سوريون ويتفرجون على الجريمة.. والنصر بين أيديهم قريب
يكتب الكثيرون منددين بالمواقف الدولية والإقليمية الرسمية والشعبية ، من جريمة حرب الإبادة تنفذ على مدينة حلب التاريخية بإنسانها وعمرانها، وحق كل ما يكتبه هؤلاء الكاتبون . ولكن الأعجب ، والأولى بالانتقاد ، والتوجيه ، والتدبر والتفكير هو موقف ( جماهير من السوريين) من حرب إبادة يشنها غزاة مستعمرون على إخوان لهم سوريين في الغوطة أو في حمص أو في إدلب أو في حلب . أو في دير الزور .
باعتراف بشار الأسد لم تعد المعركة في سورية بين ، ثوار ونظام ، بل هي كما اعترف للصحفية الروسية ( بين الروس والغرب ) . فكيف يتأتى لسوري أن يصمت وهو يرى الروسي والإيراني يثخن قتلا وتدميرا في أخيه السوري وهو لا يبالي ..
أين هؤلاء المتوسدون على أرائك القرار ، من القواعد الشعبية التي يزعمون أنهم يمثلونها ، وانهم يملكون مفاتحها ، لوضع برنامج عملي لتحريك الجماهير ، وتجييشها ، في إطار تظاهر سلمي ، وغضب شعبي ، يستكمل مسيرة الثورة التي يزعم الكثيرون ، أن العسكرة ، والتسليح قد أخرجتها عن سياقها ..
مهما قيل عن القبضة الأمنية في سورية ، فهي أضعف مئات المرات ، منها يوم خرج الثوار في آذار 2011 في دمشق وفي درعا وفي حمص وفي حماة ، وفي كل ميدان كنا نسمع الجماهير يفدّي بعضها بعضا ( حنا معاك للموت ) ، فهل كان هذا النداء مجرد فورة أطفأها لهب الواقع يصبه المعتدي الغاشم ، على معاقل الثورة الأخيرة ...
من حق أن نتساءل ، أين هم أهالي حلب الغربية مما يجري على أهلهم في حلب الشرقية ؟! أين هم سكان إدلب وحواضرها من التظاهر السلمي ؟! بل أين هم سكان حماة ومليونية ساحة العاصي ؟! أين هم وهم الأولى بالسؤال سكان دمشق ، حيث السفارات والوزارات وحيث النخبة السورية المدينية ، وحيث القيادات السياسية ، والمرجعيات المتعددة الأطياف ؟! أين هم ...؟! وإنما ندعوهم للخروج في مظاهرات أنيقة تنادي بوقف حرب التقتيل والتدمير والتهجير ..وأن يعوا أن الذي يجري على غيرهم سيؤول إليهم .
أين هم الإسلاميون وقياداتهم ، وأين هم العلمانيون ؟ وأين هم الليبراليون ، وأين هم القوميون ؟ وهل في هؤلاء من يؤيد حربا ( روسية – أمريكية) ومرة أخرى حسب تعبير بشار الأسد ، يكون ضحيتَها رجال ونساء وأطفال سويون ؟! ...
أين هي مرجعيات الطوائف (الكريمة ) من حرب الإبادة والتهجير تنفذ على مناطق حيوية في سورية التي يجب أن تبقى حبيبة إلى قلوب الجميع؟! كيف لنا ألا نعتبر صمتهم موافقة واشتراكا ، في الجريمة التي لا يكف منفذوها عن التصريح بأن حماية الأقليات على رأس أولوياتهم .
اطلعت ، في مشروع للجنة المفاوضات العليا ، على تعداد الخبراء 27 الذين انتدبتهم هذه اللجنة ، لوضع عقد اجتماعي سوري جديد ، يلتقي عليه السوريون ، ويجمع ما انفرط من عقدهم ، وبالنظرة العجلى وجدته يعج بممثلي هؤلاء الذين يقتلون ، أو يصمتون !!!
العقد الاجتماعي لا يكتب بالحبر وإنما يكتب بالدم . العقد الاجتماعي لا تحفظه السطور وإنما تحفظه الصدور ، وعلى كل الذين تصدروا ليسطروا عقدا اجتماعيا للغد المأمول ، أن يقدموا للشعب السوري كشوف حساباتهم بأن يطلبوا ممن يزعمون أنهم يمثلون الخروج إلى الشوارع غاضبين منددين بقتل إخوانهم السوريين . ففي الميدان الحقيقي يسطر العقد الاجتماعي الحق ، بلا تزييف ولا تزوير ...
اليوم وقد أصبحت (حلب ) عُقر دار الثورة ، وهدفا لأعتى قوى الأرض ، تنتظر فقط أصوات متظاهرين سلميين تنادي : يا حلب حنا معاك للموت ، ليستبين الناس من بكى ممن تباكى . وليعلم المستبدون والطغاة أن حلب ليست وحدها في الميدان.
امتحان صعب على قيادات المعارضة وأدعياء قيادات المجتمع المدني في الخارج . ولكنه سهل وقريب على القيادات الميدانية . سلاح سهل وميسور وقريب يغلق على المجرمين أبواب الجريمة من حيث لا يحتسبون ...
لا يأس ولا استسلام ولا قنوط .
(( وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ))