حكام الأساطير والزعران بين فارس وايران
يتغنّى حكام ايران الفرس على مر التاريخ بأنهم من الشعوب الآرية التي هاجرت من ضفاف نهر الأورال في روسيا إلى جنوب بحر قزوين وينسبون تسمية ايران كموطن للعرق الآري . ويمجّد الإيرانيون الفرس ( أردشير مؤسس حكم السلالة الساسانية ناشر الديانة الزرادشتية التي قضى عليها العرب المسلمون في فترة حكم كسرى أنو شروان ) وأذعن الفرس للعرب المسلمين بقبول الدين الإسلامي في بلاد فارس الساسانية واعتماد الأبجدية والأعداد العربية بصفة رسمية في بلادهم .
استمر الأمر على ذلك حتى تغلغل الفرس الساسانون في العائلة العباسية وحرّضوها على القضاء على الحكم الأموي ، وبعدها بدأت مرحلة السيطرة الفارسية على الخلافة العباسية بدءا من إنشاء دويلات فارسية زرادشتية في بالد فارس القديمة كدويلات (الطاهريين والسامانيين والبويهيين ) إلى أن اكتسح المغول بقيادة جنكيز خان وهولاكو القادمين من الشرق بلاد فارس وقضوا على تلك الدويلات وعلى الدولة العباسية.
لكن هزيمة المغول على يد العرب المسلمين في عين جالوت سهّلت للفرس ثانية تأسيس دويلة (اللاليخانية ) التي كانت نصرانية في البداية ثم تحوّلت إلى الإسلام على يد الحاكم محمد خدابنده الذي كان اسمه السابق (أولجيتو ابن غازان خان حفيد هولاكو) ، ثم اتخذ ذلك الحاكم المذهب الاثني عشري الذي سهّل له حكم البلاد والعباد جراء تغييبهم عن التفكير والوعي جراء سهولة اختلاق الأساطير التي تتضمنها عقيدته ، وبعده فرض الشاه إسماعيل ميرزا الأول العقيدة الشيعية بدلا من الإسلام في تبريز نكاية بالعثمانيين الذين نشروا حكمهم في بلاد العرب وأوربا وبلاد فارس وكي يضمن التفاف الفرس حوله بعد شحنهم قوميا بأنهم مختلفون عن العرب وعن المسلمين من جذورهم عرقا وديانة ، واستمر حكم الصفويين بالعقيدة الشيعية إلى أن قضى عليها محمود خان الأفغاني عام 1722، وبعد ذلك انتقلت السيادة على بلاد فارس بين روسيا القيصرية في الشمال والإنكليز في الجنوب طيلة قرنين من الزمان .
في عام 1921 استلم رضا خان رئاسة الوزراء في ظل سيطرة الإنكليز ثم تم تنصيبه ملكا ثم شاها على ايران بتوصية من رجال دين العقيدة الشيعية كي تبقى سلطاتهم الأساطيرية على شعب ايران وتبنّى الشاه تلك التسمية كونها تعني ملك الملوك ، ثم خلفه ابنه محمد رضا شاه بهلوي الذ يتمكن من إعادة الجزء الشمالي من ايران من تحت السيطرة السوفييتية بعهد ستالين جراء الضغط الأمريكي عليه عام 1946 ، وبدأت مرحلة تحديث الدولة في مجال بناء المؤسسات والتعليم واستثمار البترول ، ثم نفذ الشاه إصلاحاً زراعيا وسياسيا ، وتحققت تنمية في ايران في عقد الستينيات والسبعينيات بمعدل أربعة أضعاف وفق شروط الغرب وأدى دور شرطي المنطقة عسكريا لا سيما إزاء الدول العربية .
لكن الدول الغربية عبر توصيات مراكز أبحاثها رأت ضرورة استبدال الشاه بشخص آخر ينفذ سياساتها بشعارات الثورة وحكم المحرومين وإنصاف المظلومين، وتم اختيار الخميني الذي قدم من ديانة السيخ في طفولته وتدرّب على العقيدة الشيعية ليصبح الشخص الأول فيها ، وأوصلوه إلى حكم ايران عام 1979، وتحولت ايران من ملكية إلى جمهورية تنفذ أوامر الخميني الذي فرض نفسه نائبا لله على الأرض .
كانت أول أفعال الخميني احتلال السفارة الأمريكية في طهران وحجز الدبلوماسيين لمدة تقارب السنتين ، ثم بدأ بتصفية شركائه في الحكم أو طردهم ، ثم أسس الباسيج لردع وترهيب الشعب الإيراني في الداخل ثم الحرس الثوري ليكون ذراعا عسكريا لاحتلال الدول الأخرى في الخارج،
ثم أعلن الخميني عام 1980 ما سماه ثورة ثقافية أغلق بموجبها الجامعات والمعاهد العليا لمدة عامين واطلق عبر رجاله حملة تجهيل تامة ونشر أساطير وخرافات أضحت عقيدة جديدة فرضها على الشعب الإيراني سميت الشيعية الفارسية ، وبعدها أعلن غزو العراق لنشر الثورة الخمينية في بلاد العرب ودامت حربه مع العراق 8 سنوات لكنه استسلم بعدها ومات مقهورا جراء فشلها وفشل سياسته التدخّلية في شؤون الدول الخارجية بقصد احتلالها ونشر العقيدة الشيعية فيها .
جاء بعده خامنئي الذي غير في استراتيجيته حيث تبنى سبل الاعتماد على إنشاء ميليشيات من مرتزقة اتباع المذهب الشيعي العربي بدءا من شيعة لبنان ثم العراق ثم أفغانستان وباكستان وأخيرا في سوريا واليمن ، وبذلك تم شكليا إبعاد صفة العمل العدواني المباشر والاحتلال من قبل جيوش ايران، وتكليف تلك الميليشيات الشيعية التي تتبنى العقيدة الفارسية الشيعية بتنفيذ السياسة الإيرانية الخامنئية ، واستمرت ايران فارس الشيعية تغزو البلاد العربية والإسلامية بالوكالة المستترة إلى أن اندلعت الثورة السورية وكشفت ايران فارس على وجهها الحقيقي بأنها دولة عدوان وإرهاب يحكمها أشخاص زعران أشكالهم وأفكارهم تعود إلى القرون الوسطى بكل تفاصيلها ومضامينها .
فعلا ، لقد عرت الثورة السورية حقيقة ايران ونزعتها الفارسية بالعودة إلى الديانة الزرادشتية المتجذرة في ثنايا بنى تفكير حكامها حرصا على سيطرة العرق الفارسي الساساني على شعوب ايران المتعددة . لكن أفعال ايران واختراقاتها في بعض البلدان العربية عبر حكامها الذين خانوا شعوبهم وأوطانهم جعل حكامها يصيبهم الغرور بالنصر بما لا يتصوره العقل البشري ، فشرعت أخيرا باختلاق مشكلات مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي بشكل خاص عبر شيعتها ذوي الانتماء الفارسي الساساني ، وها هي تحصد ما لم تكن تتوقعه ، فقد انكشفت حقيقتها الفارسية الزرادشتية بغطاء الشيعية ، وبدأت دول العالم تفضحها وتقف في وجه عدوانها ، وستكون نهايتها للمرة الثانية على أيدي العرب والمسلمين ليزول عرش كسرى المزعوم ثانية.