التطبير واللطم في المدن السورية

انتصار لمشروع

العلمانية × الإسلامية – التقدمية × الرجعية – القومية × الشعوبية

علق الكثيرون على مشاهد اللطميات التي شهدتها المدن السورية ، وأبرزها ما كان في دمشق وفي حلب . وكما اقترنت اللطميات تاريخيا بما يسمى ( أربعينية الإمام الحسين ) ، فقد اقترنت عمليا بزيارة علي أكبر ولايتي ، المستشار الأول لخمنئي من بيروت إلى دمشق إلى حلب. رأى الكثيرون في هذه اللطميات عملا طائفيا استفزازيا ، يتحدى عقيدة الشعب السوري ، وقيمه وثقافته ، وهويته . وكان كل ما كتب تحت هذه العناوين كان صائبا وسديدا وموفقا .

جوانب أكثر أهمية ربما من عملية الاستفزاز الشعوري ، هي التي يجب أن يتوقف العاقل عندها؛ ليقلب على أشرار العالم المساندين للطاغية القاتل الكيماوي معادلتهم ، ويوثقهم بوثاقهم الذليل الذي يهتمون مخالفيهم به .

منذ الأيام الأولى للثورة السورية وتعلق رئيس مثل الرئيس أوباما بالقسمة الضيزى مع القاتل الطاغية ضد ثورة الشعب المستضعف المظلوم ، كان التعليل المباشر على ألسنة الدبلوماسيين والمحللين الأمريكيين وتابعيهم من الأوربيين : أن بشار الأسد يمثل الوجه العلماني للدولة السورية ، بينما غوغاء الثوار ، يرفعون رايات ما سمي فيما بعد ( أسلمة الثورة ) وتفسيرهم لديهم أن الثوار اعتزوا إلى قادة عظام في تاريخ الفتح الإسلامي العظيم .

في الحديث عن ( علمانية الأسد ) ، لن نستحضر في هذا المقام لازم العلمانية الأول ( الديموقراطي ) بأبعاده من حرية ومسئولية فردية ؛ وإنما سنتحدث عن العلمانية كمعطى فكري عقلي مواجه ونابذ ورافض للظلامية والجهل والانقياد والتبعية ..

فهل مشهد هؤلاء الرعاع من الناس وهم يلطمون أنفسهم ، وبعضهم يسيل دمه ، ويشدخ رأسه ، ينتمي إلى أي شكل من أشكال الآدمية ، أو العقلانية ، ولا أريد أن أتحدث عن علمانية يحمل رسالتها إنسان عاقل مفكر حر مسئول ، يحدد خياراته ثم يتحمل تبعاتها وأعبائها ..

السؤال عن حقيقة العلمانية الخداج المشوهة ، التي يمثلها رعاع اللطميات ، وعلى رأسهم بشار الأسد وحسن نصر الله ، موجه إلى النخب العلمية والثقافية والفكرية والسياسية في هذا العالم ؛ التي ما تزال تناور وتراوغ وتداور تحت عناوين خلبية ، لنيل ثأر تاريخي لم يستطيعوه منذ الحروب الصليبية ، من السوريين إنسانهم وديارهم .

إن إجراء أي مقارنة علمية موضوعية بين عقل المسلم وعقل الشيعي يضعنا أمام حقيقة : أن الإنسان الشيعي  ، الذي أسلم ( محياه ومماته ..) إلى مرجعية غارقة في الجهالة والتعصب ، والتي تدعو إلى البكاء على رجل مات منذ ألف وخمس مائة عام ، وكان أبوه وجدّه أولى بالبكاء ، لو صح بكاء ؛ إن الآدمي الشيعي هذا يحتاج إلى خمس مائة عام من التنوير ليتخلص من عادة مثل عادة التطبير ، أو ليتوقف عن المشي حافي القدمين من بغداد إلى كربلاء على اسفلت الصيف الحارق !!

وفي مقارنة ليست أقل أهمية لوضع المعطى الدلالي ( لعملية التطبير واللطم )  في سياقها التاريخي ، نضع هذه العادة الذميمة ، التي يؤكد المؤرخون ، أنها استوردت إلى عالم الرافضة قبل قرن من الزمان فقط ، على يد بعض النصارى الأرثوذكس القادمين من القوقاز ، والذين كانوا يطبرون على السيد المسيح فيما يزعمون ؛ نضع هذه العادة في سياقها العصري الحداثي ، ونذكر نخبنا العربية المستحداثة ، أننا والعالم نعيش عصر ما بعد الحداثة في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين .

لقد عشنا عقودا طويلا من قبل والمستبدون والطغاة والقتلة والمجرمون في جميع أقطارنا يلتحفون عباءة  ( التقدمية ) ويرموننا ، ويرمون كل مسلم متمسك بدينه وعقيدته وشعائرها بما أطلقوا عليه ردحا طويلا عنوان ( الرجعية ) !! حيث تحت هذا العنوان الآثم حورب رجال ونساء فقتلوا ، وسجنوا وشردوا ؛ واليوم من حقنا وحق كل عاقل أن يسأل : في أي سياق تاريخي تقع عملية اللطم والتطبير وشج الرؤوس وشق الجيوب التي شهدتها ( سورية الأسد ) ، سورية الأضرحة والمزارات والكهوف والسراديب ؟! أفي سياق عصري حداثي تقدمي ، يظلون يلوكون الألفاظ عنه أو في سياق من تخلف الجاهلية لأقوام لا يسمعون إلا دعاء ونداء صم بكم عمي ..؟!

ومقارنة ثالثة نضرب بها حثالة المؤتمرات الثلاثة ( القومي العربي ) والقومي – الإسلامي ) و( الأحزاب العربية ) ونقابات المجرمين والقتلة من المحامين العرب وأضرابهم ، الذين ما زالوا يقعدون مقعد التلميذ من القاتل الكيماوي الشعوبي بشار الأسد ..

أين تقع عملية التطبير هذه من العقل العربي الذي نشأ مستنيرا حتى استحق أن يخاطب بالقرآن، وأن يحمل رسالة السماء إلى الناس أجمعين ، وكان أشد استنارة بعد أن خوطب بالقرآن ، ففقه وثقف واستنار واستقام..

عملية التطبير واللطم التي يرعاها ( بشار الأسد ) على الأرض السورية لا تشهد على حقده وطائفيته وانخلاعه فقط بل هي شاهد على ترديه وتسفله وتحجره وتخلفه وشعوبيته أيضا ، وحقد وطائفية وانخلاع وشعوبية كل الدائرين في فلكه ، والمحيطين به ..

اللطم طقس شعوبي حاقد على العرب والمسلمين لا نملك حياله إلا أن نقول : اللهم العن من قتل الحسين والعن من خذل الحسين ، والعن من جعل من قتل الحسين ذريعة للانقلاب على الإسلام والمسلمين .

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 746