هل بقي للنظام السوري شرعية من أي نوع؟!
شرعيات
يكتسب أي نظام حاكم شرعيته إما من الشورى والانتخاب النزيه الشفاف ثم البيعة التي يعطي فيها الشعب صفقة يده لعقد اجتماعي حرّ متفق عليه، حيث تشكل هذه الصيغة أعلى درجات الشرعية.. وإما أن تكون الشرعية قائمة فوق أساس من ثورة شعبية على نهج ظالم مستبد، تنتصر فيها إرادة شعب على ذلك الظالم المستبد، فتقيم تلك الثورة بناءً حاكماً مبايعاً على تنفيذ مطالب الناس بالأكثرية.. وإما أن تكون تلك الشرعية مبنية فوق مداميك نظام وراثي عادل، تكون فيه الكلمة للشعب، ويكون فيه الفخر والإجلال للرأس وحسب.. وإن غير تلك الصيغ الثلاث ليست إلا تغلباً واستبداداً وظلماً وتجبراً وإقصاءً للأمة يسودها الكبت والقتل والتعذيب والتشريد لكل من له كلمة أو رأي لا يوافق الحاكم المتغلب.
نظام فاقد للشرعية
إن النظام السوري المتحكم برقاب العباد جوراً وعسفاً وبعداً عن ثوابت الشعب وعتواً واستكباراً، هو من الأنظمة المتغلبة المستبدة الظالمة الفاقدة لأية شرعية؛ فأولاً: إن هذا النظام جاء بانقلاب عسكري، مستغلاً معدات الوطن العسكرية، مقيماً بواسطته حكماً عائلياً وراثياً، موظفاً في سبيل ذلك الطائفية، والكثير من أصحاب النفوس المتهافتة، ليكونوا جميعاً عضداً له، مقابل الامتيازات وفتح الأبواب لهم للنهب والسلب والفساد وركوب رقاب العباد. وثانياً: اعتماد هذا النظام على منهج أمني قاتل ناهب قامع مستبد، قائم فوق أساسات من مجازر عممها على أنحاء الوطن؛ فمن حماة عام 1982 حيث قتل ما يناهز الأربعين ألفاً من سكان المدينة أو يزيد، إلى سجن تدمر، حيث قتل أزلامه بدم بارد قريباً من ألف إنسان من خيرة أبناء سورية، مروراً بجسر الشغور وحلب وإدلب ودمشق، واللاذقية وحمص ودرعا، حيث قتل فيها جميعاً عشرات الآلاف خلال سبعينيات القرن الماضي وثمانينياته بلا سبب، إلا أن يقول الناس "نريد الحرية". وثالثاً: تخليه عن حماية أرض الوطن (في الجولان)، وإفساده علاقات سورية بالعرب والمسلمين. إن قاتل شعبه لا شرعية له أبداً إذ يكفي ذلك القتل ليخرجه من الشرعية ولو امتلكها بأية صورة.
الوريث على منهج القتل يسير
ها هو الوريث يطل علينا باستنساخ ما فعله والده في حماة عام 1982، لتزدحم شوارع سورية بحمامات من الدم كان من ضمنها أيام دامية في حماة وجسر الشغور والرستن وحلب ودمشق واللاذقية ودرعا وإدلب وغيرها، حيث استحرّ القتل في صفوف المحتجين المسالمين فمنذ 18 آذار/مارس 2011 واجه درعا وأخواتها من المدن السورية بالقتل والاعتقال والتعذيب حتى الموت، والحصار والتجويع، وهدم الممتلكات. وقد بلغ عدد الشهداء على يد العصابة الحاكمة المجرمة أكثر من مليون من الشعب البطل الذي يواجه دبابات وآليات ورصاص العصابة وطائرات روسيا ومليشيات إيران والعرق المرتدة وحزب اللات، ببطولة نادرة وصدور عارية وسلمية سلمية، ولا نريد إلا الحرية ورحيل الظلمة، الذين لا يستثنون الأطفال من قتلهم (مئات آلاف الأطفال حسب إحصائيات أممية محايدة)، قضوا بالقصف؛ منهم من قضى تحت التعذيب الوحشي الهمجي (حمزة الخطيب 13 عاماً من حوران)، ومنهم الذي قضى بالرصاص المجرم، (محمد قاسم الأحمد في حمص 11 عاماً والطفلة هاجر الخطيب 10 أعوام في الرستن). والعصابة الحاكمة تدعي في كل ذلك أنها تلاحق مسلحين مارقين.. مع العلم أنه ليس من سلاح ولا مسلحين بين صفوف الثائرين.. إلا أنها أكاذيب تطلقها عصابة الحكم وأبواقها المرتزقة التي باعت ضمائرها بعرض بائس من الدنيا قليل، ولا أدل على ذلك مما نشرته الفضائيات من صور لقتلى مدنيين كثر في منطقة درعا، حيث ظهر جنود المافيا وهم يوزعون البنادق بين الجثث؛ ليقال إن هؤلاء كانوا عصابات مسلحة، حسب الرواية الرسمية المضلِلَة، إنه منهج للقتل ورثه الولد عن أبيه الذي عبأ أفق سورية بالمجازر، ولكن عيون النصر تزهر من بين صور الأطفال المعذبين حتى القتل.
