حول تشكيل القيادة الميدانية الموحدة
(إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ)
زهير سالم*
على طريق الحركة الإيجابية البناءة تم الإعلان عن تشكيل القيادة الميدانية الموحدة للجيش الحر . وإعادة تنظيمها يما يحقق الأهداف الوطنية الكبرى المناطة بها . خطوة تعتبر بحد ذاتها نصرا عملياتيا تحققه الثورة السورية على الظالم المستبد . خطوة تستحق من كل الشعب السوري الدعم والتأييد والمساندة ...
إن تشكيل القيادة الميدانية الموحدة الذي تم الإعلان عنه منذ يومين هو الخطوة الاستراتيجية التي انتظرها الشعب السوري طويلا لتكون العامل الحاسم في صنع نصره اليوم وملاذه الآمن الذي يحميه من التخوفات التي يتحدث عنها الخراصون في الغد القريب بإذن الله ..
العديد من المحللين والمستشرفين لمستقبل الثورة السورية كان يفزعهم وأحيانا يحبطهم أن يروا السلاح بأيدي فصائل شتى يمكن في أي لحظة أن تتفاوت قدرات قادتها على تقدير الموقف أو اختيار الأسلوب الأمثل ؛ وإن وحدهم جميعا نبل المقصد وسمو الهدف .
في جميع المعارك والحروب يكون الاتحاد قوة ورحمة وبركة وتكون الفرقة ضعفا وفشلا وفسادا . ولنتذكر دائما قوله تعالى لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا . ولنتذكر قوله : (( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً ..))
قيادة موحدة تعني حركات متناسقة موزونة هادفة يكمل بعضها بعضا . وتنجز الفعل الهادف الذي يجعل كل خطوة محسوبة على طريق النصر الذي لم يعد بعيدا بإذن الله ..
ووجود القيادة الموحدة المسئولة تجعل جميع أبناء المجتمع السوري يستشعرون الأمن والأمان في نظرتهم إلى مستقبلهم الذي كان يظلله المشككون والمرجفون بحروفهم القاتمة ..
ووجود القيادة الوطنية الموحدة الرشيدة المسئولة يقول لا خوف ولا ظلم في الغد فهذه قيادة وطنية تعرف مسئوليتها في حماية كل المواطنين ، وفي تثبيت معالم الحق والعدل والقانون والنظام وكف يد الاستهتار أو الفوضى وفي لجم حركات النزق وانفعالاته ..
ووجود القيادة الوطنية الموحدة الرشيدة يعني أن هناك مرجعية يؤول إليها أمر الغد الوطني في مرحلته الانتقالية . ونقطة ارتكاز صادقة تعطي أي حكومة وطنية انتقالية يتم التوافق عليها مصداقيتها وجديتها وقدرتها على اتخاذ القرارات الوطنية وإنفاذها .
يدرك هؤلاء القادة الوطنيون المخلصون أنهم اليوم المظلة الآمنة التي تظلل الوطن أجمع . وأن دورهم الأساس هو استكمال عملية تحرير الوطن : الإنسان والعمران ، ثم توفير الغطاء الملزم لقرارات الحكومة الانتقالية للعبور بالوطن وبالمجتمع إلى الفضاء الآمن والعادل الذي غاب عن سورية طويلا وطالما حلم به السوريون .
إن وجود هذه القيادة الميدانية الوطنية ستسقط ذرائع كل الذين بدؤوا يدندنون منذ الآن عن ضرورة تدخل قوات غريبة بعد سقوط عصابات القتل والإجرام ؛ زعموا لحماية أبناء المجتمع السوري بعضهم من بعض !!!
إن القوى الدولية التي رفضت أن تكون شريكا في حماية المدنيين من أبناء الشعب السوري . والتي تراخت طويلا أمام فاتورة قتل تتجاوز يوميا المائة شهيد وتأتيهم مع كل مساء مطرزة بأسماء العشرات من الأطفال والنساء الأبرياء ؛ لا ينبغي لها أن تفكر بعد الانتصار على هذه العصابات في دس أنفها أو قدمها على الأرض السورية ..
فالسوريون جميعا يدينون لبعضهم بالحب والوئام ولم يستطع هذا المستبد الفاسد الكريه على الرغم من بشاعة وشناعة الممارسات بأبعادها أن يغري بينهم أبدا العداوة والبغضاء ..
ويأتي وجود القيادة الموحدة الراشدة والمسئولة في بعد آخر من أبعاده أمانا من أي تصرف فردي قد يشذ أو يند من هنا أو هناك . وهذا ما يقتضينا التأكيد على التحذير من أي تفكير بتدخل بعد الانتصار على هذه العصابة المجرمة لأن ذلك سيفتح أبوابا للشر لا تحمد عقباها ..
ولن يغيب عن عقول وقلوب القادة المخلصين من رجال القيادة الموحدة أن دائرة اتحادهم ينبغي أن تبقى دائما مفتوحة لاستقبال كل من أحب أن يكون مع الركب لأنهم بما سبقوا إليه من هذا الإعلان أصبحوا هم ركب الثورة يلحق بهم من قصر ويفيء إليهم من سبق .
نذكّر الذين أحبوا الشام وهبوا لنصرة أبنائها وبناتها أن مكانهم وسط الركب . وأن يد الله مع الجماعة . وأن يد الله على الجماعة . وأنه إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية . وأنه من شذ شذ في النار . وأنه لا يؤم الرجل في سلطانه . وهذا ركب أهل الشام اليوم قد ارتفع لواؤه فكونوا تحته ومع رجاله لا تقدموهم بفعل على غير مشورة منهم . ولا بشعار قد يفسد عليكم وعليهم .
وهذا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفض أن يتقدم على أهل المدينة برأي أو تدبير في يوم الأحزاب حتى عاد إليهم وشاورهم في أمر الصلح مع غطفان على ثلث ثمار المدينة ، ولما أبوا ذلك نزل على رأيهم وقال ما فعلته إلا رجاء أن أخفف عنكم ..
سيكون على أجندة القيادة الموحدة دائما أمور جسام تتركز في إفشال مخططات المتآمرين على هذا الوطن وعلى هذا الشعب في الداخل والخارج ، قبل النصر القريب وبعده .
نبارك للشعب السوري قيادته الميدانية الجديدة ونشد على أيدي المخلصين الصادقين ..
نذكر الجميع باستحقاق قوله تعالى : (( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ .))
قال بعض أهل التفسير إن من معاني هذه الآية أن الله لا يحب الذين يقاتلون متفرقين متنابذين ..
* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية