خدمة الغز.. والحقنة القاتلة!
لا أحب التشفي في أي خصم من خصوم الإسلام والوطن، ولا أي عميل من عملاء الانقلاب أو الاستبداد، لأني أومن أن العدالة الإلهية أكبر من عدالة الأرض، ولها تجليات تفوق ما قد يتمناه الإنسان في الظالمين والطغاة وأدواتهم التي يستخدمونها للأذى والقهر.. وقد رأيت من تحصّنوا بالانقلاب فأساءوا إلى الأبرياء وآذوهم وظلموهم وقهروهم بغير سبب ظاهر أو خفيّ؛ يذوقون العقاب الإلهي بصورة لم يتوقعها أحد!
لاشك أن دعوات المظلومين لها استجابة عند العادل الذي لا يظلم عنده أحد. فكم من ظالم وبذيء وسافل وقليل أدب، عاقبه الله بأيدي الظالمين الذين أعانهم، وطبل لهم، وأقام لهم المهرجانات في الصحافة أو الإعلام أو الأحزاب أو الحياة العامة.
هل تذكرون المهرج باسم يوسف الذي كان يهجو الرئيس مرسي بأحط أنواع الهجاء، وكيف وصلت به الحال مع أشباهه الذين ظنوا أن استباحة الشرفاء مسألة هينة؟
هل تذكرون من كان يخصص الصفحة الأولي في جريدته ليسب الرئيس من خلال عناوين متتابعة تستغرق الصفحة كلها؟
هل تذكرون الآخر الذي كان يخصص الصفحة الأولى أيضا في الجريدة التي يعمل بها ليصور الرئيس المسلم المنتخب في أوضاع مزرية والحذاء فوق صدره"
هل تذكرون من ظهر على شاشة التلفزيون وهو يمسك الحذاء ويوجهه لمرسي؟ أين هو الآن ؟ وهل يذكره أحد وهو في قاع السجن بتهمة الرشوة؟
هل تذكرون من أساءوا وظلموا وطغوا وبغوا، وهم يصابون في أعز ما يملكون وهو الشرف؛ كما ظهر في فيديوهات العناتيل والشواكيش؟
هل تذكرون الكومبارس الذي فضحوه بابنته، وقدموها متهمة بجرائم يعلم الله مدى صحتها؟
هل تذكرون الخدم الذين كانوا بدرجة رؤساء تحرير، فسبّوا وقذفوا وشتموا، وتنافسوا في الفحش ضد الإرادة الشعبية؛ لأنهم ظنوا أن سادتهم الجدد القادمين من الثكنات أكبر من الله؟ أين هم الآن؟ وبعضهم لا يملك أن ينشر كلمة في الجريدة التي كان يرأسها، بل يتسول الكتابة في جرائد اللصوص الكبار وعملاء أميركا؟
هل تذكرون من كان يتقرب إلى البيادة عقب جريمة الانقلاب العسكري الدموي، ويقول: مصر في أيد امينة؟ ماذا فعلوا به وصنعوا بأمثاله؟
دعوني أتوقف وأوجز لأذكر بوزير الداخلية الأسبق عبد الحليم موسى، الذي اعترف أنه كان يقتل الأبرياء من المعارضين لمبارك، فعاقبه العادل بالسرطان، وهو ينشد التوبة والغفران من خلال اعترافه بخطاياه بينما سيده قد عاد إلى مقعده ويظن أنه نجا من عدالة السماء؟
بيد أن لدينا نموذجا طريفا، عاش مرحلة ساطعة من الشهرة والاهتمام العام بسبب قدرته على مخاطبة شريحة عريضة من المصريين وتضليلهم وحشدهم لمؤازرة الانقلاب العسكري الدموي الفاشي وقبول الاستبداد والظلم والفشل، وهو توفيق عكاشة صاحب قناة الفراعين الفضائية. لقد نكل به من استخدموه في سرقة الحرية والكرامة والأمل، وألقوا به كيانا زائدا عن الحاجة تتداوله المحاكم، وتلعب به الأحداث!
هذا النموذج ملأ الدنيا وشغل الناس، وفاق المتنبي شاعر العربية الأكبر في إثارة الجموع العربية بما كان يقدمه ويقوله بطريقة ريفية مميزة، وصدقت توقعاته التي كانت تملى عليه من الجهات التي يعمل لحسابها.