الثورة في تصاعد
إن كل ذلك العدوان والسفك للدم السوري، وكل ذلك الاجتراء على الدستور والقانون وعلى إرادة شعب سورية، لم يخف شعب سورية ولن يثنيه عن متابعة ثورته؛ فالثورة في تصاعد عارم، وفي تطوير للشعارات والمطالب، وها هي جُمَعُ الثورات تترى، تخبر العصابة الحاكمة: أن لا لدباباتها، ولا لشبيحتها وفرق الموت التي شكلتها، ولا للرصاص الحي الذي تطلقه على الصدور العارية بدم بارد، وتعتقل عشرات الألوف، كل ذنبهم أنهم خرجوا يطالبون بحق طبيعي لهم، كان يجب أن يحصلوا عليه بدون مظاهرة ولا ثورة، لو كان الحكم يمتلك أي نوع من الشرعيات المعتبرة، و أنه ليس شيء من ذلك كله سيوقف الشعب السوري البطل عن ثورته وتأجج أوارها العادل، حتى ترحل العصابة الحاكمة، وتعود للشعب إرادته الحقة في امتلاك ناصية القرار في وطنه، ليكون حراً في شراكة وطنية لا تستثني طائفة ولا عرقاً ولا ديناً ولا رأياً.. وليكون الجميع سواسية أمام القانون والقضاء، في ظل شعار جامع: (سورية لجميع أهلها)، وهي أمن وأمان لكل العرب والمسلمين والعالم عندما تعود لأهلها، رغم أن تلك الآكام متباطئة في دعم هذا الوطن الحر والكريم .
مراسيم تضليلية.
فلا تظنن العصابة الحاكمة في دمشق أن هذا الفتح المبين الذي صنعه شعب سورية بعون من الله؛ حيث خرج ثائراً على منهجية القتل والقمع والإقصاء الموروثة البادية في تاريخٍ من منهجٍ للقتل، لم يتوقف منذ أربعة عقود ونيف.. لا يظنن أولئك أنه يمكن لمراسيم جمهورية تضليلية أن تهدئ الشعب السوري، فمراسيمهم لا يظهر منها إلا الحبر المسال على الورق، يدّعون فيها أنهم رفعوا حالة الطوارئ.. مع أن الألوف الذين قتلوا.. كان استشهادهم بعد مرسوم الرئيس برفع حالة الطوارئ. كما يدّعون إصدار قانون للتظاهر، جاء لمنع التظاهر وليس لتنظيمه كما يقولون، والدليل على ذلك أن الطلب الوحيد للتظاهر الذي قدمه أحد المواطنين لوزارة الداخلية رُفض، ثم اعتقل صاحبه. وأما الحوار الذي تتبجح بطرحه عصابة الحكم، فإنه حوار محكوم بالتشكيلة الأولى للجنة الحوار الرسمية المكونة من قيادات تلك العصابة التي وضعت أسس ذلك الحوار وسقفه والشروط الحاكمة لمن يشارك فيه من الناس، وكل ذلك بما يناسب العصابة، ولا يخرج عن "أجنداتها"، ولا تعدو تلك المراسيم كونها رسائل للخارج، بعد أن بدأ هذا الخارج يشدد الخناق على العصابة رويداً رويداً ولعلها في وهمه أن تحدث شرخاً في الثورة.. ولكن هيهات هيهات.
وأما قانون العفو فهو لا يساوي الحبر الذي كُتب به، فمواده يلغي بعضها مفعول بعض، وتنفي الاستثناءات الموجودة فيه المواد الرئيسية، أو تنبئ الأخبار الضعيفة عن تنفيذه أنه عبارة عن شهقات اللحظة الأخيرة للنظام الحاكم.
والخلاصة
فإن الشعب السوري لن يفرط بالفتح المبين المتمثل بالجماهير الثائرة حتى النصر، من أجل تلك الشهقات الموهمة، مهما كلفه ذلك من ثمن، فهو مصر على ثورته، مطور لشعاراتها ومطالبها وأساليبها، إلى أن تتحقق أهدافه التي ذكرناها ، معرض كذلك عن أوهام العصابة بجملة الإصلاح التي لا تتقنها،؛ لأن الله لا يصلح عمل المفسدين. وأما الشهداء فسيكون دمهم ناراً تحرق الظالمين، ونوراً يهدي به الله سبل تحريرالأرض والإنسان تحت شعار: (الموت ولا المذلة)، وبتطلع عزيز إلى مرامي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله)، وباتفاق كريم من كل مكونات الشعب السوري على وضع عقد اجتماعي للمواطنة والمساواة والعيش المشترك، وتداول سلمي للسطلة، وذلك بعد محو منهج القتل من الوجود. ورحيل كل المجرمين الذين شاركوا العائلة المجرمة في قتل الشعب وهدم البلد؛ من روس وأمريكان وشيعة إيرانية وعراقية مرتدة عن دين الله، فضلاً عن حزب اللات اللبناني التابع لإيران (الولي الفقيه).