تعليقا على حكم المحكمة السويسرية على رفعت الأسد بعد ثلاثة وأربعين سنة
وزعموا أن الجرم لا يسقط بالتقادم..
وشريعتنا التي نتحدى بها..
وندخل بها المجامع ونرفع بها الرؤوس
ولا نبالي قول أولي الخفة من المبطلين.. خير لنا وأبقى
وقال الفقهاء في اختصار وتكثيف مقصد العقوبة في أحكام الشريعة الإسلامية:
"العقوبات روادع قبل الجريمة، زواجر بعدها"
وهلموا إلى المختبر الإنساني، نضع هذا الايجاز المقصدي على المحك؛ وهاتوا علماء الانسان، وعلماء نفس الجريمة، وعلماء الاجتماع، وعلماء القانون، وهلموا نتبارى.
ومقياس نجاح كل قانون في العالم هو مخرجاته..
أعيدها بطريقة أخرى: للحكم على مدى نجاح أو إخفاق أي قانون عقوبات ننظر إلى مخرجاته، هل نجح هذا القانون في منع الجريمة، أو تقليلها، أو التخفيف من عمقها وشراستها.. أو انعكست مخرجاته فرادت الجريمة انتشارا وعنفا؟!!
وكل هذا محكوم بنتائج الإحصاءات العلمية، التي أصبحت في هذا الزمان أكثر انتشارا، وأصدق دلالة!!
ماذا تقول الإحصاءات العالمية العلمية عن مدى نجاعة أنظمة العقوبات المعمول بها عالميا، على ما بينها من اختلاف، في لجم الجرائم، والحد من آثارها؟!!
سؤال علمي متعدد الوجوه والدلالات، ولوك الكلام بعيدا عن دلالاته نوع من اللجاجة.
نتحدث فقط عن نوع الجرائم التي ما يزال العقل الانساني يعترف بجرميتها!!
وأعود إلى مقصدية الشريعة الاسلامية وأكرر: روادع قبل الجرم، عقوبة تجعل كل من يفكر بالجريمة ابتداء يرتدع، زواجر بعده، وتجعل كل من يخطط للجريمة انتهاء ينزجر.
وبين هذا وذاك ترى أن منع الجريمة، أو الحد منها، أو التخفيف من وطأتها؛ لحماية البرآء هو المقصد.
حماية الانسان مقصد عام في الشريعة الإسلامية. ولكن حماية البريء وصون دمه وعرضه وماله مقدم.
في الشريعة الإسلامية وحدها يمكن أن يحكم على الانسان بأقسى الأحكام ويُشهد له أنه يحب الله ورسوله، وأن دمه المسفوك حدا وعقوبة يفور بالجنة، وأنها تابت توبة لو وزعت على أهل الأرض لوسعتهم، وأن الله غفر لمثلها بسقيا كلب، وأن الله أدخل النار ثالثة لأنها حبست قطة ..
والعكس هو المعمول به في كثير من التشريعات المعمول بها في هذا الزمان..
في الشريعة الإسلامية لا معنى للانتقام، ولا معنى للنيل من كرامة الإنسان، والعقوبات كل العقوبات ردع وزجر حتى تستقيم الحياة، قال رب العالمين: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ)
وبعد ثلاثة واربعين عاما يصدر حكم بإدانة مجرم أزهق حيوات عشرات الألوف من البشر، يتم مئات الآلاف الأطفال، ثكل عشرات الألوف من النساء، مشكورة المحكمة التي أدانته، والقضاة الذين حكموا عليه، ولكننا نود أن نذّكر الجميع أنه ما يزال في الحمى مجرم قاتل مبير مدمر طليق..
مجرم طليق في حينا يقتل ويقتل ويقتل أكثر، ويدمر أكثر، ويبتم أكثر..فمّن في هذا العالم المتحضر يردع ومَن في هذا العالم المتحضر يزجر؟!!
يقول أبو الغيط عن محادثاتهم مع المقداد أنها كانت جادة وأنا لضعف بصري قرأتها: حادة!!