ليظهره على الدين كله
(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُون) ذاك نبأ من النبأ الذي قال عنه (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ).
ومازال الإسلام كلما تقدم في الزمان أو المكان هو الدين (الظاهر) على ما عداه من الأديان، السَبَّاق إلى القلوب والعقول والضمائر؛ لأنه دين العقل ودين الفطرة (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا..)
لايزال الإسلام، وسيبقى، الدين الذي تشير جميع الإحصاءات إلى أنه الأكثر تقدماً والأكثر انتشاراً حتى في صفوف معانديه ومحاربيه، مع ضعف الإمكانات وقلة الوسائل.
من بعض هذه الإحصاءات ما طالعتنا به الأنباء منذ أيام، أن ثلاثة آلاف جندي أمريكي ممن كانوا في العربية السعودية أشهروا إسلامهم على أيدي علماء سعوديين.
نتساءل: ثلاثة آلاف فقط ؟! ونظن أن المسلمين لو كانوا في الوضع الطبيعي، وفي مكانتهم المجتمعية والحضارية التي يرشحهم إليها الإسلام، لأسلمت حملة بوش بأسرها، كما أسلم في يوم من الأيام من التتار (تيمور لنك) و(قازان) وكل جنود التتار.
بعض المتفذلكين حتى من بني جلدتنا عز عليهم أن ينسبوا (إسلام) التتار التاريخي، وإسلام الجزر الإندونيسية بأسرها إلى طبيعة الإسلام الظاهرة، وعظمته ومعجزته. فتحدثوا عن أن السر في إسلام الغزاة من التتار أنهم كانوا بدواً متخلفين وقعوا على مجتمع متحضر فتخلقوا بأخلاقه، واعتقدوا عقائده !! ولو كان الأمر كما يفسر هؤلاء لوجب أن يكون الفاتحون العرب المسلمون الذين خرجوا من الجزيرة العربية قد تحولوا إلى مجوس ونصارى.. ولو صح قول هؤلاء لما مزق ربعي بن عامر البدوي القادم من الصحراء برمحه بساط رستم الأحمر ونمارقه.. ولما وقف في وجهه كنور الفجر يقول: جئنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.
اليوم حين ظهر الإسلام بعقيدته السامية على ثلاثة آلاف جندي أمريكي جاؤوا ليس على جناح القوة فقط، وإنما على أجنحة الاستعلاء الحضاري، والاستكبار القومي بكل معانيه، حين يسلم هؤلاء مع ما عليه المسلمون من ضعف وذلة وتخلف وهوان، تنضم هذه الواقعة إلى أخواتها الكثيرات، وتنطق الآية الكريمة (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ..) ليكون الإسلام بروحه وقيمه دين العالم ودين الإنسان المفكر الحر المستنير.
زهير سالم