مدينة أعزاز السورية...تاريخ وحضارة...

د. صالح العطوان الحيالي

تقع مدينة إعزاز في الزاوية الشمالية الغربية من القطر العربي السوري في القسم الشمالي من جبل سمعان الذي يعد جزءاً من هضبة حلب، في منطقة تسمى «سهل أعزاز» يحدها شمالاً تركيا وهي على بعد 45 كم من مدينة حلب

تبلغ مساحة مدينة إعزاز 3500 هكتار تنحدر ببطء باتجاه الشرق والجنوب الشرقي نحو وادي نهر قويق، ويخترقها واد يعرف باسمها، وينحدر إليها من جبل بَرصة أو برصايا (855م)، ويجتاز الوادي المدينة من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي فالجنوب. المدينة القديمة كانت تقع على تل يعرف بأسمها ويشغل مساحة تقل عن خمسة هكتارات بقليل، وله شكل بيضي، تنحدر سفوحه الشمالية والشرقية بشدة، أما السفوح الجنوبية والغربية فانحدارها متدرج ببطء، ويبلغ ارتفاع التل عما حوله 28م وعن سطح البحر نحو 590م، مناخها معتدل صيفا بارد شتاء لقربها من البحر المتوسط إذ تبعد عن البحر (خط نظر) حوالي 70 كم رياحها غالبا غربية شمالية رطبة تتساقط فيها الثلوج قليلا والأمطار مما يجعل الينابيع تستعيد عطائها. وقد ورد في معجم البلدان لياقوت الحموي عن هذه المدينة ما يلي:

والعزاز الأرض الصلبة " وهي بلدة فيها قلعة ولها رستاق شمالي حلب بينهما يوم واحد ، وهي طيبة الهواء عذبة الماء لا يوجد بها عقرب ، وإذا أخذ ترابها وترك على عقرب قتله فيما يحكى وليس فيها شيء من الهوام ويغيب تاريخ

أعزاز إداريا 

ـــــــــــــــــــــــ : مدينة في شمالي سورية، مركز منطقة إدارية تابعة لمحافظة حلب, تقع أعزاز شمال غربي حلب على مسافة 45كم ,والَعزّاز في اللغة: الأرض الصلبة. يبلغ عدد سكان المدينة حاليا حوالي 75000 نسمة أما النواحي التابعة لها فهي :

1- ناحية تل رفعت

2- ناحية صوران

3- ناحية نبل

4- ناحية أخترين

5- ناحية مارع.

تبلغ مساحة مدينة إعزاز 3500 هكتار ومنطقة إعزاز 150450 هكتار وعدد القرى فيها 125قرية والمزارع 42 مزرعة وعدد أفراد الأسرة متوسط 7 أفراد ونسبة التعليم فيها 80

أعزاز تاريخيا 

ــــــــــــــــــــــــ : عرفت انها بنيت في عهد الحثيين وان أول معاهدة في التاريخ كانت في قرية اسمها قادش بين ملك الحثيين وفرعون مصر والذي أعطى الأخير ابنته زوجة لملك الحثيين كعربون مصالحة بخصوص مدينة أعزاز وقد كان اسمها ازر وكانت عامرة بالسكان ولم تكن في يوم من الايام عاصمة لاية مملكة بمعنى دولة مستقلة ولكنها تابعة للممالك الأخرى وفي عهد الأشوريين والبابليين كان اسمها خزازو وعرف بان لها سور عظيم وكبير لأنها تقع في

