المملكة العربية السعودية .. وقيادتها لسياسة الطاقة المتجددة
لا شكك من أن أساس اقتصاديات المملكة العربية السعودية ، ودول الخليج بشكل عام .. قائم على ( قطاع الطاقة ) الذي مازال يلعب الدور المركزي في تلك الاقتصاديات ( النفط ، والغاز ، والكهرباء ) ولكن يجب التفريق بين أسعار النفط على المدى المتوسط .. الذي يحدده (عوامل جيوسياسية ، وكوارث طبيعية والمضاربات التي تتم بسوق النفط ) ، وعلى المدى البعيد .. فتحدده ( أساسيات السوق ) والتي تقوم بالدرجة الأولى على أساسي ( العرض والطلب ) اللذان هما السمة الرئيسية لسياسات دول مجلس التعاون الخليجي ..
ولقد حرصت دول الخليج المعنية بالسياسات النفطية على ذلك .. من أجل المحافظة على أسعار نفط متوازنة ، ومعقولة .. من أجل استقرار قطاع النفط العالمي ... ويمكن فهم تلك السياسات النفطية الخليجية .. من خلال تنفيذ سياساتها داخل منظمة أوبك :
فالمملكة العربية السعودية تعتبر من مؤسسي منظمة أوبك .. لتلعب دور ( اقتصادي – سياسي ) وصل قمته في عام 1973م ليرفع أسعار النفط من 2 دولار للبرميل عام 1972 م إلى 38 دولارا عام 1980 م . يمكن تقسيم دول أوبك إلي ( تيار محافظ .. وآخر غير محافظ ) : فالتيار المحافظ .. يمثله ( السعودية ، وباقي دول الخليج العربي في أوبك ) ويميل هذا التيار على المحافظة على سعر بيع برميل النفط ، بسعر معقول نسبيا .. وذلك لتوفر احتياطيات نفطية كبيرة لديه .. وعدد سكان قليل . أما التيار الأخر .. فيمثله ( فنزويلا ، وإيران ، ونيجيريا ) .. ويميل إلى رفع سعر البرميل لأعلى سعر ممكن .. وذلك لقلة الاحتياطات النفطية لديه ، وارتفاع عدد السكان .
ولكن : كان للتواجد الأمريكي في العراق عام 2003 وما أحدثه من زيادة في أسعار النفط .. ومن ثم الخروج في عهد الرئيس أوباما .. والنمو الاقتصادي المتنامي لدول البريكس .. وظهور نظرية الذروة النفطية ، وزيادة عدد السكان لدول الخليج العربي ، وأحداث الربيع العربي .. وكذلك ظهور توجه عالمي نحو ( الطاقة المتجددة ، والاقتصاد الأخضر ) هي متغيرات أثرت .. وستؤثر بشكل كبير على سياسات دول الخليج النفطية .. وأيضا على أسعار النفط في هذه الفترة والعقود المقبلة .
سياسات الغاز لدول الخليج العربي : تلعب دولة قطر في الوقت الراهن دورا بارزا في إنتاج ( النفط والغاز ) حيث تمتلك ثالث أكبر احتياط من الغاز في العالم .. وتستحوذ على ما يقارب 24% من القدرة الإنتاجية للغاز المسال في العالم .. وهذا الرقم مرشح إلى أن يصبح 30 % في السنوات القليلة القادمة .. وتقوم خمس دول من دول الخليج العربي باستهلاك إنتاجها من الغاز محليا ، بالإضافة إلى الاستيراد من الخارج .. ولقد اتخذت دول الخليجية سياستها تجاه استخدام الغاز لسببين أساسيين :
· الأول .. يتمثل في أن الغاز غير ضار بالبيئة .· والثاني .. يعود أن الغاز يعتبر متعدد الاستخدامات في الصناعات البتر وكيماوية .
سياسات الطاقة الكهربائية لدول الخليج العربي : إن أهم ما يميز سياسات الطاقة الكهربائية لدول مجلس التعاون .. هو إنشاء ( هيئة الربط الكهربائي ) التي ربما توفر 5 مليار دولار من تكاليف الكهرباء على مدى العشر أعوام المقبلة .. وهي أيضا أكبر دليل على أهمية التعاون في طريق التكامل الاقتصادي .
التحديات التي تواجه دول الخليج : إن التحدي الأكبر لدول الخليج بالنسبة للسياسة النفطية .. يتمثل في متغيرات :
داخلية تتمثل في : ( زيادة عدد السكان .. وفي خلق فرص وظيفية بشكل سنوي ) .. ومتغيرات خارجية تتمثل في : ( التحول من النفط .. إلى الطاقة المتجددة ) والتي قطعت فيه دول أوروبا وبخاصة ألمانيا مراحل كبيرة .
إن الطاقة المتجددة .. توفر مجالات وظیفیة في قطاعات متعددة : ( قطاع الطاقة البدیلة ) - ( قطاع الأبنیة ) - ( وسائل
النقل النظیفة ) - ( قطاع الزراعة ) .
ھناك تزايد سریع للعمالة في قطاع الطاقة المتجددة .. ففي أوروبا زیادة ٢٠ % في كفاءة الطاقة المتجددة .. سوف یخلق ملیون وظیفة . أما إذا وظفت الدول العربیة الطاقة الشمسیة .. یمكن أن تتیح ٢٠ ملیون فرصة عمل بحلول ٢٠٣٠م . في أمریكا والصین .. ھناك تزاید في عدد المؤسسات تحت شعار ( الاقتصاد الأخضر ) وارتفعت الاستثمارات وھذا یحقق فرص وظیفیة .
وختاما : إن على دول الخليج .. تحديد سياساتها وبرامجها المحلية والمشتركة ، التي يجب وأن تتوافق مع هذا التوجه الجديد .. ولا شك أن التعاون والتكامل الاقتصادي هو الخيار الأمثل لهكذا توجه .. فالتفاوت النسبي بالنسبة للمساحة الجغرافية لدول الخليج العربي .. يجب أن يواجه بتعاون مثمر في حالة استخدام الطاقة الشمسية مثلا وذلك من خلال الربط من الخليج إلى البحر الأحمر .
· وإن على المملكة العربية السعودية .. التفكير مليا في طريقة قيادتها لسياسات الطاقة المتجددة .. فلا شك أنها تمتلك الخبرة الطويلة في السوق النفطي لآليات العرض والطلب ، ولديها أيضا الإمكانيات المادية التي يمكن توظيفها لهكذا قيادة .. التي ستحافظ على المكتسبات المحققة لها في مجال الطاقة .. بحيث تصبح هي خط الإمداد الأول بالنسبة للطاقة المتجددة للدول العربية ؟!
وسوم: العدد 738