو  بعد حكم الإعدام فاعتقل عدة مرات لكنه تابع النضال لانه  رآى أن كل شيئ ينهار  

لم تكن السلطة المسيطرة تستجيب ولو جزئياً  لمطالب الشعب فما كان إلا الصدام الدامي ، لأن لغة حوارهم كانت  هي  الحقد والكبر والدبابة التي سيطروا عليها،  لذا سالت الدماء في ال 82  كذلك بل وحتى بعدها  ولم يغيروا آبداً فتوسعت قاعدة المعارضة السياسيه  للنظام لكن لم يكن هناك طريق لإسقاط السلطة التي خطفت الدولة لها و المتمترسة بالجيش والمخابرات والتعيينات والثروات والإعلام منذ بدايتها  وظل الشعب مضغوطاً حتى الربيع العربي،  وحتى هنا فلم  يسمع النظام لنداء الشعب السلمي بل قتل منه الألوف خلال المظاهرات  وكان اللجوء للفتال مرة أخرى حتمياً  

ملاحظه : أنا لا أنكر ولا أتناسا أن كان هناك بعض الصدامات في الجامع الأموي بدمشق وسيدي خالد بحمص ومواقف الشيخ حسن حبنكه وووو لكني فضلت عدم توسيع الموضوع وفضلت ما رأيته أمامي في حماة كنموذج

الجزء الثالث - يوم المجزره 

في 2 شباط 1982 هاجمت السلطة مركز القيادة (الذي يعتقد الأغلبية أن معلوماته تسربت من ابن حي الباروديه نفسه وهو راكان عاشور )  قصفت المدفعية جميع مآذن المدينة  حيث احداثياتها جاهزة ضمن خطة الإقتحام وبدأ قصف المدينة من اللواء 47 ومنطقة الجب الإرتوازي قرب طريق حلب ، اقتحمت المدينة  سرايا الدفاع وسرايا الصراع والوحدات الخاصه والجيش النظامي وفتيان علي ( من أتباع النظام في اسكندرونه)  ، 

كانت فائمةَ مشايخ  وعلماء حماه جاهزه  وعددهم 85 فلموهم وقتلوهم  عدا رئيس جمعية العلماء الشيخ عبد الله حلاق فقد قتلوه على باب البناية التي يسكن بها وكذلك مفتي المدينة الشيخ بشير مراد الذي ساقوه وطلبوا منه أن يتكلم على التلفزيون مهاجماً الإخوان المسلمين وإلا سيقتل وكرروا ذلك عليه فلم يرضى فقتلوه 

دخلوا نزلة سوق الشجره بالحبال حتى لايضيعوا الطريق، دمروا حي الكيلانية بالقصف من القلعة ثم بالتفجير بالديناميت جداراً جداراً، حفروا الخنادق وصفوا الناس ووجوههم لها ثم رشوهم ليقعوا في الخندق ثم يردموا التراب فوقهم وهم أحياء ،  قتلوا شخصاً بآسياخ الحديد على رآسه حتى تطاير دماغه ، جعلوا مدرسة الصناعة معتقلاً فلما طالب أحدهم ببطانيات نادوه وكسروا رآسه على الملزمة الكبيره بأمر الضابط ، كما اتخذوا من معمل البورسلان معتقلاً وكان يكسرون بلاطات  البورسلان فتصبح جارحة ويرمونهم بها عشوائياً ، نادوهم كل من هو طبيب أو مهندس أو صيدلي ..  ليخرج جانباً ثم رشوهم جميعاً ووووو 

لكن السلطة لم تحاسب أحداً على جريمة أبداً ولم تدعم اقتصاد المدينه الذي تدمر  ومنعت تعويضات التأمينات الإجتماعيه المودعة لديها ولم تحاول الصلح ولا الإعتذار بل زادت التخويف وسلطة الأمن وأصبح الكل يبحثون عن مرتشي بعثي سلطوي نصيري ليحميهم وصار الكثير يشرب الخمر ليبعد عن نفسه أنه مؤيد للإخوان 

وظل هذا حتى الثورة الحالية 

للمزيد راجع كتابي وفيلمي حماة مأساة العصر

وسوم: العدد 705