على هامش إسقاط طائرة 39 Lam بصاروخ FM6
ـ في الخبر:
أنّه قامت مجموعة من حركة أحرار الشام بإسقاط طائرة من نوع " 39 Lam "، مساء الثلاثاء: 26/ 12/ 2017، بصاروخ مضاد للطيران، أرض ـ جو، من نوع " FM6 "، و مقتل قائدها النقيب باسم غصن، من قرية أم حارتين الغربية، ناحية جب الجراح ـ ريف حمص في تل كلخ.
ـ أمّا في التعليق:
أنّه في مجريات الثورة السورية، أصبح الحديث عن مضاد الطائرات، كالحديث عن طائر العنقاء في حكايا العرب، و ذلك أنّ اتفاق " الجنتلمان " الذي يضبط العلاقة بين الدول العظمى، لا يتيح لأي منهما أن تمُدّ به الفصائل المناوئة لغريمتها، و هو ما عانى منه ثوار جبهة التحرير الوطنية " الفيت كونغ "، التي أوكلت إليها مهمة قيادة الثورة في الحرب الفيتنامية في شمال البلاد، سنة " 1960 م "، ضد حكومة الجنوب و حليفه الأمريكي، علمًا بأن الصين و الاتحاد السوفييتي كانا يمدان شمال فيتنام، و " الفيت كونغ " بالأسلحة والإمدادات، لدرجة أنّ المستشارين السوفييت كانوا يرابطون معهم في الخنادق و تحت الأرض، و يقومون بأنفسهم بتزويد الصواريخ بالوقود.
ما عدا ما كان في الحرب الأفغانية، حيث كان يُراد أن يهزم الاتحاد السوفييتي، تمهيدًا لإنهاء المنظومة الاشتراكية أمام المنظومة الرأسمالية بقيادة أمريكا، و تشكيل الخارطة السياسية الدولية، وفق رؤية أمريكا في قيادة العالم في القرن الحادي و العشرين.
و هو الأمر الذي لم تتوقّف عنده الفصائل المسلحة في الثورة السورية، فجعلت من هذه القضية، صُلْبَ شكواها في كل آونة و حين، طيلة سنوات الصراع التي أوشكت أن تدخل عامها الثامن، و لاسيما عندما يتقدّم عليها النظام و حلفاؤه، و يشرعون في انتهاج سياسة الأرض المحروقة، مستعينين بالطائرات، ولاسيّما المحملة منها بالبراميل المتفجرة، التي زاد عدد الملقى منها على المدن و القرى المناوئة للنظام، على " 70 " ألف برميل.
على الرغم من المساعي الحثيثة التي بذلت في هذا المجال، لدرجة أنّ قسمًا منها وصل من بلدان أوربا الشرقية " سابقًا "، و من الترسانة الليبية بعد سقوط القذافي، إلى الموانئ التركية، إلاّ أنّ أمريكا قد حالت دون وصوله إلى الفصائل، و أصرّت على منع ذلك بكلّ الوسائل و السُّبُل.
إلاّ أن الجديد في المسألة هو هذا التطور النوعي، في العلاقة بين الروس و الأمريكان في الملف السوري، و من ورائهما الدول الأربع النافذة في هذا الملف " تركيا، إيران، الأردن، السعودية "، فقد شهد الصراع على الجغرافيا السورية نقلة مفصلية، تمثَّلت من الانتقال من مرحلة " تقاسم النفوذ "، إلى مرحلة " تثبيت النفوذ "، و حُدِّدت مناطق ذلك على الخارطة، مع ملاحظة بعض التجاوزات على الأرض في بعض المناطق.
على غرار ما يقوم به النظام و إيران في مناطق شمال حماة، و جنوب حلب، و تحديدًا في المنطقة منزوعة السلاح، ضمن تفاهمات أستانا، بين الدول الثلاث الضامنة لها " افتراضًا ": روسيا ـ تركيا ـ إيران، المستندة إلى خطة مؤسسة راند لحل النزاع في سورية.
و ذلك أنّهما يسعيان لزيادة منطقة نفوذهما على حساب الفصائل، ما بين سكة القطار و طريق حلب ـ دمشق الدولي، من أجل إعادتهما إلى الحياة، و وصل حلب بالعاصمة مرورًا بحماة و حمص، و تعريجًا إلى مناطق الساحل، هذا فضلاً على إشغال طرفي الملف الرئيسين في حرب استنزاف لا طائل منها، و لاسيما من جهة الفصائل، التي يُراد لها أن تخطو في المرحلة الانتقالية، و هي تعيش حالة شح لوجستي، تجعلها طرفًا مأمونًا من أية مشاغبات على تؤثر على أشكال الحل المنتظرة.
و بناءً على ذلك يمكن أن يمكن النظر إلى قيام جهات ذات صلة بالملف السوري، بتزويد فصائل معينة بهذا السلاح النوعي، كرسالة للنظام أو حلفائه، بخفض مستوى المطالب، و التخلي عن بعض التطلعات في التمدّد خارج المناطق المتفق عليها، كمناطق نفوذ برعاية إقليمية، ضمن تفاهمات دولية غير خافية.
و هو ما ظهر واضحًا في ردود فعل الفصائل، التي لم تتفاعل مع نداءات التعبئة نحو تلك الجبهات، ما عدا ما كان منها تجاه داعش، التي تمثّل لها الخطر الداهم الذي قد يكون حافزًا لها للتعبئة، و هو أمر تقرُّ به حتى هيئة تحرير الشام نفسها.
وسوم: العدد 753