لستُ على ما يرام..
ما أغمضت عينيّ البارحة ولا استطعت النوم . اختارت العاصفة الثلجية " الليل لتلقي بحمولتها من الثلوج على من لا يملكون للاحتماء منها سوى خيمة من قماش . شاهدتُ النساء على التلفزيون منهمكات في الاستعداد للعاصفة بإحاطة خيمتهن بالحجارة كي لا تقتلعها الرياح العاتية . أدركت ليلاً وأنا أستمع لزمجرتها خلف نافذتي ، أنّ كلّ تلك الخيام غدت غنيمة للعاصفة ، وأنّ أخبار الصباح ستحمل لنا صوراً لأطفال ونساء كفّنهم الثلج بعيداً عن وطنهم سوريا.
لست على ما يرام . استحيت من امتلاكي سريراً ومدفأة وثيابا صوفيّة ، أحسستُ بترف أن يكون لي سقفا وباباً ، وبراداً فيه زادي اليومي من الحليب . ولا حليب لأطفال النازحين الرضع الذين إن لم يقتلهم الجوع قتلتهم أمراض الشتاء ،وغادروا هذا العالم مع فوج المتجمدين صقيعاً في العراء.
لا رغبة لي في كتابة أيّ شيء ، أنا متعبة بإنسانيّتي ، لا بعروبتي . البارحة اجتاحني صقيع اليأس من هذه الأمّة . . البارحة بكيت .
سوريا أيّتها الكبيرة النبيلة ، أيّتها الشفافة المضيافة . سامحينا يا غالية .. كم كبرتِ في عين التاريخ وكم صغرنا.