نحن و التكنولوجيا
نحن و التكنولوجيا
لبنى ياسين- دمشق
تدهشني التكنولوجيا الحديثة بما آلت إليه من تطور جعلها تقرب المسافات و تلغي الحواجز و تحضر صوت الغائب و صورته و تنقل الملفات و المعلومات عبر أجهزة صغيرة لا يتجاوز بعضها حجم الكف.
و كلما استخدمت شيئا منها ذهب تفكيري إلى ما كابده مخترعها من تعب و تفكير و تجريب سنينا طوالا ليتحفنا بإحدى هذه العجائب الإلكترونية.
لكن ما يدهشني اكثر هو قدرة بعض شبابنا و شاباتنا على تهميش هذا الاختراع و تسطيح فوائده بطريقة مرعبة.
فما أن ظهر الصحن اللاقط إلى الوجود حتى تسابقت الجميلات إلى إظهار براعتهن في فن الاقتصاد المنزلي مطبقات ذلك على ملابسهن التي بدا أن الغرض الرئيسي منها هو إظهار مفاتن الجسد و ليس إخفاؤها –دون ذكر ما في ذلك من احتقار لإنسانية المرأة و قولبتها في جسد فاتن لا اكثر و اختصار مكانتها إلى ديكور يزين الاستوديوهات و الأغاني- و تسابق غيرهن إلى الميكروفونات ليتحفونا بما يسمع و ما لا يسمع من كلمات تافهة و الحان نشاز.
و ما أن ظهر الكمبيوتر حتى أصبحت صفحات المحادثة و المواقع الغير لائقة هاجس الكبير و الصغير من امتنا , بينما لم يكلف الكثيرون أنفسهم عناء البحث في الصفحات الجادة لهذا الاختراع العظيم الذي لا يكاد يفلت منه سؤال واحد سواء كان ديني أو اقتصادي أو سياسي أو علمي أو غير ذلك و لكن أين السائل و أين المسؤول؟؟
و ما أن ظهر الجوال و الذي للحقيقة وفر الكثير من الوقت و الجهد و أفاد شريحة واسعة ممن تقتضي ظروفهم التواجد في أي لحظة حتى تهافتت الأيادي لشراء آخر الموديلات و الصرعات لا يكاد يعلن عن ما هو احدث حتى تتسارع الخطى للحصول عليه لا لشيء إلا لمجاراة الأصدقاء و المباهاة أمامهم ,و اصبح السواد الأعظم يستخدمه لاجل إضاعة الوقت و إزعاج الآخرين و التباهي أمام الصحبة ...فهل خطر في بال مخترعه أن هذا ما سيؤول له حال اختراعه بعد تعب دام ليال طوال.
حقا انه تدهشني مقدرة هذه الشريحة من البشر على تقزيم ما يصل لايديهم من تقنيات حديثة- كان الأجدر بهم أن يقدروها حق قدرها- بتصرفاتهم الغير مسؤولة و سلوكهم الطائش.
فإلى متى ؟؟؟
إلى متى سيُشغل كبيرنا و صغيرنا بتوافه الأمور ...غير عابئ بما هو جوهري و هام؟.
و إلى متى تظل امتنا العربية المتلقي لاختراعات الغرب ..و المسفه لكل مهم منها ,و المستورد لكل قبيح من عادات الغرب مبهورا بها حتى العظم.
لماذا لا يلتفت أحدنا إلى مجاراة الغرب بالعلم و الاكتشاف و الاختراع لا أن يجاريهم في الانحلال و الانفلات و التفكك و ما إلى ذلك.
و اكثر ما يشغلني فعلا:
كيف وصلنا إلى هذا الحال المزري؟؟