ليس الشاذّ وجودُ الأنذال ...
ليس الشاذّ وجودُ الأنذال ...
بل قيادتهم للأمّة ..أو الدولة (سورية نموذجاً)!
عبدالله القحطاني
أ _ وجود الأنذال في أمّة ما , ليس غريباً ولا شاذّاً . فليس في الكون أمّةٌ تخلو من أنذال . إنَّما الشذوذ الصارخ , هو أن يقود الأُمَّة مجموعة من أنذالها، سواء أكانت هذه القيادة سياسيّة ,أم اجتماعية , أم إعلاميَّة , أم أمنيَّة , أم ثقافيَّة .. أم كانت كل ذلك , وهذا هو الأخطر والأخبث والأشدُّ فتكاً وتدميراً , وهذا هو ما نراه اليوم في سورية أمّ الحضارات.. !
ب_ شبكة الدعارة البعثيَّة الرفاقيَّة ( الأمنيَّة _ القضائيَّة _ السياسيَّة ..) التي أعلنت عنها وسائل الإعلام السوريَّة وغير السوريَّة .. هذه الشبكة ، بحدّ ذاتها، ليست بِدْعاً في حياة الأمم والشعوب , فقلَّما تخلو أمَّةٌ من أنذال ساقطين , يجرّون الأبرياء من أبناء المجتمع وبناته ، بحِيَـل خسيسة , إلى أوكار الرذيلة ..
البِدْع والشذوذ ، هو أن تقود هذه الشبكةَ في المجتمع , مجموعة من حماة المجتمع ومن سَدَنة الأمن والقانون والقضاء فيه ..!
والبِدع الأكثر غرابةً وشذوذاً , هو أَلاّ يَتوقَّع المجتمع السوري المحافظ , هذا الانحراف والشذوذ والسقوط والدُّونيَّة , من هذه العصابة ، التي تتولَّى أموره منذ أربعين سنة , ولا سيَّما بعد أن عرفها بعمق , منذ سنوات حكمها الأولى .. ولا سيَّماـ أيضاً ـ أنَّ الكثيرين من أبناء هذا المجتمع ، يَحفظون الكثير من الأمثال والحِكَم , من مِثل " الشيء من معدنه لا يستغرب" و " كلّ إناء بالذي فيه ينضح"!
كما أنَّ الكثيرين من مثقّفي سوريَّة , يَحفظون الكثير من الحكم والأمثال العربيَّة القديمة , التي أبدعتها عقول الحكماء وقرائح الأدباء , من مِثل قول الشاعر :
لا يَصلح القوم فوضَى لا سَراةَ لهمْ ولا سَراةَ إذا جهّالهم سادوا
وقولِ الآخر:
ومَن رعَى غَنماً في أرضِ مَسبعَةٍ ونام عنها، تَولّى رعيَها الأَسَدُ
ج ـ أمّا ما يُدمي القلوب , ويذهِل الألباب , فهو صمت القبور , الذي يلفّ ساحات دمشق وحلب , وحمص وحماة , واللاذقيَّة ودير الزور , والجزيرة وحوران .. إزاء كلّ ما جرى ويجري , لأبناء سوريَّة الأبرياء الأطهار , وبناتها العفيفات المصونات , على أيدي هذه العصابة الأثيمة المجرمة , عصابة الزنادقة الزناة القتلة اللصوص المجرمين , الذين يَحكمون بلاد الشام الطاهرة الأَبِيَّة ..!
لقد كانت ساحات المدن الكبرى في سوريَّة , تشتعل غضباً , إزاء هفوة صغيرة تمسّ الدين أو الخلق , أو الشعور الوطنيّ العام , بأيّ سوء أو أذىً .. في الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي , في عهد الاستعمار الفرنسي , فيما لو تعرّض جنديّ أو ضابط ، أو موظّف في الدولة..لأخلاق المسلمين بأذىً ، أو لأعراضهم بسوء ..
وكان هذا يحدث في الخمسينات ، من القرن العشرين المنصرم كذلك , حين كان قادة البلاد , على اختلاف مشاربهم , يتحلّون بشيء مروءات الرجال , وشيم الرجال , وأخلاق الرجال . وكان هؤلاء القادة ينتفضون غضباً , وتتفجّر الدماء في عروقهم نخوة وحميَّة , حين يعلمون بأنَّ عرض فتاة طاهرة مُسَّ بأذىً ، من قِبل أحد موظفي الدولة , فينال عقابه الصارم الأليم , الذي يشعِر الفتاة وأهلها بالإنصاف , ويشعِر أبناء الشعب عامَّة , بأنَّ كراماتهم وأعراضهم , محميَّة بقوة القانون , وبنخوة الرجال الذين يسنّون القانون , وأولئك الذين ينفّذون القانون ..
أمَّا اليوم , في عهد هذه العصابة المجرمة المارقة , فقد غاب القانون , ورجال القانون .. وساد الزناة الفسقة اللصوص القتلة ..!
فماذا بقي لأعراض المحصنات من قوّة تَحميها !؟
بقيت أشياء لاتزول من قلوب الأمّة الحرّة الأبيّة المؤمنة ، مهماطال ليلها، واشتدّ كربها، وأرهَق نفوسَها ظلم حكّامها المستبدّين الفاسدين , وهي : نخوة الرجال , وإرادة الرجال , وحميَّة الرجال , وشهامة الرجال .. وما نحسب عصابة الفسق والإجرام , قد أبادت في سوريَّة الرجال كلّ الرجال..
ولله درّ القائل :
إذا أنتَ لمْ تَعرفْ لنفسكَ حقّها هَواناً بها , كانت على الناس أهْونا