ديوان قصائد صارخة
ديوان قصائد صارخة
من جرح القضية الفلسطينية
للشاعر صلاح الدين عزيز
صالح أحمد البوريني
عضو رابطة الأدب الإسلامي
شكلت القضية الفلسطينية محورا أساسيا لاهتمام الساسة والمفكرين والمبدعين في شتى المجالات منذ أن أطلت الأفعى الصهيونية برأسها من جحر أطماعها الاستيطانية وقبل أن تلتهم الجزء الأول من فريستها في نكبـة عام 1948 . ومنذ أن بدأت طلائع الوعي العربي تـتـشكل في بدايات القرن العشرين انطلقت أصوات أحرار العرب والمسلمين تحذر من خطر اليهود الطامعين في أرض بيت المقدس . وكان الشعراء العرب والمسلمون من أكثر طبقات الأمة تفاعلا مع القضية ، وأطلقوا عبر أشعارهم وقصائدهم كثيرا من صيحات التحذير وومضات التـنوير التي طالبت الأمة بالتصدي لمسؤوليتها التاريخية في حماية فلسطين وسائر أوطان العرب والمسلمين .
ولا تزال قضية فلسطين تحتل الموقع ذاته من نفوس الشعراء ، وتستأثر باهتمامهم ، وفي هذا السطور نحـاول أن نتعرض لنفحة من نفحات الشعـر الأصيل تنبض بالصدق والانتماء ، يهب علينا عبيرها من الموصل فـي العراق … إنه ديوان ( قصائد صارخة ) للشاعر صلاح الـدين عزيـز الـذي أصدر من قبل ديوانين هما ( من وحي الإيمان ) عام 1999 و ( مـن نفح القرآن ) عام 2000 . وقد خصص هذا الديوان لفلسطين ؛ فاشتمل على ثماني عشرة قصيدة ومقطوعة شعرية تتحدث جميعها عن القضية الفلسطينية ، بعضها له مناسبة خاصة وبعضها عام ، وبعضها منشور من قبل في بعض الصحف والمجلات العراقية والعربية وبعضها غير منشور من قبل . وقد خلت مساحة الديوان من شعر التفعيلة وجاءت قصائده على بحور الشعر العمودي المقفى . وتراوحت في عدد الأبيات بين المطولات التي تجاوز بعضها المائة بيت وبين المقطعات التي تقل عن العشرة .
ويجسد عنوان الديوان بعدا تفاعليا مع أنين الجرح الفلسطيني ، الذي تخرج منه صيحات المقاومة وصرخات الثورة معبرة عن روح الرفض ومطالبة بتحرير الأرض والمقدسات . وحين يجيء هذا الوهج الشعوري الصادق نحو فلسطين ونحو القدس من قلب عربي ينبض على أرض الرافدين فإن ذلك يعبر بأوضح الكلمات وأصرح العبارات عن وحدة العقيدة ووحدة الهدف وعن روابط الأخوة والعروبة واللغة والفكر والتاريخ . يتجسد ذلك في قول الشاعر :
إذا آذى الفلسطيني جرح أرى آلامه تسري بجسمـي
بلاد المسلمين بكل أرض بلادي قومها في الدين قومي
أخوتنا رباط غيــر واه يشد عـراه إيمـان ويحمي
يوحدنا كتاب الله دينــا وسنـة أحمد المهدي تـنمي
ويرى الشاعر أن صراعنا مع اليهود هو صراع ديني وأنهم يصدرون في حربهم على الأمة العربية والإسلامية من منطلق عقدي ، ويستمدون ما يبرر قتلهم للأرواح وسلبهم للأراضي من مرجعيتهم الدينية وكتابهم المقدس ، فيقول على لسان شارون :
فليقولوا اليوم عني مجـرم إنا في التوراة أتقى العابديـن
إنما التقوى لدى توراتنـا قتل كل المسلمين المؤمنيــن
هكذا التلمود يملي واجبي وكذا التوراة تقضي أن أكـون
ولذلك تراه يدعو إلى إدراك هذا البعد العقدي في طبيعة صراع الأمة مع أعدائها عموما وخاصة الصهاينة الغاصبين في فلسطين فيطالب الأمة جميعها بالعودة إلى الإسلام والاحتكام إلى شرعه والانطلاق من أسسه وثوابته في صياغة علاقة المة بسواها من المم وخاصة مع أعدائها ؛ فيقول :
وعودوا للذي بالمس أعلـى على الأقوام عزكم الرصينـا
وسودكم على الدنيا جميعـا
وبوأكم بها ركنا ركينـــاإلى الإسلام دين الله أكـرم
به منهاج خير المرسلينــاويكثر هذا النمط من النداء بصيغ متنوعة عبر قصائد الديوان حتى إنه ليشكل ظاهرة بارزة في شعر صلاح الدين عزيز ، فلا تكاد تجد قصيدة أو مقطوعة إلا وفيها هذه المطالبة تصريحا أو تلميحا .
ويدعو أمته إلى الأخذ بأسباب القوة ويستنهض الهمم لتجاوز مرحلة الكلام إلى التطبيق والعمل فيقول :
متى كان الكلام يحوز نصرا إذا قعد المهنــد مستكينـا
وهل دفعت شعوب قهر غاز وهم في القيد قد فتنوا فتونا
وهو يؤمن أن الكلمة سلاح في المعركة ، له وقعه وثقله على العدو ، وله أثره البناء في تربية الأجيال ، فيقول :
قاتل بشعرك إن مس الحسام أذى واسحق بنثرك ما تخفي الأباطيل
لم يبق منا سلاح غير كلمتنــا نصول فيها.. وفيها يهتدي الجيل
ويكثر هذا النمط من النداء بصيغ متنوعة عبر قصائد الديوان حتى إنه ليشكل ظاهرة بارزة في شعر صلاح الدين عزيز ، فلا تكاد تجد قصيدة أو مقطوعة إلا وفيها هذه المطالبة تصريحا أو تلميحا .