توفيق عكاشة من مواليد نبروه بالدقهلية عام 1967، حصل على مؤهل شبه متوسط وعمل معد برامج في تلفزيون الإسكندرية( القناة الخامسة) عام 1991م، ثم انتقل إلى القاهرة وعن طريق الرائد صفوت الشريف لمع في المجال الإعلامي، وصارت له قناة اسمها الفراعين، وأسس حزب مصر القومي عقب ثورة مصر 2011.
في عهد مبارك صار نائبا عن دائرة نبروه بعد فوزه في انتخابات مجلس الشعب المصري 2010 المزورة بوصفه أحد أعضاء الحزب الوطني الديموقراطي، وفي انتخابات مجلس نواب الانقلاب عام 2015، ترشح مستقلًا وفاز بمقعد عن الدائرة الرابعة- مركز طلخا و نبروه بمحافظة الدقهلية. بيد أن المجلس اتهمه بالتطبيع مع العدو الصهيوني بسبب دعوته السفير الصهيوني للعشاء في منزله، وأهانه النائب اليساري الناصري كمال أحمد بضربه بالحذاء وإثر ذلك قام المجلس بإسقاط عضويته، وتعرض لإدانات قضائية لسبه وقذفه والدة الشاب خالد سعيد، عدا قضاياه مع زوجنه السابقة. وقد عرض على قناته "الفراعين" إنذارا للرئيس مرسي بأنه يملك رجالا ووحوشا وأسودا تستحل دمه، كما حذر الصهاينة في فلسطين المحتلة من نتائج تولي مرسي الرئاسة على الكيان الصهيوني الغاصب.
وقد أغلقت قناته الفراعين أكثر من مرة، فعمل في بعض القنوات الأخرى التي أثار معها كثيرا من المشكلات، وابتعد كرها أو طوعا عن العمل التلفزيوني على الشاشة.
كان توفيق عكاشة قد ادعي أنه حصل على درجة الدكتوراه من إحدى الجامعات الأميركية التي لا وجود لها في الواقع ( بالمناسبة هو لا يجيد الإنجليزية!) فحكمت عليه المحكمة بالحبس لمدة سنة، وكفالة مالية قدرها 5 آلاف جنيه بتهمة تزوير شهادة دكتوراه قدمها ضمن أوراق ترشحه لمجلس النواب.
ونشرت جريدة الفجر الانقلابية في 19يونيو2017 تقريرا عن الحالة الصحية لـتوفيق عكاشة.. يفيد أنه يعاني من انزلاق غضروفي منذ شهر ونصف، وتحديدًا في الفقرة الرابعة والخامسة، وهو ما استوجب حجزه بإحدى المستشفيات الخاصة لفترة ليست بالقصيرة، ونصحه الأطباء بضرورة السفر لألمانيا للخضوع لعملية جراحية هناك. وأضاف التقرير أن أسرة "عكاشة" بدأت التحضير لسفره للعلاج بالخارج ولكنها فوجئت بقرار منعه من السفر لوجود اسمه علي قائمة الممنوعين على خلفية قضية سابقة، وكانت تقارير أخرى قد كشفت عن إصابته بجلطة دماغية أثرت بالسلب على حركته وتركت مضاعفات علي الجزء الأيمن من جسده ولكن أسرته نفت ذلك.
بيد أن جريدة المصريون" فاجأت القراء في 27/7/2017 بخبر ينفي وفاة عكاشة؛ ويذكر أن أحد أفراد أسرته اكتشف حقنة قاتلة بين الأدوية التي يتناولها للعلاج اليومي، ونجح في منعه من تعاطيها، وزعم مصدر مقرب من الأسرة، قيام جهة ما بتدبير وفاته من خلال وضع حقنة قاتلة بين الأدوية التي يتناولها، بالتوازي مع نشر شائعات عن وفاته، وأنه تم اكتشاف مخطط قتل عكاشة قبل لحظات من تنفيذه!
وهكذا يتحول المثل القائل بأن آخر خدمة الغز علقة، إلى: آخر خدمة الغز حقنة قاتلة!
وفي كل الأحوال فإن من أعان ظالما سلطه الله عليه. فاعتبروا يا أولي الألباب!
الله مولانا. اللهم فرج كرب المظلومين. اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم!
وسوم: العدد 735