صفقة في الوقت الضائع

ما يُشاع من أحاديث عن صفقة القرن من قضمٍ للضفة الغربية بالاستيطان، وجعلٍ لقدس عاصمة (لإسرائيل)، وضرب غزة، وتهجير سكانها نحو سيناء لتصبح موطنهم، ما هو إلا أضغاث أحلام تساوِر نفوساً شريرة، تبيت كل يوم تحلم بسحق الفلسطينيين وحسم الصراع لصالح (إسرائيل)، وهذا لن يكون للأسباب التالية:

1-  ما عجزت عنه (إسرائيل) عند تأسيسها في عام 1948م، لا شك أنها أكثر عجزاً عنه اليوم.

2-  لكل دولة دورة حياة كحياة الأفراد، فإسرائيل التي وُلدت عام 1948، بلغت ذروتها في عام 1967م، وأوشكت أن تموت، ولن يكون لديها الوقت لتستمتع بأي انتصار على الفلسطينيين.

3-  وعى الفلسطينيون درس التاريخ جيداً، وعلموا أنه ما حكّ جلدك مثل ظفرك، فلم يعودوا ينتظرون أحداً ليمد لهم يد العون وهم يوم أن استعانوا بالجيوش العربية فلسطين وطُردوا منها، واليوم لن يسمحوا بذلك.

4-  في أسوأ أحوال الشعب الفلسطيني في عام النكبة، وحتى ما بعد عام 1967م، لم تتمكن (إسرائيل) من سحقهم أو طمس أحلامهم، فكيف بها اليوم وقد استفاد الفلسطينيون من خبرات التاريخ وكوّنوا قوة تمكِّنهم من الصمود ومن إيلام عدوهم، وأصبحوا أكثر قدرة على التصدي للمؤامرات التي تُحاك ضدهم.

5-  عندما قاتل الفلسطينيون من خارج فلسطين، لم تستطع (إسرائيل) أن تفرض عليهم رؤيتها للحل، أوَ تستطيع ذلك والمقاومة الفلسطينية تنطلق من داخل فلسطين وتهدِّد عقر (إسرائيل)؟!

6-  مرّ الفلسطينيون بمخططات عظيمة استهدفت قضيتهم ووجودهم ومستقبلهم، وأفشلوها في سنوات ضعفهم الأولى من بعد النكبة، أبرزها مشروع التوطين في شمال غرب سيناء (1953 – 1955م) فأفشله الفلسطينيون بمظاهرات عارمة وإصرار كبير، كما أفشلوا عشرات مشاريع التوطين من بعده، فلماذا يعتقد الواهمون أنهم سينجحون في توطين الفلسطينيين في سيناء وغيرها؟! إنما هي مجرد أوهام.

7-  إن تقديرات المخابرات المركزية الأمريكية في عام 2010م، وتقدير رئيس الكنيسيت الأسبق، أن (إسرائيل) ستنتهي في أقل من عشرين عاماً، فهل هذا الوقت المتأخر من عمرها هو الأفضل لتحقيق احلامها التي لم تستطع تحقيقها في اوج قوتها وانتصارها؟!

8-  لأننا بين يدي وعد الآخرة الي تحدثت عنه سورة الإسراء، حيث سنتبِّر ما علت (إسرائيل) تتبيراً، وليس العكس.

9-  لأن حديث الطائفة المنصورة يحمل البشارة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله. وهم كذلك"، قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: "ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس" . فالحديث الشريف يفيد الديمومة، وهذا يعني أن هذه الفئة ستظل موجودة، وستظل قاهرة لعدوها، ولن يتمكن منها عدوها.

إن قرار مواجهة الشعب الفلسطيني وسحق غزة يعني تدمير تل أبيب، فهل تستطيع (إسرائيل) احتمال هذه الخسائر؟! وهل تضمن (إسرائيل) ألا تفتح على نفسها أبواب جهنم من كل الاتجاهات وكل حدود فلسطين.

إن كان اليهود يطمعون في صفقة رابحة في هذا القرن، فعليهم ترك فلسطين نهائياً، والبحث عن قطعة أرض تناسبهم في كندا أو روسيا أو أي مكان في العالم، فينجوا بأنفسهم قبل أن يلقوا مصيرهم المحتوم. وإن غداً لناظره قريب.

وسوم: العدد 756