الاستعدادات الإقليمية والدولية لذبح حلب
وماذا بعد استهداف القبلة !؟
زهير سالم
الصاروخ البالسيتي الشيعي الصفوي الذي أطلقه من يسمون بالحوثيين مستهدفين مكة المكرمة ، حرسها الله وزادها إعزازا وتعظيما ، ليس مجرد صاروخ يستهدف بقعة جغرافية ، هي أحب أرض الله إلى الله ، وأحب أرض الله إلى المؤمنين المسلمين ، فقط ؛ وإنما هو صاروخ قطيعة وظلم ، يستهدف مطلقوه ومحركوه إلى أن يقطعوا آخر ما كان يظن بينهم وبين أمة الإسلام من روابط ووشائج .
لقد تعود علماء الإسلام أن يعبروا بمصطلح ( أهل القبلة ) للدلالة على الدائرة الأوسع التي تشمل كل المختلفين من اتباع الفرق والمذهب ، ممن يولون وجوههم (( شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ )) ، فماذا بعد أن تتوجه صواريخ الحقد والقطيعة والظلم إلى مكة الحرام ، مهوى الأفئدة والقلوب ، التي لا يعضد عضاها ولا يخلى خلاها ولا يزعج الآمن في جوارها من طير وأليف من الحيوان ؟!
ماذا بعد أن تستهدف قبلة المسلمين ، التي تضمهم وتجمعهم وتوحدهم ، بجريمة منكرة خرقاء ، أقدم عليها هؤلاء المارقون من الدين ومن كل القيم والأخلاق؟!! ماذا حين يتجرؤون على الاستهانة بما عظم الله من مشاعر وشعائر (( وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ )) ؟!
إلا أن الجريمة المنكرة التي أقدم عليها ( قرامطة ) القرن الخامس العشر ، كان لها سابقتها في التاريخ ، حين أقدم قرامطة القرن الرابع الهجري ، وبالتحديد في سنة 317 / بالإغارة على بيت الله الحرام ، في أيام الحج الأكبر ، واستباحوا الحجيج في ساحات الحرم الشريف ،فقتلوا نحوا من ثلاثين ألف ، حاج محرم ، وردموا بئر زمزم بأجسادهم ، وصعد أبو طاهر القرمطي ، سابق وسلف الولي الفقيه وقاسم سليمان وحسن نصر الله ، ظهر الكعبة ، يتحدى الله وينادي :
أنا بالله وبالله أنا ... يخلق الخلق وأفنيهم أنا
ثم أكملوا فعلتهم الشنيعة ، باقتلاع الحجر الأسود ، وسرقته وتغييبه عن مكانه نحوا من عشرين عاما . ..
لن تتسع طاقة البيان للتعبير عن حجم النكارة والإدانة والغضب التي تضطرم في قلوب كل المؤمنين والمسلمين للجريمة النكراء الخرقاء .
وإننا إذ نحمد الله أن وقى الله بيته وحرمه من مكر الماكرين وشر الأشرار ، ونشكر جند الحق إذ كانوا لجند الباطل بالمرصاد ؛ إلا أننا لا بد أن ننبه إلى ان الصاروخ الذي تصدت له العيون الساهرة ، ليس إلا البداية ، وأن هذه الجرأة على دين الله والبلد الحرام الذي جعله الله سواء للناس ، سيكون لها أخوات . ورأس الأفعى وجحرها ومكمنها لا يغيب عن عين رقيب ...
اللهم من أراد ببيتك سوء ومكرا ، فخذه بالطير الأبابيل ، واجعله وجنده وآلة حربه كعصف مأكول ..
اللهم إن قلوب المؤمنين والمسلمين حول العالم ، تبرأ إليك من شر الأشرار وكيد الكائدين ، ننكر جرائمهم وجرائرهم ونستعيذ بك من شرورهم وندرأ بك في نحورهم ...
اللهم ألهم القائمين على حماية بيتك الحرام في الذود والحفاظ رشدهم ، وزدهم قوة إلى قوتهم ، ويسرهم لنصرة الإسلام والمسلمين في كل مكان ..
اللهم انصر من عزم وتوكل ونصر وجنبنا من تخاذل وخذل ..
اللهم زد بيتك الحرام وكل أرض المسلمين تعظيما وتشريفا وإعزازا والطف بها بالحفظ والأمن والسلام ...
الاستعدادات الإقليمية والدولية لذبح حلب
د. نبيل العتوم
اكتملت كافة الاستعدادات لذبح حلب وبدأت كافة الخطط تمهيدا لدخول روسيا وإيران ومرتزقتها، بل وبعض الدول العربية مدعومة بمليشيا الأسد بصورة جديدة مبتكرة ، وشرع الجميع بتوجيه الإنذار النهائي لخروج المعارضة المسلحة والمدنيين على حد سواء من الأحياء ؛ كل ذلك بحجة مكافحة الإرهاب .و من جانب أخر أعلنت إيران أنها قامت بإجراء مناورات تحاكي حروب مدن في سوريا في رسالة مبطنة لكيفية إخراج الجماعات "الإرهابية "من داخل هذه المدن في إشارة واضحة عن انخراطها المباشر من جانب قوات النخبة لذبح حلب .
تقول إيران كذلك إنها كثفت تقديم خبراتها في حرب المدن لمليشيا الأسد ومرتزقته ؛ ووفرت لها استشارات أمنية ولوجستيه لكيفية التعامل مع التطورات الميدانية المستجدة في حلب . .
الإستراتيجية الإيرانية للتعامل مع حلب :
يحاول الإعلام الإيراني تصوير موضوع حلب وكأنه صراع بين معسكر الإيمان ومعسكر الضلال " الإرهابيين والتكفيريين " ، وأن هناك جانب إنساني تحاول إيران الاضطلاع به باعتبارها حامية المستضعفين من خلال توفير الطرق والمعابر الآمنة لخروج المدنيين ؛ بل والمسلحين أيضاً . فطهران باتت تمتلك خارطة ميدانية تفرضها على نظام بشار ومرتزقته لتحديد المعابر واتجاهها ، ومن يدخل ويخرج ، وكيفية صعودهم للحافلات وشروط الهيئة الخاصة بشكل الحافلات ، وتعيين الوقت المناسب لانطلاقها ، وشكل الانطلاق ، ومن عليه تسليم سلاحه من الجماعات المسلحة ، وتحديد عواقب وتبعات البقاء ، وشروط وأسس التسوية معه .
شعار قادمون يا حلب:
لن نترك حلب ما دام هناك في إيران عرق ينبض ، شعار بات يتداوله الإعلام الإيراني بشكل مكثف ، والترويج لفكرة قيام المجموعات المسلحة " التكفيرية " ، ومحاولة قلب الصورة وتشويهها أمام الرأي العام الإيراني ، من خلال الادعاء باستهداف المدنيين العزل من سكان حلب لمنعهم من مغادرة حلب، والسعي لاستخدامهم كدروع مدنية ، والترويج لفكرة مفادها أن جيش النظام السوري وحلفائه هم من أشد الملتزمين بالهدنة ، وأنهم ما زالوا بعيدين عن المعابر لإثبات حسن النية .
المسارات الخطيرة التي باتت تهدد حلب في وقت ما زالت أصداء المجازر اليومية التي ترتكبها طائرات العدوان الروسي - النظام السوري – الطائرات الإيرانية المسيرة ، والتي استهدفت الحجر والشجر والإنسان ، وتُسفر يومياً عن سقوط المئات من المدنيين بين شهيد وجريح ، إذ بدا بشكل واضح أن تداعيات هذه المجازر بدأت تأخذ مسارات خطيرة جداً ؛ إذ لا يمكن لأيّ متابع لمسار تحركات الحرب العدوانية على الشعب السوري أن يُنكر حقيقة أنّ هذه الحرب بطريقة عملها ومخطط سيرها ستجرّ المنطقة بكاملها إلى حالة من الفوضى غير المسبوقة ، والكلّ يعلم أنّ المستفيد الوحيد من التداعيات المستقبلية لهذه الحرب هي: إيران وإسرائيل والغرب الذين يحاولون تصفية السنةالعرب ومع كلّ ما يجري ما زالت طبول الحرب الشاملة تستكمل استعدادها ، وكأننا مقبلون على حرب عالمية ثالثة براً وبحراً، وهذا ما ظهر من خلال إرسال البوارج وحاملات الطائرات الروسية ، والدعم الإيراني غير المسبوق ، والقصف المستمر و والحصار والجوع المستمر كذلك و الذي يستهدف الأطفال والنساء ، كل ذلك بتأييد و دعم "التحالف الروسي الإيراني السوري " الذي يستعد إقليمية قد يكون لحرب مذهبية مسرحها الجديد المنطقة الشرق أوسطية بكاملها. و لاتغني النذر!!!
كل هذا بدأ يُلقي بظلاله وتجلياته المأسوية واقعا جديدا على الواقع العربي المأزوم أصلاً، فيُظهر إلى جانب هذا المشهد العربي المضطرب واقع المشهد السوري بكل تجلياته المؤلمة والمأسوية،وفي آخر تطورات هذا المشهد استمرار فصول هذا العدوان العسكري على الأرض، تاركاً خلفه مئات آلاف الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى ودمارا هائلاً وبطريقة ممنهجة لكل البنى التحتية في سوريا ، وهذا ما أظهرته صور الأقمار والاستطلاع الفضائي مؤخراً ، ليدرك العالم متأخراً أن ما يجري في حلب هو جريمة ضد الإنسانية . .
من المهم اليوم أن ندرك إنّ هذه المرحلة وما سيتبعها من مراحل دقيقة من تداعيات الحرب على سوريا وحلب ، تستدعي بكلّ تطوراتها وأحداثها الوقوف مع الشعب السوري ومع معارضته المسلحة الميدانية ، وأن لا يكون العرب شركاء في مشروع تدمير سوريا والإجهاز على شعبها ، فالحدث جلل وخطير ، فالمرحلة لم تعد تحتمل وجود مزيد من التناحر والانقسام ، وهذه دعوة إلى الدول العربية المشتركة في ذبح الشعب السوري ، و التي تجرّ اليوم المنطقة والأمة بكاملها نحو الانتحار التدريجي، أن تعود إلى رشدها ، وأن تتراجع عن غيها وطغيانها . ".
لا شك بأن المشهد السوري يزداد تعقيدا مع مرور الأيام، ولقد أسقطت هذه الحرب الكثير من الأقنعة التي لبسها البعض من الدول العربية كذباً ورياء وخدمة لمصالحهم الضيقة ، والتفاصيل تطول هنا ولا تقصر، لأن الله والشعوب والتاريخ لن يسامحها أو يغفر لها ، وستكون لها نتائج كارثية وتداعيات خطيرة على المنطقة العربية عموماً .
من المؤكد بأن إيران باتت تستغل حالة الفوضى الإقليمية والتوتر في سوريا والعراق واليمن ولبنان ... وفي كل المنطقة ، لتدمير جغرافية وديموغرافية المنطقة ، و لتحقيق مكاسبها الإستراتيجية في التوسع والتمدد على حساب الجوار راغبةً في استعادة مجدها الفارسي القديم ، والثأر من الجميع ، فيما يسود العالم العربي حالة تخبط غير مسبوقة في المواقف السياسية والإستراتيجية والعسكرية ، ولتجتمع حولها الذئاب من كل حدب وبذلك بسبب وجود الأنظمة القائمة التي لاهم لها غير الحفاظ على نفسها. و هذا هو السر في هذه الجريمة المروعة التي يتواضع ليست ضد الإنسانية و لكتها ضد العرب جمعيا.
رئيس وحدة الدراسات الإيرانية
مركز أميه للبحوث والدراسات الإستراتيجية