منطقة منبسطة وقال عنها المؤرخ الدكتور سهيل ذكار : بأنها تقع في سهل كلزأما في تاريخ الفتوحات الإسلامية فتحها مالك بن الأشتر بمساعدة يواكيم الذي كان تحت قيادة خالد بن الوليد وقيادة أبو عبيدة بن الجراح.علما أنها في تلك الحقبة كانت أقوى خطوط الدفاع للروم وكان أغلبية السكان من النصارى وبقيت إمارة تركمانية يتناوب عليها أمراء التركمان. لأهميتها الاقتصادية والتجارية والصناعية ومعبرا لطريق الحرير وان تاريخها يعود إلى 2000 قبل الميلاد لكن في الغزو الصليبي ذهبت أكثر معالمها وأصبحت من الزمن بغموض حينها كانت ثاني إمارة تركمانية بعد انطاكية... للزنكيين تسقط في بلاد الشام حيث أنها كانت إمارة كبيرة يسكنها مزيج الشيعة والنصارى واليهود وكان في ذلك الوقت أو العهد تراجع شيعي واضح ذات الأغلبية المسلمة والتي كان يقدر عدد سكانها بحدود الـ /70/ سبعين ألف نسمة وكلهم ضمن السور الذي يحميها وعندما وصل الغزو الصليبي الى أسوارها المنيعة لم يستطع قائد الحملة الصليبية الأولى فتحها لمناعة أسوارها المبنية من الحجر النوحي الذي لا يتكسر لأنه ذو طبيعة مرنة ولونه يميل إلى الصفار.....فاستعان روجر وهو القائد الصليبي بأعداء هذه الإمارة وهم جماعة من الأرمن وهو ابن أخت جوسلين قائد الحملة الصليبية الأولى الذي بقي في إنطاكية بعد أن سقطت بيده بدون قتال مما دفعه إلى تكليف ابن أخته روجر وكان شابا وسيما جدا محبا للدماء قاسي القلب فعمل جاهدا وسخر كل إمكانياته وتقنياته في سبيل إسقاط هذه الإمارة ( أعزاز) وكان احد هؤلاء الأرمن قد أشار على روجر بأن يضع عوارض خشبية بين الشقوق المتصدعة في السور وحرقها لتحميه تلك الحجارة ثم يصبون المياه فوقها مما تجعلها تتفجر وتتفتت مما احدث هوة كبيرة في السور فسهل ذلك عليه دخول المدينة وكانت المدينة قد قاومت 27 يوما فدخلت تلك القوات إلى هذه الإمارة وكانت القوات كبيرة جدا أكثر من مائتي ألف مقاتل فبطشت تلك القوات بهذه الإمارة بطشا كبيرا وقتل أكثر من 26 ألف من سكانها ولم يبق إلا الأطفال والنساء والعجز والباقي اخذ للأسر علما أن الأمير مودود الذي كان يحكم المدينة والقلعة هو تركماني مسلم من السلاجقة الزنكيين وهم من العرب الساميين إلاأنهم كانوا عبارة قبائل متفرقة وهم اثنتا عشرة قبيلة منهم قبيلة الخزر و الرشوان وكانت قبيلة الخزر الأكثر عددا والأقوى والتي اعتنقت الديانة اليهودية والتي تمثل غالبية سكان اليهود في العالم وكان على رأسها حاقان الذي تهود كيدا بباقي القبائل ولأسباب اعتبارية بعد أن دخلت معظم قبيلته الإسلام دون استشارته والآن نعود إليها ثانية مع محب الدين الطبري انه قتل حاكمها مودود بعد أن فر منها أثناء اقتحام المدينة وقتل على يد الأرمن وجيء برأسه إلى روجر وقد أعلن النصر على هذه الإمارة امتدت إمارته إلى قلعة جعبر التي هي في نهر الفرات....وخرج روجر من مدينة أعزاز وهي مدمرة نهائيا بعد ان قتل سكانها وسبا الباقي ولم يترك فيها عين تطرف ...حيث انه قتل اليهود والنصارى والمسلمين وبقيت أعزاز عبارة عن خراب لا يدل عنها إلا بعض أجزاء من أسوارها وقلعتها الشامخة والبيوت التي صارت تحت الأرض والآكام وكنائسها المترامية على أطرافها ومسجدها العمري المعروف الذي بقي صامدا ولم يهدم علما أن أعزاز لم تسكن لأكثر من ثلاثمائة سنة ونيف وقد تعرضت المدينة لهزة أرضية عنيفة دمرت القلعة المحصنة بعد أن استولى عليها الرومان أو الروم عام 363 وبعدها احتلها الصليبيون واستردها منهم نور الدين الزنكي وتمكن صلاح الدين الأيوبي من احتلال القلعة بعد حصارها أكثر من ثلاثة أشهر وتعرض لمحاولة اغتيال مرتين وقد اغتيل بخنجر مسموم إلا انه نجا من الموت كما جاء في المعجم لياقوت الحموي وفي القرن التاسع قبل الميلاد قام أحد أحفاد الملك نيروي احد ملوك الأشوريين باحتلال هزار وهو الاسم القديم لمدينة أعزاز والقلعة هي التل الأثري حاليا وغاب تاريخ أعزاز في أعماق التاريخ حيث ارتبطت بجميع الحضارات والمدنيات التي ظهرت في شمال بلاد الشام وبالتحديد شمال سورية0000من عصور قبل الميلاد لها مسميات كثيرة مثل القلعة البيضاء وذات السورين وكانت تهتم بالأدب والشعر ومن شعرائها شهاب الدين العزيزي صاحب الأندلسيات والذي تكلم عن غربته شوقا إلى بلده أعزاز وابن ماجة وقد قال عنها الشاعر الموصلي:

إن قلبي بالتلِ تلِ عـزازِ عند ظبيٍ من الظبـــاءِ الجوازي

شادنٌ يسكنُ الشـآمَ وفيهِ مع ظرفِ العراقِ لطفُ الحجازِ

وقد كان يتوسط المدينة نهر يتوسطها يمتد إلى نهر قويق في حلب و بها سرادق وقنوات مائية تعود للعهد الروماني كانت تغذي المدينة والأرياف وتمتد هذه القنوات إلى مدينة حلب و جبل سمعان و منبج شرقا ومياهها عذبة وأرضها خصبة علما انه لا يعيش بها عقرب وقد سمى احد ملوك اليمن بلدة من مدنه بإعزاز حبا بهذه المدينة التي كانت تزهو بثياب الخضرة والجمال ويأتي الناس إليها لطبيعة أرضها ومناخها الجميل ومناظرها الساحرة التي تبدو كعروس يوم زفافها نعم ان لم يعشقها احد فانا العاشق الوحيد لهذه المدينة التي جاء ذكرها في أكثر من مجلد وكتاب أمثال الطبري والقرطبي وياقوت الحموي وفي الغزو الصليبي وتاريخ البلدان والروضتين و الواقدي في فتوح الشام وغيرها الكثير التي اختصرت ولم أقدم أي تاريخ عنها لكي لا اشغل الراغب عن المعرفة بهذه المدينة بأمور لاتهم كثيرا أما سكانها اليوم فكلهم وافدون ولم تسكن مدينة أعزاز إلا منذ حوالي ثلاثة قرون فقط

وأن هذه المدينة لم تسكن أيضا إلا بعد ثلاثمائة سنة بعد خروج الصليبيين منها.......

قلعة مدينة أعزاز 

ـــــــــــــــــــــــــ : ان التل الذي يحتل مساحة كبيرة من وسط مدينة اعزاز يحظى باحترام كبير من أهلها الذين يجزمون بأنه هو قلعة مدينة اعزاز المنشودة وهناك الكثير من الأشياء في هذا التل سواء من الآثار التي يعثر عليها فيه أو من الأمو التي تدل على انه قلعة كنوعية الترب التيي تتكون منه و التي تطابق تلك المستخدمة في البناء القديمة هذا الأمر الذي جعل التل عرضة للنهب في القرن الماضي ولكن نهب لترابه الذي استخدم في بناء البيوت القيمة مما جعل التل يفقد الكثير من مساحاته و آثاره التي ظهرت خلال عمليات الحفر و استمرت هذه الحالة حتى قامت الحكومة السورية بوضع يدها على الموقع و قامت بتسويره و عينت عليه حراسة بعض مما سُرق من قلعتها الأثرية موجود في متحف اللوفر الشهير في العاصمة الفرنسية باريس و هي عبارة عن نماذج من الذهب الخالص, وقد رآها أحد أبناء المدينة الدارسين في باريس و قام بتصويرها قد كتبت على لوحة التعريف بها اسم مدينة اعزاز

أعزاز سكانا 

ـــــــــــــــــــ: ظلت أعزاز قرية متواضعة حتى مطلع القرن العشرين لايزيد عدد سكانها على 1500 نسمة، في عام 1921 عقدت اتفاقية أنقرة، وفصلت كلِّز عن سورية بقيت أعزاز من القرى السورية فجعلت مركزاً للقضاء، وألحقت بها القرى الأخرى كما ألحق بها عدد من القرى التي فصلت عن قضاء جبل سمعان، وأدى ذلك إلى بدء توسع أعزاز، فتم سنة 1921 فتح طريق جديدة تربطها بطريق حلب ـ تركيا، وأنشئت فيها دار للحكومة، وبدأ عدد سكانها يزداد بالهجرة إليها من القرى والمدن المجاورة، ولجأ إليها عدد كبير من المهاجرين الأرمن الذين بنوا في غربها بيوتاً لهم من الطين والخشب، وماتزال تلك الحارة تسمى حارة الأرمن مع أنهم هاجروا من المدينة. وقد ارتفع عدد سكان أعزاز سنة 1930 إلى نحو 5000 نسمة، كان ثلثهم من الأرمن، ثم إلى 16557 نسمة (تعداد 1981) و حاليا يبلغ حوالي 75000

كما قلنا أن عدد سكان أعزاز حاليا حوالي 75000 معظمهم من الوافدين على مدينة اعزاز

وهم من عشائر متعددة نذكر منها لا الحصر: بني خالد – و العجيل – بو خميس – المجادمه – العميرات – الحسان – العفادلة الدمالخه – والشريرات – والجيس – والبو بنا والطي والموالي والكيار والهنادي والعجاج والنعيم وعشيرة الشفرات والحسينيين الغنايم والخراج والبو سلطان والبو جميل والبوسالم والبو سبع وعشيرة الهيب وقليلا من العون وبعض الأقليات .....مثل القرباط والشيخان والطبالة النور

تاريخيا و كما هو معروف لدى اهالي المدينة..فإن مدينة اعزاز كانت من الممالك اليهودية قديما و يُنسب اسمها إلى أحد الملوك اليهود و كان اسمه عزَّاز و يشتهر اهل المدينة لهذا السبب بين اهل المناطق المجاورة بالمقولة من اعزاز ...يعني جدك يهودي مقولة غير صحيحة طبعا

الأرمن 

ـــــــــــــ :وفي فترة الحرب العالمية هاجر الأرمن إلى مدينة أعزاز وشكلوا الغالبية من أهالي أعزاز ما يقارب النصف ولهم الفضل في إدخال الصناعات إلى هذه المدينة وسميت المحلة التي يقطنون بها حي الأرمن ثم هاجروا واحداً تلو ألآخر الى ضمن القطر وخارجه ولا زالت قيودهم في السجلات المدنية في أعزاز شاهداُ حياً على وجودهم في هذه المدينة ...لكن الكثير من الارمن بقوا في اعزاز واختطلوا مع السكان وأغلب اهل عزاز أجدادهم لهم اصول من الارمن

المساجد

ــــــــــــــــــــــ : الجامع العمري الكبير – جامع الجندي – جامع الشيخ ادريس – جامع الحدادين – جامع الشيخ طاهر – جامع النور – جامع الميتم – جامع الصحابي الشيخ عبد الله – جامع خالد بن الوليد – جامع علي بن ابي طالب – جامع قباء – جامع مصعب بن عمير – جامع الحمزة – جامع الشيخ عبد القـادر الجيلاني – جامع المحسنين.......وجامع الشيخ خميس........

النشاط السكاني والأقتصادي 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ : إن أهالي أعزاز يعملون بالزراعة وتربية المواشي والصناعات الثقيلة والخفيفة مثل مكابس الزيتون التي تصنع محليا و بها صناعات أخرى الأخشاب وأثاث المنازل إذ تصدر للقطر والى خارج القطر بالإضافة الى الصناعات الكيماوية والمنظفات وصناعة السجاد والمركبات الخفيفة ذات الثلاث عجلات والآلات الزراعية والمقطورات الكبيرة والصغيرة حيث انها تشهد نهضة صناعية وحضارية متميزة على الصعد الاقتصادية والثقافية ويعمل الكثير من أهل أعزاز بالتجارة التي تتراوح بين عدة أسواق من السوق الكبير إلى سوق الألبسة المستورة الذي أصبح شعارا لمدينة اعزاز في الوقت الحالي وتعتمد الزراعة فيها على الأمطار التي يبلغ متوسطها السنوي نحو 500مم، ويزرع السكان القمح والقطن والخضر الصيفية بالدرجة الأولى، كما يزرعون الأشجار المثمرة التي تشتهر بها المنطقة منذ القديم ولاسيما الزيتون والكرمة والتين. أما الزراعة المروية فمحدودة المساحة، ولاسيما بعد أن حول الأتراك مياه وادي طفشين لري أراضيهم، وأكثر اعتمادها على مياه الآبار. ويهتم بعض سكان أعزاز بتربية الماعز والغنم والأبقار إضافة إلى عناية بعضهم بتربية النحل وتربية الطيور، وتقوم على المحصولات الزراعية والمنتجات الحيوانية عدة صناعات محلية ومنها استخراج زيت الزيتون، ففي أعزاز أربع عشرة معصرة حديثة لاستخراج الزيت /كنو..حسانو.. جبارة.. حموش.. دربالة.. /، وفيها كذلك صناعة الجبن، تضم مدينة اعزاز ثاني أكبر معصرة زيتون حديثة على مستوى الجمهورية العربية السورية

وسوم: العدد 754