الثورة السورية ستخطّ طريقا جديداً في حركة التحررّ
الثورة السورية
ستخطّ طريقا جديداً في حركة التحررّ
د. سماح هدايا
عندما أيقن الشّعب السّوري، بدفع الزّخم الثوري، أنّ الحريّة في متناول اليد إذا إراد وقام وطالب بها؛ خرج بثورته مستوحياً من تجارب الثورات التي سبقته في تونس ومصر وليبيا، مع علمه اليقين أنّ خروجه سيكون مختلفا ومدوياً، وسيكون في مواجهة القتل والعنف والبطش...
واستوحى الشعب السّوري في بدايات الثورة من الصورة التّونسيّة والمصريّة السلميّة؛ فأعطى للسّلمية مجالا واسعاً جداً، وهو يطالب بالحريّة والكرامة وإسقاط النظام. وكان يتوسّم خيراً بالجيش السوري، قبل أن يظهر له بالفعل أن الجيش يوالي النظام، أو أنّه محكوم به وله. فلم يتحقق له التّغيير الذي يريد، بل تحقّق العنف الشديد بأيدي الجيش النظامي وعصابات الشبيحة التابعة للنظام، ووقف الشعب والثورة يتصديّان بالصدور الشّجاعة العارية لآلة الإرهاب والتقتيل.
ثمّ لجأت الثورة إلى منحى آخر، فطالبت الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية بالحماية الدوليّة والتدخل لإنقاذ الشعب وإحراز التغيير السياسي، وذلك على شاكلة الحل الليبي الذي استجابت له الأسرة العربيّة والدوليّة، وأطاحت بحكم القذافي. لكنّ ذلك لم يتحقق، واستمرّ النظام الأسدي في مسلسل القتل اليومي والتّخريب والإرهاب والتّدمير والاعتقال، في حين اكتفى العالم بإصدار بيانات شجب واستنكار، بل تجاوزت بعض القوى العالمية كل ما يحدث من ظلم ودعمت النظام، وساوت بين الجلاد والضحيّة.
وعندما أدرك الشعب أنّ الحماية الدولية لم تأت ولن تأتي، دخل في عملية المبادرات السياسية للجامعة العربيّة والأمم المتحدة من خلال مبادرة الجامعة العربيّة، وخطة خطة عنان بنقاطها الست؛ فكان العمل على الحل السياسي بوحي من التجربة اليمنيّة، وقد فشلت العمليّة السياسيّة باستقالة عنان. والآن لن تكون العملية سهلة أمام الأخضر الإبراهيمي الذي لم يتفاءل، أصلا، بالنجاح، أو بتحقيق نتائج. لذلك؛ فالمنهج الوحيد المتبقّي أمام الشعب السوري هو أن يستمر في النضال بساعديه، وبما تيسر له من سلاح من الداخل أو الخارج. وبالتالي تكون الثورة السورية قد خطّت منحى جديدا في أطر التحرّر والنضال في واقع الربيع العربي (الثورة العربية). الدم غمرنا، ولم يعد مقبولا التكلم عن حلول سياسية وعن حكومات والبلاد تخوض في الدماء..
ويقينا ستفزز الثورة واقعا جديدا حتمياًّ، يحرّر الشعب السوري نفسه بنفسه، خصوصاً في ظلّ الفشل النهائي لكلّ ما يمت بصلة للحل السياسي من مبادرات وتشكيلات سياسية. والمتوقّع في الخريف القادم المتزامن مع نهاية مهمة الأخضر الإبراهيمي أن يترسخ هذا التوجّه، لكي تتصاعد الثورة السورية وتفرض قوتها ومنطق معادلتها على الدول المحيطة.