نبذة مختصرة عن كيفية وصول الإسلام إلى كوردستان
ظهر الاسلام في بداية الامر كما هو معلوم في الجزئرة العربية، وفي مكة بالذات، وبعد ان هاجر نبي الاسلام الى المدينة، واسس هناك الدولة الاسلامية، بدأ العمل على دعوة الاقوام الاخرى وفق رؤية عالمية الاسلام التي تندرج ضمن اولويات الدولة، وبعد وفاة النبي وتسلم الخلفاء الراشدين السلطة ترجمت تلك الرؤية الى واقع، حيث ارسال الجيش وفق منظومة الدعوة الى الاسلام الى باقي الامصار ومحاربة الاقوام التي لاتدخل ضمن الايديولوجية الاسلامية، فكان الاصطدام المبكر بالبيزنطينيين والساسانيين، باعتبار ان تلك الدولتين كانتا تسيطران على اغلب المناطق المحيطة بالدولة الاسلامية انذاك، وكوردستان كانت خاضعة بالتمام لهاتين الدولتين، على هذا الاساس سنحاول تتبع الصيرورة التاريخية لمعرفة اولى المناطق التي وصل الاسلام اليها سواء أكانت تحت السيطرة البيزنطية او الساسانية.
1- معركة جلولاء وبداية وصول المسلمين إلى كوردستان.
استمرت حروب الساسانيين والعرب المسلمين في عهد الخليفة عمر بن الخطاب (13-24ه / 634-644م)لفترة طويلة، وكان لهزيمة الساسانيين في معركتي القادسية والمدائن ومقتل روستم قائد الجيش في سنة 16 هـ / 637 م ، اثر واضح على كيفية سير الاحداث التي ساهمت بشكل واخر في استمرار المسلمين للعمل على مشروعهم التوسعي بحيث طاردوا بقايا الجيش الساساني في كل مكان، وحين اعاد الساسانيون تنظيم انفسهم في جلولاء وحالوا استرجاع بعض الاراضي التي فقدوها امام المسلمين،حول الجيش الاسلامي انظاره الى " جلولاء" ، حيث كان يعيش فيها ويسكنها الكورد ، ومنذ تلك الفترة تحولت اغلب المدن والمناطق الكوردستانية الى ساحة قتال بين الساسانيين والعرب المسلمين، واستخدم الطرفان الاقاليم الواقعة تحت سيطرتهما لتحريك جيوشهما لاسيما في اقاليم أذربيجان والجبال وفارس وغيرها، والتي كانت اصلا مكاناً لتجميع القوات، ولقد استمرت المناوشات بين الطرفين في مناطق حلوان وجبالها (كوردستان) حتى وصلت لخانقين ، وبدأت المواجهة الكبيرة في جلولاء وقد اختلفت الروايات التاريخية حول السنة حيث ذكر خليفة بن خياط (ت 240ه/854م) ان المعركة بدأت في سنة 17ه/638م ، وذكر البلاذري (ت 279ه/892م) انها وقعت في سنة 16ه/637م ، وذكر اليعقوبي (ت 284ه/897م) بان المعركة وقعت في سنة 19ه/340م، الا انهم جميعاً اتفقوا على ان المعركة وقتها حسنت لصالح المسلمين، وتفرق الجيش الساساني في انحاء الامبراطورية الفارسية وقتها.(تاريخ خليفة بن خياط، ص127؛ فتوح البلدان، ص264-265؛ تاريخ اليعقوبي، 2/104).
2- السيطرة على حلوان وماسبتان و شهرزور وكه رميان:
بعد سيطرة المسلمين على جلولاء استمروا في عملياتهم بقيادة جرير بن عبدالله البجلي وتوجهوا إلى حلوان وخانقين وحاربوا بقايا الجيش الساساني وسيطروا أيضاً على مندلي وقصر شيرين وبأمر من الخليفة عمر بن الخطاب هاجمت قوة أخرى مناطق كسيروان وبعد عدة معارك مع اهالي المنطقة وبقايا الجيش الساساني استطاع الجيش الاسلامي من السيطرة على مسبتان ووسط سيروان،( ابن الجوزي، المنتظم، 4/216)، أما حلوان فقط دخلها المسلمون بعد السيطرة على المناطق السابقة وذلك بعد عقد اتفاق بين قادة الجيش واهالي المدينة:
1- على اهالي حلوان أن يدفعوا الجزية للمسلمين .
2- أن لا يتعرض الجيش الاسلامي لاهالي حلوان .
3- أن لا ينهب المسلمون الأموال وأن يعطى الحرية لمن يريد أن يخرج من المدينة .
اصبحت حلوان مركزاً للقوات الإسلامية ومنها انطلقت نحو المدن والقلاع والقرى التابعة لكرميان وشهرزور حيث سيطروا على الاولى من بعد معارك طويلة اما شهرزور فقد ظلت تقاوم حتى ان الجيش الاسلامي لم يستطع السيطرة على جميع قلاعها المتينة وقراها الا بعد ست سنوات ( 16 - 22 هـ / 637 - 643 م ). حيث اضطر أهل شهرزور على الاستلام مقابل شروط تركزت على عدم قيام الجيش الإسلامي بالنهب والسلب والقتل ، مقابل أن لا يقوم أهالي شهرزور باية اعمال عدائية ضد المسلمين .(خليفة، تاريخ خليفة، ص148؛ البلاذري، فتوح البلدان،ص ص 300-305، 328-329؛ ابن الاثير، الكامل في التاريخ، 3/31)
3- معركة نهاوند ( فتح الفتوح ) وفتح أقليم الجبال .
بعد هزيمة الساسانيين بثلاث سنوات قام يزدجر الثالث ( 631-652م) مرة أخرى بإعادة تنظيم جيشه وطلب المساعدة من أغلب المناطق التابعة لهم واجتمعوا في نهاوند وفي المقابل اجتمع المسلمون ومعهم أغلب قياداتهم أمثال النعمان بن مقرن المزني وحذيفة بن اليمان والمغيرة بن شعبة وغيرهم وأصبحوا تحت قيادة والي البصرة أبو موسى الأشعري .( تاريخ خليفة،148؛ فتوح البلدان،ص300-305).
وتذهب الروايات الى ان المعركة بدأت في سنة 19 هـ / 640 م ورواية اخرى سنة20 هـ / 641 م و انتهت في سنة - 21 هـ / 642 م واعتبر ذلك الانتصار "فتح الفتوح" لانه بعدها لم تستطع القوات الساسانية المتفرقة ان تصمد امام العرب المسلمين حيث تم فتح - ماستيان - ماستيزان – وقعت باقي مناطق سيروان تحت سيطرتهم، ومن المعلوم ان العديد من تلك المناطق دخلت عنوة في الاسلام وبعضها دخلت تحت الحكم الاسلامي بالاتفاق والمعاهدات كما في حالة مدينة دينور،حيث تم السيطرة عليها بعد حصار دام (5) أيام ثم تم الاتفاق مع ابو موسى الأشعري على: .
أ- ان يدفع اهالي دينور خراج الأراضي الى المسلمين .
ب- عدم قيام الجيش الاسلامي بممارسة اي نوع من انواع الظلم والاعتداء على اهالي دينور .
ج- عدم قيام الجيش الاسلامي بالقتل والنهب والسلب . ( الدينوري، الاخبار الطوال، ص1260129؛ الطبري، تاريخ الطبري، 4/114-136)،
4- فتح خوزستان / الأهواز
-في سنة 17 هـ / 638م بدأت محاولات المسلمين لفتح خوزستان واستمرت محاولاتهم حتى سنة 22 هـ / 643م وبعد معارك طويلة وصل أبو موسى الأشعري في سنة 23 هـ / 644م الى مناطق خوزستان، وكان اهالي المنطقة في انتظارهم حيث جرت مواجهات ومعارك بينهم حتى أن أحد قادة الجيش العربي الاسلامي كان قد أرسل إلى عمر بن الخطاب رسالة يقول فيها ان في خوزستان (( عدداً من الأكراد والمشركين )) . واستمر المسلمون في فتح تلك المناطق عنوة إلى عهد عثمان بن عفان ( 24 -35 هـ / 645 - 656م ) .(الطبري، 4/186-190)
5- فتح داسن وهكاري وأربيل .
يُقصد بداسن وهكاري (بادينان وشمزينان) على حدود كل من الموصل و اقليم الجزيرة، حيث بدأ فتح هذه المناطق منذ 620 هـ / 641م بقياد القائد الاسلامي عتبة بن فرقد وكانت عملية الفتح تتم وفق مراحل حيث بدأ بمناطق ( برده ره ش – كه له ك - باعدرى - سيميل - دهوك ... )، ومن ثم مناطق ( بارزان وميركه سور...) وغيرها من المناطق ، ويتضح من خلال الروايات التاريخية ان الجيش الاسلامي لم يواجه اية صعوبات تذكر في فتح هذه المناطق. ( البلاذري، ص328؛ ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون، 2/577).
6- السيطرة على الجزيرة ( اقليم الجزيرة) :
تم تقسيم تلك المناطق الى فترات زمنية تولى في كل فترة احد القادة في فتحها فقد كان ابو عبيدة الجراح قاد الجيش الاسلامي خول السنوات ( 17 هـ / 638م ، و 18 هـ / 639م ، و 19 هـ / 640م ) ، وفي سنة 20 هـ / 641 م بكان عياض بن غنم هو القائد الاسلامي التي تولى فتح باقي المناطق بدون معارك تذكر لاسيما ( شنكال "سنجار"- ميافارقين - ماردين - بوتان - آمد - بدليس - ارزن - خلات ) حيث رضوا بدفع الجزية مقابل الحفاظ على أموالهم وأسرهم ، ودفع الجزية يعني اما انهم بقوا على ديانتهم القديمة ولم يسلموا على الرغم من وصول الاسلام اليهم ، او انهم وقعوا تحت السيطرة الاسلامية ومع ذلك قام المسلمون وقتها باخذ الجزية منهم لان المسلمين كانوا وحسب الروايات التاريخية يأخذون الجزية من غير العرب حتى ان اسلموا.( تاريخ اليعقوبي، 2/103-104؛ ابن شداد، الاعلاق الخطيرة ،3/10).
7- السيطرة على اقليم اذربيجان
بعد معركة نهاوند 21 هـ / 642م دخل بقايا الجيش الساساني إلى اذربيجان، ولذلك طاردهم المسلمون وبعد القضاء على الساسانيين اصطدم الجيش الاسلامي باهالي اذربيجان، وبعد معركة كبيرة مع والي اذربيجان (ميرزبان ) توصل الطرفان الى اتفاق نذكر اهم ماجاء فيه:
1- على أهالي اذربيجان دفع8000 درهم ( عيار ذهب ) في السنة للمسلمين .
2- عدم قيام المسلمين بالقتل والنهب والسلب وحرق البيوت الزرادشتية.
3- عدم قتل الكورد في مدينتي شجلان وسبلان ، لانهم قاوموا المسلمين بشدة.
4- فتح المجال أمام أهالي ( شيز ) المدينة المقدسة للزرادشتية للقيام بطقوسهم الدينية وعباداتهم الخاصة.
5-الحفاظ على المعابد الزرادشتية واعطاء الحرية الكاملة لهم باحياء احتفالاتهم الدينية.
ولقد استمر العمل جاء في هذا الاتفاق إلى سنة 24 هـ / 645م حيث قام المسلمون بعدها بالهجوم على باقي مناطق اذربيحان وسيطروا خلال سنوات / 26 هـ / 647م و 28 هـ / 649م و 29 هـ / 650م على اغلب اراضي اذربيجان.( فتوح البلدان، ص321-327، الكامل في التاريخ،2/481).
وباخضاع الجيش الاسلامي لاذربيجان تم السيطرة على كوردستان باكملها، وباتت كوردستان جزء من المنظومة الاسلامية الادارية وقتها حيث قسمت مناطقها وفق النظام الاداري انذاك واصبحت ضمن اقاليم الدولة الاسلامية لاسيما اقليم الجبال واقليم خوزستان واقليم الجزيرة واقليم اذربيجان. ( للمزيد عن هذا الموضوع ينظر: زرار صديق ، كورد وكوردستان ..... (هه ولير:2010)، ص ص10-25),
وسوم: العدد 755