إلى يارا ميشيل شماس وأخواتها
زهير سالم*
ليس كفؤا لشجاعة وجرأة الشابة السورية المناضلة ( يارا ميشيل وشماس ) بعد عشرين يوما من اعتقالها أن نزجي إليها التحية والتجلة والإكبار فقط .... فما تستحقه ( يارا ) وأخواتها من رعاة الحقيقة في سورية أكبر من كل تحية وتجلة وإكبار ...
وحين يحق لمنظمة ( مراسلون بلا حدود ) أن تعرب عن قلقها عما تتعرض له ( يارا ) وأخواتها وإخوانها من اعتقال أو احتجاز أو مواجهة بمحاكم التفتيش فإن من حقنا نحن السوريين جميعا أن نعلن عن إحساسنا بالفخر بما يصنعه هذا الجيل من الصبايا والشباب من أبناء سورية الحرة الأبية ...
ولقد ظل الشعور بالفخر يعاني منذ ثمانينات القرن الماضي من الكبت المرتبط بحالة من استصغار الذات بدل من الاعتزاز بالانتماء والانجاز . لقد عمل الرهط المستبد بسورية وأهلها على سبيل التعويض أن ينفس عن هذا المكبوت من خلال تبني انتصارات الآخرين في فلسطين ولبنان والعراق . كما حاول الفنانون السوريون الهروب من معاناة التجربة التي تدفع إلى النشوة بالانجاز إلى الارتداد إلى تجارب ماضوية من ( باب الحارة ) ومشتقاته في الدراما السورية ...
ما تفعله اليوم صبايا سورية ؛ يارا ميشيل شماس ويارا بدر ونورا الجيزاوي ورزان غزاوي وميادة الخليل وثناء زيتاني وهنادي زحلوط وماري اسكندر عيسى ومن قبل طل الملوحي مع جيل كامل من الأمهات والأخوات والبنات السوريات اللواتي تصلح كل واحدة منها لتكون تاجا يفخر به السوريون جميعا على مدى الزمان وأن ينشدوا لعرائس الشام الأبيّات الكريمات العزيزات ..
يا عروس الشام تيهي واسحبي في مغانينا ذيـول الشـهب
وحين يقدم رهط الإثم على اعتقال يارا وأخواتها فإنهم يعتقلون على الحقيقة الكلمة الحرة المعبرة عن ضمائر الأحرار . ولا يستطيع هذا الرهط أن يزعم في حديثه عن تسويغ اعتقال ( يارا ) أنها كانت إرهابية أو أصولية متطرفة ، ولا كانت جزء من عصابة مسلحة أو انتحارية تريد أن تلعب مع النظام لعبة الدم التي ولغ فيها وأولع بها .
إن اعتقال يارا وأخواتها وكل أبناء وبنات جيلهاهو اعتراف ضمني من هذا الرهط على نفسه أنه كان وسيبقى رهط ( قدار) الذي عقر الناقة وقال الله تبارك وتعالى فيهم (( وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ ..)) . هل يستطيع السوريون اليوم أن يخصصوا معركتهم مع الرهط هؤلاء وأن يحاصروهم في إثمهم وشرهم وفسادهم ....
وفي اعتقال ( يارا ميشيل شماس ) والكثير من أخواتها وإخوانها وصبرهم وإبائهم ورفضهم للعبودية في سورية المشتاقة إلى الحرية المتطلعة إلى آفاقها يأتي النقض الأبلغ لكل دعاوى الهراطقة الذين زعموا أن أبناء المسيحية في سورية يناصرون الاستبداد وأنهم يخافون من الحرية ، وما يمكن أن يحمله ربيعها . وحين تتجرأ ( يارا ) وأخواتها اليوم على التصدي للاستبداد بوجهه الكريه ، وبهذه العزيمة الماضية فإنهن سيكنّ أقدر في الصبح القريب على نسج خيوط عباءة المجد لكل السوريات والسوريين ....
و يأتي اعتقال ( يارا ) في بعض دلالاته المتكاثرة فضحا لكل حديث الإفك عن الإصلاح المزعوم . فحسب منطق هؤلاء المستبدين كل أعمال القتل والاغتصاب والسرقة والنهب لا تهدد الوحدة الوطنية في سورية وإنما يهددها حديث ناعم في زاوية مقهى أو حوار هادئ في وحدة تفكير وطني ...
هل سيسمح لنا الزميل ميشيل شماس أن نشاركه مشاعر الأبوة تجاه ما تواجهه ( يارا ) . كتبنا كثيرا من قبل نشجب ونستنكر وندين فهل لنا أن نتحول مع ربيع وطننا القادم إلى القول ...
إلى يارا وأخواتها وبنات وأبناء جيلها ....
إلى كل الصبايا والشباب القابضين على جمر التحدي حتى النصر .. نحن فخورون بكم . ودروب المجد فخورة بكم . وسورية كلها فخورة بكم ...
* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية