المجزرة البشعة تتلمس رجع الصدى
المجزرة البشعة تتلمس رجع الصدى...
الأخوة الزائفة ...
زهير سالم*
هزت المجزرة البشعة التي نفذتها عصابات الأسد بالأمس القليل من الضمائر الحية . ومع أكثر من مائة نسمة سورية بريئة بينهم خمسون طفلا تضج لذبحهم القلوب وإن كانت ممن قيل فيها (( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً )) ؛ فإن الذي حظي به الحدث السوري من تفاعل عربي ودولي كان محدودا ...
كان من الملاحظ أن تبادر الخارجية الفرنسية والخارجية البريطانية ثم الخارجية الأمريكية والسيدة آشتون وكذلك السيد بان كيمون و كوفي عنان والسيد روبرت مود ؛ إلى إطلاق بعض الفقاعات في الهواء . الفقاعات التي لا تكلف كثيرا ، والتي تكفي لينام الضمير ( الحر ) قرير العين هانيها ..
بالإشارة إلى روبرت مود لا بد أن نذكر أنه يرفض حتى الآن أن يقوم بوضع أي مسئولية في عنق صاحبها مما يجعل إدانته ليست بذات معنى . ثم لا بد أن نظل نذكر السيد كوفي عنان أن مجزرة الحولة ستنضاف تلقائيا إلى سفره الأحمر في كوسوفو وفي رواندا إن كان لصاحب ضمير أن يعقل أو أن يحس ...
كان موضع تقدير أن يبادر أخوة الكويت إلى مظاهرة رمزية يشارك فيها برلمانيون أمام السفارة السورية في بلدهم – ولعلها الوحيدة على مستوى الجماهير العربية حتى الآن -
كان موضع التقدير أن تبادر الإمارات العربية المتحدة إلى طلب لقاء عاجل للجامعة العربية لبحث أمر المجزرة البشعة . وكانت موضع تقدير دائما مواقف خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز وموقف دولة قطر وأميرها الشيخ حمد ورئيس وزرائها أيضا وهم يتحملون العبء الأكبر في الدفاع عن الدم السوري المسفوك ظلما . والذي هان على ما يبدو على الكثير من الأدعياء .
وكان موضع التقدير أن يتذكر وزير خارجية مصر من حكومة السيد الجنزوري المحترم أن لون دم الشعب السوري أحمر وأن يطلق تصريحا من وزن ( أن المجزرة لا يمكن السكوت عليها..) وإن سكتوا . فلا يسقط إثم السكوت استنكار باهت من السيد الأمين العام للجامعة العربية !!!
أثلجت الصدر تصريحات الشيخ يوسف القرضاوي زاده الله عزيمة وجرأة على قولة الحق وقياما على أمر المسلمين في الوقت الذي يفضل فيه الكثيرون التشاغل ببعض لعاعات الدنيا ..
وبالمقابل فالذي افتقدته قلوب السوريين وعقولهم رجع صدى اللون والصوت على أوتار الأخوة الزائفة تتلمس جنبها في تطوان مرورا بجزائر الأحرار وتونس الثورة ومصر حسن البنا و... و... فالقوم هناك حسبما ما يقولون مشغولون بقطف أزاهير ربيعهم التي شغلتهم عن كل شيء .
إنها الأخوة الزائفة بكل حقائقها ومعانيها وآفاقها . الأخوة الزائفة التي لا تحس عمق الجراح وإن كانت بعمق الذي جرى في الحولة وببشاعته !! والتي يصر بعض السوريين على دفع ثمنها غاليا من دماء أطفال الحولة وأشلائها كما دفعوه على مدى ستة عقود من دماء أبناء حماة وإدلب وجسر الشغور وحلب . كيف يمكن للمرء أن يتفهم أن أي مصلحة حزبية مهما كانت يمكن أن تتقدم على مصلحة الدم المسفوك ظلما في مدينة الحولة !!! إن مجزرة بأكثر من خمسين طفلا تهصرهم يد الجزار ثم لا تهز العواصم العربية المليونيات التي تقول للجزار : توقف ، أو على الأقل تمد للضحايا يد مواساة جديرة بأن تجعل الإنسان يعيد التفكير في الكثير مما قيل ويقال ..
لم يسمع السوريون إدانة واحدة لمشروع ذبحهم من ( اتحاد المحامين العرب ) المؤسسة الحقوقية العربية التي جعلت من نفسها مدافعا تاريخيا عن الاستبداد والمستبدين بهيئتها وقياداتها . وسيأتي اليوم الذي تفتح فيه الجماهير العربية ملفات هذه المؤسسات التي ظلت على مدى ستة عقود حليفا أبديا مع الظالم المستبد حبيب الفناء عدو الحياة ..
غاب عن المشهد الدامي تتبعثر فيه أشلاء الأطفال ( العرب ) صوت كثير من العرب الذين عز عليهم حتى الآن أن يفكوا حلفهم مع ( صلاح نصر وشمس بدران والعشماوي ) وكل الجزارين الذين تفننوا في انتهاك الإنسان العربي في مصر والشام والعراق ولبنان ...
أقترح على حركة الجماهير العربية مع هذا الربيع العربي المبارك ألا يكتفوا فقط بتوثيق ما قال هؤلاء وما فعلوه فقط بل علينا أن نوثق أيضا ما لم يقولوه وما لم يفعلوه فالتاريخ فعل ولا مكان فيه للصامتين ولا للمتوارين....
بعد مجزرة الحولة وعلى ضوء الموقف منها لا بد من إعادة فرز القوى ، وفصل المواقف ، والجهر بالحق . إنه الدم الذي ينادي على كل السوريين : فاصدع ...وأعرض ..
* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية