جامعة الدول العربية، والرسالة الأقوى إلى ملالي طهران
بدعوة من المملكة العربية السعودية ، يلتئم اليوم في القاهرة اجتماع لوزراء الخارجية العرب ، لإرسال رسالة قوية لإيران تردعها عن الاستمرار في التدخل في الشؤون العربية ..
وإنه ليحسن القول ابتداء ، أنه قد آن الأوان ليكون للجامعة العربية ، بعد أكثر من سبعة عقود من التأسيس ، شخصيتها المستقلة ، ودورها المتميز لقيادة ما يسمى العمل العربي المشترك ، في ظل حالات الاتفاق والافتراق على السواء .
أما دعوة العربية السعودية إلى هذا اللقاء الطارئ ، للتصدي للتدخلات الإيرانية التي تجاوزت كل الحدود ؛ فهي بلا شك دعوة جديرة بالتقدير والتشجيع والتأييد من كل من يهمهم الحفاظ على الوجود العربي والهوية الإسلامية العربية على كل المستويات .
وإنه لتقليل من أهمية الدعوة السعودية ودوافعها أن يحاول البعض أن يربطها بالصاروخ البالستي الذي أطلقه الحوثيون على الرياض ، أو تفجير أنبوب النفط الذي قام به عملاء إيران في البحرين . إن عربدة المشروع الصفوي بكل أدواته ( العسكرية والميليشاوية والسياسية والثقافية ) بوصفه مشروع هيمنة ونفوذ وسيطرة واحتلال في ديارنا ليس لها حدود . ولقد اقترنت هذه العربدة بانتصار ما سمي ( الثورة الإسلامية ) ، التي لم تكن في حقيقتها إلا ثورة ( عنصرية – طائفية ) في أبشع صور العنصرية والطائفية . والتي استهلت حروبها على العرب والمسلمين ، بحرب الثماني سنوات التي فرضتها على العراق ، والتي لم يكن لإيران شريك عربي فيها غير (حافظ الأسد) بكيانه العنصري – الطائفي . ثم لتنتقل المعركة من ميدان إلى ميدان ومن العراق إلى لبنان وسورية واليمن والبحرين .. معركة مفتوحة على أمتنا ليس فقط من المحيط إلى الخليج ، ولكن من طنجة إلى جاكارتا ، وبلا حسيب أو رقيب.
إن الذي يدركه اليوم كل عقلاء الأمة وأحرارها ، هو أن ( المشروع الصفوي ) الذي يقوده ( ملالي طهران ) هو صنو المشروع الصهيوني الذي يقوده أشرار بني صهيون . المشروع الصفوي هو صنو المشروع الصهيوني وقسيمه ، والمتحد معه غاية وهدفا (الهيمنة والنفوذ ) على الإنسان والأوطان ، على العقول والقلوب والثروات .
حين يلتئم اليوم لقاء وزراء الخارجية العرب ، فإن الخوف كل الخوف أن تلقي الخلافات ( العربية – العربية ) بظلاها على موقف استراتيجي ، بحجم الموقف من المشروع الصفوي ، الذي ما زال مرقوما على جدول أعمال الجامعة العربية منذ عامين . إن أهم الرسائل التي يمكن أن توجه إلى القادة العرب إزاء هذا الموقف الاستراتيجي الهام
أولا – إعلان العداوة الصريحة الواضحة للمشروعين الصهيوني – الصفوي ، واعتبارهما خطرين متوازيين في تهديد هذه الأمة . وتجريم التعامل معهما على حد سواء . ويجب أن ينبني هذا من حقيقة أن كلا المشروعين في مآله هم مشروع وظيفي لخدمة مشروع الهيمنة الدولي ، المتمثل في المشروع الامبريالي الاستكباري العالمي .
ثانيا – إن أبلغ رسالة يوجهها مجلس الجامعة العربية ، والدول الممثلة لها إلى طهران ، ليست في قوة الكلمات ، ولا بلاغة العبارات ، وإنما في القدرة إلى الذهاب إلى حالة من طي الخلافات (العربية – العربية) في مواجهة المشروعين في وقت معا . وهذا يقتضي بناء حالة من الالتحام العربي على مستويين :
* عودة الالتحام إلى النظام العربي ، ولو التحام الحد الأدنى. التحام يقوم على قاعدة نبذ الأنظمة والمكونات العميلة لإيران في المنطقة وفي مقدمتها نظام بشار الأسد في سورية ونظام الحشد الصفوي في العراق..
* ثم إيجاد قواسم وقواعد للالتحام بين القيادات العربية المستشعرة لخطورة المرحلة وتداعياتها ، وبين القواعد الشعبية العربية ، التي كان للالتحام معها أبرز الدور ، في هزيمة الفكر الدخيل ، أيام الحرب الباردة .
ثالثا – إن المشروع لا يهزم إلا بمشروع . وإن الذين يملكون مشروعاتهم السوداء سيكونون – لا قدر الله – هم الأقدر على الانتصار . إن المشروعات الشمولية من طراز المشروع الامبريالي العالمي ومشتقيه مشروع الهيمنة الصهيوني – ومشروع الهيمنة والنفوذ الصفوي لا يقابل إلا بمشروع ، وقد آن الأوان ليكون للأمة مشروعها العصر المتكامل بكل الأبعاد . وهذه المطلب هو من المهام الرئيسية المنتظرة من القادة والنخب على حد سواء .
رابعا – لا يغيب عن عقل عاقل أن إيران دولة جارة ، وأن الشعب الإيراني شعب شريك في التاريخ والحاضر والمستقبل . ولذا فإن المعركة مع (نظام الملالي) له خصوصيتها ، وتحدياتها وأول هذه التحديات أن نحارب الطائفية دون أن نقع في شباكها . يجب أن يمتلك مشروع الأمة الحضاري : استراتيجية إيجابية عصرية تضع أسس التعامل الحكيم والقويم مع الجار الشرير .
إن مصداقية الدعوة إلى لقاء وزراء الخارجية العربية ، وجديتها إنما تنبع من السياسات والمواقف العامة التي تصاحب هذه الدعوة أو تتبعها ..
وإن الأمر جد . وإن القول فصل وما هو بالهزل ..ونسأل الله لكل الساعين إلى خير هذه الأمة التوفيق والتأييد ..