الرئيس السوري أحمد الشرع بين مقابلتين

زهير سالم*

بغض النظر عن كل شيء، لا أستطيع من الوجهة السياسية، أن أجري مقارنة بين مقابلة الرئيس أحمد الشرع مع من مثّل "تلفزيون سوريا"، وكنت أتوقع أن يقوم القائمُ على هذا التلفزيون، بكل عمقه الفكري، وثقله السياسي، بإجراء هذه المقابلة، حيث أن عددا أكبر من السوريين الصادقين يتطلعون ليعلموا.. أما وقد اقتضت سياسة التعالي، أن تترك مهمتهم لجمهور المجتمع السوري، لمن رأينا فلا نستغرب أن يكون الحصاد…

بكل جد لقد كانت شخوص القائمين على مقابلة "تلفزيون سوريا" تملأ العين، ولاسيما في عملية التنسيق الباهرة بين اللونين الأحمر والأبيض..

وأعود إلى مقابلة الصحيفة البريطانية "الإيكونوميست" فهي مع وضوح أن القائمّين عليها قد لبسوا من ثيابهم اليومية ما تيسر، فإنها قد حملت لنا عنقودا من الأفكار، عنقود وليس سلة.. ذلك ان الصحفيين البريطانيين أيضا كانا مسكونين مسبقا بقضايا لا تشكل أولوية على مائدة الحالة السورية..

أعجبني في مقابلة الرئيس الشرع مع الإيكونوميست البريطانية أمور عديدة أشير لبعضها..

 

أعجبني من تلخيصاته أنه لخص عهد الأسد بقوله:

لقد كانت أولوية النظام السابق: البقاء في السلطة..

فكروا فيها، بشار في اللحظات الأخيرة باع حتى ماهر…

أعجبتني في خياراته أنه قال بشار اعتمد في خياراته على فئة من السوريين…

فكروا فيها أكثر واقعية أكثر صدقا أكثر سياسة.. وإن كان قوله على طائفة يشبع الحكة أكثر…

أعجبني في المقابلة أنه أخذ على نفسه وحكومته التحلي بالحكمة، وعلى الشعب السوري التحلي بالتسامح..

افهموا عليه، التسامح كلمة جميلة، ولكن مر مذاقتها كطعم العلقم…

أعجبني أنه صار يتحدث عن المراحل بانضباط أوضح، خمس سنوات..

وأنه بدا يدرك التحديات بأبعادها…

لفتتني البراعة حين قدم له الصحفي البريطاني قميصين ليتقمص أحدهما: قميص فلان أو قميص فلان؟؟ سبقت فتنحنحت..

ولكن الرئيس حفظه الله قطع عليّ تنحنحي، ودوّخ صاحبه وهو يعرض عليه ما يعج به عالمنا من شخصيات ونماذج وقيادات وتجارب وأنه سوف يحاول أن يختار من كل معنى أحسنه، لا بالأسود والأبيض، ولا بالأحمر والأبيض..

أعجبني حين انتقده الصحفي البريطاني سائلا عن الديمقراطية التي قال له: ولا أرك تذكرها!! فرد عليه الرئيس:

"إذا كانت الديمقراطية تعني أن الناس سيختارون من سيحكمهم ومن سيمثلهم في البرلمان؛ فالإجابة نعم. إن سورية التي نقودها ستسير في ذلك الاتجاه!!"

بالحلبي نقول: أنعم وأكرم. بالتركي الحلبي نقول: بركات ورثٍ…

لا أريد أن أتوقف عند افتقاد الصحفي البريطاني لمنافض السجائر في القصر الجمهوري..

فهاهنا في بريطانيا ما زال التدخين في الأماكن العامة محرما بقانون بريطاني

وما كان أبركه..

كما لا أريد أن أتوقف عند غمزة الصحفي البريطاني لوجود غرفة الصلاة في القصر الجمهوري… فهاهنا في مطار هيثرو "شابل" لكل من يريد الصلاة..

قراءة المقابلتين تستحق وقتا أطول ولكنكم تستعجلون…

طبعا رابني قوله: المسؤولون الجدد على أساس الخبرة… وعندكم طبقة يا سيدي ستين سنة خبرة وكلهم واحد اثنين ثلاثة…

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية