سر الخطاب ..
أصغيت بالأمس إلى الكلمة المتلفزة التي ألقاها بشار الأسد . ولعلي منذ زمن طويل لم أر صورته على الهواء ، ولكنه بكل تأكيد قد فقد الكثير من وزنه . ولأنني أصدق ما قاله في إحدى مقابلاته انه ينام بشكل طبيعي ، ويأكل بشكل طبيعي ، ويمارس أنشطته اليومية بشكل طبيعي ، أي أنه غير مهتم ولا متأثر بما ينزل بسورية وأهلها من مصائب القتل والتدمير والتهجير ؛ فلا بد أن هناك هما خفيا يجعله يفقد هذا الكم من اللحم والشحم ، وربما علم ذلك عند الروس أو عند غيرهم .
كان الخطاب بمثابة " إعلان نصر مكرور في حلب " !! ولكن حلب المدينة وقعت بيد الروس منذ ٢٠١٦ ، وأرياف حلب ما يزال كثير منها خارج سيطرة الروس والإيرانيين ، فما السر في إعلان النصر الجديد ؟!
الإعلان الذي تماهى معه كثير من الأتباع ؛ بعضهم برفع كؤوس العرق على الهواء ، مع خطاب وطني يعبر عن الحقيقة التي لا تبث ، وبعضهم بما قالوا إنه حمد وشكر لله ..
المهم لم يكن في الكلمة المتلفزة رسالة سياسية نتوقف عندها غير عبارة " الفقاعات القادمة من الشمال "
والفقاعات القادمة من الشمال تعبير بلاغي ، تمت صياغته بطريقة دبلوماسية جدا ، منضبطة جدا ؛ بل أزعم أنه قد تمت صياغته " تحت الإشراف "
لن نختلف كثيرا في تفسير الرمز فهو جلي واضح . ولكن من حقنا أن نتخوف من لطف التعبير ، ومن أناقة الاستعارة .
نسأل الله أن يخيب ظننا فيها .
على هامش الكلمة التي كان سرها في عبارة " الفقاعات القادمة من الشمال ". والأجواء الاحتفالية التي نسبت إلى أهالي حلب ، وعلى طريقة الذي لا يقدر على حماتو بتفشفش بمراتو افتتح البعض معركة مع أهل حلب المحتفلين وانقسم الناس إلى فريقين
فريق عاتب أو غاضب أو منتقص وشاتم !! وكأننا كسوريين نسينا كيف تسيّر المسيّرات ، وتعقد المهرجانات !! وفريق أخذته الغيرة والحمية بل العصبية ونسي القاعدة الأساسية أن على الوعاء الكبير أن يتسع ، وأن حلب مثل البحر يضيع كل الشر الذي يلقى فيه .
بقي أن أحكي لكل السوريين متجانسين وغير متجانسين حكاية فيديو أرسله لي أحدهم بالأمس في مقابلة مع فنانة متجانسة تعيش في دمشق وتجري مقابلة على قناة أكثر تجانسا وتقول عن عيشة المتجانسين واعذروني فاللفظ لها : الكلاب أحسن عيشة منهم أو منها ...
ربما هذا سر أخطر من سر .