بشائر النصر المؤزّر
بشائر النصر المؤزّر
في الوقت الذي يعتصر فيه الألم قلوبَنا ونحن نتابع مأساة شعبنا الفلسطيني المظلوم ، وهو يتعرّض لأقذر مؤامرة ، وأبشع عملية إبادة جماعية على أيدي العصابات الصهيونيّة المجرمة ، التي فاقت في وحشيّتها وإجرامها كل العصابات النازيّة والعنصريّة وعصابات المافيا في العالم .!!
وفي الوقت الذي نتابع فيه مأساة شعبنا العراقي وهو يتعرّض لأخس مؤامرة صهيونية امبريالية ، وأشرس حرب عدوانية احتلالية عرفها التاريخ..!!!
وفي الوقت الذي نتابع فيه مآسي شعبنا العربي والإسلامي في الجزائر والسودان والصومال ، وفي أفغانستان والشيشان وكشمير وغيرها من البلاد العربية والإسلامية ...
في هذا الوقت الصهيوني بالغ الصعوبة ، الذي يتم فيه بقر بطون الحوامل ، وقتل المصلّين في المساجد ، وسحل الشباب في الشوارع ، وتكسير عظام الأطفال ، وحرمانهم من علبة الحليب وقنينة الدواء حتى الموت، وهدم المنازل فوق رؤوس ساكنيها ، وقلع أشجار الزيتون والنخيل ، وتجريف الأراضي ، وحرق المزروعات .!!!
إلا أننا نشعر – ومن بين سحب هذا الألم الخانق – بالزهو والفخار ، وينتابنا فرح غامر لا نشكّ في مصداقيّته ، لأننا نرى في الأفق القريب لأمتنا تباشير فجر مشرق ، وطلائع نصر مؤزّر .!!!
فالفجر – كما تعلّمنا من تاريخنا – ينبلج من أشد ساعات الليل ظلمة وسواداً .!!!
والعسر – كما قرأنا في قرآننا – معه يُسران (( إن مع العسر يسراً ، إن مع العسر يسراً )) صدق الله العظيم ولن يغلب عسرٌ يسرين بإذن الله ..
ولو أردنا أن نؤشر أهم ما يبدو لنا من تباشير الفرج والنصر التي نراها في أفق أمتنا القريب لذكرنا :
أولاً : حالة الصمود الاسطوري ، والتلاحم المصيري ، والروح الجهادية الاستشهادية الباهرة التي يبديها شعبنا الفلسطيني المجاهد ، بكل فصائله ومنظّماته وفئاته ، وفي المقدّمة من ذلك رموز جهاده ونضاله ، بل لقد سرت روح التضحية والشهادة في الشعب الفلسطيني كلّه حتى تسابق إليها الأطفال والنساء .!!!
ثانياً : حالة النهوض والصحوة التي تعيشها جماهير أمتنا من المحيط إلى الخليج ، والتي عبّرت عن نفسها بأشكال مختلفة مثل الزحف إلى الشوارع للتظاهر والتنديد بالظلم الأمريكي الصهيوني المفضوح لأمتنا .
وإن مما يثلج صدورنا ، وينعش آمالنا ، أن نرى جماهير أمتنا ونخصّ الجماهير الشبابية ، التي ولدت وترعرعت في قلب المحنة ، وهي تنتفض لدينها ، وتنتصر لعقيدتها ، وتضحّي من أجل أوطانها ومقدّساتها وأعراضها ، وتنزف الدم الطهور ، وتقدّم قوافل الشهداء الأبرار ، في واحدة من أروع صور التضحية والبطولة والفداء عبر التاريخ ، ثمناً لحياة العزّة والكرامة والحريّة التي تنشدها .!!!
ثالثاً : تكشف العملاء والمأجورين والموتورين في أمتنا ، وظهورهم على حقيقتهم ، وسقوط أوراق التوت عن سوءاتهم .
ولو أردنا أن نسأل عن سرّ هذا التحول الهائل في الأمة ، وعن سرّ صحوتها الواعدة بعد كل ما بدا عليها في العقود الماضية من مظاهر الضعف والغثائية والخذلان .!؟ فسيكون الجواب الواضح الذي لا يماري فيه إلا حاقد أو مكابر أو موتور : إنه الجهاد المبارك ، الذي فجّرته طلائع الأمة المباركة في كل من فلسطين وأفغانستان والشيشان وكشمير و بلاد الرافدين العزيزة ، التي يصنع فيها الغرّ النجباء من أبناء العراق مع إخوانهم الصيد من أبدال الشام ، يعاونهم ويشد من أزرهم كل أصيد أغر من أبناء العروبة والإسلام ، من الأفعال العظيمة ، ما يشرّف الأمة ، ويبيّض وجهها ، ويرفع رأس العرب والمسلمين …
ولقد أعطى استشهاد المجاهد الكبير الشيخ أحمد ياسين ، لجماهير الأمة الحيّة ، روحاً جديدة ، وأملاً متجدّداً ، وثقة عالية ، بإمكانية الصمود والتصدّي والتحدّي للأعداء الحاقدين ، وانتزاع الحقوق المغتصبة منهم ، بعد أن ملأ الخونة قلوبنا قيحاً بهزائمهم المتكررة وذلهم وانبطاحهم عبر أكثر من نصف قرن من الزمن الصعب...!
لقد أضحى اليوم الذي تندحر فيه الصهيونية العالمية ، ويُقتلع فيه كيانها المسخ من قلب أمتنا ، وتتساقط فيه أنظمتها العميلة من بني جلدتنا .. قريباً .. وقريباً جداً ...
(( ويسألونك متى هو .؟ قل عسى أن يكون قريباً )) .
الدكتور أبو بكر الإدلبي